الإنفاق الشخصى على الرعاية الصحية 62% من إجمالى الإنفاق 12 % خسائر الإنتاجية بسبب عدم مكافحة الأمراض المزمنة هجرة العقول فى معظم المهن الطبية التحدى الأكبر الذى يواجه قطاع الصحة 48,8% من السكان خارج تغطية منظومة التأمين الصحى مؤشرات خطيرة كشف عنها تقرير حديث أعده البنك الدولى بشأن الانفاق العام على قطاع الصحة ..فرغم المبادرات التى أطلقتها الدولة من أجل مواجهة شلل الأطفال فإنها تواجه تحديا كبيرا يتمثل فى انتشار أمراض سوء التغذية والتقزم فمن بين كل خمسة أطفال دون سن الخامسة يوجد طفل يعانى من التقزم, فهناك نحو 2,1 مليون طفل يعانى من التقزم وهذا يعنى أن مصر لديها أكبر عدد من حالات التقزم فى منطقة الشرق الأوسط, ورغم مبادرات التغذية الا أنها غير كافية للتصدى للتحدى الذى يمثله التقزم. وأشار التقرير إلى أن هناك حاجة ملحة لاعادة توجيه موارد النظام الصحى من أجل الوقاية من الأمراض غير السارية، موضحا أن النظام الصحى لم يتكيف مع تحول العبء الرئيسى للمرض من الأمراض السارية إلى الأمراض غير السارية موضحا أن الأمراض غير السارية كانت سببا فى وفاة 85,6% من جميع حالات الوفاة فى مصر عام 2019 وتمثل هذه الأمراض السكر والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض الانسداد الرئوى المزمن, وأرجع التقرير انتشار الأمراض غير السارية الى نمط الحياة غير الصحى المتبع فى مصر, وانتشار نسبة التدخين بين الرجال، حيث تبلغ نسبة المدخنين 23% من عدد السكان, بالإضافة الى انتشار السمنة بين النساء، حيث يعانى أكثر من ثلث السكان تقريبا من السمنة ويبلغ معدل انتشارها بين النساء نحو 49%. وأشارت التقديرات الى أن الخسائر الانتاجية بسبب الأمراض المزمنة تصل الى نحو 12% من الناتج المحلى وتوقع التقرير زيادة هذا العبء بحلول عام 2030 اذا لم يتم تنفيذ خطوات مناسبة لمكافحة الأمراض غير السارية تجنبا للخسائر الاقتصادية الفادحة. وفيما يخص هيكل النظام الصحى فأوضح التقرير أن القطاع الحكومى يعانى من نقص الموارد وعدم تناسبها بالاضافة الى أوجه القصور فى مستويات الجودة, والطاقات غير المستغلة, فلم يتمكن القطاع الحكومى من مواكبة النمو السكانى, فرغم انه يعتبر مقدم الخدمة الرئيسى الا أن عدد المستشفيات التابعة له انخفض بنسبة 1,1 %, وتراجع عدد الأسرة بنسبة 1,7 % على مدار العقد الماضى, فبلغت نسبة الأسرة الى عدد السكان 1,32 سرير لكل 1000 مريض فى عام 2019 وهى أقل من المتوسط فى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذى يبلغ 1,54 سرير لكل 1000 شخص, ورغم انخفاض نسبة الأسرة الى عدد السكان الا انه لم يتم استخدام الاسرة بشكل كامل فى المستشفيات الحكومية, مما يشير الى انخفاض الطلب على الخدمات الصحية فى المنشآت الحكومية بسبب المخاوف التى تتعلق بالجودة . وكشف التقرير أن المنشآت الحكومية تعانى العديد من التحديات من حيث الأداء بسبب تدنى الرواتب ونقص المستلزمات الاساسية, مشيرا الى أن الخدمات المفترض انها تقدم مجانا فى المستشفيات الحكومية الا انه غالبا يطلب من المرضى وأسرهم توفير المستلزمات الطبية لعلاجهم على نفقتهم الخاصة بسبب نقص تلك المستلزمات, فضلا عن جمع العاملين فى المجال الطبى بين أكثر من عمل، وتدنى الأجور فى القطاع الطبى الحكومى ..كل هذا يؤدى الى ضعف الاداء. وكشف التقرير عن تحدٍ خطير تواجه مصر يتمثل فى هجرة العقول فى معظم المهن الطبية لا سيما بين الأطباء حيث تشير سجلات النقابة العامة لأطباء مصر لعام 2020 أن هناك 212835 طبيبا عاملا مقيدين لدى النقابة بمعدل 2,1 طبيب لكل الف شخص، حيث شهد عام 2020 أول انخفاض فى العدد المطلق للاطباء المقيدين بالنقابة لمزاولة المهنة، ويعمل فى القطاع الحكومى 188535 طبيبا، والباقون فى القطاع الخاص، وهناك نحو 120 ألف طبيب يعملون بالخارج 56% من اجمالى الأطباء المقيدين بالنقابة، فى حين يعمل 62 ألف طبيب فى منشآت تابعة لوزارة الصحة والسكان، وكان السوق يعوض هذا النقص بتدفق مستمر يبلغ 10 آلاف خريج جديد من كليات الطب كل عام, ومع ذلك فى عام 2019 اختار 3آلاف خريج عدم الحصول على كارينة مزاولة المهنة، وسعوا الى العمل فى وظائف أخرى. وأوضح التقرير أن توزيع البنية التحية والعاملون فى المجال الصحى لا يتماشى على مستوى المحافظات مع عدد السكان، فعلى سبيل المثال لا يتناسب توزيع المستشفيات الحكومية فى 9 محافظات منع نسبة سكانها، ويوجد تفاوت كبير بين عدد الأسِرة وعدد سكان بعض المحافظات وخاصة محافظتى الاسكندرية والشرقية، وايضا هناك عدم تناسب فى توزيع الأطباء على مستوى المحافظات وعدد السكان، وبالاضافة الى تقديم الخدمة الروتينية فى أغلب المنشآت الحكومية فأن المبادرات التى تم اطلاقها من قبل الحكومة المصرية يجرى تمويلها من الموازنة العامة للدولة أو من برامج التأمين الصحى وتهدف الى الوقاية من الأمراض والارتقاء بقدرات المستشفيات. كشف التقرير أن قطاع الرعاية الصحية يعانى أيضا من قلة استخدام خدمات الرعاية الأولية واللجوء المتكرر للصيدليات والعيادات الخاصة بوصفهما الخيار الأول لتلقى العلاج، فى حين يقل استخدام، منشآت الرعاية الأولية ويسعى أكثر من نصف الاشخاص المصابين بأمراض مزمنة للحصول على الرعاية الصحية فى العيادات الخاصة حوالى 53,6%,و18,5%منهم يسعى للحصول على استشارات طبية من الصيدليات. وأوضح التقرير أن ضعف استخدام خدمات مواجهة الأمراض غير السارية فى المنشآت الحكومية يؤدى الى تدنى نواتج ادارة هذه الأمراض وزيادة العبء على القطاع الصحى حيث يتم علاج 88% فقط من المرضى الذى تم تشخيص اصابتهم بمرض السكر، 68% ممن يعانون من ارتفاع فى ضغط الدم. وكشف التقرير أن الانفاق على قطاع الصحة يعد منخفضا وفقا للمعايير الدولية وفى تراجع مستمر ويحتاج الى الانتقال الى مصادر تمويل أكثر كفاءة ومساواة بما فى ذلك الانفاق الحكومة مشيرا الى أن جزءا كبيرا يمول عن طريق الانفاق الشخصى. وأكد التقرير أن تناقص الانفاق الحكومى على قطاع الصحة يضع مصر فى موضع سيئ مقارنة مع البلدان النظيرة فموازنة الرعاية الصحية هى رابع أكبر موازنة من اجمالى الموازنة العامة للدولة بعد موازنة الخدمات العامة والحماية الاجتماعية والتعليم، ولم يتجاوز الانفاق على الرعاية الصحية 5,2% فى المتوسط من إجمالى الموازنة الحكومية فى السنة المالية 2016-2021 أى ما يعادل 1,5% من الناتج المحلى الاجمالى، وانخفضت فى موازنة عام 2018 الى 4,9%, وارتفعت فى السنة المالية 2021 لمواجهة فيروس كورونا الى 1,6% من التانج المحلى الاجمالى، فى حين نص الدستور 2014 بشأن الانفاق الحكومى على الصحة الا يقل عن 3% من الناتج المحلى الاجمالى. وأشار التقرير إلى أن الانفاق على الصحة لا يزال منخفضا وغير كافٍ فى تعريف نظام الحسابات الصحية المقبول دوليا، خاصة انه أقل من معظم البلدان المماثلة مما يؤدى الى تراجع قدرة مقدمى القطاع الحكومى ونقص الموارد البشرية والمعدات بالاضافة الى عدم الكفاءة وتدنى جودة الرعاية المقدمة، ويحد من قدرة الدولة على حماية السكان من الصعوبات المالية التى يواجهونها بسبب زيادة الانفاق الشخصى على الرعاية الصحية، ويبلغ الانفاق الشخصى على الرعاية الصحية 62% من إجمالى الإنفاق على الصحة، وهو ما يمثل عبئا كبيرا على السكان، حيث بلغ متوسط الانفاق الشخصى للفرد عام 2017 نحو 1874 جنيها لسكان الحضر و1433 جنيها لسكان الريف, فأصبحت الصحة ثالث أكبر شريحة إنفاق للأسر المصرية بعد المأكل والسكن, فيما يتحمل ما يقرب من ثلث الأسر نفقات صحية باهظة حيث دفعت هذه النفقات الى سقوط نحو 7% من الأسر إلى براثن الفقر، حيث أنفقت تلك الأسر نحو 10% من دخلها على الرعاية الصحية. ورغم أن نصف السكان تقريبا يتمتعون بتغطية التأمين الصحى الا أن هذا الأمر لا يترجم بالضرورة الى حماية مالية. وأشار التقرير إلى أن التسجيل فى منظومة التأمين الصحى ليس الزاميا وهو ما ساهم فى وجود نظام للتأمين الصحى مجزأ ويتصف بالازدواجية، مع ضع التغطية المالية، فأكثر من نصف السكان 48,8% لا يتمتعون بأى تغطية من أى نظام و47% مسجلون فى النظام الحكومى، و3% فقط يستفيدون من التأمين الصحى الخاص. وأوضح أن بعض الفقراء كانوا مسجلين فى أنظمة التأمين الصحى قبل التأمين الصحى الشامل الا انهم لا يزالوان يفتقرون الى الحماية المالية الفعالة حيث يدفع الفقراء نحو 500 جنيه فى المتوسط من اجل الرعاية الصحية عام 2017, مقابل 2000 جنيه تدفعها الأسر غير الفقيرة. من ناحية أخرى أوضح التقرير أن مصر تنفق الكثير على الادوية بينما تنفق القليل على الوقاية مما يؤدى الى عدم الكفاءة فى الانفاق على الصحة.