وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالى، فى جلسته العامة هذا الاسبوع ، على تعديلات قانون انشاء الهيئة المصرية لضمان الجودة والاعتماد فى التعليم والتدريب التقنى والفني والمهنى المقدم من الحكومة، الامر الذى أثار جدلا كبيرا فى الاوساط التربوية، وتسبب فى حالة من الاستنكار، حيث يرى خبراء تربويون أنه بالموافقة على مجموع التعديلات المقدمة سنكون قد اتخذنا خطوة جديدة على طريق خصخصة وتسعير التعليم ، الوضع الذى يتعارض ومواد الدستور التى تنص على الحق فى التعليم ومجانيته. ووفقا لخبراء تعليم وأساتذة جامعات، فأن التعديلات المقترحة على مشروع قانون الهيئة " ديكور" لمراقبة جودة المباني المدرسية فقط، فلا تطوير التعليم، ودلل الخبراء على ذلك بتقرير "دافوس" الذي احتلت فيه مصر المركز قبل الأخير بالمقارنة بدولة أخرى إقليمية، فيما انقسمت الآراء فيما يخص الموافقة على فئات الرسوم والزيارات للبرامج المحددة وحزم البرامج والمراجعة لاعتماد المؤسسات التعليمية والتدريبية المختلفة، وذلك بمشروع القانون ، جاء ذلك بعد جدل واسع حول علي من سيقع عبء هذه الرسوم علي الطالب أو المدرسة أم الوزارة؟ ، حيث تقضي المادة 8 حسبما وافق عليها مجلس النواب، بأن يحدد مجلس إدارة الهيئة كلا من رسوم مراجعة وزيارة الاعتماد للبرامج وحزم البرامج، بحد اقصى خمسين ألف جنيه، ورسوم مراجعة وزيارة الاعتماد المؤسسى للكلية أو الجامعة ب سبعين ألف جنيه، ورسوم مراجعة وزيارة الاعتماد للمؤسسات التدريبية ب ثلاثين ألف جنيه، ورسوم مراجعة وزيارة الاعتماد لمؤسسات التعليم قبل الجامعى بحد أقصى خمسين ألف جنيه، ورسوم مراجعة وزيارة الاعتماد لمؤسسات التعليم العالى والتدريب الدولية بما لا يجاوز مائة وخمسين ألف جنيه أو ما يعادلها داخل وخارج مصر، وبما يتفق مع طبيعة كل شهادة ومؤسسة. ويرى الخبراء أن هذه الارقام المحددة تفتح الباب على مصرعيه لمزيد من الجامعات الخاصة والاهلية ، ما يعتبر مؤشرا قويا لان التعليم اصبح " سلعة" قابلة للعرض والطلب ، دون مراعاة لجودته وألياته ،علاوة على مزيد من حرمان ابناء الغلابة من ابسط حقوقهم وهو الحصول على تعليم مناسب بالمجان، الوضع الذى يتنافى وتوجه الدولة مؤخراً نحو إلغاء تلك المجانية، متسائلين " اين الهدف من إنشاء تلك الهيئة فى الاساس؟، حيث كان الهدف هو الارتقاء بجودة منظومة التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى من مؤسسات وبرامج، بما يتوافق مع معايير الاعتماد ومتطلبات أسواق العمل، وبما يخدم خطط وسياسات التنمية المستدامة للدولة، ووضع الإطار العام لجودة برامج التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى وطرق التعليم والتعلم، وأساليب التقييم اللازمة. فيما تسبب الانتقاد الذى وجهه النائب هاني أباظة ، اثناء الجلسة المخصصة لمناقشة تعديلات القانون، بمجلس النواب، حالة من الغضب داخل القاعة ، حيث أوضح أن مشروع التعديل هو " حق يُراد به باطل"، موضحا أن الهيئة تخسر منذ نشأتها ، قائلا" هناك 12 مليون خسائر"، مؤكدا أن القانون لم يتغير عن القانون السابق ولا يرقى إلى طموحات الشعب المصري، متسائلًا: أين العمود الفقري في جودة التعليم لمستقبل مصر، ومستقبل أبنائنا؟ مضيفا أن جودة التعليم استحقاق لا يمكن أن نفرط فيه ، معلناً رفضه لمشروع القانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 82 لسنة 2006 بإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد في مشروع القانون لتطوير أداء منظومة التعليم في مصر والنهوض بمستوى التعليم على مستوياته كافة، وتحديد الرسوم التي تتقاضاها الهيئة في سبيل إتمام الزيارات للمؤسسات التعليمية باختلاف أنواعها، مؤكداً" نحن في أزمة حقيقية " ، " نحن خارج التصنيف الدولي، مفهوم التعليم لدينا مختلف ولا توجد جودة". فيما يقول الخبير التعليمى " رضا الخولى"، استاذ طرق التدريس وتطوير المناهج بجامعة الازهر، إن الهيئة القومية لضمان جودة التعليم، والتى أنشئت منذ عام 2007 وإذا كان لها دور فى نهضة التعليم ولو بنسبة 1% فقط، فعلى الأقل كان سيظهر هذا الدور على وضع مصر فى مؤشرات التقارير الدولية فى جودة التعليم والذى احتلت في اغلبها مصر مراكز متأخرة ، حتى خرجنا من التصنيف الأساسى، مضيفًا أن دور الهيئة اقتصر على الشروط والمتطلبات التى تحصل من كل مدرسة لتحصل المدرسة على ما يسمى بالجودة ، موضحا أن الجودة هنا تركز على الاهتمام بفناء المدارس والحمامات وغيرها دون أن تهتم بعقل وعلم الطالب، ونفس الوضع المتدنى للتعليم الفنى وماقبل الجامعى ، حتى طال التعليم الجامعى. أوضح الخولى، أن الهيئة عبارة عن تستيف ورق ليس إلا، رغم أنها لضمان وتطوير جودة التعليم، مؤكدا أن الهيئة ليس لها أى دور فى تطوير التعليم إلا أنها تطلب مجموعة من الاشتراطات من كل مدرسة فتقوم المدرسة بتستيف وتظبيط ورقها لتحصل على ما يسمى الجودة ولو كانت الهيئة لها دور فى تطوير التعليم لظهر على أرض الواقع. وأضاف " الخولى"، أن قانون الهيئة القومية لضمان جودة التعليم صدر عام 2008 باعتبارها هيئة محايدة تقيم المؤسسات التعليمية سواء التربية والتعليم أو التعليم العالى وفقا لمعايير دولية ومحلية ومدة الاعتماد 5 سنوات، ولكن ما وصلنا اليه الآن من تدنى الجودة في التعليم وعدم تطبيق الممارسات الدولية بشكل صحيح يقع على عاتق كل من هيئة جودة التعليم من ناحية ووزارتى التعليم والتعليم العالى من جهة اخرى، مضيفا أن الهيئة اهملت نشر ثقافة الجودة من البداية واعتمدت على مدى تطبيق المعايير على المؤسسات التعليمية، مؤكدا أن ما يحدث الآن هو "الجرى فى المكان" وسياسة يوم بيوم تتبعها وزارة التربية والتعليم، مضيفا أن التطبيق الفعلي للجودة يواجه معوقات وصعوبات إدارية عديدة منها معوقات خاصة بالإدارة التعليمية، ونظرًا لتدنى مستوى أداء العاملين بالإدارات التعليمية فان تطبيق الجودة بالإدارة يحتاج الى ثورة ادارية تحقق الفاعلية بها.