بقلم: الدكتور شريف فياض الصين، هذا المارد الذي استطاع في نحو 40 عاماً، أن يضع نفسه في مصاف أهم اقتصاديات العالم، حيث استطاعت الصين تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني أن ترفع متوسط نصيب الفرد إلى قرابة عشرة آلاف دولار سنويا، أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي 100 تريليون يوان صيني اي ما يعادل 15.5 تريليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى أن الصين لديها أكبر احتياطي نقدي في العالم، والذي بلغ قرابة ثلاثة تريليون دولار. ولن يتوقف الأمر عند هذا فقط، بل إن أكثر من 700 مليون مواطن صيني استطاعت الصين أن تنقذهم من براثن الفقر، وأن تقضي علي ظاهرة الفقر المدقع في الكثير من الأقاليم، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية التي تشير إلى أن الصين قادمة لا محالة كتنين آسيوى اقتصادى عملاق بقيادة حزب شيوعي متفهم لعلاقات الإنتاج وأنماط الإنتاج، ويعمل على تحديث المجتمع الصيني، يستهدف بناء نموذج تنموي جديد غير النماذج التنموية التي تتبناها الدول الاستعمارية، والتي تتبنى النموذج الرأسمالي (الليبرالية الاقتصادية)، وعلى الأخص ما يسمى بالليبرالية الجديدة أو كما اعتاد الكتاب على تسميتها بالليبرالية المتوحشة. ولكن مثل هذا الأمر بلا شك، لم يعجب كثير من الدول التي تتبنى وتريد أن تحافظ علي النظام الرأسمالي أو نظام الليبرالية الاقتصادية، وعلي رأس تلك الدول الولاياتالمتحدةالأمريكية واتباعها من الدول الرأسمالية في أوروبا الغربية. ولوقف أو إعاقة الصين، وجعلها لا تتمكن من تحقيق أهدافها في التنمية المعتمدة على الذات، والذي هو من طبيعة النظم الرأسمالية، فقد قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال فترة حكم ترامب بشن ما يسمى الحرب التجارية على الصين، حيث تم زيادة القيود الجمركية على الصادرات الصينية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقامت الصين بالرد بعمل نفس الإجراء علي وارداتها من الولاياتالمتحدةالأمريكية، واستمرت هذه الحرب التجارية منذ 2018 ومازالت مستمرة حتى يومنا هذا (آملين أن تقف تلك الحرب التجارية خلال الإدارة الأمريكية الجديدة)، وبالتالي لم تستطع الولاياتالمتحدة من إضعاف الصين، فمازالت الصين تتفوق على الولاياتالمتحدةالأمريكية في تلك الحرب، ثم ادعت الولاياتالمتحدةالأمريكية أن الصين هي السبب الرئيسي في نشر فيروس كوفيد 19 والذي هو معروف بفيروس كورونا، وحاولت إقناع العالم ولكنها فشلت في ذلك الأمر، خاصة وأن الصين استطاعت السيطرة على انتشار هذا الوباء في داخل الصين، بينما فشلت الولاياتالمتحدةالأمريكية في السيطرة على انتشار هذا الوباء في داخل الأراضي الأمريكية، بل واستطاعت الصين في عمل المصل المضاد لهذا الفيروس، وتم تصديره إلى الكثير من دول العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يشير إلى فشل الولاياتالمتحدة في إقصاء أو اتهام الصين بنشر ذلك الوباء، خاصة وأن الصين من الدول ذات الاقتصاديات العملاقة التي حققت نمواً اقتصادياً ايجابياً خلال عام 2020 ، بينما كافة الاقتصاديات العملاقة الأخرى حققت معدلات نمو سلبية. وكعادة الولاياتالمتحدة التي تعمل على تحقيق أهدافها بكافة الطرق، فقد قامت بدعم حركات أويجورية في منطقة شينجيانغ ذات الحكم الذاتي بالصين، وادعت بأن الصين تشن حرب إبادة ضد الأقلية الإيجورية، على الرغم من معدلات النمو الاقتصادي في تلك المنطقة (والتي تضم أقلية الإيجور) وذلك بمعدل نمو قدر بنحو 5.7% سنويا خلال الفترة من 2014 إلى 2019، حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي لمنطقة شينجيانغ من 919.59 مليار يوان صيني إلى 1.4 تريليون يوان صيني، أي بمعدل نمو يقدر بنحو 7.2%. الأمر الذي أدى إلي تحسن ملحوظ لمستوى معيشة أهالي منطقة شينجيانغ، وبالتالي الأقلية الإيجورية خلال الفترة من 2014 إلى 2019، من خلال زيادة متوسط نصيب الفرد من الدخل بنسبة 9.1% سنويا، الأمر الذي أدى إلي تخفيف حدة الفقر في تلك المنطقة وخاصة للسكان الذين كانوا تحت خط الفقر، والبالغ عددهم 3.09 مليون فرد من الفقر، والقضاء على الفقر المدقع من تلك المنطقة بشكل كامل. ولكن لم تنظر الولاياتالمتحدة إلى كل تلك الإنجازات الاقتصادية التي تحققت لهؤلاء السكان في تلك المنطقة، وعلى وجه الخصوص للأقلية الإيجورية، ولكن اتهمت الولاياتالمتحدة الأميركية الصين (والتي تحاول الحفاظ علي الأمن ومقاومة عمليات الإرهاب في داخل الدولة الصينية) بأنها تقوم بالتطهير العرقي، بل وقامت الولاياتالمتحدة الأميركية بدعم تلك الحركات الإرهابية والمطالبة باستقلال هذا الإقليم عن الدولة الأم، متناسية أن الولاياتالمتحدة الأميركية هي من قامت عن طريق شن حرب إبادة ضد الهنود الحمر، وغزت دولاً أخرى عسكرياً وعلي رأسها العراق، وحاولت أن تسقط نظم منتخبة إنتخابات ديمقراطية مثل نظام هوجو شافيز في فنزويلا، وإسقاط نظام سيلفادور الليندي في تشيلي بالتدخل العسكري، ووضعت نظاما فاشستياً عسكرياً وهو بينوشيه، ودعمها للحركات الإسلامية الإرهابية مثل حركة الإخوان المسلمين، بل وساعدت في مرحلة من المراحل حركة طالبان الإرهابية في أفغانستان، وكذلك دعم الولاياتالمتحدة المستمر للصهيونية العالمية وإسرائيل في حربها العدوانية الاستيطانية ضد الشعب الفلسطيني، ودعمت مباشرة وبالصمت والتواطؤ المجازر التي فعلتها إسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين. تلك هي سمات النظم الليبرالية التي تدعي الديمقراطية ولكم إذا كانت الديمقراطية تأتي وتخدم علي أهدافها الاقتصادية فقط، أما النظم التي تعمل على بناء تنمية معتمدة على الذات، ولا تتواءم وتستقل عن النظام الرأسمالي الأمريكي في أحداث التنمية، فإن الرأسمالية العالمية بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية تتهمها بالتصفية العرقية حتى إذا كانت تحارب الإرهاب وتحافظ على وحدة الدولة الوطنية، بل وتعمل على دعم تلك التنظيمات المتطرفة الإرهابية. أخيراً، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية وكذلك النظم الرأسمالية التابعة لها، تعمل على استغلال قضايا حقوق الإنسان من المنظور الليبرالي الغربي في الضغط السياسي لتحقيق أهدافها في تكريس التبعية الاقتصادية، والقضاء أو تشوية أي نموذج تنموي حقيقي، يعمل على ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، ومثل تلك الممارسات من الإمبريالية العالمية بقيادة أمريكا لن تخيل على الشعوب الواعية والدول الوطنية أو على الأحزاب والقوى السياسية التقدمية في العالم.