متى يبدأ المستأجر سداد الفروق بعد قرار المحافظ؟    رئيس الموساد يكشف التقديرات الاستخباراتية للبرنامج النووي الإيراني    نائب رئيس اتحاد بلديات غزة: الأوضاع الإنسانية في خان يونس كارثية    أمم إفريقيا - موعد مباراة مصر أمام زيمبابوي    محمد رمضان يكشف سبب مداومته علي أداء ركعتي قضاء الحاجة (فيديو)    بعد رحيله.. من هو الفنان الدكتور عبد القادر سالم؟    بعثة الاتحاد الأوروبي تزور متحف ملوي ومنطقة بني حسن الأثرية بالمنيا    بتر ذراع طفل إثر إصابته بصعق كهربائي من محول بالفيوم    «البكالوريا الفنية».. شهادة جديدة لطلاب التعليم الفني بدءًا من العام المقبل    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    أحمد سالم ل كلمة أخيرة: تصدير العقار المصري أمل المستقبل    محافظ الجيزة يشهد فعاليات الجلسة الختامية للندوة العالمية الثانية لدار الإفتاء    «التموين» تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 70%    «القومي للمرأة» يشارك في احتفالية اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    ضبط تاجري تموين لاستيلائهما على 2 طن سكر بدمنهور    افتتاح الدورة السابعة من مهرجان القاهرة للفيلم القصير بحضور يسري نصر الله وعائشة بن أحمد    رضا هيكل يفسخ عقده مع نادي حتا الإماراتي.. والزمالك يرغب في ضمه    أنطوان سيمنيو بين السيتي واليونايتد.. من يحسم الصفقة؟    غزة تشهد جحيما إنسانيا.. الهيئة الدولية لدعم فلسطين تحذر من نقص المساعدات وعرقلة إدخال الكرفانات    لا إغلاق لأى مصنع.. خطة للتقنين ودعم العمالة وإبقاء تبعية هيئة القطن ل «الاستثمار»    نظر قضية المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما يناير المقبل    رئيس هيئة المحطات النووية يشارك في فعاليات المنتدى العربي السابع    إقبال في اليوم الثاني من إعادة انتخابات مجلس النواب 2025 بالأردن    أمم إفريقيا - استدعاء لاعب نهضة بركان لتعويض مدافع أندرلخت في قائمة السنغال    الجيش الألماني ينهي مهمة نظام باتريوت لحماية المجال الجوي للناتو في بولندا    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    الكشف على 1208 مواطنين ضمن القافلة الطبية بقرية أبو جازية بالإسماعيلية    وزير الثقافة يعتمد أجندة فعاليات الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    حفل جوائز ذا بيست.. سارينا فيجمان أفضل مدرب للكرة النسائية 2025    التأمين الصحى الشامل.. خطوات الاشتراك ومزايا الرعاية الطبية المتكاملة للأسرة    افتتاح متحف قرّاء القرآن الكريم بالعاصمة الجديدة: هنو يشيد بتقدير الدولة للقراء.. والأزهري: خطوة للحفاظ على الهوية الدينية    حلمي عبد الباقي يرد على توجيه اتهامات له في التحقيق: غير صحيح    وزير الخارجية يؤكد ضرورة الارتقاء بمستوى الخدمات القنصلية المقدمة للمواطنين    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يهز أنطاليا التركية    إغلاق ملف فيتوريا رسميًا.. تسوية نهائية بين المدرب واتحاد الكرة في «CAS»    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    ذا بيست.. دوناروما أفضل حارس مرمى في العالم 2025    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجى البحيرة إلى يوم 12 يناير    اعتدى على أطفال وصورهم.. تجديد حبس مدرب أكاديمية الكرة بالمنصورة    الصحة تُحذر من تخزين المضاد الحيوي واستعماله مرة أخرى    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    «المصدر» تنشر لائحة النظام الأساسي للنقابة العامة للعاملين بالتعليم والبحث العلمى    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    جولة مفاجئة لمدير "تعليم الجيزة" في مدارس العمرانية    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    مصر ترحب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارين يؤكدان الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني    الزمالك يجدد ثقته في نزاهة جهات التحقيق في أرض أكتوبر ويؤكد التزامه الكامل بالقانون في قضية أرض أكتوبر (بيان رسمي)    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    قانون العمل الجديد يُلزم أصحاب العمل بإنشاء دور حضانة لرعاية الأطفال    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين التخفيف من الفقر وبين استئصاله‏..‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 09 - 2010

خلال عشرة أيام‏,‏ لا أكثر‏,‏ وهي فترة زمنية لاتحتمل إجراء أو حدوث تغيرات اقتصادية هيكلية كبيرة‏,‏ نشرت الصحف الأمريكية خبرين ظلا يحملان دلالات متناقضة بالرغم من تنافسهما الشديد مع نظام رأسمالي يقول إنه يقود كل اقتصاديات العالم‏,‏ وبالفعل يقوده‏,‏ نظام اقتصادي. يتمكن الفكر الرأسمالي منه ومن كل خلاياه ووحداته من أصغرها إلي أكبرها سواء كانت هذه الوحدات اقتصادية أو ثقافية أو سياسية‏.‏
أعلن الخبر الأول في زفة إعلامية أمريكية مصورة نشرت علي الصحف والفضائيات ومواقع شبكة المعلومات‏.‏ وكان الخبر عن تبرع‏40‏ مليارديرا أمريكيا بالنصف من ثرواتهم لمصلحة الفقراء من الأمريكيين‏,‏ ولا مانع من توجيه جزء من هذه التبرعات للفقراء من غير الامريكيين‏.‏ وأعلن أن المبلغ الذي تم التبرع به يصل الي‏600‏ مليون دولارا أمريكيا وهو مبلغ مشكوك في مصداقيته قيل أن المبلغ سيعود بأغلبه الي منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال الاغاثة ومواجهة الأزمات‏.‏ تم الترحيب بالخبر في الولايات المتحدة الأمريكية بالطبع كذلك في خارجها أيضا‏,‏ كما تم تناوله علي أساس أنه النموذج للرأسمالية الناضجة التي تعرف مسئولياتها الاجتماعية تجاه شعبها لدرجة أنها تتقاسم فوائضها و أرباحها وثرواتها مع الفقراء‏!!‏ أما الخبر الثاني فقد أعلن بعيدا عن الزفات الإعلامية المصورة التي تشد الانتباه بالرغم من أنه من النوع الذي يثير الزوابع‏.‏ جاء الخبر ليؤكد أن خلال عامي‏2008‏ و‏2009‏ أي فترة احتدام الأزمة المالية التي بدأت في الولايات المتحدة وأثرت علي كل بلدان العالم‏,‏ وهي الأزمة التي تراجعت فيها معدلات النمو الاقتصادي علي المستويين العالمي والوطني فيما عدا في دولتين هما الهند والصين‏,‏ وارتفعت فيها معدلات البطالة في غالية الدول حققت فيها‏500‏ شركة إنتاجية في الولايات المتحدة الامريكية أرباحا تصل إلي‏1,3‏ تريليون دولار أمريكي‏,‏ ولكن بالرغم من ضخامة كل هذه الأرباح إلا أنها‏,‏ أي هذه الشركات‏,‏ لم تترجم أرباحها هذه الي استثمارات تقدم فرص عمل تستوعب جانبا من نسبة البطالة التي ارتفعت عن معدلاتها الطبيعية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية لتقترب من نسبة ال‏10%‏
فالازمة المالية العالمية التي بدأت بعنف في نهاية‏2008‏ أي نهاية ولاية جورج دابليو بوش ولا تزال مستمرة إلي الآن وربما تمتد إلي الغد البعيد نسبيا لم نكن كلنا من ضحاياها بل كان من بيننا من استفاد منها استفادة كبري‏.‏ كان المستفيدون هم أقلية الأقلية بينما استمرت الغالبية تناطح البطالة وتراجع مستويات معيشتها‏.‏ ولكن ظلت نسبة الفقراء في كل مكان تعيش في دائرة الفقر الذي لايرحم‏.‏
والحق يقال أن الرأسمالية الأمريكية الكبيرة كانت منذ أكثر من قرن من الزمان تستقطع جانبا من أرباحها لتوفي به مانسميه الآن بالالتزامات الاجتماعية لرأس المال وذلك بالتبرع لتأسيس مراكز ابحاث تحمل أسماء مؤسسي العديد من الصناعات الهامة كالسيارات أو الحديد والصلب أو البترول‏,‏ أو لإنشاء واستمرار جامعات عريقة كجامعة هارفرد وغيرها أو لمنظمات المجتمع المدني شديدة التنوع والانتشار وذات فاعلية ملحوظة في عموم الولايات وكانت تضمن لمراكز الأبحاث والجامعات وقفيات أو ودائع بنكية والتي يطلقون عليها عبارة‏endowments‏ تسمح لاستمرارية هذه المراكز وتلك الجامعات‏.‏
فجامعة هارفرد مثلا تملك وديعة تزيد في قيمتها علي‏28‏ مليار دولار أمريكي جمعتها من تبرعات الرأسمالية ومن الأفراد‏.‏ وهي الوديعة التي سمحت لها بأن تخصص نسبة‏40%‏ من مقاعدها الدراسية للمتفوقين من تلاميذ المرحلة الثانوية غير القادرين علي مواجهة تكاليف الدراسة فيها ولكنهم راغبون في الالتحاق بها‏.‏
كما أن منظمات المجتمع المدني المنتشرة في كل ولاية وكل مدينة وحتي مستوي الريف الأمريكي الواسع والريف الأمريكي له تركيبته وسماته الاجتماعية الخاصة غير المتوافرة في أوروبا مثلا أو حتي في بلاد كبلادنا بسبب ظروف نشأة الدولة ذاتها علي يد‏50‏ مليون مهاجر أنجلو سكسوني أوروبي استولوا علي الأرض من السكان الأصليين بلا رابط ولا ضابط وتعمل هذه المنظمات بحرية كاملة في إطار مليارات الدولارات السنوية التي تجمعها من زصحاب الأعمار الكبار والمتوسطين‏,‏ ومن الأفراد‏,‏ وهي التبرعات التي يتم إنفاقها تحت رقابة مالية محكمة من داخلها وأمام أجهزة الرقابة المحلية‏.‏
وتملك الولايات المتحدة الأمريكية نظاما ماليا يسمح بخصم هذه التبرعات المعلنة والمسجلة ورقيا من الوعاء الضريبي سواء للأفراد أو للاستثمارات‏.‏
هكذا تبدو الأمور مثالية‏.‏ ولكن أحيانا لابد من مناقشة حقيقية هذه المثالية‏.‏ ونأخذ مثالا لشركة أمريكية نمت خلال العشرين عاما الماضية وتحولت خلال هذه الفترة الوجيزة من مشروع تجاري صغير من مدينة سياتل في أقصي الشمال الغربي الأمريكي ليصبح لها فروع في كل الولايات والمدن الأمريكية ثم في غالبية بلدان العالم ومنها البلدان العربية‏.‏
بدأ كمشروع صغير لبيع القهوة ذات النكهة الجديدة‏.‏ ولاقت هذه النكهة الجديدة قبولا لدي الأمريكيين الذين يعشقون شرب القهوة‏.‏ ومع الانتشار الداخلي ثم الخارجي‏.‏ وبدأ المشروع يتوسع في نشاطه ويمتد الي استيراد أنواع محددة من حبوب البن من بلدان أمريكا الجنوبية‏.‏ ومع الانتشار الأكبر بدأ يفرض علي مزارعي البلدان المنتجة لحبوب البن أنواعا معينة لايستطيعون بيعها إلا لهذا المشروع‏,‏ فتحول مشروع القهوة ذات النكهة الجديدة الي كيان احتكاري يفرض أسعاره علي المزارعين فزاد إفقار مزارعي حبوب البن في البلاد الأمريكية الجنوبية المصدرة لحبوب البن‏.‏ وتركز الافقار تحديدا في صفوف صغار المزارعين‏.‏
هذه الشركة تحديدا تخصم سنتا من كل دولار تكسبه لتتبرع به لاسرائيل‏.‏ ولكي تبيض وجهها أمام فقراء مزارعين البن ونقادها من الجمهور الأمريكي الواعي تتبرع بعدد من الملايين لمنظمات المجتمع الأمريكي ولعدد من المنظمات العالمية العاملة في مجالات تطوير التعليم وتوفير مياه الشرب النقية في بعض البلدان النامية وتحديدا في تلك البلدان التي احتكرت البن فيها‏.‏
فالتبرعات الرأسمالية وتحديدا الأمريكية مفيدة في التخفيف من حدة الفقر ولكنها لاتلغي الفقر الذي تنتجه علاقاتها‏.‏
المزيد من مقالات أمينة شفيق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.