مصر والسودان والأردن والجزائر رفضوا حكم المرشد تفككت جماعة الإخوان في الأردن منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، أفضى لانقسامها بشكل رسمى لعدة كيانات، إلا أن بدايات هذا الانقسام الفعلية تعود لجذور أعمق، ترجع إلى الاستقلال التنظيمي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية " حماس" عن إخوان الأردن, بين صقور وحمائم، ومحافظين وإصلاحيين، وتربويين وسياسيين، وبين أردنيين من أصول فلسطينية، وأردنيين من أصول شرق أردنية، ومجموعات قريبة من السلطة، ومجموعات معارضة للسلطة، تفتتت الجماعة الأم اليوم لأربعة كيانات تتنازع الشرعية التاريخية والقاعدة الجماهيرية الكبيرة للحركة الإسلامية في الأردن. وجاء قرار السلطات القضائية الأردنية، بحل جماعة "الإخوان المسلمين" في المملكة, بمثابة قرار حاس في القضية التمييزية رقم 2013/2020، باعتبار جماعة الإخوان منحلة حكماً, وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية, وذلك لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية وفقا للقوانين الأردنية. وقال "على العايد" سفير المملكة الأردنية الهاشمية في القاهرة، إن الإخوان المارقين حاولوا اختطاف الدين ولكنهم فشلوا في تحقيق غرضهم, كما صرّح وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية "محمد المومني" أن للأردن خصوصيته في التعامل مع ملف الإخوان المسلمين، انطلاقاً من تشريعات وقوانين ومسار سياسي تتمتع به المملكة ويختلف عن بعض الدول الشقيقة والصديقة, وأكد وجود نقاشات دارت مع العديد من الدول وعلى مختلف المستويات, حول التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين "كجهة إرهابية". يُذكر فى ذلك السياق أن بالأردن جماعتين للإخوان، إحداهما القديمة، والأخرى تأسست قبل نحو عامين من قيادات سابقة بالجماعة وحصلت على ترخيص حكومي تحت مسمى "جمعية الإخوان المسلمين" وصارت بمقتضاه تابعة لوزارة التنمية السياسية الأردنية, واتهمت في حينها الجماعة القديمة الحكومة بتوظيف خلافات الجماعة الداخلية لتفتيت قوتها, باعتبارها أبرز قوة معارضة بالبلاد. وأعلنت جماعة الإخوان "الأم" فى الأردن، عدم وجود صلة لها بالحزب السياسى، الذى يعمل المراقب العام السابق للجماعة "سالم الفلاحات" على تأسيسه مع آخرين، ويحمل مسمى "الشراكة والإنقاذ"، وطالبت أعضاءها بعدم الانتساب للحزب الجديد "دون قرار رسمى" منها، فى انشقاق جديد فى جدران الجماعة بالأردن. تونس ومن الأردن إلى السودان وصولاً لتونس، تتهاوى جماعة الإخوان، بعد أن أدركت الشعوب أنها ضحية جماعة إرهابية تمارس الخداع والمكيدة، وتتبنى أجندة متطرفة عمادها الإقصاء والخراب, ويبدو أن الإخوان كتبوا الفصل الأخير من وجودهم بالسلطة فى تونس، ما يفتح الطريق أمام محاسبتهم قضائياً على العديد من الجرائم التى ارتكبوها ضد الشعب التونسى, ففى تونس تدور معارك شرسة وخطيرة, وذلك بين تيارات وطنية مستقلة وتيارات سياسية ونواب, وبين جماعة الإخوان المسلمين فى تونس وعلى رأسها رئيس البرلمان التونسى "راشد الغنوشى". وقام "الفخفاخ" بطرد وزراء الإخوان وكلّف آخرين بحقائبهم, وثارت الحشود الشعبية ونُظّمت اعتصامات, وقام الاتحاد التونسى للشغل بحراك كبير فى الشارع التونسى, مناهضين لحركة الإخوان وفسادها, تونس أصبحت مرة أخرى أمام خطوة هامة ومفصلية لإخراج النهضة من الحكم, مثلما حصل في 2013 إبان اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، لكن الطبقة السياسية لم تستثمر آنذاك الوضع الإقليمي، فعادت النهضة بعدما انحنت للعاصفة إلى الحكم بأشكال مختلفة قوامها. على الجانب الآخر يعتبر الاتحاد التونسى للشغل المنظمة النقابية الأكبر فى تونس, حيث أعلن رفضه لجماعة الإخوان ولرئيس البرلمان التونسى, وأكد الاتحاد أنه سيتصدى لكل محاولات استخدام الأراضى التونسية منطلقاً للتدخل التركى أو الأمريكى أو أى تدخل أجنبى, سواء فى تونس أو ليبيا, لأن ذلك سيكون بمثابة احتلال مباشر, مؤكداً تورّط جهات سياسية تونسية فى دعم طرف على حساب الآخر. ودعا الاتحاد رئيس الجمهورية التونسى ونواب البرلمان الوطنيين, إلى تقديم مبادرة قانونية تمنع أى طرف مهما كان موقعه أو قوته, من جرّ تونس للاصطفاف وراء الغزاة الغربيين ضد مصلحة الشعوب العربية, مطالباً رئيس الجمهورية المُخوّل دستورياً التعبير عن الموقف الوطنى, واتخاذ كل الإجراءات الأمنية والحمائية والسيادية لحماية الحدود التونسية من انتقال الإرهابيين إليها, وذلك عقب بيان من القيادة الأمريكية بأفريقيا (الأفريكوم), لمحّت فيه إلى إمكانية إرسال وحدة عسكرية إلى تونس, بسبب تصاعد النزاع فى ليبيا. ويرى محللون أن الغنوشى قد يكون محظوظاً لأنه أفلت من 3 أحكام بالسجن المؤبد وحكم بالإعدام, وربما يكون أيضاً محظوظاً لأن ثورة 2011 م أفسحت له المجال للوصول للسلطة, لكنه سيحتاج حظاً أكبر للخروج بسلام خاصة بعد جلسة 3 مايو بالبرلمان التونسى, وبعد قيام أكثر من ائتلاف وحزب سياسى بمناهضته, بالإضافة إلى قيام أكثر من 80 نائباً الأسبوع الماضى بتوقيع سحب الثقة من البرلمان, حيث وصلت للنصاب القانونى اللازم لمثل هذا الإجراء, فقد وجدت زعيمة الحزب "الدستورى الحر" عبير موسى, دعماً من رؤساء كتل (الإصلاح, وتحيا تونس, والمستقبل, وقلب تونس), وتم خلق جبهة جديدة ربما تتقاطع فيها مصالح الرباعة مع الدستورة الحر, لكن يجمعهم حالياً هدف واحد وهو سحب الثقة من الغنوشى. ويرى بعض المراقبين أن الفترة القادمة فى تونس ستشهد تحولا كبيرا فى الدفة السياسية, وربما تشهد تونس تفجيرات أو اغتيالات أو أى أشكال إرهابية أخرى, لإرباك المشهد وتعقيده والضغط على الطرف الآخر المناوئ لجماعة الإخوان. وأخيراً وليس آخراً هل تستطيع تونس النجاة من جماعة الإخوان الإرهابية, كما استطاعت كل من مصر والسودان والأردن والجزائر التخلص منها؟!