في زمان أصبح المبدع الحقيقي كالقابض علي الجمر لما نشاهده ونسمع من إسفاف وابتزال في عالم الفن، اذ بفنان حقيقي يقدم لنا مسرحية مونودراما شديدة الرقي والعذوبة انه الجميل مجدي عبيد، ولكن هذه المرة خرج العرض المسرحي “الجريمة” بامكانات انتاجية بسيطة جدا وامكانات فنية كبيرة. يرسم مجدي حركته في مساحته الممثل من السجن الي المحكمة الي المنزل ونصدق معه انه سجن وانها محكمة وانه منزل فهو يقدم فرجة مسرحية رائعة تقلل من رتابة المونودراما وحواراتها الطويلة . يقدم العرض رؤيا فلسفية تطرح رجلا يقتل الزمن ويتم اتهامه بقتل الزمن وفي النهاية يتم الحكم عليه بالاعدام ونظل في حيرة هل قتل الرجل الزمن أم الزمن من قتل الرجل, كما يستخدم المخرج موسيقي معبرة جدا عن كل الاحداث وكانت جزءا اصيلا من العمل، وتشكل الاضاءة ايضا صياغة بصرية للعمل ولتكمل وتعطي المضمون ايضاحا وفهما وساعد مجدي عبيد نص للمبدع عبد الفتاح البلتاجي الذي تمكن من تصعيد الحالة الدرامية بشخص واحد ويدفعها نحو التطور والنمو بطريقة مدهشة وجعل البطل يسرد ويبوح بكل مشاكله وهمومه دون ملل او تكرار وجسد كل هذا ممثل من نوع خاص هو الفنان اشرف عز الدين فهو ممثل يملك ادواته الخاصة بمعني الكلمة, فهو يعي تماما انه الوسيط بين النص والجمهور وهو الحامل لرسالة النص ودلالاته. فهو ممثل واحد في مواجهة الجمهور استخدم الممثل حركة الجسد والاشارات والايماءات والانفعال والصمت بدرجة مذهلة, فهو يعي تماما أن مثل هذه العروض تحتاج الي ممثل حقيقي يحافظ علي ضبط ايقاع العمل وفهم ما بين السطور. ولا يفوتنا أن نشكر باقي طقم العمل في التنفيذ سيد شومان ومخرج منفذ فائق سلامة.. وفي الختام.. شكرا مجدي عبيد علي هذا العمل الرائع الذي يؤكد ان الفن الجيد بإمكاناته البسيطة أعظم مليون مرة من فن هابط بإمكاناته الكبيرة.