*قطر جعلت من نفسها وسيطًا بين الجماعات الإرهابية على اختلاف أشكالها *حدودنا “خط أحمر”… وليبيا والسودان وإثيوبيا.. ملفات مهمة للخارجية المصرية *”الدولة السورية” انتصرت.. وصورتها النهائية في انتظار نتيجة الاتفاقات والتوازنات *”ليبيا” أمن قومي لمصر.. وجهود كبيرة لاستقرار الأوضاع ووقف استنزاف الدم الليبي *السودان تنتقل من الثورة إلى الدولة… والفضيلة المصرية الأساسية هي الاستقرار *”فلسطين” مصر تؤيد حل الدولتين… ولا حل للقضية في وجود “حماس”
أجرى الحوار : خالد عبدالراضي
أكد المفكر السياسي والكاتب الصحفى الدكتور عبدالمنعم سعيد، أنه لا مصالحة مع الإخوان، مطالبا شباب الجماعة الإرهابية بإعلان الإنتماء للدولة المصرية فقط، والتخلى عن الجماعة الإرهابية، وكشف الدوري القطري لدعم الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط، وقال إن قطر جعلت من نفسها وسيطا بين الجماعات الارهابية على اختلاف أشكالها. وأضاف فى حواره إلى « الأهالى» صفقة القرن لها شقان،الشق الاقتصادي وهو ليس بجديد، أما الجزء السياسي من الصفقة فهناك شيء ما عند ترامب، فهو رئيس استثنائي ، فلا أدري إلى أي مدى سيستمر حماس ترامب لصفقة القرن… وإلى الحوار
ما هي أولويات مصر على المستوى الخارجي؟ أهم ما يعنينا من ناحية الأمن القومي هي حدودنا المباشرة، وبالتالي فالجبهات المحيطة بمصر والمتعلقة بليبيا وغزة والسودان وما وراءها، اثيوبيا وقضية المياه، لها الأولوية بالنسبة لمصر. الأمر الثاني المتعلق بنا فيما وراء الجوار المباشر هو الاستقرار، ومصر تلعب دورًا لمحاولة تقليل السخونة الكبيرة التي تولدت عن ما سمي بالربيع العربي في مطلع العقد الحالي، وكذلك التركيز على دعم فكرة الدولة الوطنية، وبالتالي فإذا كان هناك ما تستطيع أن تفعله على المستوى الخارجي فالأقربون أولى بالاهتمام، بهدف حماية مصالحنا والأمن القومي، أما القضايا المتعلقة بما وراء الجوار تحتاج إلى دبلوماسية أكبر في التعامل. وكيف ترى مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية ؟ العلاقات المصرية الأمريكية في أفضل حالاتها منذ سنوات طويلة، فالإدارة الأمريكية أجبرت الكونجرس على تنحية ملفات حقوق الإنسان، لاستمرار ضخ المساعدات العسكرية لمصر وعدم وقفها، فالجانب الأمريكي متمثل في الرئيس الأمريكي وإدارته حريص على العلاقات الجيدة مع مصر، لدورها المحوري في المنطقة، وكذلك العلاقات العسكرية بين البلدين جيدة جدا. كيف تري الأوضاع في سوريا الآن ؟ روسيا وأمريكا اتفقتا على بقاء الأسد، وما يتبقى الآن هو أن يضع الرئيس السوري دستورا جديدا للبلاد، ولم يعد هناك حديث عن تقاسم للسلطة أو أي من المقترحات السابقة، لكن ماذا عن شكل سوريا النهائي الذي سينتج عن هذه الاتفاقات والتوازنات؟، لم تتضح الصورة بعد. والموقف المصري منذ البداية هو الحرص على عدم سقوط الدولة السورية والحفاظ عليها، وموقفها الحالي أو ما يشغلها هو إعادة بناء الدولة من جديد. لكن هناك في سوريا أمور لا يتوافق معها الجانب المصري، مثل العلاقة “المريضة” للنظام السوري مع إيران ضد حلفاء مصر ” السعودية والإمارات” وهي ما تجعلنا على مسافة محددة للدعم، فكل ما تريده مصر أن تتوقف الحرب الأهلية في سوريا ويتوقف القتل. وكيف ترى الموقف المصري من الأوضاع في ليبيا ؟ نحن نؤيد المشير حفتر والجيش الوطني الليبي، وهذا هو الموقف الطبيعي والمتعلق بأمن مصر القومي وحدودنا المباشرة مع ليبيا، لكننا أيضا لسنا مع القيام بمغامرات لأزمنة طويلة، فمصر تحاول إقامة بناء للشرعية، وتحدثت مع مختلف الأطراف الليبية، متمثلة في البرلمان الليبي المنتخب، والسراج، وقد حضروا إلي القاهرة في محاولات جادة لتهدئة الأمور. وحين قام حفتر بمحاولة الدخول لطرابلس لم تكن مصر متحمسة لتلك الخطوة، فمصر ليست مع استنزاف الدم الليبي، والمرحلة الحالية مصر ترجح الحل السياسي، إلي جانب العودة الى فكرة الشرعية المبنية على البرلمان، وهذه المسألة تحتاج إلى تفعيل دور دول الجوار، فجبهة طرابلس من حولها الجزائر وتونس، والدولتان في غاية الأهمية وكذلك تشاد، ومصر تعمل من خلال مجموعة دول الجوار، لكن في النهاية من سيقرر المصير الليبي هم أبناء ليبيا أنفسهم. وماذا عن السودان؟ كان ما توصل إليه السودانيون سيؤدي إلى الاستقرار، حيث انتقل السودان من مرحلة الثورة الي الدولة، فهذا ما نريده. لكن عليهم إدراك الصعوبات الكبيرة في طريقهم، فهناك ثلاث مقاطعات على الأقل بها تمرد مسلح، وكذلك الأزمة الاقتصادية بدرجة كبيرة هناك، فالسودان تحتاج إلي سعي دولي كبير، واعتقد أن مصر ستلعب دورا كبيرا في هذا الإطار. لكن أيضا هناك فصائل في السودان موقفها من مصر غير ايجابي، والرهان هنا على عوامل الجغرفيا والتاريخ، وإدراك السودانيين أننا لا نريد لبلادهم إلا الخير. وإلى أي مصير تسير الأمور فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ؟ السياسة الرسمية المصرية مستقرة في هذا الشأن، وترى أن حل الدولتين هو بداية الحل الحقيقي للقضية الفلسطينية، أما فيما يخص قطاع غزة وحركة حماس، ورغم تاريخهم السلبي مع مصر والثقوب التي فعلوها في الحدود المصرية، إلا أن هناك محاولات مصرية دائمة للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وهذا دائما هو الموقف المصري تجاه هذه القضية، أما في رأيي الشخصي لن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية لا بالمقاومة ولا الدبلوماسية ما دامت حماس موجودة. وما رأيك في صفقة القرن وما أعلن من تفاصيلها ؟ صفقة القرن لها شقان، الشق الاقتصادي وهو ليس بجديد فهي أفكار قديمة يعاد صياغتها مع تطور الوقت، أما فيما يخص الجزء السياسي من الصفقة فهناك شيء ما عند ترامب، فهذا الرجل كعادته يفقد حماسه لأشياء كثيرة، فتحمس لعقد اتفاق مع كوريا الشمالية، وسرعان ما فقد هذا الحماس وظل الموضوع معلقا، ثم مفاوضاته مع أوروبا، وكذلك اليابان والصين، فهو لديه الحماس لأشياء كثيره لكنه سرعان ما يفقد هذا الحماس، لأنه رئيس استثنائي لم أر مثله في تاريخ الولاياتالمتحدة المعاصر. فلا أدري إلى أي مدى سيستمر حماس ترامب لصفقة القرن، لكني أري أن الأمور تسير في إتجاه بقاء الوضع الراهن كما هو، واستمرار الاحتلال لفترة طويلة قادمة مع تسميات جديدة، بمعني اعطاء بعض ملامح الدولة للفلسطينيين وتمثيل في الأممالمتحدة، لكن سيكون في المقابل هناك المزيد من ضم الأراضي سيحدث، وبالتحديد التوسع في مناطق الاستيطان، والتي تفرغ أي مفاوضات بين الدولة الفلسطينية واسرائيل من معناها الحقيقي، كما سيحدث انكماش للضفة الغربيةوغزة. والمنطق هنا يقول : إذا كان الفلسطينيون صنعوا لأنفسهم دولتين سيدفعون ثمن ذلك. وما تفسيرك للعداء القطري لمصر وغيرها من الدول العربية ؟ هناك تناقضات قديمة بيننا وبين قطر وتركيا، والموقف المصري غير مرتبط بالموقف السعودي والإماراتي في هذا الشأن، فلن تتخلى قطر عن الموقف الذي يجعل منها دولة، وهو مشاكسة الكبار من حولها، فبدون هذه المشاكسة لن يكون هناك وجود قطري، فهي عبارة عن دولة تعدادها 300 الف مواطن، يعيشون على مساحة 12 الف كيلو متر مربع، أي نصف حلايب وشلاتين، ويعد جزءا أساسيا من هوية قطر أن تجعل من نفسها دولة كبيرة وسط الكبار، وهي لا تمتلك أي مقومات لذلك، وهو ما تحاول القيام به من خلال قناة الجزيرة ودعم الاخوان والجماعات الارهابية. وكيف ترى دعمها المطلق للإخوان والجماعات المتمردة ؟ قطر جعلت من نفسها وسيطا بين الجماعات الارهابية على اختلاف أشكالها، فالمفاوضات التي تمت مع طالبان التي تعد مثل القاعدة والإخوان وغيرهما من الجماعات الارهابية تمت في قطر، برعاية أمريكية، فهي تقدم نفسها كوسيط، إضافة الي ذلك قطر لا يوجد بها حزب سياسي أو لها أيديولوجية أو نقابات لكنها وجدت لنفسها هذا الدور، لتصبح الساحة الواقعة بين الولاياتالمتحدة والغرب في عمومه من ناحية والتنظيمات الإرهابية والمتمردة حول العالم من ناحية أخرى. وماذا عن الدعم التركي للإخوان ؟ تركيا تختلف عن قطر، فنحن أمام مستويين مختلفين، فتركيا دولة حقيقية، لكن قطر دولة صغيرة ، أما تركيا فهي دولة إقليمية يحكمها الإخوان، وأردوغان وتاريخه مع أربكان والحركة الإخوانية في تركيا قديم، لكنه أعاد صياغتها في إطار القومية التركية، ليكون أحد أدوات تركيا للتوسع في الشرق الأوسط، وسقوط الإخوان في مصر كان ضربة قوية للمشروع التركي وتوسعه في المنطقة، لكنه لم ينته إلي الآن ومازال المشروع التركي موجودا، ولهذا يستمر العداء التركي لمصر، والإخوان أداة من هذه الأدوات، فهم موجودون في العديد من الدول بالشرق الاوسط، وساعدوا أردوغان خلال الانقلاب العسكري هناك، بما فيهم الإخوان المصريون. وعلى المستوى الإفريقي.. ماذا عن الدور المصري ؟ مصر تولي اهتماما خاصا بإفريقيا خلال الفترة الماضية، ومن الطبيعي استغلال رئاسة مصر للإتحاد الأفريقي، ونقل رسالة إفريقيا لمؤتمر اليابان، كما تحمل مصر رسالة افريقيا للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك للدول السبع الكبرى، وهذه هي الحدود التي تعمل بها سياسة مصر الخارجية على المستوى الإفريقي. وعلى الصعيد الداخلي.. ما رأيك في الأوضاع الاقتصادية للبلاد؟ منذ أن كنت في لجنة السياسات بالحزب الوطني ومن يتابعني يعلم جيدا أنني كنت ادعو لهذه السياسات الاقتصادية، والمتعلقة بالتعويم وتوحيد سعر العملة والتوسع في سياسات السوق المفتوح، وأرى أن الدولة اتخذت خطوات شجاعة في هذا الإتجاه، وأصبحنا أكثر إخلاصا لفكرة السوق الحرة، والاستجابة لفكرة العرض والطلب، وفى السابق كانت الحكومات تستخدم المسكنات متمثلة فى الدعم، وليس علاجا لمشكلاته، لكننا الآن نعالج هذه الأمراض ونقضي عليها. كما أصبحنا الآن نمتلك مشروعا خاصا بالتنمية والبناء، بداية من البنية الأساسية ومعدل النمو، وصولا الي كل الأشياء التي من شأنها جعل المجتمع يعمل وينتج ويستهلك ويستورد ويصدر، لذلك أرى بقوة صعود علاقة الدولة بالتنمية. إلى أي مدى تتحمل الطبقات الفقيرة إجراءات رفع الدعم وغلاء الأسعار؟ لا شك أن هناك قطاعات تضررت، لكنها في الأصل قطاعات لا تمتلك ما يؤهلها لسوق العمل، ومواكبة التطورات التي يشهدها السوق، لذلك لا تجد الفرص، لكن فى النهاية الفرص تزيد أمام المجتمع في العديد من القطاعات، كما أن التعامل مع أساليب الحماية المجتمعية من قبل الدولة أصبح يسير بصورة صحيحة، عن طريق منح المستحقين معاشات، وتقليل الضرائب، وزيادة المرتبات، فالتغيير الاقتصادي الذي نشهده يفتح المجال خلال الأعوام المقبلة لدخول مرحلة ثانية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. ما تقييمك للجهود التي بذلت فى مواجهة الإرهاب؟ هناك انجاز كبير تم من ناحية المواجهة العسكرية للإرهاب، ومنذ البداية أخذت مصر مبدأ السير فى عملية التنمية والإصلاح كما لو أن الارهاب لا وجود له، وما يحدث الآن أن الدولة بدأت فى التعافي، وعلى المستوى الدولي والإقليمي فالدول المجاورة التي ضربها الإرهاب أيضا بدأت تتعافى تدريجيا، فمع وجود الدولة تنحسر الفكرة الارهابية. كيف تقرأ رسائل شباب الإخوان بالسجون ودعوات المصالحة ؟ لا مصالحة مع الإخوان في كل الحالات، وما يجب أن يفعله هؤلاء هو التخلي عن هذه الجماعة نهائيا وأفكارها المتطرفة، وإعلان الإنتماء للدولة المصرية فقط، ويترك الأمر كله للقضاء لمحاكمة المتورطين في العنف والإرهاب، وغيرها من القضايا.