تشهد مصر حملة موسعة ضد السمنة، منذ أن انتقد الرئيس عبد الفتاح السيسى، ارتفاع نسبة السمنة بين المصريين، ومطالبته بحملات توعية بشأن مخاطرها، وضرورة التربية الرياضية فى المدارس، حيث قال خلال افتتاح أحد المشروعات، إن نتائج المسح الطبي لمبادرة «100 مليون صحة»، تحمل مؤشرا كبيرا على أن أصحاب الأوزان الطبيعية يقدرون ب 25 %، والباقي يعاني من السمنة وزيادة الوزن. اكد المعهد القومي للتغذية أن السمنة تعد ناتجة عن سوء التغذية على مستوى العالم، أما فى مصر والوطن العربي تنتشر السمنة بشكل كبير، وامتدت إلى الشباب والأطفال مؤخرا، وأرجع السبب الرئيسي فى انتشارها إلى نمط الحياة غير الصحي وتناول طعام عالي السعرات والإسراف فى تناول الطعام مع قلة النشاط البدني، وأيضا الاختلال فى توازن الطاقة. وأوضح خبراء المعهد أن الطاقة التي تدخل جسم الإنسان عن طريق الأكل (السعرات المتناول) أكثر من الطاقة التي يستهلكها الجسم لأداء العمليات الحيوية والحركة (السعرات المستهلكة) ويحدث هذا الخلل عن طريق تناول الطعام بكميات كبيرة أو طعام عالي السعرات والدهون قليل الفائدة، مثل الوجبات السريعة والمسليات مثل " البطاطس الشيبسي ومقرمشات الذرة " و تناول هذه الأصناف بشكل كبير والابتعاد عن العادات الصحية مثل قلة استهلاك الخضراوات والفاكهة. أما الشق الثاني وهو قلة النشاط البدنى، فأشار الخبراء إلى أن الجلوس لفترات طويلة أما للعمل المكتبي أو لمشاهدة التلفزيون، وانتشار الانترنت أدى ذلك لقلة النشاط البدني وخاصة بين الشباب والأطفال، فأصبحت الطاقة المستهلكة أقل بكثير من الطاقة المتناولة عن طريق الطعام، وحذر الخبراء من خطورة السمنة، وأشاروا إلى أن الشخص المصاب بالسمنة أكثر عرضة لارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والتهاب المفاصل كما تؤثر السمنة أيضا على الخصوبة وترتبط ببعض أنواع الأورام. الثقافة الغذائية وقالت الدكتورة ملك صالح، خبيرة التغذية وأستاذ بالمعهد القومي للتغذية، إن ارتفاع أسعار الغذاء، تسبب فى زيادة عدد الفقراء على مستوى العالم وليس مصر فقط، للمرة الأولى منذ عقدين، وتعتبر ظواهر الفقر وارتفاع أسعار الغذاء والجوع مترابطة بشكل كبير، فليس كل فقير جائعا ولكن كل جائع فقير، موضحة أن الجوع لا يحصل لعدم توافر الغذاء الكافي، لكن بسبب عدم القدرة على شراء الغذاء، أو لأن توزيع الغذاء غير عادل، والذين يحصلون على دخل مرتفع، هم الأقدر على الحصول على كمية ونوعية الغذاء الأنسب، أما الذين يملكون القليل أو لا يملكون فهم ضحايا الجوع، ويمثلون نسبة كبيرة جدًا. وأشارت إلى أن سوء التغذية لا يؤدي للنحافة فقط، بل يسبب السمنة أيضا، فى ظل تركيبة غذائية من الدهون والنشويات التي تؤدي إلى تراكم الدهون وتزيد الوزن، فأغلبية المواطنين يعتمدون فى غذائهم على الأرز والخبز لمواجهة الجوع، وهي أكلات عالية المحتوى بالسعرات الحرارية مع فقرها الشديد بالمغذيات اللازمة لصحة جسم الإنسان. وأكدت أن المشكلة تكمن فى إهمال الثقافة الغذائية بهذا الشكل، مطالبة بضرورة إدخال الثقافة الغذائية فى المدارس، والتي تعتبر أساس جسم الإنسان، فالوعي الغذائي هو حياة الإنسان، فلا يمكن أن يتقدم الإنسان إلا بالتغذية والرياضة السليمة، فالأبحاث التي أجراها العديد من خبراء فى التغذية، تؤكد أن التغذية غير السليمة ينتج عنها طفل عدواني ويفعل المشاغبات. وأضافت، أن الطفل لدينا أصبح لا يملك القدرة على الابتكار، لأن التغذية من الأصل غير سليمة، لافتا إلى أن الإنسان المصري يستطيع أن يكون أفضل من الأوروبي من خلال التغذية السليمة، التي تحسن من فكره وعلمه وتقدمه. وتابعت أن علم التغذية يساوي الحياة، وأن الطفل لا ينضج إلا من خلال التغذية السليمة، وأن عليه إدراك الطريقة الصحيحة وإدراك ما يضره على سبيل المثال أن كيس "الشيبسي" يؤدي للسرطان، ولأنه لا يتأثر بتعليمات أسرته، فلابد من وجود هذا العلم فى المدارس، موضحة أن الطفل يستجيب للمدرسة وينفذ كلامها أكثر من الأسرة. قرارات حكومية واتفق معها الدكتور ناصر السيد، أستاذ التغذية بجامعة قناة السويس، على ضرورة إدخال الثقافة الغذائية فى المدارس، لبناء أجيال قوية، قدرة على الإبداع والابتكار، موضحا أن يتم تدريسها مثلما يتم تدرس مادة الدين وعلى نفس الأهمية وأكثر، لأن الغذاء هو الحياة، المصري أصبح غير قادر على الابتكار والعمل، ونستطيع أن نكون أفضل من أوروبا من خلال التغذية السليمة التي تحسن من الفكر والعلم والتقدم. وأشار إلى أن السبب فى إتباع هذا الأسلوب الخاطئ، هو تدني مستوى الدخل لدى المواطنين، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار، مما يدفعهم إلى استهلاك الأغذية ذات السعرات الحرارية العالية لأنها أرخص سعرا من الأغذية ذات القيمة الغذائية العالية، مبينا أن حوالي 50 % من المجتمع يعيشون تحت خط الفقر. وتابع أنه من الصعب السيطرة على الوزن الزائد عموما عند الأشخاص ب" قرارات حكومية "، فهذا الأمر يخضع لاعتبارات كثيرة، من أهمها اتخاذ وسائل وإجراءات توعوية موجهة للأفراد، لتعزيز نظرة الأشخاص للحياة الصحية، والعمل على تغيير أفكارهم وسلوكياتهم ونمط حياتهم، الذي أدى لزيادة الوزن لديهم. وقال إن ثقافة الطعام فى مصر مجرد حشو للبطن، بل أكثر من ذلك بكثير، فالمصريون يأكلون دون وعى أو أهمية الغذاء وأضراره، دون مراعاة أن الغذاء ثقافة كبيرة، يمكن أن تتحول إلى أداة للإصابة بالمخاطر والأمراض نتيجة التناول الخاطئ. وأوضح أن هناك الكثير من العادات الغذائية السيئة التي يتبعها البعض، مما ينتج عنها تناول وجبات غذائية غير متوازنة، فالأهم فى الغذاء قيمته الغذائية وليس ثمنه الباهظ، فيمكن لبيضة أن تعطي القيمة الغذائية، التي يحتاجها الإنسان من البروتين. وأضاف أن كل الدول التي تسعى للتحضر والنهضة الآن تطبق هذا النظام فى المدارس، وسبق أن ناشدنا أكثر من مرة، لنشر الوعي الغذائي والثقافة الغذائية بين الطلاب، لافتا إلى ضرورة مشاركة خبراء التغذية بالمواد العلمية والمطلوب لكل مرحلة، ويقوم التربويون بوضع المناهج بطريقتهم، للمراحل الابتدائية توضح لهم أهمية التغذية السليمة وتناول الطعام فى موعد محدد، وأيضا أهمية الرياضة. وتابع أن المرحلة الأهم والأخطر تكون فى مرحلة الثانوي، خاصة للفتيات لأن الاعتماد سيكون عليهن فى بناء الأطفال، من عمر يوم، ويأتي بعدها دور المدرسة، التي تساهم بشكل كبير فى تشكيل وعى الطفل وتجبره على الالتزام بعكس الأم أو الأب التي يمكن للطفل أن يقوم بحالة عناد معهم. ثقافة السلطة وأشار إلى أن 99% من المصريين يجهلون ثقافة طبق السلطة والفاكهة، اللذين يعتبران أحد أهم العناصر الغذائية التي تمد الإنسان بالطاقة، ففى الوقت الذي نجهل فيه تماما القيام بالأنشطة الرياضية ولو لمرة واحدة أسبوعيا، بالإضافة إلى أن قوة العقل تنعكس على مظهر الجسم، وهنا يأتي دور ثقافة الطعام والغذاء فى المجتمع، فالسمنة والبدانة نتاج ثقافة تغذية بطريقة غير سليمة، فالأجيال الراهنة تربت على المعلبات والأكلات الجاهزة المشبعة بالدهون والزيوت المهدرجة، منذ فترات الحضانة، بالإضافة إلى عدم التنشئة السليمة على الرياضة.