قال كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد فى مصر، إنه تم تأجيل زيارة بعثة الخبراء الخاصة بإجراء المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المتفق على مع الصندوق، بسبب التزامات أخرى للسلطات المصرية.تلك الزيارة التي كانت مقررة هذا الأسبوع، والتي فتحت – مجددًا- شهية المحللين والخبراء لإعادة طرح رؤيتهم حول "القرض".. والحكومة تعكف على تنفيذ برنامج طموح للإصلاح الاقتصادى بالتعاون مع صندوق النقد الدولى. وكانت مصر فى نوفمبر الماضى نفذت حزمة من الإصلاحات، تضمنت تعويم الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وتقليص دعم الطاقة، وهو ما ساهم فى إبرام اتفاق مع صندوق النقد لإتاحة قرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم خطة الإصلاح على مدار 3 سنوات.. بالتوازي مع هذه المستجدات جدد خبراء فى الاقتصاد تخوفهم من الاستمرار فى سياسة الاقتراض التي ثبت فشلها فى جميع انحاء العالم لانها تزيد من التبعية وتفرض شروطًا من شأنها تدمير الاقتصاد وليس النهوض به.. "الأهالي" تابعت هذه القضية فكان هذا التحقيق.. الخبراء الاقتصاديون الذين رصدت "الأهالي" رؤيتهم وتحليلهم للملف ومستجداته، رفضوا جميعًا الإقراض من صندوق النقد الدولي، مؤكدين على انه قد تفاقمت الأزمة الاقتصادية فى مصر بحيث تقف الآن على مفترق الطرق. وأن طريقة تعميق تبعية مصر لمؤسسات التمويل الدولية هي الوقوع فى فخ قروضها المشروطة بالخصخصة، فضلا عن بيع الأصول الإنتاجية، والمرافق الخدمية، وخصخصة التعليم والصحة، والتخفيض المتوالي لقيمة العملة، والاستمرار فى سياسة تحرير التجارة والاستثمار وتحرير حيازة وتداول العملة الأجنبية خارج الجهاز المصرفي، وأردفوا أن هذه السياسات تضع مصر على طريق دولة اليونان، التي خصصت مرافقها وشركة طيرانها وموانئها والتأمين الصحي لديها، فهو طريق بيع الأصول "الخصخصة" السطو على كل شيء ومفاقمة التبعية والمشكلات، فضلا عن زيادة الفقراء فقراً والأثرياء ثراءً، فلا بد من ضرورة الاستفادة من تجارب الدول التي سبق وأن مرت بنفس التحديات" أزمات اقتصادية وقال الدكتور "محمد حسن خليل" الخبيرفى مجال الصحة، اقترضت مصر من صندوق النقد الدولي 12 مليار دولار، فضلاً عن 9 مليارات من جهات أخرى خلال ثلاث سنوات مما يمثل إصرارًا على حل الأزمة الاقتصادية على حساب فقراء هذا الشعب، ووفقا لأجندة مؤسسات التمويل الدولية فإن صندوق النقد والبنك الدولي، وهيئة المعونة الأمريكية، ومنظمة التجارة العالمية وغيرها، والأجندة الليبرالية الجديدة المتوحشة، تتجه بمصر إلى الخراب وتضعها على حافة طريق اليونان، طريق بيع ثرواتها بالخصخصة وتخفيض قيمة عملتها وانطلاق التضخم ليطحن الفقراء ويزيد الأغنياء غنى. وأضاف أن النظام يواجه أزمة اقتصادية فعلية حادة تتمثل فى تجاوز الدين العام للناتج المحلى الإجمالي وانهيار احتياطي النقد الأجنبي وعجز ميزان المدفوعات مع الخارج وعجز موازنة الحكومة لزيادة نفقاتها عن إيراداتها بحوالي ثلث مليار جنية، موضحاً أن الحكومة بدلاً من مواجهة الأزمة فى مجالها الحقيقي بالإجراءات المناسبة، تواجهها بطريقة تحرير الاقتصاد وفقا لأجندة مؤسسات التمويل الدولية. ويعود السبب فى تلك الأزمات إلى مجال الاقتصاد الحقيقي "الاقتصاد الإنتاجي"،لافتا إلى أن مصر تنتج أقل مما تستهلك، وتصدر أقل مما تستورد، وتدخر أقل مما توفر. مشيرا إلى أن الحل الأمثل للخروج من الأزمة هي التنمية بزيادة الإنتاج الزراعي والصناعي للاكتفاء والتصدير، وتنمية القوى البشرية بالاستثمار فى التعليم والتدريب والصحة لزيادة طاقة البشر الإنتاجية، وتحقيق التنمية المستدامة لصالح هذه الأجيال مع الحفاظ على حق الأجيال القادمة بدلا من تحميلها بديون متراكمة تعجزها كما تعجزنا تلك الديون الآن.. مؤكداً أن التنمية المستقلة تتضمن فى تقليص التبعية للغرب فى اتجاه الاستقلال الكامل. الخصخصة وأكد أن الخصخصة ليست سوى إعلان إفلاس ضمني "عجز المدين" عن سداد ديونه فيلجأ إلى بيع أثاث المنزل، مصانعه ومؤسساته، وتدمير قدراته الإنتاجية، بادعاء أنه سيجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية. وهذه التجربة تبين أن الخصخصة لم تجلب أي أصول إنتاجية جديدة ذات وزن، واقتصار الأمر على نقل ملكية الأصول الموجودة لكي ينتج عن ذلك طرد العمالة تحت اسم المعاش المبكر وزيادة البطالة، ووقف الإنتاج مثلما يحدث فى شركات مهمة مثل "المراجل البخارية وطنطا للكتان"، وتحقيق المستثمرين للأرباح من بيع الأصول العقارية والإنتاج الكمالي مثل: "المياه الغازية" وجلب أحدث تكنولوجيا الأيس كريم والشيكولاتة الأجنبية". تعهدات وفى هذا السياق، عرضت الدكتورة "سلوى العنتري" الخبيرة الاقتصادية، بعض الاتفاقيات الخاصة بين مصر والبنك الدولي، موضحة أن هناك سياسات واردة الاتباع فى الاتفاقية، أولها: تعهدات للزيادة فى احتياطي النقد على أن تكون فى يوليو المقبل 33 مليار جنيه، فضلاً عن كونه يصبح ضامناً للقروض التي تتفق عليها مصر بالخارج، علاوة على تحجيم دور الدولة فى النشاط الاقتصادي، وتخفيض عجز الموازنة، فيما يتطلب احتياط مصر من النقد الأجنبي، ثانيا: فى حالة زيادة مبيعات البنوك لكل من الحكومة، والهيئة العامة للبترول، أو هيئة السلع التموينية، أي جهات أخرى، يتطلب مشورة البنك المركزي. والتعهد الثالث: ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة تمويل المشروعات، وينتج عن هذا زيادة الادخار وقلة الاستثمار، وبالتالي سوف تقل الفجوة بينهم، وفى هذه الحالة يطرح البنك المركزي مزادات ودائع للبنوك بأسعار فائدة مجزية حتى تذهب للقروض، بمعنى أن ضرورة تجميع المدخرات ليس مطلوباً منه أن يصب فى قطاع الإنتاج، رابعاً: الاعتماد على القطاع الخاص فى النمو، فى معدلات إقراض إنتاج القطاع الخاص ومعدلها من الناتج المحلي الإنتاجي ينخفض من 14.3% إلى 8.3%. مؤكدة أن الصندوق يعترف أن هذه السياسيات انكماشية وهذا يعني أن الاقتصاد والاستثمار سوف ينكمشا. وأشارت، أن هذه السياسات لابد وان يلتزم بها البنك المركزي، والالتزام يقيد بشدة القروض التي يمنحها للحكومة، ولفتت "العنتري"، أن فى ديسمبر الماضي حُول250 مليار جنيه لسندات وأوراق مالية، وهذا الرقم يتعهد أن لا يزيد على 75 مليار جنيه حتى نهاية يوليو، وهذا ما يشرف عليه البنك الدولي فى بعثته للمصر الفترة المقبلة. وكل هذه الأسباب تجعل الحكومة تلجأ لأسواق المال الدولية، وهي دفعة جديدة للديون الخارجية، وتوسع مصر للاقتراض من الخارج. والتعهد الرابع، الذي قدمته مصر ذكرت فيه: خلال فترة البرنامج تطرح أصول فى البورصة، وحصص أقلية بدءاً من 1% إلى 49%، توازي خلال الثلاث سنوات بمبلغ 5 مليارات دولار، وهناك خمسة شركات معروضة "البترول والغاز، وشركة البترو كابيتز، وقطاع البنوك والخدمات المالية، وقطاع مواد البناء، والقطاع العقاري"، وأوردت "الخبيرة الاقتصادية"، أن هناك جزءًا من التعهدات التي قدمتها مصر وهو إصلاح قطاع الطاقة، والهيئة العامة للبترول، وفى مارس المقبل سوف تعلن مصر عن إصلاح هذه القطاعات. وتساءلت هل الاقتصاد الذي يقوم به الجيش يعد بديلاً للاقتصاد المصري بشكل عام؟. بدائل الاقتراض و طرح الدكتور"محمد نور الدين" الخبير الاقتصادي، عدة بدائل تنموية فى إطار سبل الخروج من الأزمة، وذلك ببناء دولة صناعية متقدمة مستقلة، تقوم على رفض قرض صندوق النقد الدولي والشروط المرتبطة به التي تعمق التبعية وتساهم فى نهب فائض البلاد منها: أولا: تعبئة فوائض الموارد من أجل التنمية وتحسين ظروف حياة الأغلبية الفقيرة بتحميل عبء الأزمة الاقتصادية على عاتق الأغنياء وليس على عاتق الفقراء، وذلك عن طريق العودة للضرائب التصاعدية، كما كانت فى مصر حتى عام 2005. ثانيا: وقف جميع الواردات الاستهلاكية الترفية التي تستهلك نسبة ضخمة من إيرادات الدولارية وتسبب عجز ميزان المدفوعات. ثالثاً: البدء بسياسة تضع تطويراً فى الإنتاج الصناعي والزراعي بدلا من إتباع البنك الدولي حول أولوية المرافق من أجل تهيئة المناخ للاستثمار الأجنبي الذي لا يأتي أبدا، ولا ينهض فى أي مثال تاريخي للدول التي عبرت إلى الدول الصناعية ذات الهيكل الإنتاجي الراقي والمتكامل إلا بمشاركة فعالة من الدولة. ويأتي فى مقدمة واجب التصنيع إحياء مصانع القطاع العام شبه المتوقفة والتي تعمل بنسبة بسيطة من طاقاتها، وتحرمها الحكومة حتى من ضمان إعطاء القروض الضرورية لحل مشاكلها بضمان الحكومة لكي تبقى ودائع البنوك حلال للمستوردين وللمستثمرين المحليين والأجانب، فضلاً عن بناء المرافق الأساسية اللازمة للهيكل الإنتاجي القديم والجديد لكي تحمل عبئها على المشروعات الإنتاجية التي تسهل إنتاجها بدلا من عملها على حساب الاستدانة الداخلية والخارجية، على أن يكون هدف السياسة الإنتاجية إشباع الاحتياجات الأساسية للجمهور من سلع زراعية وصناعية وزيادة نسبة الاعتماد على الذات تدريجيًا فى الغذاء والمصنوعات، والنهوض بالهيكل الصناعي لكي يصبح هيكلاً متكاملاً (ذو ترابطات أمامية وخلفية) يجمع بين الصناعات الثقيلة (صناعة الآلات) والصناعة الخفيفة (صناعة سلع الاستهلاك) والصناعات ذات التكنولوجيا المتقدمة واقتحام المجالات المختلفة للثورة العلمية والتكنولوجية من كمبيوتر وإلكترونيات وهندسة الفضاء واستخدامات الطاقة الذرية سلميًا والهندسة الوراثية. رابعاً: تعديل جذري فى السياسات النقدية الحالية عن طريق جعل الجنيه المصري سيدًا فى بلده وهو العملة الوحيدة القابلة للتداول فى الداخل، وإلغاء شركات الصرافة، وإلغاء حيازة الأفراد للعملة الأجنبية، ومركزة العملة الأجنبية عن طريق البنوك بإشراف البنك المركزي ووضع سياسة للأولويات الاستيرادية للاحتياجات الأساسية للجمهور، وفى حدود المتاح من عملة صعبة، ورقابة الدولة على الصرف (للعملة الأجنبية) ورقابتها أيضا على التجارة الخارجية، حتى قوانين منظمة التجارة العالمية تسمح بذلك وقت الأزمات، بدلا من سياسات الوزيرة التي تدعو لإعلان إفلاس مصر أو إفلاس مؤسساتها، بالإضافة لإتباع سياسة مرنة فى سعر الفائدة بما يعود إيجابيا على تمويل الصناعة والتوسع دون تضخم، ومنح الأولوية للتصنيع. خامساً: تعديل جذري فى السياسات المالية بزيادة الإيرادات من الضرائب المباشرة التصاعدية، وزيادة الموارد السيادية بحسن استغلال ثروات المحاجر والمناجم دون فساد وسوء إدارة، وزيادة الموارد الناتج من تطوير الزراعة والصناعة مع زيادة حد الإعفاء الضريبي لكي يعفى كل من هم تحت خط الفقر الحقيقي، مع تقليل الإنفاق الترفى بحد أقصى للمرتبات، وتقليل الامتيازات العينية لكبار الموظفين من سيارات متعددة وخلافه، وإصلاح ومحاربة الفساد البيروقراطي تحديداً باللجوء إلى الرقابة الشعبية، والحد من اتجاه القضاء على عجز الموازنة. سادساً: تنمية القوة البشرية عن طريق التعليم والتدريب والحفاظ على الصحة مع البدء بتنفيذ الاستحقاقات الدستورية حول نسبة الإنفاق على التعليم الجامعي وقبل الجامعي والصحة والبحث العلمي، ورفض السياسات التقشفية على احتياجات الجماهير وحقها فى التعليم والصحة مع السياسات شديدة السخاء على الأغنياء والمستثمرين بالإعفاءات الضريبية، ورفع الدعم عن الطاقة للمواطنين وبقائها للمستثمرين. سابعا: العودة إلى اتفاقيات التجارة والدفع، فتبادل السلع مباشرة يقلل الاحتياج للعملة الصعبة وينمى الإنتاج والصادرات، وقد تمت تجربته من قبل فى بلادنا مع روسيا والهند وغيرهما وأثبت نفعه فى مثل حالتنا. البيروقراطية وفى سياق متصل أوضح "هاني الحسيني" الخبير الاقتصادي، أنه لابد من ضرورة الاعتماد على المصادر المحلية، وعلى رأسها ضرائب الدخل على الثروة ومعاملات البورصة، والنشاط العقاري للحد من الأضرار الناتجة عن القرض، وأضاف إلى هذا ضرورة مواجهة التهرب الضريبي، وهذا المصدر وفى حالة تنفيذه بحسم سوف يقلل عجز الموازنة بشكل كبير، مؤكداً أن الحكومة إذا أخذت بهذه البدائل يمكن أن تلغي اتفاقية صندوق النقد، وتكتفى بشريحة واحدة، وهذا ما ورد فى الاتفاقية. وتابع "الحسيني" أن الدولة لا تستعين بالخبراء ولا تقوم بطرح الحلول القابلة للقياس والتطبيق، وهو ما يسمي بالفكر والثقافة "البيروقراطية" وقد ترجع لأسباب شخصية.. إنها إذن صحوة جديدة من الخبراء جاءت فى شكل اراء وتنظيم فعاليات خاصة الفعالية التي نظمها الحزب الاشتراكي المصري وحضرها قيادات حزب التجمع بقيادة رئيس الحزب سيد عبدالعال، وأيضا هاني الحسيني ومحمد فرج، فهل ستستيقظ الحكومة أم انها تواصل سماعها لهذه الآراء الوطنية لكن بودن من طين والأخرى من طين أيضًا؟.