تعتزم وزارة التربية والتعليم، تطبيق نظام "البوكليت" أو الكراسة الامتحانية بامتحانات الثانوية العامة، وهو نظام تكون فيه الأسئلة والإجابات فى ورقة واحدة عبر نماذج امتحانية مختلفة " أ- ب-ج- د"، للحد من إمكانية تسريب الاسئله والغش بالإمتحانات، وأكدت الوزارة أن هذا الاجراء ليس تغييراً فى نظام الامتحانات أو نوعية الأسئلة، وإنما يعتمد على دمج الأسئلة مع كراسة الإجابة، فيما احتج الطلاب على هذا النظام وقاموا بتنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة التربية والتعليم، مطالبين بإلغاء القرار وتطبيقة بداية من العام القادم. ويري بعض خبراء التعليم، أن تطبيق نظام "البوكليت" لن يمنع الغش ويضر بالهدوء المطلوب للعملية الامتحانية بمرحلة الثانوية العامة ويتسبب فى ارتباك الطلاب، خاصة مع تطبيق القرار بمنتصف العام الدراسي، بينما يري آخرون أنه خطوه إيجابية للحد من الغش وتسريب الامتحانات الذى قد يؤدي الى إهدار مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب.. وإلى التفاصيل: يري د. محمد يحيى ناصف "رئيس شعبة المعلومات التربوية للمركز القومي للبحوث، إن تطبيق "البوكليت" فكرة جيدة وجاءت خصيصاً للحد من الغش فى امتحانات الثانوية العامة، وتعتمد هذه الآلية على توزيع جزئيات الأسئلة على عدة صفحات بدلًا من صفحة واحدة أو اثنتين كما هو معتاد، بما يغطي أكبر قدر من المنهج وبالتالي تكون الدرجة المعطاة لكل سؤال منخفضة. مضيفاً، أن الاسئله التى يتضمنها "البوكليت" يجب ان تكون مشتقة من بنك اسئلة قائم على اختبارات موضوعية وتم قياس السهولة والصعوبة للمفردات فى هذه الاسئلة وتم تجريبها فى واقع العمل وتدريب الطلاب عليها. وأشار ناصف، إلى وجود وسائل متعددة يمكن ان تحد من تسريب الامتحانات، منها الاستعانة بأجهزة التشويش التى تعمل على تعطيل اجهزة المحمول باللجان الامتحانية خلال مدة الامتحان، بالاضافة الى التفكير خارج الصندوق وتطبيق الاختبارات الالكترونية التى تساعد على توفير الوقت والجهد والتكاليف. لا يمنع الغش بينما يري أيمن البيلي "ناشط تعليمي"، أن نظام ( البوكليت) القائم على إجابة الطالب على الاسئلة فى نفس الورقة مع اختلاف ترتيب الاسئلة، لم يمنع الغش ولايمكن أن يمنع الطالب المتواصل مع من خارج اللجنة بأى من أجهزة التواصل التكنولوجية ويتم تسريب الامتحان. مضيفاً أن منظومة الامتحانات فى مصر تعد منظومة تقييم "رجعية" وليست متطورة، وتعبر عن واقع مترد للتعليم المصرى ككل فى ظل بيئة تعلم طاردة داخل المدرسة الحكومية سواء من حيث نقص الخدمات اوضعف مستوى المعلمين وعدم تطوريهم بالتدريب على طرق التعلم الحديثة، بالاضافة الى فقدان ثقة المجتمع فى التعليم الحكومى ومركزية الادارة، وعدم تطوير المناهج. واكد البيلى، أهمية معالجه ظاهرة الغش بشكل علمى ودراسة الابعاد الاجتماعية والتعليمية والتربوية والاقتصادية، التى حولت بشأنها سلوك الغش الفردي الى سلوك جماعي واصبح ظاهرة تهدد مبدأ تكافؤ الفرص وتضر بمنظومة القيم. تطوير المنظومة ويري د.سامي نصار "أستاذ التربية بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة" ان تطوير امتحانات الثانوية العامه تتوقف على تطوير المنظومة التعليمية ككل، فالطلاب لايذهبون للمدرسة ولا يوجد تعليم بالمدارس، بالاضافة الى ان الغش يتم بشكل او بأخر اثناء العام الدراسي فقد يأتي امتحان آخر العام من الامتحانات التى تدرب عليها الطلاب طوال العام دون قياس للفهم ولا للقدرات العقلية العليا. مضيفاً ان كلمة "بوكليت" تصغير لكلمة كتاب باللغة الانجليزية، بمعنى أن الامتحان سيحتوى على عدد كبير من الاسئله فى وقت زمنى محدد بما يساعد على تقليل الغش، موضحاً ان المشكلة الرئيسية تكمن فى اننا نفكر بطريقة لا تتناسب مع التقدم العلمي الموجود فى العالم، فضلا عن ان هذا النظام يتطلب تدريب الطلاب عليه قبل تطبيقه. ولفت نصار، الى ان جزءا من تطوير منظومة الامتحانات ان يكون الامتحان غير مركزي، بحيث تكون كل محافظة لها امتحانها الخاص بها مع مراعاة ان تكون الاسئلة متكافأة فى سهولة وصعوبة امتحان كل محافظة، بالإضافة الى ان يكون الامتحان ليس المقياس الوحيد لقياس قدرات الطالب وإنما يشمل درجات على الحضور والانضباط والمشاركه فى الحياة المدرسية والانشطة ووجود امتحانات مؤهلة للجامعات يقوم بوضعها المجلس الاعلي للجامعات. طرق التدريس ويري د. صلاح عبد السميع "أستاذ المناهج بجامعة حلوان" أن تطوير طرق التدريس وتطوير المناهج بما ينمي مهارات التفكير، تعد أمورا لها الأولوية من تطبيق البوكليت او النظم الاختبارية المختلفة، بالاضافة الى تأسيس بنيه تعليمية وتربوية حقيقية، وإعادة النظر فى اختيار قيادات المدارس. مضيفاً، أن الغش بالامتحانات له أسباب عديدة من بينها الفساد وغياب الرقابة والادارة والمحاسبة التى قد تدفع بعض المدرسين الى تسهيل عملية الغش، بما يتطلب توافر الحماية الامنيه للمدارس وقت الامتحانات، والعمل على تربية الخلق والاصلاح الاداري وتطوير المقررات الدراسية وتنوع اسئلة الامتحانات ما بين سؤال يقيس الفهم واخر يقيس تحليل الطالب للمعلومة التى درسها وآخر يقيس التطبيق. وأكد عبد السميع، أن الدولة يجب ان تتصدى لانتشار الغش بما يؤثر سلباً على المجتمع، وان يكون هناك سياسة عامة للتعليم، ويكون اصلاح التعليم الثانوي جزءا من هذه السياسة. الحفظ والتسميع ويري د.طلعت عبد الحميد "أستاذ التربية بجامعة عين شمس" أن نظام البوكليت جزء من منظومة تكرث التسميع والحفظ وليس الفكر والابداع، وبالتالي فإن جهود تطوير التعليم تعتبر "حركة فى المحل"، حيث نعاني من نقص الفكر وليس فقر الموارد. مضيفاً، أن التعليم لدينا ينمي عقلية أحادية الفكر، لا تستطيع أن تري أطيافا أو اتجاهات اخري، ويكون ذلك بداية الفكر المتطرف الذى لا يقبل رأي الآخر، بالاضافة الى ان وزارة التعليم لدينا تعد وزارة امتحانات وليست وزارة تربية وتعليم، فمعظم المدارس لا يذهب الطلاب اليها خاصة بالصفوف النهائية سوي للإمتحانات. مطالباً بتشكيل هيئة أو مفوضية مستقلة عن وزارة التعليم، تضم خبراء فى التخطيط التربوي، تضع الخطط والاستراتيجيات، وتضع الوزارة البرامج التنفيذية لهذه الخطط، بالاضافة إلى تنوع مصادر التعلم بحيث تكون غير مقصورة على الكتاب المدرسي فقط، والاستعانة بالتعلم الإلكتروني.