وأخيرا وبعد فوات الأوان أدرك السادات خطر جماعة الجهاد، ففى 2 سبتمبر 1981 (4 من ذي القعدة 1401ه) أصدر الرئيس السادات القرار الجمهوري رقم 493 لسنة 1981 والذي تضمن التحفظ على 1536 شخصا كان من بين من شملهم القرار كرم زهدي وناجح إبراهيم وفؤاد الدواليبي وعلي الشريف وعصام درباله وعاصم عبد الماجد وأسامة ابراهيم وحمدي عبد العظيم وطلعت فؤاد قاسم ورفاعي طه ومحمد طالب وهمام عبد الرحمن وعثمان خالد (ومن المثير للدهشة أن اغلب وربما كل هذه الاسماء من قيادات الجماعة بالصعيد والأكثر اثارة للدهشة انها لا تتضمن القادة الحقيقيين للجماعة،وخاصة محمد عبد السلام فرج وعبود الزمر.. إلى درجة أن البعض قد تشكك فى قيادات الداخلية التي تركت هؤلاء الذين دبروا واشرفوا على تنفيذ عملية اغتيال السادات) وفى الساعة الرابعة من صباح يوم 3 سبتمبر تحفظ النقيب محمد لطفى السيد ضابط أمن الدولة بقنا على طلعت فؤاد قاسم، وهنا انتبه التنظيم متأخرا جدا ايضا فاجتمع باقي أعضاء مجلس شوري التنظيم فى الصعيد فى منزل احمد سليم خليفة بالغنايم وحضر الاجتماع ابو بكر عثمان ومحمود فرج دسوقي واثناء وجودهم فى هذا المنزل حضرت قوات فى الثامنة مساء يوم 6 سبتمبر وتمكن الرائد ممدوح مقلد من القبض على صاحب المنزل، وهرب الباقون إلى الجبل، ومن جهة أخري تمكن المقدم حسن عبدالرحمن بأمن الدولة من ضبط نبيل المغربي ومعه حقيبة بها 2 رشاش بورسعيد، وكان ذلك يوم 25 سبتمبر اي قبل علمية الاغتيال بعشرة أيام. وفى نفس الوقت هوجم منزل عبود الزمر فاختفى عبود الزمر ومحمد عبدالسلام فرج. وصدرت التعليمات لجميع الاعضاء بحلق اللحية والهروب من منازلهم مع مداومة الاتصال فيما بينهم، وهنا (وهنا فقط) اتخذ القادة قرار البدء الفوري فى تحقيق عملية اقامة الدولة الإسلامية، ومن ثم اغتيال الرئيس السادات، وفى 23 سبتمبر وقع الاختيار على الملازم أول خالد الاسلامبولي للاشتراك فى طابور العرض يوم 6 اكتوبر وبتاريخ 25 سبتمبر توجه الاسلامبولي لمقابلة محمد عبد السلام فرج وفيما يتحادثان عن وجوب تمكين شرع الله قال الاسلامبولي لمحمد عبدالسلام خبر مشاركته فى طابور العرض وأعرب عن رغبته فى اغتيال السادات فى منصة العرض وانه فى حاجة لعون ثلاثة أو أربعة أفراد لمساعدته وتدبير القنابل والذخيرة اللازمة ورحب محمد عبدالسلام فرج بالفكرة وقرر تنفيذها. (ونتوقف لنكتشف أن اجراءات ترتيب الاغتيال لم تبدأ إلا فى 26 سبتمبر، وأن الترتيبات كانت متعجلة وساذجة) ففى ذات اليوم توجه محمد عبدالسلام فرج وزوجته وعبدالناصر دره إلى منزل خالد الاسلامبولي وإلي هناك استدعي محمد عبدالسلام فرج الاخ صالح جاهين وأبلغه بالمخطط، وطلب منه تدبير الذخيرة والقنابل. (وهذا خطأ أمني فادح يدل على عدم الخبرة الأمنية فالمسئول الأول فى الجماعة يذهب ليقيم فى بيت الضابط الذي سيغتال الرئيس)، ثم وفى 26 سبتمبر انتقل محمد عبدالسلام فرج للاقامة عند عبدالسلام عبد العال صديق الاسلامبولي وصهره. وفى يوم 28 سبتمبر حضر كرم زهدي وفؤاد الدواليبي وعاصم عبد الماجد واسامة حافظ إلى ذات المنزل (وهذا خطأ أمني فادح أيضًا فقيادات الصعيد وجميعهم مطلوب القبض عليهم يجتمعون مع أمير الجماعة ومدير عملية الاغتيال محمد عبد السلام فرج) وبعدها حضر خالد الاسلامبولي ونوقشت خطة الاغتيال ووافقوا عليها، وبعد ذلك أبلغهم محمد عبدالسلام فرج أنه سيقوم بواسطة مجموعات القاهرة والجيزة بمهاجمة مبني الاذاعة والتليفزيون وغرفة عمليات القوات المسلحة والسنترالات وقيادة الامن المركزي وغرفة عملية وزارة الداخلية بهدف السيطرة على مدينة القاهرة. على أن يقوم أعضاء التنظيم بالصعيد بالسيطرة على مدينة اسيوط بمجرد سماعهم صوت الأعيرة النارية وانقطاع الارسال ثم يزحفون على محافظات الوجه البحري للسيطرة عليها ووافق الجميع على الخطة، وبناء على ذلك سافر كرم زهدي وفؤاد الدواليبي وعاصم عبد الماجد إلى اسيوط، وتركوا اسامة حافظ بالقاهرة لمتابعة الموقف. وفور وصول الثلاثة إلى أسيوط اجتمعوا مع عصام دربالة وعلي الشريف وحمدي عبد العظيم وناجح إبراهيم وبدأوا معا فى ترتيب تنفيذ المهام المنوطة بهم، وفى القاهرة التقي خالد الاسلامبولي مع عطا طايل حميده وحسين عباس وعبد الحميد عبد العال، وعرض عليهم مشاركته فى عملية اغتيال السادات والخطة المطلوب تنفيذها فوافقوا على ذلك، ومن جهة أخري أرسل محمد عبدالسلام فرج رسالة شفوية مع صالح جاهين إلى طارق الزمر بخطة اغتيال السادات اثناء العرض العسكري لكي يقوم بإبلاغها إلى عبود الزمر، وبحس أمني مختلف عن اندفاع هؤلاء المبتدئين اعترض عبود على التعجل بذلك خشية اكتشاف أمر التنظيم، لكنه عاد فوافق عندما أبلغ بتصميم محمد عبدالسلام فرج على التنفيذ وأن القائمين بالاغتيال سوف يستشهدون حتما برصاص الحراسات ومن ثم لن تظهر علاقتهم بالتنظيم. وبمثل هذه السذاجة المتبادلة.. سذاجة النظام الساداتي وسذاجة قادة جماعة الجهاد تمت عملية الاغتيال بعد أن تغلبت سذاجة قادة الجماعة على سذاجة السادات ونظامه.. ونجحت عملية الاغتيال. فكيف حدث ذلك؟ ونواصل