بينّا في الحلقات الثلاث الأول، المعضلات التي واجهت الجماعة والمنهج الذي يكاد أن يعصف بها، وذلك فيما يتعلق بالخلاف بين القادة التاريخيين على المنصب، أو اختيار القادة التي قصروها على منطقة الصعيد، لكن أخطر الأمور التي دبت في الجماعة هي الخلاف على الأصول والثوابت التي كانت من المسلمات والبديهيات، فكما أن الخلاف على المنصب الذي حدث بعد خروج القادة من السجون عصف بناجح ابراهيم، وكرم زهدي، وفؤاد الدواليبي، وعلي الشريف، على الرغم دعوتهم أنهم مازالوا قيادات الجماعة الاسلامية، وكذلك الخلاف المنهجي والحركي يكاد أن ينهي الحركة تماما. من أخطر هذه الخلافات، الخلاف الذي أثاره عاصم عبد الماجد الذي هدد بالاستقالة بل قيل انه كون حزبا دينيا جراء ذلك، وهو ما تعلق بمحاصرة بيوت القضاة والاعلاميين إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، على غرار ما طالب به الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل، هذا الخلاف بين عبد الماجد ومجلس الشورى أحدث جلبة كبيرة وتناقلته وسائل الاعلام لكن لثقل وضع عبد الماجد لم يتم فصله من الجماعة نظرا لكثرة مؤيديه ففصله يطيح بالجماعة مبكرا خاصة ان هناك من يؤيد فكرته من القيادات لكن لا يظهرون ذلك . كما أثار الخلاف حول الرئيس المعزول محمد مرسي جدلا واسعا داخل الجماعة الإسلامية.. فقد دعا الزمر لانتخابات مبكرة بينما اكد اشرف توفيق انهم مستمرون في اعتصام "رابعة ، واتهم القادة التاريخيون بانهم بعيدون عن الواقع، ولا وجود لهم في الحياة السياسية في هذه الآونة. ايضا من الخلافات القوية الخلاف بين "الزمرين" عبود الزمر وطارق الزمر، وهو ليس خلافا شخصيا بل خلاف في الراي متعلق بمقتل السادات، يهمنا في هذه النقطة ان نرجع بالتاريخ للوراء قليلا حول عملية قتل السادات فقد كان هناك شبه اجماع على مقتل السادات بل كان هناك مباركة من كرم زهدي نفسه رئيس الجماعة الذي انكر هذا الامر بعد ذلك. -عبود الزمر وطارق الزمر من ابرز قيادات الجماعة الاسلامية الان وكانا من قيادات الجهاد بعد الفصل الذي حدث بين الجماعتين بعد مقتل السادات وبعد دخول السجون فقد انقسم العاملون في الحركة الاسلامية الى جماعتين رئسيتين الجهاد الاسلامي والجماعة الاسلامية بسبب خلاف في الفكر والتوجه والعمل لكن بعد فترة من الزمن عاد الزمرين الى الجماعة الاسلامية وكان لعودتهما صدى واسع وترحيب كبير بين مؤيدي الجماعة وقادتها- . وقد أشعل حدة المعركة أكثر كرم زهري -مؤسس الجماعة- بعد تأكيده خلال حوار صحفي علي ندمه على قتل الرئيس الراحل أنور السادات، وتأكيده أن تعليماته لخالد الإسلامبولي لم تتجاوز إلقاء بعض قنابل الدخان للضغط علي السادات لإطلاق سراح رموز الجماعة، في ظل اتهام زهدي لعبود الزمر والاسلامبولي بخداع الجميع وقتل السادات. هذه الرواية من زهدي أنكرها المهندس أسامة حافظ -نائب رئيس مجلس شوري الجماعة الإسلامية- قائلاً: "للتاريخ عبود الزمر كان معترضًا علي قتل السادات وحاول منع الجماعة من ذلك، وحضرتك الذي ضغطت عليه ليوافق"، وذكر حافظ، زهدي، باجتماع 28 سبتمبر في منطقة صفط اللبن، وما تم خلاله من إصرار زهدي علي قتل السادات ليدرك الجميع أن الإسلاميين قادرون علي قول "لا" للحاكم. كذلك انكر القيادي في الجماعة أبو العلا عبدربه الهارب في تركيا ، والذي اتهم بقتل الكاتب والمفكر فرج فودة، مزاعم زهدي قائلاً: "عندما يكذب الرجل ويتحرى الكذب بل ويصر عليه فاعلم أنه على ضلال، وحتى يكتب عند الله كذابا". في النهاية، الخلافات موجودة في أي حركة او تنظيم سياسي، طالما انه خلافا في الراي يمكن تداركه، لكن أن يكون خلافا في الأصول والثوابت والفكر الذي قامت عليه الحركة فهذه هي الآفة التي فشل في استيعابها القائمون على الجماعة منذ البداية، فقد أثرت على عقليتهم فكرة تمجيد القادة واختاروا من يُخدّم عليهم دون النظر الى صاحب الرأي والحكمة، وحركت كثير منهم أهوائهم حتى تفرقوا واختلفوا .. ولم تستطع الجماعة أن تكون صاحبة المنهج الوسطي الذي يدهوه افرادها، ولم تكن في ركاب جماعة الاخوان المسلمين ليكون لهم تاريخ في الحكم ..فلا هم طالوا بلح الشام ولا عنب اليمن وسيكونون في المستقبل أثرا بعد عين .. انتهى