كل سنة وأنت طيبة ياأمي.. كلمة تحجرت داخل صدري كلمة طوتها أحزاني كلمة حركت شجوني فخرجت من مقلتي دموع. بعد أن تبخرت علي لساني. كانت أمنية أن أرفع سماعة التليفون وأقول كل سنة وأنت طيبة يا أمي فكنت أستحضر الكلمة داخل قلبي فأصنع حروفاً من دمائي وأزينها بوجداني فازينت الكلمة بأحاسيسي ومشاعري. واستعد قلبي ليدفعها علي لساني.. فتحشرجرت في صدري ولم تصعد لقلبي.. فقد فارقتني من كنت علي شوق لأقول لها كل سنة وأنت طيبة يا أمي. تيتمت.. اصبحت يتيماً واليتم لمن في سني.. فقدان الأم فقدت الحنان. العطاء فقدت الأصل الذي كنت جزءاً من جسدها. ومشاعرها ودمائها.. تيتمت..صرت يتيما.. اصبحت أسيراً مطأطأ الرأس مكسور الجناح محطم الفؤاد تتقاذفني المصاعب. الأهوال. ولا سند ولا معين. ولا قلب يأخذني خليل. كنت أتمني في هذا العام بالذات.. أن اشتري هدية ثمينة.. أحملها وأطير بها في سيارتي واستمع لأغنيتها "ست الحبايب" كنت أتصور وأن أحمل الهدية ويقوم عفريت سليمان بتوصيلها إليها قبل أن يرتد إلي طرفي تصورت وأنا أصعد اليها أقبل يدها. أضع هديتي تحت قدميها.. فأستحوذ علي دعائها لكن فارقتنا "ست الحبايب.. فضاعت الأحلام والآمال". ماذا أفعل يوم عيدك يا أمي؟! سأنزوي وحدي وأصم أذني عن سماع أغنيتك المفضلة "ست الحبايب" سأترك لدموعي العنان. فتروي وجهي بالدموع لعل الدموع تزيل ما لحق بي من لوعة لعل الدموع تحرك لساني فتتبدل الكلمات عليه وتتحول من "كل سنة وأنت طيبة يا أمي" إلي "الله يرحمك يا أمي". سيكون يوم "عيد الأم".. يوم الدموع.. يوم اللوعة والألم. واستحضر الذكريات استعيد أيامي الجميلة. والحضن الدافئ. والمشاعر الفياضة والعطاء الواسع كاتساع الوجود فقد تحطمت الحصون داخل صدري.. ولم يعد إلا هذه الأطلال أعيش عليها ما بقي لي من عمر. سأترك الجميع يفرح.. يبتهج.. يمرح بحنان "ست الحبايب" أما أنا.. سأنزوي جانباً حتي لا يروا الدموع في يوم عيدها.. حتي لا يروا وجهي العابس المحطم فلست ممن يجلب الشفقه لنفسه لكني لا أحب أن انقص من فرحة الفارحين. وبهجة المبتهجين. إن فراق الأم.. فراق للروح. ولكيان الإنسان في الانسان. بعد أمه جسداً بلا روح كيان بلا وجدان.. وهكذا مصيرنا في الحياة.