ولد الهدي فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وسناء أشرقت نورا نيتك يا رسول الله علي الكون تبعث فيه الحياة وتتدفق عليه الرحمات تقود الإنسانية إلي عبادة الله الواحد الذي لا واسطة بينه وبين البشر يدعونه فيستجيب لهم يحررهم من عبودية العباد وعبودية الأصنام إلي عبودية الواحد القهار القائل "ولقد كرمنا بني آدم" وقال "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ويقول صلي الله عليه وسلم "لا فضل لعربي علي أعجمي ولا لأبيض علي أسود إلا بالتقوي وكلكم لآدم وآدم من تراب" فلا يشعر الإنسان بالمهانة أمام إنسان مثله ولا بدونية أمام أي من البشر ذلك ان الخالق العادل سوي بينهم جميعا وكرمهم بالعقل وعدل بينهم في كل شيء تقول وقولك الحق "الناس سواسية كأسنان المشط". ان من يتصدي للكتابة عن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يتحير.. عن أي صفة جليلة عظيمة يكتب : هل يكتب عن استفاقة الكون بمبعثه للبشر يهديهم إلي كرامتهم وعزتهم ومكانتهم لدي خالقهم : هل يكتب عن هذا الأمي العظيم البليغ الذي لا يدانيه أحد في بلاغته وفصاحته حتي ولو كان أكثر الناس علما وحكمة هل يكتب عن هذا الأعزل الذي تحدي أمة جبارة لم تلن لغير غوي جبار مسيطر متوحش في طغيانه. هل يتحدث الكاتب عن عبقريته السياسية التي قاد بها الأمة الاسلامية ووضع مناهج نظام الحكم العادل الذي أسس لحرية الناس وكرامتهم وزرع العدالة والاستقامة في نفوسهم بمنهجه القرآني العظيم وحد الأمة وآخي بين الناس علي تنافرهم وتباينهم "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" هل يتحدث الكاتب عن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعبقريته الحربية ومواجهة الأعداء بتخطيط وتدبير محكم فيتحقق النصر عليهم ويدحر شرهم.. لم يواجه إلا معتد ولا يقتل إلا حامل سيف يشهره في مواجهة الدعوة الاسلامية ويستعبد الناس من دون الله فيتصدي المسلمون بقيادة سيدنا رسول الله دون أن يمس امرأة أو طفلا أو كهلا أو مسالما لا يقطعون زرعا ولا يحرقون منزلا ووصاياه صلي الله عليه وسلم إلي المحاربين المسلمين في ذلك لا حصر لها . هل نتحدث عن إنسانيته وعطفه علي الضعيف والصغير وذي الحاجة والمريض. صفات لا حصر لها ومناقب عديدة لا يمكن أن يأتي عليها كاتب في مقالات محدودة.. إنما نكتفي في هذه الكلمة بالحديث عن بعض توجيهاته الخلقية التي أنارت للبشر طريقهم في دروب الحياة وتنم عن رقي وتحضر سبق به العالمين وتوثق حسن الخلق ونبل المسالك وطهارة النفس والرأفة والحنان والمشاركة في بناء حياة الانسان ورقيه المنشود في الاسلام. قال صلي الله عليه وسلم "تبسمك في وجه أخيك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وارشادك الرجل في أرض الضلال صدقة وإماطتك الأذي والشوك والعظم عن الطريق صدقة وافراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة وبصرك للرجل الردئ البصر صدقة". أرأيتم عبقرية التوجيه وعظمة حسن الخلق والدعوة إلي انسياب مكارم الأخلاق في نفوس البشر وزرع البهجة في كل تصرفات الإنسان مع الانسان أو مع الماديات حوله. أرأيتم أشد تأثيرا في إشاعة البسمة في وجوه الناس والتقائهم بالبشاشة والرضا من قوله صلي الله عليه وسلم.. هل رأيتم دفعا إلي التكافل والتعاون وتلاحم الناس مع بعضهم البعض أعظم من ذلك وأصدق في التعبير من هذا الحديث الشريف ولضيق المساحة سنقصر القول عن فضيلتين اتيا في الحديث : تبسمك في وجه أخيك صدقة. هل تتذكرون أو تتخيلون عندما تقبل إلي احدي مصالح الدولة لتقضي أمرا يهمك فيلتقيك الموظف المسئول بوجه متجهم عبوس وبعين غاضبة تبعث ضررا وصوت مخيف ينهرك ويلقي عليك أمرا بأن تمر عليه غدا "فوت علينا بكرة" دون أن يقضي لك مصلحة تهمك لا يؤديها غيره وقد التزمت بكافة القواعد المطلوبة للحصول عليها وسددت قيمة التكاليف الرسمية بشأنها وقد تكون آتيا إليه من أقاصي البلاد لقضاء هذا العمل.. انظر إلي نفسك وقد أصابك الإحباط واليأس. وانظر إلي نفسك أيضاً وأنت تلتقي هذا الموظف متبسما هاشا باشا بك يقضي لك ما تريده أو علي الأقل حين يضيق الأمر يعتذر بلطف وأدب فيخفف من عنائك ويزيل عنك عوادي المشقة والتعب فرق كبير في الأثر النفسي الذي يخلفه أي التصرفين.. وانظر كم يشيع الوئام واليسر والمحبة بين الناس من السلوك الأخير مهما كانت الكلفة التي تحملتها. أما إماطة الأذي عن الطرق فحدث عن اثره في المجتمع دون نهاية.. يخطيء من يظن ان اماطة الأذي عن الطريق هو مجرد أن تزيح حجرا أو تلتقط قشرة موز من طريق الناس.. ان اماطة الأذي عن الطريق يدخل فيه رصف الطرق وانشاء الأرصفة للمشاة وتحديث اشارات المرور فضلا عن انشائها وتنظيم الحركة في الطرق والشوارع حتي يتيسر للناس والسيارات السير فيها.. واصطياد الكلاب الضالة والحيوانات المؤذية وعدم إلقاء القمامة في ناصية الشوارع أو علي جانبي الطريق وإنشاء البالوعات للتغلب علي أمطار الشتاء والإنارة الليلية في طريق المدن وما بينها ووجود رجال الأمن ليل نهار لحفظ الناس من شرور غيرهم إلي آخر هذه الأسباب التي تؤدي إلي وجود شارع نظيف منظم آمن.. هل آخذنا بهذه الوصية البسيطة من وصاياه صلي الله عليه وسلم.. هل تتخيل معي كيف تكون الشوارع والطرق اذا ما طبقت هذه القاعدة الاسلامية الجليلة.. ألا تري معي يا قارئي الحبيب ان الغرب طبق هذه القاعدة دوننا ولم نجد في بلادنا سوي أن نتحاكي عن نظامهم ونظافتهم وسلوكهم الشخصي إن بعض هذه الأعمال لا يستطيع الأفراد توفيرها أو القيام بها مثل انارة الشوارع ورصفها واشارات المرور وتواجد رجال الأمن فلا يمكن أن يؤدي ذلك إلا الدولة ولكن علينا نحن المواطنين المساعدة.. نساعدها بمطالبتها بأداء ما هو مطلوب منها ولا نسكت علي نقص أو اهمال وما الصحف وباقي أجهزة الإعلام إلا وسيلة لتواصل الإدارة مع الشعوب.. نساعدها بالسلوك الشخصي نلتزم بالقواعد التي لا تلحق ضررا بالغير كما ان حقوقا لنا نطلبها ونحرص عليها. علينا أيضاً واجبات نؤديها ولا نتقاعس عن أدائها حتي يتم التكافل والتعاون بين البشر في الوطن الواحد. هكذا يرشدنا الرسول المعلم ويعلمنا الحضارة والرقي. هذه نبذة صغيرة وسريعة عن عبقرية الرسول الذي كان خلقه القرآن وكان قرآنا يمشي علي الأرض ولا تستطيع حصر التوجيهات الرائعة التي امتلأت حياته بها وكانت ترجمة حية لقواعد القرآن الكريم وأحكامه في تنظيم حياة البشر. صلي الله عليه وسلم يا رسول الله.. تملكت قلبي وملأت كياني حبا وتعظيما.. افخر بأني من أحبابك وأشهد بأنك رحمة مهداة وضوءا مبهرا في آفاق الحياة. اعشق كل همسة منك وكل توجيه بعثته للناس يتملكني حب واعجاب وفخر.. من لم يؤمن بك نبيا. لا يملك إلا أن يشعر بإعجازك البشري إذا كان منصفا وبعبقريتك إذا كان عاقلا وبإنسانيتك الفياضة إذ كان ذا قلب واحساس طهور. عليك الصلاة والسلام مادامت الحياة التي أقمتها وأشعت فيها الخير والسلام.