مجلس الوزراء يوافق على استحداث آلية تمويل دراسة وتنفيذ مشروعات بدول حوض النيل    ورشة عمل تدريبية لسيدات سيناء ضمن مبادرة «معًا بالوعي نحميها»    موعد غلق باب التقدم لمبادرة "تحالف وتنمية"    رئيس اللجنة التشريعية بحزب الوفد يكشف ل«الشروق» الرؤية الشاملة للحزب حول مشروع قانون الإيجار القديم    العراق يعزز حضوره الدولي عبر المنتدى العربي-الصيني في الرباط    فرنسا تستدعي سفير إسرائيل للاحتجاج على إطلاق النار صوب وفد دبلوماسي يزور جنين    خارجية الصين: ندعو ترامب للتخلى عن القبة الذهبية ولا نريد الفضاء منطقة حرب    اتحاد السلة يعلن مواعيد نهائي دوري السوبر بين الاتحاد السكندري والأهلي    مصدر ليلا كورة: الزمالك سيشارك في مونديال اليد باعتباره مستضيف    "هناك مشتري اشترط ألا يهبط فريقه".. ماذا قال طولان عن قرار إلغاء الهبوط؟    اتفاقية تعاون بين الزمالك وشركتين لإصدار كارنيهات العضوية    الأمن يكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الشرقية    بعد تلقيه كثير من العتاب.. أحمد السقا يحذف بيان انفصاله عن مها الصغير بعد انتقاده بسبب الصياغة    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    بريطانيا تتعهد بتقديم مساعدات جديدة لغزة بأكثر من 5 ملايين دولار    بريطانيا تتعهد بتقديم مساعدات لغزة بقيمة 4 ملايين جنيه إسترليني    في يومه العالمي- إليك أفضل وأسوأ الإضافات للشاي    تحقيقات موسعة داخل لجنة الحكام لهذا السبب    وزير الرياضة يستقبل بعثة الرياضيين العائدين من ليبيا بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية    غدا.. انطلاق امتحانات الصف الأول الإعدادي 2025 الترم الثاني في القليوبية    بدء حجز 15 ألف وحدة سكنية لمتوسطى الدخل.. لا يقل عمر المتقدم عن 21 عاما ولا يزيد الدخل الشهرى للأسرة عن 25 ألف جنيه أبرز الشروط.. وعدم الحصول على قرض تعاونى والتنازل عن شقة الايجار القديم آليات الحصول على وحدة    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل تهريبها للسوق السوداء بالشرقية    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    أبو قير للأسمدة وموبكو: تلقينا إخطارا رسميا بخفض حصتنا من الغاز لأسبوعين.. وخفضنا الإنتاج 30%    «بالتوفيق لأم ولادي».. منشور طلاق أحمد السقا ومها الصغير يثير الجدل وتفاعل من المشاهير    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟ دار الإفتاء تجيب    بعثة "الداخلية" تتوج خدماتها لحجاج القرعة بزيارة الروضة الشريفة.. فيديو    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    قرار جديد من القضاء بشأن معارضة نجل الفنان محمد رمضان على إيداعه بدار رعاية    بعد ارتفاع الأسمنت إلى 4 آلاف جنيه للطن.. حماية المنافسة يعلق قرار خفض إنتاج الشركات لماذا؟    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    تصعيد دموي جديد في بلوشستان يعمق التوتر بين باكستان والهند    قبل عيد الأضحى 2025.. هل ارتفعت أسعار الأضاحي؟ رئيس الشعبة يجيب    المشاط: مباحثات حول انعقاد المؤتمر الدولي ال4 لتمويل التنمية بإسبانيا    مصرع محامي إثر حادث تصادم بين موتوسيكلين في الشرقية    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    363 شخصا فقط شاهدوه في أسبوع.. إيرادات صادمة ل فيلم استنساخ (بالأرقام)    العثور على جثة حارس عقار داخل وحدة سكنية في قنا    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    قوات الحماية المدنية بالفيوم تنجح فى إنقاذ "قطتين" محتجزتين بأحد العقارات    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تحصد المركز الأول في المسابقة الثقافية المسيحية    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    ضبط شركة سياحية غير مرخصة بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الإعدادية ويكرم المتفوقين رياضيًا – صور    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    وزير الخارجية الأمريكي: لم نناقش ترحيل الفلسطينيين إلى ليبيا    بوتين: نخوض حرباً ضد النازيين الجدد    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكارم الأخلاق فى رمضان: كل العقائد تدعوا إلى التحلي بكل مكرمة خلقية الصيام والأخلاق الكريمة لا يتفترقان.. مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ الإسلام يحثنا على المعاملات الكريمة في أساليب رحيمة
نشر في المسائية يوم 09 - 07 - 2014


كتب: حسين الطيب
مازلنا نعانى من التدنى بل التدهور الأخلاقى الجارف الذى ضرب جنبات المجمتمع المصرى فأصابته فى مقتل حتى أثر هذا الإنهيار سلبا على قوائم وعماد الدولة فأخذ الجميع يبحثون عن مصالحهم دون المصلحة العامة ونسوا أن ديننا الحنيف قد عارض اتخاذ المصلحة الخاصة فوق المصلحة العامة وقدم درء المفاسد على جلب المنافع .. ولآننا فى الشهر الكريم شهر الفضيلة والأخلاق الكريمة حيث المحبة و الإخاء والتعاون وعمل الخير و التزود بالتقوى التى هى خير زاد .. إنه شهرالصوم شهر الإختبار الحقيقى لخقيقة النفس وكشف ستارها ونزع ستار الغفلة عنها فإنك طوال العام تلقى باللوم على الشيطان الذى أصبح المتهم الأول لجميع ماوءنا وسيئاتنا ولكننا فى هذه الأيام الطيبة المباركة تتكشف الحقيقة جلية واضحة فتقف أمام مرآة نفسك لتجدها المسئولة الأولى عن معظم أفعالك ويسقط قناع العفة عنها فتصطدم بالحقيقة المزرية أن نفسك الامارة بالسوء هى التى تقف خلف أفعالك و أخلاق الدنيئة فهل لنا من فرصة جديدة لتقويم النفس و تأديبها وتهذيبها .. ولذا فقد التقينا بفضيلة الشيخ الدكتور الأمير محفوظ إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين رضى الله عنه و عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ليسترسل معنا فى الحديث عن مكارم الأخلاق فى رمضان .
وقد ابتدأ حديثه بالحمد والثناء لله رب العالمين فقال :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد ذي الخُلُقِ العظيم، الذي تشرّف الكون برسالته التي قد حوت من مكارم الأخلاق القدر المُعلَّى.
في البداية لابد من القيام بتعريف مكارم الأخلاق حتى نتصور ما دعى إليه ديننا الحنيف في عقيدته وشريعته وهي (كل صفة اتصف بها الصالحون تعامل الإنسان بها مع الناس معبِّرة عن سريرته وتحسِّن سيرته) وخلق الكمال قد برز من أنبياء الله ورسله الكرام فهم قدوة الخلق في مكارم الأخلاق.
منزلة مكارم الأخلاق في الإسلام
ويؤكد دكتور الأمير على إن مكارم الأخلاق جعلها الإسلام مقصدا عاما من مقاصده الكلية حيث ما أمر بعقيدة إلا ونجدها داعية إلى التحلي بكل مكرمة خلقية، وما شرع شريعة من عبادات أو معاملات إلا وقد دعانا فيها ديننا الحنيف إلى التخلق بكل خلق سني والتخلي عن كل خلق ردي فدعا لأطراف المعاملات بين الناس من صدق وأمانة تضع البركة بين الناس، ولقد دعانا القرآن إلى مكارم الأخلاق فقال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134] وقال: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199] وقال واصفا النبي الخاتم: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].
إن مكارم الأخلاق في الإسلام لها منزلة عظمى إذ لها علاقة قوية بالعبادة المفروضة في الإسلام؛ فإن الصلاة فريضة يومية على المسلم قال عنها ربنا: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ [العنكبوت] فمن غير المتوقع أن يظل المصلى على منكر يفعله كشهادة الزور أو الكذب أو الخيانة، أو حتى يرى منكرا ويدعه من غير نكير عليه، وأراد النبي للمصلي التخلق بالسكينة والوقار فقال أبو قتادة: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ «مَا شَأْنُكُمْ؟» قَالُوا اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلُوا، إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». البخاري كتاب الأذان باب (20) رقم: 638 من حديث أبي قتادة.
ويضيف فضيلة الشيخ الأمير محفوظ قائلاً :إن الصوم فريضة سنوية علاقتها قوية بمكارم الأخلاق وكذلك الحج وهو عبادة في العمر مرة واحدة وكذلك الزكاة كعبادة مالية علاقتها قوية بالخلق، حتى يدرك المسلم قوة العلاقة المرتبطة بين خلقه وعبادته لله رب العالمين فهما صنوان لا ينفصلان.
ولقد دعانا الرسول الخاتم إلى مكارم الأخلاق فقال صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا ، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». الترمذي كتاب البر والصلة باب (55) رقم: 2115، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وهذا الحديث الشريف جمل ثلاث، كل جملة تدعو للتي بعدها فالجملة الأولى: اشتملت على الجانب النظري حيث الأمر بتقوى الله وذلك بمراقبة الفرد الإنساني لله في فعله وتركه وقوله وصمته وبقيمة مراقبة الله يجوِّد الإنسان خلقه، والثانية: الجانب العملي باتباع السيئة بالحسنة من أجل محو السيئات قال ربنا: ﴿إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114] والثالثة: الأمر بالمفاعلة الناجزة والمخالقة مع الناس بالخلق الحسَن الطيب.
ومن ناحية أخرى فقد أخبر النبي عن الأثر الساري لحسن الخلق يوم القيامة، فمن أعظم ما يجازى عليه العبد في الآخرة فينتفع به صاحبه، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم:«مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ» أبو داود كتاب الأدب باب (8) رقم: 4801، واللفظ له، والترمذي كتاب البر والصلة باب (62) رقم: 2134، وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، كلاهما من حديث أبي الدرداء .
. ويتصور حسن الخلق من أمانة وعدل وصدق وحلم ورحمة.. في ميزان العبد فيثقل على كثير من العبادات.
أفشوا السلام
بينما تحدث الدكتور الأمير محفوظ عن الإرتباط الوثيق بين العقيد و الأخلاق فقال : لقد كان النبي يحث على إقامة علاقة قوية بين العقيدة وحسن الخلق من خلال شريعة التحية وإلقاء السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: « لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ: أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ» مسلم كتاب الإيمان باب (24) رقم: 203، واللفظ له، كلاهما من حديث أبي هريرة .
. فربط دخول الجنة بالإيمان، ثم ربط الإيمان باستقرار الحب في قلوب العباد والتودد به بينهم وهنا قيم عديدة منها: قيمة الإيمان المترتب عليها قيمة الحب، والمترتب عليها بالتبع قيمة إفشاء السلام وبالتالي تتحقق قيمة الاستقرار والأمن في المجتمع وهذا ما وجدناه في مجتمع المدينة المطهرة على يد الرسول الخاتمصلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم، منذ أول وهلة قدم فيها المجتمع المدني فقد قال عبد الله بن سلام: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم فَجِئْتُ فِى النَّاسِ لأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ » ابن ماجة كتاب إقامة الصلاة والسنة باب (174) رقم: 1395 من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ.
. واستيضاح بن سلام وجه النبي يدل على فراسته وطلبه الاستيثاق من مدى صدق هذا النبي، ومعنى انجفل أي أقبل، ومعنى (أَفْشُوا السَّلاَمَ) عمموا هذه السنة التي دعاكم إليها دينكم الحنيف، وافعلوا كل ما فيه سلام ومتنعوا عن كل ما فيه قبح يخالف هذا الهدي وذلك السنن.
معاملات كريمة في أساليب رحيمة
وهاهو ذلك النبي الخاتم يدعونا نغلى ممارسة سلوكيات إذا انتهجها المسلمون كانوا متخلقين بمحاسن الأخلاق وهي سلوكيات بسيطة يسيرة وغير متكلفة، فلا تكلف المسلم عظيم نفقة إنفاق لغال أو نفيس ولن يبذل كبير عمل فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلاَلِ لَكَ صَدَقَةٌ وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ» الترمذي كتاب البر والصلة باب (36) رقم 2083. وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
. سلوك التبسم في وجه الآخرين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا سلوك الفرد الإيجابي في مجتمعه مع الحكمة في الأمر والنهي وفق معيار التكييف لكل واقعة ما يناسبها من وسيلة للنصح والإرشاد بمراتبه الثلاث، ومعاونة الرجل في أرض الضلال: أي الأرض التي ضل فيها السبيل، من باب الدال على الخير، وإماطة الأذى والشوكة والعظم من الطريق، وبعد كل سلوك من هذه السلوكيات النبي يقول (لَكَ صَدَقَةٌ) وهذا يدل على أن مفهوم الصدقة في الإسلام ليس هذا العطاء المادي المحض بل هناك عطاء معنوي أخطر هو البسمة وما لها من تأثير فاعل في أنفس البشر.
وإذا أخذنا سلوك التبسم في وجه الآخرين لنرى متى استعمله النبي؟ فإن السنة تدلنا على ذلك فقد قال أَنَس بْنِ مَالِكٍ: كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ؟ (فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ) البخاري كتاب اللباس باب (18) رقم 5869 واللفظ له، ومسلم كتاب الزكاة باب (45) رقم: 2476، كلاهما من حديث أنس.
إن الحديث فيه دلالة على حلم النبي صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم مع الأعرابي السائل، فكيف قابل النبي سوء الطلب بحسن اللقاء ثم أجزل له العطاء، وذلك على مراتب سلوكية ثلاث أبداها رسول الله وهي: الأولى الالتفات للسائل الملحف في سؤاله وكان النبي يلتفت جميعا أي التفت بكل جسمه إظهارا لتعظيم من يخاطبه كما ورد في صفاته. الثانية: الضحك وهو فوق البسمة وكان جل ضحك النبي التبسم. الثالثة: العطاء الجزل السخي.
وندرك الكمال النبوي في معاملة النبي بهذه المراتب الثلاث إذا أدركنا سوء معاملة الأعرابي في ذات هذا الوقت فساء خلقه مع النبي وتعامل الأعرابي بأسلوب فج غليظ وبخشونة طبع متأصلة في الأعراب، لكن آثر النبي أن يلقن الأعرابي درسا فهل تعلمنا ذلك الدرس؟
عموم التعامل بحسن الخلق
ومن بركة حسن الخلق في الإسلام أنه من أعمال البر والتقوى التي يتعامل به الجميع على سواء فيتعامل به المسلم وغير المسلم، والصالح والطالح، هكذا كانت خلق النبي في تعامله مع الناس أجمعين.
وإن حسن الخلق مما يطلب المسلم الأجر والمثوبة به في تعامل مع الحيوان الأعجم فأمر بحسن التعامل مع الحيوان مأكول اللحم عند ذبحه، كما أخبر عن حسن معاملة مع حيوان ككلب وقطة.. فإن النبي أخبر عن امرأة ساء تعاملها مع قطة صغيرة فقال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب (22) رقم: 3522، من حديث بن عمر، ومسلم كتاب السلام باب (40) رقم: 5989، واللفظ له، كلاهما من حديث عبد الله بن مسعود.
. قامت بتعذيب قطة صغيرة بسجنها حتى ماتت من الجوع والعطش حيث إنها لم تقدم لها ما يقوتها من طعام وشراب وهي كذلك لم تتركها تأكل من أرض الله، وكان جزاء هذه المرأة أ عذبها الله جزاء وفَاقًا لفعلها.
وبالمقابل أخبر النبي عن امرأة أخرى فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ» البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب (57) رقم: 3505، ومسلم كتاب السلام باب (41) رقم: 5998، واللفظ له، كلاهما من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ، والركية هي البئر، والموق هو الخف.
. لم يذكر النبي ذلك؟ وهل لذلك أثر في ميزان المسلم؟ الجواب: نعم حيث أدى هذا الفعل البر دخول المرأة البغي - وهي من تفجر بنفسها وتفعل فعلا فاحشًا شنيعًا - لكنها أحسنت إلى كلب وهو حيوان أعجم، وهذا مشهد تصويري يبينه لنا النبي حيث إن المرأة العاصية قد رأت كلبا يطوف ببئر وعلمت من ذلك أن هذا الكلب يعاني من شدة العطش فنزعت خفها فملأته ماء ثم قامت بسقايته حتى غفر الله لها بهذا العمل اليسير لكنه كبير عند الله سبحانه.
إن حسن الخلق له تأثير في الاعتبار في ديننا الحنيف إيجابا وسلبا فقد قال رجل: يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: «هي في النار»، قال: يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها، وصدقتها، وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: «هي في الجنة» أحمد، في المسند، مسند أبي هريرة، رقم: 9483، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، كتاب الحظر والإباحة، باب الغيبة، فصل ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الوقيعة في المسلمين، رقم: 5843.
. هذه مفارقة غريبة أن يكون للأخلاق هذا الدور الكبير في حياة الإنسان فإذا برسول الله يضع في حساباتنا هذه المنزلة الكبيرة لحسن الخلُق.
وبعد فقد اعتبر الإسلام الإنسان أحد رجلين أشار إليهما النبي، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ» الترمذي كتاب صفة القيامة، باب رقم: 2647، من حديث شداد بن أوس ، وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
. الكيس الفطن الحكيم هو من دان نفسه لله ووضع القيامة نصب عينيه، وأما العاجز فهو اتبع هواه ولم يهتم لما بعد الموت وكان حياته أمنيات من غير محاسبة من النفس ولا مراقبة لله ولا حتى معاملة طيبة مع الناس.
فاللهم خلقنا بأخلاق أنبيائك ورسك والصالحين من عبادك يارب العالمين.ش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.