البنك المركزي المصري يعلن ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 50.2 مليار دولار    اليابان وأستراليا تحثان على الهدوء بعد توجيه طائرة عسكرية صينية رادارها نحو طائرات مقاتلة يابانية    روسيا تشن هجوما جويا ضخما لليلة الثانية على التوالي على الأراضي الأوكرانية    زيزو يدعم صلاح في أزمته مع ليفربول    نائب رئيس الزمالك: المجلس يريد استكمال مدته    ضبط المتهم بالتعدي على سيدة بالسب والتنمر وسرقة هاتفها المحمول بالطالبية    انطلاق الملتقى الأول للطفل وقوافل المسرح المتنقل بسيوة في أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع    حادث في بنها.. صبة خرسانية تسفر عن 8 مصابين بمبنى تحت الإنشاء    موعد إعلان نتيجة ال19 دائرة الملغاة بالمرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب    وزير الاتصالات: إطلاق خدمة التحقق الإلكترونى من الهوية يناير المقبل    «زكي»: 40.614 مليار دولار صادرات مصر من السلع غير البترولية خلال 10 أشهر    تحديد مستندات صرف تعويضات الصندوق الحكومي لتغطية أضرار حوادث مركبات النقل السريع    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    قرار هام من القضاء الإداري بشأن واقعة سحب مقررين من أستاذ تربية أسيوط    قصة البابا ثاؤفيلوس البطريرك ال23 المثيرة للجدل    وزير الخارجية يبحث تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي    هزتان ارتداديتان قويتان تضربان ألاسكا وكندا بعد زلزال بقوة 7 درجات    تقارير: الدورى السعودي يستعد لاستقطاب محمد صلاح براتب أكبر من رونالدو    جيش الاحتلال يكثف عمليات هدم الأحياء السكنية ويوسع "الخط الأصفر" في قطاع غزة    ارتفاع عدد قتلى حريق بملهى ليلي إلى 25 بينهم 4 سائحين بالهند    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    الإدارية العليا تبدأ نظر 300 طعن على نتائج المرحلة الثانية لانتخابات النواب    محمد السيد يتوج بذهبية كأس العالم للسلاح بعد اكتساحه لاعب إسرائيل 15-5    موعد مباراة ريال مدريد أمام سيلتا فيجو في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    تعرف علي تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام سيلتا فيجو في الدوري الإسباني    استقرار أسعار الخضراوات داخل الأسواق والمحلات بالأقصر اليوم 7 ديسمبر 2025    وزير المالية مع طلاب جامعة النيل: شغلنا الشاغل زيادة موارد الدولة لتحسين حياة الناس «بقدر المستطاع»    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى 20 درجة    ضبط 16 طن زيت طعام في 5 مصانع غير مرخصة ب3 محافظات    الأمن يضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل ترويجها بالسوق السوداء    هيئة الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بإمساك بعض السجلات    التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا بمحافظات الجمهورية خلال نوفمبر الماضي    محمد قناوي يكتب: فيلم «الست»..تفكيك أسطورة أم كلثوم    روجينا تبدأ تصوير مسلسل "حد أقصى" وتحتفل بأولى تجارب ابنتها في الإخراج    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    وزير الصحة يعلن اليوم الوضع الوبائى لإصابات الأمراض التنفسية    مستشفى كرموز تجح في إجراء 41 عملية لتغيير مفصل الركبة والحوض    وزارة الصحة توضح أعراض هامة تدل على إصابة الأطفال بالاكتئاب.. تفاصيل    تعليمات من قطاع المعاهد الأزهرية للطلاب والمعلمين للتعامل مع الأمراض المعدية    هل تعلم أن تناول الطعام بسرعة قد يسبب نوبات الهلع؟ طبيبة توضح    الخشت: تجديد الخطاب الديني ضرورة لحماية المجتمعات من التطرف والإلحاد    المتهم بقتل زوجته فى المنوفية: ما كنش قصدى أقتلها والسبب مشاده كلامية    النشرة المرورية.. زحام على الطرق الرئيسية فى القاهرة والجيزة    نظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    نائب ينتقد التعليم في سؤال برلماني بسبب مشكلات نظام التقييم    وزير الرياضة يهنئ محمد السيد بعد تتويجه بذهبية كأس العالم للسلاح    الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية    نظر محاكمة 9 متهمين بقضية خلية داعش عين شمس اليوم    رئيس جامعة حلوان: منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية منصة لتبادل الخبرات    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    "ولنا في الخيال حب" يفاجئ شباك التذاكر... ويُحوِّل الرومانسية الهادئة إلى ظاهرة جماهيرية ب23 مليون جنيه    كأس العرب.. مدرب الإمارات: أنا محبط    الإمام الأكبر يوجِّه بترميم 100 أسطوانة نادرة «لم تُذع من قبل»للشيخ محمد رفعت    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكارم الأخلاق فى رمضان: كل العقائد تدعوا إلى التحلي بكل مكرمة خلقية الصيام والأخلاق الكريمة لا يتفترقان.. مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ الإسلام يحثنا على المعاملات الكريمة في أساليب رحيمة
نشر في المسائية يوم 09 - 07 - 2014


كتب: حسين الطيب
مازلنا نعانى من التدنى بل التدهور الأخلاقى الجارف الذى ضرب جنبات المجمتمع المصرى فأصابته فى مقتل حتى أثر هذا الإنهيار سلبا على قوائم وعماد الدولة فأخذ الجميع يبحثون عن مصالحهم دون المصلحة العامة ونسوا أن ديننا الحنيف قد عارض اتخاذ المصلحة الخاصة فوق المصلحة العامة وقدم درء المفاسد على جلب المنافع .. ولآننا فى الشهر الكريم شهر الفضيلة والأخلاق الكريمة حيث المحبة و الإخاء والتعاون وعمل الخير و التزود بالتقوى التى هى خير زاد .. إنه شهرالصوم شهر الإختبار الحقيقى لخقيقة النفس وكشف ستارها ونزع ستار الغفلة عنها فإنك طوال العام تلقى باللوم على الشيطان الذى أصبح المتهم الأول لجميع ماوءنا وسيئاتنا ولكننا فى هذه الأيام الطيبة المباركة تتكشف الحقيقة جلية واضحة فتقف أمام مرآة نفسك لتجدها المسئولة الأولى عن معظم أفعالك ويسقط قناع العفة عنها فتصطدم بالحقيقة المزرية أن نفسك الامارة بالسوء هى التى تقف خلف أفعالك و أخلاق الدنيئة فهل لنا من فرصة جديدة لتقويم النفس و تأديبها وتهذيبها .. ولذا فقد التقينا بفضيلة الشيخ الدكتور الأمير محفوظ إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين رضى الله عنه و عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ليسترسل معنا فى الحديث عن مكارم الأخلاق فى رمضان .
وقد ابتدأ حديثه بالحمد والثناء لله رب العالمين فقال :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد ذي الخُلُقِ العظيم، الذي تشرّف الكون برسالته التي قد حوت من مكارم الأخلاق القدر المُعلَّى.
في البداية لابد من القيام بتعريف مكارم الأخلاق حتى نتصور ما دعى إليه ديننا الحنيف في عقيدته وشريعته وهي (كل صفة اتصف بها الصالحون تعامل الإنسان بها مع الناس معبِّرة عن سريرته وتحسِّن سيرته) وخلق الكمال قد برز من أنبياء الله ورسله الكرام فهم قدوة الخلق في مكارم الأخلاق.
منزلة مكارم الأخلاق في الإسلام
ويؤكد دكتور الأمير على إن مكارم الأخلاق جعلها الإسلام مقصدا عاما من مقاصده الكلية حيث ما أمر بعقيدة إلا ونجدها داعية إلى التحلي بكل مكرمة خلقية، وما شرع شريعة من عبادات أو معاملات إلا وقد دعانا فيها ديننا الحنيف إلى التخلق بكل خلق سني والتخلي عن كل خلق ردي فدعا لأطراف المعاملات بين الناس من صدق وأمانة تضع البركة بين الناس، ولقد دعانا القرآن إلى مكارم الأخلاق فقال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134] وقال: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199] وقال واصفا النبي الخاتم: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].
إن مكارم الأخلاق في الإسلام لها منزلة عظمى إذ لها علاقة قوية بالعبادة المفروضة في الإسلام؛ فإن الصلاة فريضة يومية على المسلم قال عنها ربنا: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ [العنكبوت] فمن غير المتوقع أن يظل المصلى على منكر يفعله كشهادة الزور أو الكذب أو الخيانة، أو حتى يرى منكرا ويدعه من غير نكير عليه، وأراد النبي للمصلي التخلق بالسكينة والوقار فقال أبو قتادة: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ «مَا شَأْنُكُمْ؟» قَالُوا اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلُوا، إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». البخاري كتاب الأذان باب (20) رقم: 638 من حديث أبي قتادة.
ويضيف فضيلة الشيخ الأمير محفوظ قائلاً :إن الصوم فريضة سنوية علاقتها قوية بمكارم الأخلاق وكذلك الحج وهو عبادة في العمر مرة واحدة وكذلك الزكاة كعبادة مالية علاقتها قوية بالخلق، حتى يدرك المسلم قوة العلاقة المرتبطة بين خلقه وعبادته لله رب العالمين فهما صنوان لا ينفصلان.
ولقد دعانا الرسول الخاتم إلى مكارم الأخلاق فقال صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا ، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». الترمذي كتاب البر والصلة باب (55) رقم: 2115، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وهذا الحديث الشريف جمل ثلاث، كل جملة تدعو للتي بعدها فالجملة الأولى: اشتملت على الجانب النظري حيث الأمر بتقوى الله وذلك بمراقبة الفرد الإنساني لله في فعله وتركه وقوله وصمته وبقيمة مراقبة الله يجوِّد الإنسان خلقه، والثانية: الجانب العملي باتباع السيئة بالحسنة من أجل محو السيئات قال ربنا: ﴿إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114] والثالثة: الأمر بالمفاعلة الناجزة والمخالقة مع الناس بالخلق الحسَن الطيب.
ومن ناحية أخرى فقد أخبر النبي عن الأثر الساري لحسن الخلق يوم القيامة، فمن أعظم ما يجازى عليه العبد في الآخرة فينتفع به صاحبه، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم:«مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ» أبو داود كتاب الأدب باب (8) رقم: 4801، واللفظ له، والترمذي كتاب البر والصلة باب (62) رقم: 2134، وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، كلاهما من حديث أبي الدرداء .
. ويتصور حسن الخلق من أمانة وعدل وصدق وحلم ورحمة.. في ميزان العبد فيثقل على كثير من العبادات.
أفشوا السلام
بينما تحدث الدكتور الأمير محفوظ عن الإرتباط الوثيق بين العقيد و الأخلاق فقال : لقد كان النبي يحث على إقامة علاقة قوية بين العقيدة وحسن الخلق من خلال شريعة التحية وإلقاء السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: « لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ: أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ» مسلم كتاب الإيمان باب (24) رقم: 203، واللفظ له، كلاهما من حديث أبي هريرة .
. فربط دخول الجنة بالإيمان، ثم ربط الإيمان باستقرار الحب في قلوب العباد والتودد به بينهم وهنا قيم عديدة منها: قيمة الإيمان المترتب عليها قيمة الحب، والمترتب عليها بالتبع قيمة إفشاء السلام وبالتالي تتحقق قيمة الاستقرار والأمن في المجتمع وهذا ما وجدناه في مجتمع المدينة المطهرة على يد الرسول الخاتمصلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم، منذ أول وهلة قدم فيها المجتمع المدني فقد قال عبد الله بن سلام: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم فَجِئْتُ فِى النَّاسِ لأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ » ابن ماجة كتاب إقامة الصلاة والسنة باب (174) رقم: 1395 من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ.
. واستيضاح بن سلام وجه النبي يدل على فراسته وطلبه الاستيثاق من مدى صدق هذا النبي، ومعنى انجفل أي أقبل، ومعنى (أَفْشُوا السَّلاَمَ) عمموا هذه السنة التي دعاكم إليها دينكم الحنيف، وافعلوا كل ما فيه سلام ومتنعوا عن كل ما فيه قبح يخالف هذا الهدي وذلك السنن.
معاملات كريمة في أساليب رحيمة
وهاهو ذلك النبي الخاتم يدعونا نغلى ممارسة سلوكيات إذا انتهجها المسلمون كانوا متخلقين بمحاسن الأخلاق وهي سلوكيات بسيطة يسيرة وغير متكلفة، فلا تكلف المسلم عظيم نفقة إنفاق لغال أو نفيس ولن يبذل كبير عمل فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلاَلِ لَكَ صَدَقَةٌ وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ» الترمذي كتاب البر والصلة باب (36) رقم 2083. وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
. سلوك التبسم في وجه الآخرين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا سلوك الفرد الإيجابي في مجتمعه مع الحكمة في الأمر والنهي وفق معيار التكييف لكل واقعة ما يناسبها من وسيلة للنصح والإرشاد بمراتبه الثلاث، ومعاونة الرجل في أرض الضلال: أي الأرض التي ضل فيها السبيل، من باب الدال على الخير، وإماطة الأذى والشوكة والعظم من الطريق، وبعد كل سلوك من هذه السلوكيات النبي يقول (لَكَ صَدَقَةٌ) وهذا يدل على أن مفهوم الصدقة في الإسلام ليس هذا العطاء المادي المحض بل هناك عطاء معنوي أخطر هو البسمة وما لها من تأثير فاعل في أنفس البشر.
وإذا أخذنا سلوك التبسم في وجه الآخرين لنرى متى استعمله النبي؟ فإن السنة تدلنا على ذلك فقد قال أَنَس بْنِ مَالِكٍ: كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ؟ (فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ) البخاري كتاب اللباس باب (18) رقم 5869 واللفظ له، ومسلم كتاب الزكاة باب (45) رقم: 2476، كلاهما من حديث أنس.
إن الحديث فيه دلالة على حلم النبي صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم مع الأعرابي السائل، فكيف قابل النبي سوء الطلب بحسن اللقاء ثم أجزل له العطاء، وذلك على مراتب سلوكية ثلاث أبداها رسول الله وهي: الأولى الالتفات للسائل الملحف في سؤاله وكان النبي يلتفت جميعا أي التفت بكل جسمه إظهارا لتعظيم من يخاطبه كما ورد في صفاته. الثانية: الضحك وهو فوق البسمة وكان جل ضحك النبي التبسم. الثالثة: العطاء الجزل السخي.
وندرك الكمال النبوي في معاملة النبي بهذه المراتب الثلاث إذا أدركنا سوء معاملة الأعرابي في ذات هذا الوقت فساء خلقه مع النبي وتعامل الأعرابي بأسلوب فج غليظ وبخشونة طبع متأصلة في الأعراب، لكن آثر النبي أن يلقن الأعرابي درسا فهل تعلمنا ذلك الدرس؟
عموم التعامل بحسن الخلق
ومن بركة حسن الخلق في الإسلام أنه من أعمال البر والتقوى التي يتعامل به الجميع على سواء فيتعامل به المسلم وغير المسلم، والصالح والطالح، هكذا كانت خلق النبي في تعامله مع الناس أجمعين.
وإن حسن الخلق مما يطلب المسلم الأجر والمثوبة به في تعامل مع الحيوان الأعجم فأمر بحسن التعامل مع الحيوان مأكول اللحم عند ذبحه، كما أخبر عن حسن معاملة مع حيوان ككلب وقطة.. فإن النبي أخبر عن امرأة ساء تعاملها مع قطة صغيرة فقال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب (22) رقم: 3522، من حديث بن عمر، ومسلم كتاب السلام باب (40) رقم: 5989، واللفظ له، كلاهما من حديث عبد الله بن مسعود.
. قامت بتعذيب قطة صغيرة بسجنها حتى ماتت من الجوع والعطش حيث إنها لم تقدم لها ما يقوتها من طعام وشراب وهي كذلك لم تتركها تأكل من أرض الله، وكان جزاء هذه المرأة أ عذبها الله جزاء وفَاقًا لفعلها.
وبالمقابل أخبر النبي عن امرأة أخرى فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ» البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب (57) رقم: 3505، ومسلم كتاب السلام باب (41) رقم: 5998، واللفظ له، كلاهما من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ، والركية هي البئر، والموق هو الخف.
. لم يذكر النبي ذلك؟ وهل لذلك أثر في ميزان المسلم؟ الجواب: نعم حيث أدى هذا الفعل البر دخول المرأة البغي - وهي من تفجر بنفسها وتفعل فعلا فاحشًا شنيعًا - لكنها أحسنت إلى كلب وهو حيوان أعجم، وهذا مشهد تصويري يبينه لنا النبي حيث إن المرأة العاصية قد رأت كلبا يطوف ببئر وعلمت من ذلك أن هذا الكلب يعاني من شدة العطش فنزعت خفها فملأته ماء ثم قامت بسقايته حتى غفر الله لها بهذا العمل اليسير لكنه كبير عند الله سبحانه.
إن حسن الخلق له تأثير في الاعتبار في ديننا الحنيف إيجابا وسلبا فقد قال رجل: يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: «هي في النار»، قال: يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها، وصدقتها، وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: «هي في الجنة» أحمد، في المسند، مسند أبي هريرة، رقم: 9483، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، كتاب الحظر والإباحة، باب الغيبة، فصل ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الوقيعة في المسلمين، رقم: 5843.
. هذه مفارقة غريبة أن يكون للأخلاق هذا الدور الكبير في حياة الإنسان فإذا برسول الله يضع في حساباتنا هذه المنزلة الكبيرة لحسن الخلُق.
وبعد فقد اعتبر الإسلام الإنسان أحد رجلين أشار إليهما النبي، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ» الترمذي كتاب صفة القيامة، باب رقم: 2647، من حديث شداد بن أوس ، وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
. الكيس الفطن الحكيم هو من دان نفسه لله ووضع القيامة نصب عينيه، وأما العاجز فهو اتبع هواه ولم يهتم لما بعد الموت وكان حياته أمنيات من غير محاسبة من النفس ولا مراقبة لله ولا حتى معاملة طيبة مع الناس.
فاللهم خلقنا بأخلاق أنبيائك ورسك والصالحين من عبادك يارب العالمين.ش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.