إن أول سفير اعتمد عليه الإنسان الكامل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى تأثيره على الناس هو سفير الأخلاق، حيث شهد الناس له بأخلاقه الكاملة ولقّبوه بالصادق الأمين وكل ذلك قبل البعثة، وبعد بعثته قال: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))، ليعلن أن جوهر الدين فى إصلاحه للنفوس هو الرقى بأخلاقها لتستقيم. أخلاقنا رسالة الى قلوب مَن حولنا لتقبل علينا وتلتف حولنا وتتأثر بما نقول ونفعل والدين هو الدافع والمرسل؛ لأنه جاء ليغير النفس ويصلحها بالأخلاق فتستقيم حياتها ويسعد من حولها. ولو نظرنا فى منهج الإسلام سنجد ربطا بين الأخلاق والعبادات فى أنقى صورة لتقديم الإنسان الراقى الصالح للمجتمع، فتجده يربط السلوك والعبادة مثل (إماطة الأذى عن الطريق.. صدقة) و(الصلح بين اثنين.. صدقة). كم هى صور راقية جميلة تغرس فى الإنسان الإيجابية والخلق الطيب (رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى).. (تبسمك فى وجه أخيك صدقة) ولا تنتهى توجيهات صاحب الخلق العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتبنى مجتمعا صالحا قويا متماسكا بأخلاقنا واستيعابنا للناس سنصل إلى قلوبهم، فنحييها بالإيمان ونغرس فيها روح الدين الذى نحمله. وبأخلاقنا سنعطى النموذج القدوة الذى يتمثل تعاليم القرآن فى حركاته وسكناته فيغرى الناس بالاقتداء والتأثر. إنها رسالة الإسلام التى لا تفصل بين العبادة والأخلاق، فالدين المعاملة وهو الوسيلة التى تخرج إنسانا صالحا متوازنا لا يكتفى بالطقوس والظاهر فى ارتباطه بدينه، وإنما يدفعه دينه لكل صالح من القول والعمل. وحمْل الأخلاق إلى الناس ليست مسألة سهلة، وإنما تحتاج إلى صبر وسعة صدر ومثابرة حتى يجد الناس فيها حاجتهم من الاحترام والحرية والكرامة، فصبر جميل على من حولنا لتصلهم الرسالة السامية التى يحملها لنا الإسلام. وحامل الدين يجب أن يعى أنه قدوة يرى الناس فيها الدين ويحكمون على حامله، فهو على خطر وعلى ثغرة عظيمة يجب أن ينتبه حتى يراه الناس (قرآن يمشى على الأرض) كما كان النبى محمد صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك يجب أن نعلم أن مَن يحمل الدين بشر يصيب ويخطئ، وقد نجد من الكثير تجاوزات أخلاقياته، فيحتاجون فيها إلى تقويم وتذكير على طول الطريق، فليس هناك معصوم سوى النبى محمد صلى الله عليه وسلم. إن الطريق إلى القلوب وسيلته القدوة والخلق والكلمة الطيبة، فليحسن كل منا سفيره إلى القلوب ليحقق النموذج الطيب الذى يستحق به أن يكون مسلما نفعا لغيره.. إلى الدين من جديد لنكون سفراء له لدى قلوب الناس.