وفد من المجلس الأعلى للجامعات يتفقد كلية الحاسبات بجامعة أسيوط الأهلية    رئيس «برلمانية التجمع»: وافقنا على قانون الانتخابات لضيق الوقت ولكن نتمسك بالنظام النسبي    مدير تعليم الفيوم يجتمع مع لجان المديرية لمتابعة امتحانات الفصل الدراسي الثاني    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 24-5-2025 قبل عودة البنوك للعمل    أستاذ تمويل: البنك المركزي يتجه لخفض الفائدة لإنعاش الاقتصاد    الرئاسة السورية: الشرع يلتقي المبعوث الأمريكي بإسطنبول    لبنان بين الاقتراع والإعمار.. جدل السلاح يعيد رسم المشهد الانتخابي.. الانتخابات البلدية تمثل لحزب الله محطة مفصلية أكثر من أي وقت مضى    استعدوا لما سيحدث يوم 25 مايو 2025؟ معهد الفلك يرد على تنبؤات «يوم الدمار» (فيديو)    حسام عبد المجيد أفضل لاعب في مباراة الزمالك وبتروجت    موسم الطيور الإنجليزية.. حينما ترفرف الأجنحة نحو البطولات.. «النسر» يعود من بعيد و«الدجاج» يخرج بالبطولة الأوروبية.. و«غراب الماء» يستعيد أمجاد مواسمه الذهبية    قائد الأهلي يوجه رسالة لجماهير النادي قبل نهائي سوبر السلة    فليك يحدد هدفه مع برشلونة في الموسم المقبل    تعليم القاهرة: وضوح أسئلة امتحانات الفصل الدراسي الثاني    التضامن: الانتهاء من جميع الإجراءات المتعلقة بحجز الفنادق للحجاج    الفيلم الإيراني حادث بسيط يتوج بالسعفة الذهبية في الدورة ال78 من مهرجان كان    نغم صالح تحتفل بإطلاق ألبومها الجديد "شلق" في مسرح الجيزويت    فرقة ديروط تقدم «السيد بجماليون» على مسرح قصر ثقافة أسيوط    اليوم.. عرض أولى حلقات برنامج مسيرتي ل جورج وسوف    ذكرى مرور 123 عاما على الإسعاف في مصر.. قصة نشأته ودلالة شعاره    اغتنم فضلها العظيم.. أفضل الأدعية والأعمال في عشر ذي الحجة ويوم عرفة 2025    هيئة الإسعاف: تطبيق «اسعفني» يسهل خدمات الطوارئ لفئات أوسع من المواطنين    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عناد وعصبية الأطفال    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا    وزير البترول يتفقد مشروعات فوسفات مصر بأبو طرطور.. ويؤكد: انطلاقة جديدة لقطاع التعدين    الدفاعات الجوية الأوكرانية تعترض 245 طائرة مسيرة روسية    رئيس هيئة الإسعاف: إطلاق تطبيق "أسعفني" لتسهيل خدمات الطوارئ    محافظ الدقهلية: تحصين 219 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية    هيثم فاروق: أثق في يورتشيتش وبيراميدز لن يعود للدفاع في الإياب أمام صن داونز    سيميوني: أهدرنا فرصة الفوز باللقب فى أسهل موسم    مسلم يرد من جديد على منتقديه: كفاية بقى    محمد رمضان يروج ل فيلم "أسد" بصورة جديدة من الكواليس    مركز الساحل والصحراء يعقد مؤتمرًا عن "الإرهاب فى غرب أفريقيا".. صور    البابا تواضروس يصلي القداس الإلهي ب كنيسة «العذراء» بأرض الجولف    تباين أداء قطاعات البورصة المصرية.. قفزات في المالية والاتصالات مقابل تراجع المقاولات والموارد الأساسية    7.5 مليون طن صادرات زراعية.. مصر تحصد ثمار استراتيجيات التنمية المستدامة    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    ملك المونولوج.. ذكرى رحيل إسماعيل ياسين في كاريكاتير اليوم السابع    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    تعرف على أسعار حجز الأضاحي بمنافذ الزراعة    سيد عطا: جاهزية جامعة حلوان الأهلية لسير الاختبارات.. صور    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    راموس يمهد الطريق.. هل ينضم رونالدو إلى مونتيري في كأس العالم للأندية؟    قوات الاحتلال تفرض حصارًا مشددًا على مخيمي طولكرم ونور شمس بالضفة    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    محافظ قنا يكرم باحثة لحصولها على الدكتوراه في العلوم السياسية    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    أزهر كفر الشيخ يختتم أعمال تصحيح الشهادة الابتدائية وجار العمل فى الإعدادية    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    سحب 829 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتدال السّياسيّ من منظور إسلاميّ

تُثيرُ الأحداث الجارية في مِصرنا الغالية والوطن العربي الكثير من التساؤلات المهمة والملحة والمتعلقة بالعملية السياسية من وجهةِ النظر الإسلاميَّة. ويبرز التساؤُل المهمّ من عدةِ صيغي. منها: هل التشدّد والتطرُّف من الإسلام؟ وهل هذه التيارات هي التي ستسود مصطدمة بالآخرين. وهل ممكن يختلفون معها فكرياً وعقائدياً. مؤدّية إلي صراع ونزاعات أم أنَّ العكس سيسُود؟
هَذه التساؤلات المستجدة والمتفاقمة تشعل الأحقاد والنعرات المذهبية التي تُؤدي إلي الضَّرر المحدق بالجميع. لذَا فلا بُدَّ منَ البحثِ في الأصولِ الفكريةِ لهذه الظواهرِ السَّلبيَّةِ. وإيجَاد سُبل التَّعامل الصَّحيح مع هذهِ الأصولِ والجذورِ الخاطئة والسَّيئة.. لتحقيقِ الخيرِ للجميع. عبرَ تصحيح المعتقدات الخَاطئة والتَّوجهات الخاطئة. بما يحقُّ الحقَّ. ويزيحُ ما يلحق عقيدتنَا الصَّحيحة من شَوائب .
وجميعنا يعرف الاعتدال وينشده وينبذ معكوسه ونقيضه. لأنَّ الاعتدال لم يدخل في شئي إلاّ زانَه. ولم يغب عن شئ إلا شَانه. بيدَ أنَّ مفهوم الاعتدال والتطرف في ¢ المجال السياسي ¢ يُفسَّر علي هَوي بعض الأشخاص. لذا كان لزاماً علينا وحتماً مقضيّاً أن نبين مفهوم الاعتدال الذي يعني ¢الوسطية¢.
والاعتدال ليس فقط وضعاً وسطاً بينَ التشدد والتسيب وإِنمَا هُو أَي الاعتدال موقف مُتزِن ومُتوازِن ليس فيه تشدد وغلو وليس فيه تسيباً وانحلالاً إنّه الوسطية التي أَمر الله عباده باتباعهَا والتّمسك بها وعدم التفريط فيها.
ومع الاعتدال السياسيّ يحصل الشعُور بالعدل والأمان. ومع الوسطيّة تتحقق الخيرية والأفضلية. ودون ذلك التخبط والتطرف أو الخمول والتفريط.
قال أبوالعلاء المعريّ:
إذا كنتتَ تبغي العيشَ فابغِ توسُّطاً.. . فعندَ التناهي يقصُرُ المُتَطاوِلُ
والطَّرف المعتدل يتجنب بالضَّرورة عواقب التَّطرف والتشدد وتبعات التسيب. ويتمكن - ربما أَكثر من غيره - بالتالي بالحفاظ علي أَمنه وسَلامته وحماية عقيدته وصَون مبادئه وازدهار توجهَاته.
بينمَا التشدد يؤدي في الغالب إِلي خَلق أَعداء ومناوئين يُحاربُون المتشدد بشتي الطرق والوسائل. وَيقفُون في وجه تَطرفه مُحاولين كَسر ذلك التطرف وإِنزال الهزيمة به والعمل علَي تواريه واختفائه. وكذلك التسيب يثيرُ الاستياء من صَاحبه وربما يتسبب في اهانته وتراجعه والنفور من توجهاته.
لذلك كان الاعتدال وما زال وسيظل هو خيار العقلاء الساعيين للحفاظ علي أَمنهم وسَلامتهم والعاملين بفاعلية علي حماية عقيدتهم وصيانة مبادئهم ونشر توجهاتهم. أَما التشدد والتسيّب فمصير من يتبناهما الهزيمة والخسران.
ونجد أن الاعتدال السياسي في عالم اليوم بعد الثورة الفرنسية يتركز علي ما يُسمي بالوسط. فقد أطلق علي الأيدلوجيات السياسية ربما من القرن الثامن عشر صفات اليمين. واليسار. والوسط.
ونجد فعلاً أنَّ الاعتدال السياسيّ الحديث يكمن في نقطةِ الوسط. ولذا عرف السَّاسة الاعتدال السياسي بأنّه التوجه السياسي الساعي للمواءمة بين التمسك بأهم القيم النبيلة السائدة في مجتمعه. والاستفادة من معطيات حركة التحديث العالمية المتواصلة. في شتي المجالات. وهو سلوك يعترف بالآخر وبخياراته. في ذات الوقت الذي يتمسك فيه بهويته وقيمه المقبولة.
ونجد أن الإسلام يعترف بالتعايش مع الآخر. ووثيقة المدينة مع اليهود خير دليل علي دستور المواطنة في المجتمع المدنيّ. ولا يعني الاعتدال الإسلامي رفض عمليات التحديث العالمية في شتي المجالات. ما لم تمس الثوابت العقدية للمجتمع المسلم. ولا تتعارض مع القيم النبيلة التي تسود مجتمعاتنا. وبالطبع تعترف بالآخر ¢المختلف¢ وتحترم اختياراته ما لم تحرم حلالاً أو تحلّ حراماً.
إن الاعتدال السياسي في ميزان الشريعة الإسلامية يعني الموقف الوسط العقلاني الذي يعمل علي ما فيه خير وصلاح الأمّة. بشرط ألا يتعارض - كما قلتُ - مع عقيدتها وقيمها ومصالحها. والأخذ بوسائل التقدم الحديثة ¢ من وسائل مسموعة ومرئية متعددة ¢. والتعايش مع الآخر ¢ المُختلِف ¢ واحترام خياراته. وعدم الاقتصار علي منفعة أصحاب الرأي المناصر وإقصاء الآخر. بل والتعاون معه عند الاقتضاء بما يخدم الأمة والإنسانيّة جمعاء. لأننا نركب باخرة واحدة فإذا خرقت غرقت وإذا غرقت غرقنا معها جميعا.
ولذا نري أن الاعتدال السياسي أصبح ضرورة. فتخلف العرب في معظم أسبابه يعود إلي سيادة تياري بعينه. وإقصاء الآخر. وربما يكون متشدداً في بعض أفكاره. أو متسيباً في بعض بلدانه. وغالباً ما يقفون موقف الرافض والمزري لمَا عداهم سياسياً. وقد تصل هذه ¢الكراهية¢ لدرجة العنف واستخدام السِّلاح والإرهاب. الأمر الذي يجعلهم مكروهين من قبل أولئك الأغيار. ومن سُوء الحظّ أنّ أولئك الأغيار يتهمون الإسلام كله بالتَّطرف ورفضِ الآخر¢ وإن كان من بني جلدتنا ¢. ويتناسون عمداً تعاليم ديننا الحنيف ووسطية الإسلام. ومنهجه القويم في السياسة الشرعية عبر العصور والأزمنة. ويتجاهلون كون هذا التشدد - في الغالب - يصدر من فئة محدودة في المجتمع المسلم تبحث عن مصَالحهَا الشخصية باسم الدين. وكل هذا يؤدي إلي الإضرار بمصالح الإسلام وتهديهم أولاً. وإقحام لهم في صراعات لا أوَّل لها ولا آخر. كما أننا لا نريد العودة إلي التسيب الذي يقود - غالباً - إلي فقدان الهُويَّة. وفقدان احترام الغير والتعثّر في طريق العزة والكرامة. والقوة والمنعة. وضياع الشخصيّة المميزة.
فما أحوجنا الآن إلي الاعتدال. لأنه يعني: احترام الآخَر واحترام خياراته. ومن ثَمَّ استدعاء محبة وقبول وتعاون ذلك الآخر. وذلك يصبّ - في نهاية الأمر - في مصلحة الإسلام والمسلمين عامة ومصرنا خاصة. ويسهم إسهاماً مباشراً في نهضتنا. فما بالنا الأمم تتقدم ونحن نتأخر. لأننا لم ننبذ التشدد والتطرف والتسيب ونتمسك بالاعتدال والوسطية في علاقاتنا وسلوكياتنا المختلفة.
وفي النهاية نقرر أنه من المؤسف أن ظهرت جماعات وفئات مصرية تتبني التشدد. وتتسم بالتطرف فكراً وسلوكاً. كما ظهرت فئات قليلة - أيضاً - تتسم بالتسيّب.
لذلك لا بد أن ننشر ثقافة الاعتدال في الوسط الثقافي والتعليمي. والعمل علي تعويد النشء ¢بصفة خاصة¢ علي التسامح. والسعي لتحقيق الأهداف الخيرة بالحسني والتفاهم والحوار البنّاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.