* يسأل محمد الهواري من منفلوط: ما حكم الشرع في زيارة المقابر وقراءة القرآن للميت؟ * * يجيب الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق: زيارة القبور مستحبة للعظة والاعتبار. وتذكر الموت وأهوال الآخرة وانتفاع الموتي بالدعاء لهم. ففي الحديث "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر آمنة فزوروها فإنها تذكر الآخرة" رواه الترمذي وصححه وأخرجه مسلم وأبو داود والحاكم وفي حديث آخر أخرجه الحاكم "فزوروا القبور فإنها تذكر الموت" وكان عليه السلام يزور قبور شهداء أحد كل حول مرة. ويسلم عليهم. ويزور قبور أهل بقيع الفرقد بالمدينة مراراً ويسلم عليهم ويدعو لهم. ويقول السلام عليكم أهل الديار من المومنين والمسلمين. وإنا إن شاء الله بكم للاحقون. نسأل الله لنا ولكم العافية" رواه مسلم وأحمد وابن ماجه وكانت فاطمة تزور قبر عمها حمزة رضي الله عنه وكان ابن عمر لا يمر بقبر إلا وقف عليه السلام عليه. وفي زاد المعاد كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم والترحم عليهم والاستغفار لهم. ويأمر من معه من أصحابه أن يقول السلام عليكم أهر الديار.. الخ. وكان يتعاهد الميت بالزيارة إلي قبره والسلام عليه والدعاء له كما يتعاهد الحي صاحبه في الدار الدنيا أ. ه. وذهب ابن حزم إلي أن زيارة القبور واجبة ولو في العمر مرة لورود الأمر بها والزيارة مأذون فيها للرجال باتفاق. أما النساء فقيل بكراهتها. وذهب الأكثر إلي الجواز إذا أمنت الفتنة. وقال بعض الفقهاء إن كانت زيارتهن للاعتبار والترحم من غير بكاء وكن عجائز جاز. وإن كانت لتجديد الحزن والبكاء والندب كرهت تحريماً. ومن آداب الزيارة أن يزورها الإنسان قائماً مستدبر القبلة مستقبلاً بوجهه الميت. وأن يسلم علي أهل القبور. ولا يمسح القبر ولا يمسه فضلاً عن أن يقبله. ويدعو عنده قائماً بما علم رسول الله أصحابه الدعاء به عند الزيارة وأن ينصرف عقب ذلك. وقد كان ابن عمر يجيء إلي قبر الرسول فيقول السلام علي النبي. السلام علي أبي بكر. السلام علي أبي وينصرف وكذلك أنس بن مالك. ولا بأس أن يقرأ سورة يس لحديث من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات "بحر". وأن يقرأ من القرآن ما تيسر له من الفاتحة وأول البقرة وآية الكرسي وآخر البقرة من قول تعالي: "آمن الرسول" وسورة يس وتبارك "الملك" والتكاثر والإخلاص ثم يقول: اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلي فلان أو إليهم "ابن عابدين" وفي المغني ولا بأس بالقراءة عند القبر وقد روي عن أحمد انه قال إذا دخلتم المقابر فاقرءوا آية الكرسي وثلاث مرات "قل هو الله أحد" ثم قولوا اللهم إن فضله لأهل المقابر أ ه. وفي رواية الإحياء "إذا دخلتم المقابر فاقرءوا الفاتحة والمعوذتين وقل هو الله أحد. واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم" أ. ه وما روي عن أحمد من قوله. إن القراءة عند القبر بدعة قد رجع عنه كما ذكره ابن قدامة الحنبلي. وأفضل أيام الزيارة يوم الجمعة. وقيل هو ويوم قبله ويوم بعده. وقد ذكر في زاد المعاد ان الموتي تدنوا أرواحهم من قبورهم يوم الجمعة فيعرفون زوارهم ومن يمر بهم ويسلم عليهم. روي محمد بن واسع ان الموتي يعلمون زوارهم يوم الجمعة ويوماً قبله ويوماً بعده. ولا يخفي أن وصول ثواب القراءة إلي الميت لا يتوقف علي أن تكون حال الزيارة بل يصل الثواب إليه مطلقاً وقد قال ابن القيم في كتاب الروح "وأما قراءة القرآن وإهداؤها إلي الميت تطوعاً بغير أجر فهذا يصل إليه كما إليه ثواب الصوم والحج" فكما أن ثواب الصوم والحج عنه يصل إليه وهما لا يكونان حال الزيارة كذلك يصل إليه ثواب القراءة مطلقاً سواء كانت عند القبر أو بعيدة عنه. ويؤيد هذا ما سبق نقله عن كثير من الفقهاء. وقول ابن القيم في زاد المعاد إن قراءة القرآن للميت عند القبر أو غير بدعة مكروهة ينافي ما ذكره نفسه في كتاب الروح. وما ذكره غيره من الفقهاء خلا أبا حنيفة الذي روي عنه القول بكراهة القراءة عند القبر. والذي ينبغي التعويل عليه ما ذكره في كتاب الروح. وأي فرق بين قراءة القرآن له. والصلاة والصوم والحج والدعاء والاستغفار له وكلها طاعات يرجي من الله أن يجعل ثوابها للميت إذا جعلها الفاعل له. ولا حرج علي الله في فعله وفضله. وجملة القول في الزيارة انه يجب اتباع هدي النبوة في آدابها وتجريدها من المآثم حتي تقع في موقعها الشرعي.