أمراض وأوجاع التعليم المصري ويتطلب علاجها سنوات طويلة ولهذا رأت عقيدتي تخصيص حلقة ثانية من الملف لتقديم العلاج لما سبق تشخيصه من دواء في العدد الماضي. تبدأ روشتة العلاج بضرورة تصحيح العلاقة بين ¢المدرس والتلميذ¢ والتي شهدت انهيارا كبيرا منذ أن بدأ المدرس يتقاضي راتبه الأساسي من الدروس الخصوصية حتي وصل الأمر إلي أنهما يجلسان سويا علي المقاهي قبل الذهاب إلي البيوت مما أضاع هيبة واحترام المدرس ولهذا لابد من تصحيح هذا الخطأ القاتل حتي ولو كان البديل الرجوع إلي نموذج رمضان مبروك أبو العلمين حمودة. تتضمن روشتة العلاج أيضا كيفية مواجهة غزو المدارس الأجنبية والاهتمام بتعليم اللغات علي حساب لغة القرآن التي تم غزوها في عقر دارها . والحجة الدائمة لذلك ¢ سوق العمل عايز كده ¢ لهذا لابد من استعادة العربية لكرامتها وعزتها بيت أبنائها كما كان أجدادنا حيث كانت العربية لغة العلم في العالم وأما الآن فقد أصبحت مدارسنا لسانها أعجميا . وللأسف نفخر بذلك تحذر "عقيدتي" في هذا الملف من الانقسام والتناقض في نوعية وتوجهات التعليم المصري حتي أصبح التعليم الحكومي ¢سبة¢ وتحول التعليم الخاص إلي نوع من المفاخرة في النهاية نعرض للتجربة التعليمية لكوريا الجنوبية التي فيها كثير من الدروس والعبر من ناحية وضع استراتيجية متكاملة للتعليم عمرها أكثر من نصف قرن ثم الاهتمام الكبير بالمناهج . وقبل هذا كله تقديس المدرس وتكريمه ماديا ومعنويا فحققت التقدم والرفاهية حتي أصبح النظام التعليمي الأفضل في العالم وتسعي الدول الكبري وعلي رأسها الولاياتالمتحدة للاستفادة منه. أعرب المُعلِّمون عن حزنهم الشديد مما آلت إليه صورة العلاقة بين المعلم وتلميذه. بعد أن كانت علاقة القدوة والمثل الأعلي. صارت علاقات ¢صحوبية¢ غير سوية بعد أن غطَّاها دخان الشيشة والسجائر. وحاجة المعلم لأموال الدروس الخصوصية التي يبذل فيها كل جهده ويحرم الفصل من أي نشاط! في المقابل أشار الطلبة إلي أن بعض المعلمين أضاعوا هيبتهم بسبب ¢لهفتهم¢ علي المال وعدم الاهتمام بالتعليم في المدرسة وادخار جهدهم للدروس الخصوصية مما جعل الطلاب يستغلون نقطة الضعف هذه لصالحهم والتباهي بتطاولهم علي مُدرِّسيهم. وفيما يلي مختلف الآراء: * تشير إكرام هلال- معلم خبير بوزارة التربية والتعليم. مدرب تنمية بشرية- إلي أن العلاقة القائمة بين المعلم والطالب تقوم علي الكثير من الأسس والتي تعتمد من وجهة نظري اعتمادا كليا علي المعلم أولا. ثم المجتمع ثم الطالب. فعندما يكون المعلم قدوة للطالب في كل شئ بغض النظر عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية وأن ينظر لذلك الطالب علي أنه ثروة لابد من الحفاظ عليها بل تنميتها ودفعها للأمام حتي يخرّج للمجتمع جيلا صالحا نافعاً. تضيف إكرام: هذه لابد أن تكون رسالة كل معلم ومعلمة. وعندها سوف يشعر الطالب بمدي أهميته ومدي حرص معلمه علي الاهتمام به. ثم يأتي بعد ذلك دور المجتمع في إبراز صورة جيدة للمعلم من خلال وسائل الإعلام المختلفة واحترام مهنة المعلم لأنها خير المهن. بل علي رأسها جميعا لأنها أساس كل المهن. فلابد من دعم المعلم من الدولة أدبياً واجتماعيا بل مادياً أيضا بقدر المستطاع لأن التعليم قضية أمن قومي وهو قناة خدمية وليست استهلاكية كما يدعي البعض. تستطرد إكرام قائلة: وفي الآونة الأخيرة للأسف الشديد ضاعت الكثير من القيم المتبادلة بين الطالب والمعلم بإهمال كلا الطرفين من بعض المعلمين وأيضا بعض الطلاب بل من المجتمع أيضا. ونحن نرجو أولا من المعلم أن ينظر جيداً لمدي أهمية دوره الفعال في نفوس أبنائه الطلاب وأن يبث في داخلهم قيمته بنفسه من خلال تمسكه بالقيم والمبادئ والتربية الصحيحة والتي يجب أن ينقلها لطلابه من خلال تعامله معهم. وننصح بعقد دورات تنمية بشرية لكلا الطرفين. المعلم والطالب. بل للمجتمع نفسه لإرساء تلك القيم. وأولها قيمة العلم في الحياة لتحدي الثورة العلمية العالمية التي تبتلع المجتمعات النامية. ومصر لا يحق لأحد أن يصنّفها من ضمن تلك المجتمعات النامية. مصر أكبر من هذا بكثير. * وتنفي سعاد باهي- مديرة مدرسة الشيخ غريب جلال الإعدادية الثانوية ببركة الحاج. بالمرج التعليمية- وجود علاقة بين المدرس والطالب كالزمن السابق. حيث كانت حياة المُدرِّس مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمدرسة. ولم تكن هناك كثافة في الفصول أو دروس خصوصية. فضلا عن اهتمام البيت بمتابعة العملية التعليمية مع المدرسة في السابق ولم تكن هناك أجهزة حديثة تلهي الطلبة عن التعلم. فكان الاعتماد علي المذاكرة وليس المُذكِّرة التي حلّت مكان المدرّس. بجانب النت الذي أغني الطلبة عن الحضور إلي المدرسة. تضيف سعاد باهي: كنا في السابق نحفظ أسماء الطلبة رباعيا. فكان الارتباط شبه عائلي. نعرف حياة الطالب ومشكلاته. بعكس اليوم فقد انقطعت الصلة بل انحرفت بعد أن صار المُدرِّس ¢يهزَّر¢ مع الطلبة ويشرب الشيشة والسجائر. ففقد بذلك الاحترام والهيبة. وفي بعض الأحيان أيضا نجد الشدة والعنف من جانب بعض المُدرِّسين تجاه الطلبة وخصوصا الطالبات. تأتي بنتيجة عكسية حيث تشعر الطالبة بأنه يتقمص دور والدها في البيت فتكره هذا التواجد في البيت والمدرسة معا! خصوصا بعد الثورة التي استغلها البعض خطأ بإهانة القيادة والكبير في كل مكان. ومع ذلك مازلنا نأمل الخير في أبنائنا الطلبة والطالبات. وقدرة المعلم علي التوازن بين الشدة واللين. وفهم عقلية الطلبة والتعامل معهم بنوع من الصداقة مغلف بالأبوة. القدوة المهزوزة يتفق معها عماد أحمد سالم- مدرس اللغة العربية- مشيرا إلي أن العلاقة لم تعد كالسابق بسبب اهتزاز القدوة والمثل الأعلي من جانب المدرِّس تجاه تلاميذه. وقد لعب الإعلام دورا كبيرا في هذ الإطار. فضلا عن وجود تأثير لثقافة البيئة والمجتمع المحيط بالمدرسة من عدم احترام الكبير وتوقيره ولا حتي الرحمة بالصغير والحنو عليه كما علّمنا ديننا الحنيف ورسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم. ويؤكد عماد سالم ضرورة التركيز علي القدوة الطيبة والمثل الأعلي فهي قيم موجودة في كل زمان ومكان وضرورية للإصلاح الذي لن يتم بدونهما. لكن ينبغي تركيز الإعلام- والأسرة أيضا- علي الجوانب الإيجابية وليست السلبية حتي لا تكون صورة المعلم مهزوزة عند الأبناء. * ويرجع عودة حمدان محمد- وكيل شئون عاملين- المشكلة إلي الجوانب المادية التي يفتقدها المدرس. والمفهوم الخاطئ لدي الطالب الذي يتصور أنه بإعطائه المعلم ثمن الدروس الخصوصية فقد اشتراه! صحيح أن اختلاف البيئات والثقافات تلعب دورا كبيرا في ترسيخ أو نفي هذا المفهوم لكن الغالبية تظن هذا. تطهير ذاتي * يلتقط خيط الحديث محمد جمعة- مدرس اللغة العربية- مشيرا إلي أن المشكلة تتحكم فيها عدة عوامل منها: العامل الثقافي والبيئي الذي نعيشه مما يؤثر علي سلوك الطالب وولي الأمر معا. حتي أن البعض يحرص علي مسألة الدروس الخصوصية أو حتي الدفع للنجاح وبدون مذاكرة أو حتي امتحان!! يستطرد جمعة مؤكدا أن من يقوم بهذا السلوك غير السوي. سواء من ولي الأمر أو المدرس أو الإداري. هو عنصر هدم للعملية التعليمية بالكامل لأن السيئة ¢تعم¢ ويتصور الناس أن كل المدرسين من هذا النوع المرتشي أو الذي ينجِّح من لا يستحق. وهذا يجب بتره ومواجهته بكل حسم لتطهير المنظومة التعليمية منه. الحلو راح! * حسين أبو تيت- مدرس الرياضيات بمدرسة الرغامة البلد الابتدائية. مركز كوم امبو. أسوان- يري أن المعلم القدوة والمثل الأعلي زي أي حاجة حلوة في البلد خرجت ولم تعد. وإن كنت أزعم أن أسبابها معلومة لدي الجميع أولها: المعلم الموظف من أهم الأسباب التي جعلت صورة القدوة تهتز والمثل الأعلي ينزوي. ثانيها: البيت. ثالثها: القوانين. رابعها: الظروف الاقتصادية. أخطاء في التربية * آلاء محمد درويش - مدرسة الثانوية بنات بالمطرية - كانت علاقة محبة في التعليم والبعد عن الجهل والارتقاء بالمجتمع لكن تحولت هذه العلاقة الي علاقة سيئة بسبب المعاملة السيئة وعدم التقدم بالتعليم وعدم الاهتمام به في بعض المدارس ولم يعد فيها احترام بسبب أو: خطأ في تربية الأبناء وهذا يرجع الي الأسرة. ثانيا: عدم احترام الطالب في المدرسة وعدم الاهتمام بحقه في التعليم كاملا. وأنا - لا اعتبر المدرس أو المُدرّسة. قدوة بسبب عدم الاهتمام بتربية الابناء قبل تعليمهم ولأنها - تهتم بالسلوك الصحيح وعدم الاهتمام بالانضباط المدرسي. * يتفق معها في الرأي عبد الرحمن أيمن صابر- مدرسة ابن خلدون الثانوية بنين- مرجعا السبب في ضياع هيبة المدرس عند الطالب الي الخطأ في التربية لأن الآباء يتحمّلون المسئولية كاملة عند عدم احترام المعلم. وعندما يستهزئ الآباء بالمعلم أمام الطالب يهز صورة المعلم عند الطالب كثيرا وأن المدرسة - تعطي الطالب حقه لكي يعطيها حقها. وأن معظم المدارس تضغط علي المعلمين من اجل الطالب وتقف في صفه ضد المعلم. وكذلك مسألة الدروس الخصوصية. فكيف يحترم الطالب المدرّسة أو المدرس وهو يأتي الي بيته ويمد يده ليأخذ الأجرة في نهاية الحصة وخصوصا أن المدرس يستحمل خلال الحصة مضايقات من الطلاب والاستخفاف مقابل المال. وهذا يشجع الطالب علي الاستهزاء به.