المصالحة السياسية واحدة من أهم وأخطر وأشد الملفات حساسية في الوقت الراهن وتداخلت فيها أطراف عديدة منها ما هو سياسي داخلي وخارجي . ومنها ما هو ديني وشعبي . وكافة الجهود علي اطلاقها تتحرك في اطار ما تسمح به القيادة العليا للبلاد من مساحة ضوء أخضر تتداول القضية في إطاره . ورغم تصاعد التصريحات الرسمية بالرفض الكامل لوجود الاخوان بأي شكل في العملية السياسية في مصر في عهد الرئيس السيسي الا ان تصريحات الرئيس في بعض الأحيان ربما أبدت عدم ممانعة في مصالحة مع من لم تتلوث أيديهم بالدماء . ومن لم تصدر ضدهم أية أحكام قضائية . وبين شدة الدولة ومرونتها تبقي المساحة التي تطرح من خلالها المصالحة السياسية التي يقدمها البعض علي أنها المخرج من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية الراهنة . وهو ما تجدد طرحه منذ أيام بمبادرة من الدكتور أحمد كمال أبوالمجد بشكل يسعي لغلق ملف هو الأخطر من نوعه علي مصر بكاملها . وتعددت مبادرات المصالحة بين الدولة والاخوان فكانت أول مبادرة لرئيس وزراء الاخوان الدكتور هشام قنديل ثم تلتها مبادرات لكل من العوا ثم مبادرة للشيخ محمد حسان ثم مبادرة للدكتور أحمد كمال ابوالمجد ثم مبادرتين للدكتور حسن نافعة ثم مبادرة للقيادات التاريخية للجماعة الاسلامية علي رأسها كرم زهدي تلتها مبادرة للشيخ عبود الزمر ثم مبادرة للدكتور أحمد كمال ابوالمجد وآخرها وأحدثها مبادرة الاخوان المنشقون . ورغم كثرتها الا انها جميعا باءت بالفشل علي عتباتها الاولي اما لطرح غير مخلص منافي للواقع واما لرفض الاخوان واما لغياب الشخصية الاخوانية القوية خارج السجن القادرة علي اتخاذ القرار . بل والأكثر من ذلك أن بعضهم كان صريحا بالنصيحة بالذهاب للبشمهندس في طره وهو يقصد بذك خيرت الشاطر. بداية أكد الدكتور أحمد كمال ابوالمجد أنه جدد طرح مبادرة للمصالحة السياسية بين الدولة المصرية والنظام الحالي وبين جماعة الاخوان يتم بموجبها الافراج عن جميع المعتقلين اللذين لم يثبت ارتكابهم لجرائم . والافراج عن كبار السن وذوي الظروف الخاصة ممن لم تثبت ادانتهم . والسماح للاخوان بالممارسة السياسية وكل ذلك في مقابل التهدئة الكاملة والاندماج السياسي . ورفض أبوالمجد الكشف عن أي تفاصيل جديدة مرتبطة بمبادرته التي اعتبر أن المناخ العام حاليا صالح للغاية حيث إن الحكومة في مركز قوة والاخوان في مركز مهزوز ويعيشون خيبة كبيرة وأصبح وجودهم لدي الشعب كالعدم وتوجد تعبئة كبيرة ضدهم .. معتبرا ان هذا المناخ الافضل لطرح مصالحة خاصة ان بعض الإخوان يحمل مكتب الارشاد مسئولية كل ما حدث . من جهته أكد عمرو عمارة . المنسق العام لحركة ¢اخوان منشقون¢. طرحه مبادرة جديدة للمصالحة الوطنية بين النظام الحالي وجماعة الاخوان . وأن أول بنود هذه المبادرة تشكيل مجلس المصالحة الوطنية من علماء الأزهر والكنيسة وممثلي مختلف التيارات الاسلامية والرموز الوطنية المستقلة وممثلي النقابات علي ان يتم تشكيل المجلس بقرار من رئيس الجمهورية وبرعاية الحكومة تنفيذا للبند العاشر من خارطة الطريق التي تم الاعلان عنها في 3 يوليو من العام الماضي ,الي جانب تفعيل تقرير المجلس القومي لحقوق الانسان الاخير بخصوص ضحايا رابعة والنهضة. خاصة أنه أقر بأنهم شهداء ويجب ان يتم تعويض اسرهم. أضاف: يجب تشكيل لجنة مستقلة للبحث في الاحداث التي شهدتها البلاد منذ احداث الاتحادية 2012 والي الآن . والنظر في الإفراج عن معتقلي الجماعة وطبيعة ممارسة العمل السياسي والدعوي للجماعة واعضائها خاصة بعد صدور احكام قضائية تحظر جماعة الاخوان وحزبها وتقضي بالتحفظ علي اموالها.. موضحا وجود ترحيب بين قواعد جماعة الاخوان بفكرة المصالحة الوطنية دفعا للبلاد نحو الاستقرار وتقليلا لحجم الضغوط التي يلاقونها دون مبرر . وفكا للحصار المفروض عليهم . والمطاردة والسجن للكثيرين دون توجيه اتهامات مباشرة. واعتبر الدكتور حسن نافعة. أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة. أن المصالحة السياسية في مصر ضرورة لا غني عنها للدولة والاخوان معا لأن الدولة تسعي لتحقيق الاستقرار والتنمية وتحقيق الأمن وجذب الاستثمارات الاجنبية والاخوان فقدوا طاقاتهم بشكل واضح وضيق عليهم وخارت قواهم بشكل جعل مظاهراتهم غير مؤثرة فضلا عن استمرار الملاحقات الأمنية لكثير منهم بالشكل الذي لم يعد يطيقه كثير منهم فضلا عن اقتناع بعض شباب الجماعة بأن مكتب الارشاد هو سبب أزمتهم مع الدولة بسبب سوء ادارته للجماعة . قال د . حسن نافعة : يجب البحث عن آلية لبدء الحوار مع من تري الدولة أنهم مؤهلون وأيديهم ليست ملوثة بالدماء. وقابلين لمراجعة مواقفهم وتدعوهم الدولة لحوارعاجل وتطرح كل الأمور علي الشعب لتكون الأمور أكثر فعالية خاصة أن السيسي لم يحدد مع من تعقد المصالحة السياسية. ولجأ إلي التعميم الذي يشمل بالقطع قطاعات كبيرة من الإخوان.. داعيا الي ضرورة التفاعل مع المبادرتين الأخيرتين بشكل يحقق النتيجة المرجوة ويحفظ للبلاد امنها واستقرارها. من جهته دعا الدكتور ناجح إبراهيم. القيادي السابق بالجماعة الاسلامية. الي مبادرة تقدمها الدولة لإبداء ما أشبه بحسن النية الذي يبدأ بالإفراج عن كبار السن والطلاب والفتيات من معارضيها المحبوسين ممن لم توجه لهم تهم ولم يرتكبوا جرائم حقيقية ثابتة الأدلة والبراهين أو يخضعون لمحاكمات. علي أن يقوم الطرف الآخر بوقف المظاهرات مع أهمية البدء في تقديم تنازلات حقيقية من الطرفين في نقطة الدماء التي أريقت تيسيرا لإمكانية إتمام المصالحة عبر وسيط أو مباشرة خاصة وأن السلطات الحالية تري أن الإسلاميين قتلوا كثيرا من ضباط الشرطة والجيش. والإسلاميون يرون أن الدولة قتلت الكثير في اعتصام رابعة العدوية. أضاف: يجب النظر لكل تجارب التصالح التي تمت رغم وقوع ضحايا ومنها دول غربية وقبلها في وقائع إسلامية مثل التي وقعت بين سيدنا علي بن أي طالب وسيدنا معاوية بن أبي سفيان. وأريقت فيها دماء كثيرة .. داعيا الطرفين للاعتراف المتبادل إذ يجب علي الدولة أن تقر أنها لا يمكن أن تتجاهل أهمية وجود الإسلاميين في المشهد. وعدم تجاهل الإسلاميين لنقاط شرعية مهمة تحض علي المصالحة وتجاوز عودة مرسي للحكم وهو الأمر الذي يمكن التفاوض بين الجانبين فيما دونهما بشكل مباشر عبر طاولة مفاوضات بوساطة مخلصة. من جانبه اعتبر الدكتور كمال الهلباوي جماعة الاخوان انتهت الي غير رجعة وأن ما تبقي منها من شباب لم تتلوث أياديهم بالدماء من حقهم الطبيعي ان يمارسوا حياتهم الطبيعية وأن توالي ضربات الدولة للتنظيم علي الارض أمنيا ومحاكمتهم علي ما ارتكبوا من جرائم قوض أجنحتهم .. موضحا أن تضييق الدوله الخناق علي مصادر تمويل الانشطة المختلفة واحكامها السيطرة اعمالا للوصاية والتحفظ علي أموال كبار قادة الجماعة أوجعت الجماعة وأخرجت رجل الجماعة الاول خيرت الشاطر عن صمته . فهو لم يدل بأي تصريحات علي الاطلاق منذ بدء محاكمته الا بعد أن وضعت الدولة يدها علي سلاسل محلاته في رد فعل غريب يكشف طبيعة تفكير الجماعة ورجلها الاول . وأشار الهلباوي الي ان المبادرات المطروحة لن تؤتي ثمارها الا اذا نجحت في تقديم جديد من قبل الجماعه التي رغم أنها خارت قواها . وأضحت غير قادرة علي الحشد . الا أن ما حدث في الماضي أن المبادرات انتهت يوم ان بدأت بيد أن الحوارات الاعلامية فقط هي التي ابقتها قليلا علي ساحة النقاش .. مبرزا ان الشاطر هو وحده صاحب القرار والمتحكم في أمر الجماعة برمته ومن يطرح مبادرة عليه ان يذهب اليه . ويبدو انه بعد تزايد حجم الضغط النفسي عليه بسبب الحصار الاقتصادي ربما يكون اكثر تجاوبا هذه المرة .