يعيش كثير من الناس خارج إطار الزمن هذه الأيام . يعزلون أنفسهم عن دنيا الواقع ويغمضون أعينهم عن مشهدنا الواسع. خاصة المشهد السياسي المصري. ولدي هؤلاء مشاعر معينة حميمة نتجت ونضجت ربما لمزايا انفردوا بها ممن يكنون له مشاعرهم . ولا يجوز لأحد أن ينكر علي هؤلاء مشاعرهم إلا إذا كانوا يسبحون بها عكس التيار وضد مصلحة الوطن. وممن يسبحون عكس التيار هذه الأيام الممثل حسن يوسف والمذيعة رولا الخرسا التي وصلت إلي مرحلة من الانفصام عن الواقع طالبت فيها بعودة مبارك وحبيب العادلي الي المشهد السياسي . رولا الخرسا استضافت حسن يوسف مؤخرا في إحدي حلقات برنامجها وتطرق الحديث بينهما إلي محاكمة مبارك فما كان من الرجل أقصد حسن يوسف إلا أن انبري يسرد علينا فضائل ومناقب ومآثر مبارك الوهمية التي لا يراها إلا نفر قليل ممن كانوا في الدائرة الضيقة له ولأسرته ولن أستطرد في تفاصيل ما قاله الممثل ولكني أذكر نموذجين . تساءل حسن يوسف مستنكرا : لماذا يحاكمون مبارك؟ أيحاكمونه لأنه تنحي عن الحكم بكامل إرادته حتي لا تراق دماء المصريين وتتحول مصر إلي سوريا أخري ؟!. - يا سلام !!. بكامل إرادته يا راجل !؟ يا من المفترض فيه أن يساهم في تشكيل الوعي. أليست الثورة هي التي أجبرته علي التنحي يا فنان ؟. لو لم تقم الثورة ما تنحي مبارك. وكان هو رئيسنا الآن أو المحروس ابنه. ليواصل المصريون تجرعهم الذل والهوان ثلاثين سنة أخري . وكلنا نعرف أن زوجته ورجال حاشيته من أمثال صفوت الشريف وزكريا عزمي وحبيب العادلي وغيرهم ممن لا يتسع المجال هنا لحصرهم كانوا يخططون لهذا. وأيضا قال حسن يوسف لا فض فوه وخاب حاسدوه : كان من الممكن للرئيس مبارك أن يأمر الجيش بضرب ال ¢شوية العيال دول اللي كانوا في ميدان التحرير¢!!. عيب يا أستاذ حسن يا من جسدت شخصية إمام الدعاة أن تصف أساتذة جامعات وطلابا. ومفكرين وكتابا. وشبات وشبابا ب ¢العيال¢ وكلنا نعرف مدلول الكلمة في اللهجة العامية المصرية . ولعلم حضرتك يا أستاذ حسن أن السادة حمدين صباحي وسليم العوا وحسن نافعة وعمرو موسي والبرادعي وغيرهم ممن في وزنهم السياسي والعلمي والاجتماعي نزلوا ميدان التحرير قبل أن يتنحي مبارك مساء يوم الحادي عشر من فبراير 2011 . فهل هؤلاء عيال؟. ولعلمك يا أستاذ حسن مبارك لم يطلب من الجيش ضرب هؤلاء ¢العيال¢ في نظرك لأنه يعلم تماما أن الجيش كان ضد مشروع التوريث . مبارك حتي الآن لم يحاكم المحاكمة العادلة التي يستحقها. فالرجل يستحق أن يحاكم علي تعمُّده تأخير مصر مئات السنين فقد كان راعيا للتخلف والجهل والفقر والذل والهوان علي مدي ثلاثين عاما . عندما تولي مبارك حكم مصر لم تكن كوريا تعرف شيئا عن الصناعة وفي عام 2012 حققت فائضا من النقد الاجنبي قدره مائتا مليار دولار. وكانت ماليزيا تتضور جوعا وفي واليوم حققت مكانة متقدمة في العلوم والتكنولوجيا وبلغت صادراتها ما يقارب المائة مليار دولار. وكانت سنغافورة من الدول المهددة بالمجاعة واليوم نصيب الفرد من الناتج المحلي فيها خمسون ألف دولار . ولكن ماذا عن مصر علي ما فيها من كل أنواع الموارد ؟. دعوني أجيب عن هذا السؤال فأقول بفضل سياسة مبارك: مزيد من الفقر والجوع والبطالة والتخلف والذل والهوان ومزيد من اللصوص والانتهازيين فهل رأينا في عصر مبارك غير هذا ؟. كان الله في عون الرئيس القادم فالتركة ثقيلة والآمال كبيرة. ومطلوب أن نتكاتف ونضع أيدينا في يديه ونتغلب علي جراح الماضي البغيض ونقبل علي المستقبل بتفاؤل وعمل. وعزم وأمل . قال الشاعر جميل صدقي الزهاوي : سيهذب المستقبلُ الإنسانا حتي يَكون أبرَّ مِمّا كانا حتي يبدل خصومته رضيً والقساوة رأفةً وحنانا حتي يوالي غيره في أَرضه حتي يري كل الوري إخوانا حتي يشيع العلم بعد نزوره بين الوَري فينور الأذهانا حتي تعز الأرض بعد هوانها وَتنال بعد خرابها عمراناحتي يسود الأمن في أَكنافها حتي يعم فيسعد السكانا