أواصل معكم اليوم حديثي عن الغفلة كأحد الأمراض العضال التي تفت في عضد الأمة فتقوض قدراتها وتنال من عزيمة أبنائها وأقف معكم اليوم عند التحذير من الظلم. ان الناس الآن من هو مقيم علي معصية اللة ولكن الله يستره ويحفظ عليه نعمه فيظن المسكين ان المعصية هينة حقيرة ولولا انها كذلك لعجل الله له العقوبة في الدنيا بل ربما يفتخر بأنه عصي الله بليل فيصبح ليهتك ستر الله عليه بنهار ونسي المسكين ان حلم الله عليه استدراج له من الله جل وعلا وتدبر معي قول الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم في الصحيحين "إن الله ليملي للظالم حتي اذا أخذه لم يفلته" وقرأ النبي صلي الله عليه وسلم قول الله جل وعلا: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القري وهي ظالمة ان أخذه أليم شديد" "هود 102" أيها المظلوم إياك أن تظن ان الله قد أهمل الظالم أو ان الله عز وجل قد نسي الظالم فتعالي ربنا فلا يظل ربنا ولا ينسي بل ان الله ليملي لأهل الظلم والطغيان حتي اذا ما أخذهم فلن يفلتهم ربنا جل وعلا أين الطواغيت والظالمون في كل زمان؟! أين قارون؟! أين فرعون؟! أين هامان؟! أين النمرود بن كنعان؟! أين أصحاب الأخدود؟! أين الظالمون وأين التابعون لهم في الغي؟! أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم في الوري ظلم وطغيان هل فارق الموت ذا عز لعزته أو هل نجا منه بالسلطان انسان لا والذي خلق الأكوان من عدم الكل يفني فلا انس ولا جان قال ربنا: كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام "الرحمن 26 27". يقول الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم "ان الله ليملي للظالم حتي إذا أخذه لم يفلته" فمن الناس من يغتر بالنعم ومن الناس من يغتر بحلم الله وستره عليه ومن الناس من صرف قلبه وهمه ووقته إلي الدنيا فأصبحت الدنيا غايته التي من أجلها يعيش ويبذل العرق والجهد والفكر والعقل لا هم له إلا هذه الحياة يسمع الآذان فلا يقوم.. يتعلم التوحيد فلا يتأثر.. يوعظ بالقرآن والسنة فلا يتحرك قلبه ولا يعيش إلا من أجل هذه الحياة الدنيا والله لقد أخبرني اخواني في أمريكا عن رجل ينتسب إلي الاسلام ولكنه قد فتح محلا كبيرا يبيع فيه الخمر والخنزير وقد ضيع الصلاة فلما ذهبت إلي هنالك يوما أراد مني اخواني أن أذهب لزيارة هذا الرجل لأذكره بالله عز وجل فذهبت إليه ولما قمت بتذكيره بآيات القرآن وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام رد عليّ هذا الغافل اللاهي وقال: يا شيخ! والله ما أتيت إلي هذه البلاد لأصلي أو لأذهب إلي المساجد وإنما أتيت لأجمع مبلغا من الدولارات وأعدك ان عدت إلي بلدي مرة أخري فسأفتح مشروعا وبعد أن أستقر فسأقضي جل عمري في بيت الله عز وجل قلت: والله لا أضمن لك ذلك لأنني ما وقعت لك ولا لنفسي صكا مع ملك الموت أن يمهلك أو أن يمهلني حتي أرجع إلي بلدي مرة أخري فنظر إلي المسكين وقال: أريد أن أصارحك بشيء قال: ابشرك! يظنها بشارة انني إذا اصبت بحالة من الصداع أخرجت ورقة مائة دولار ووضعتها علي رأسي فيذهب الصداع في الحال قلت: صدق سيد الرجال إذ يقول "تعس عبدالدرهم.. تعس عبدالدينار" فقلت له: أنت عبدالدولار انت عبد لشهواتك.. انت عبد لهذه الحياة الدنيا. إلي متي تعبد الكرسي الذي جلست عليه؟! إلي متي تعبد المال الذي من أجله ضيعت حقوق الله؟! إلي متي تعمل من أجل هذه الحياة الدنيا وكأنك لن تعرض علي الله جل وعلا؟ ان الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون. أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون" "يونس 7 8" "ان الذين لا يرجون لقاءنا" أي: هو لا يرجو لقاء الله. بل إذا ذكر بلقاء الله قال لك: ذكرنا بموضوع آخر وان ذكرته بالموت قال: نريد أن نشعر بالحياة.. نريد أن ننعم بالحياة.. لماذا تريدون أيها المشايخ أن تعقدونا من هذه الحياة الدنيا. كلا نحن لا نعقدك بل اننا نحذرك من الركون اليها ونحذر أنفسنا والله نسأل أن يختم لنا ولكم بخاتمة الايمان لأننا نعلم ان القلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء فهأنذا الآن أذكرك بالله جل وعلا ولكن ورب الكعبة لا أضمن ولا تضمن ما هي الخاتمة ولكننا نستعين بالله عز وجل من باب قول الحافظ ابن كثير: لقد أجري الله الكريم عادته بكرمه ان من عاش علي شيء مات عليه ومن مات علي شيء بعث عليه. الأعمال بالخواتيم لقد عاش شيخنا المبارك فضيلة الشيخ عبدالحميد كشك طيب الله ثراه وجمعنا به في جنات النعيم لدعوة الله ولدين الله ما نافق ظالما ولا طاغوتا من طواغيت أهل الأرض وانما تمني رضوان الله جل وعلا فكانت الخاتمة أن تقبض روحه وهو في الصلاة بين يدي الله جل وعلا. انها الخواتيم وانما الأعمال بالخواتيم نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة ووالله لقد أخبرت في المنصورة في الأيام القليلة الماضية ان رجلا ما صلي لله جل وعلا وما عرف الصلاة ذكر بالله فكان يسخر بالمذكرين نصح فكان يهزأ بالناصحين اصيب بحالة اغماء ثم بعد ذلك لما أفاق قال: أريد أن أتقيأ فدخل الخلاء أعزكم الله ووضع وجهه في هذه القاعدة التي يجلس عليها ليخرج ما في جوفه وما في بطنه فغلبه القيء ووضع رأسه في هذا المواطن القذر النجس! وظل يقيء حتي خرجت روحه في هذا الموطن النجس القذر ولا حول ولا قوة إلا بالله "انما الأعمال بالخواتيم" فإلي متي تعيش من أجل الدنيا وكأن الدنيا هي الإله الذي من أجله تركع ومن أجله تبذل الوقت والعرق والجهد؟! إلي متي هذه الغفلة؟! ان الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها "يونس 7" أي اطمأن بهذه الحياة فهو يظلم خلق الله وهو يعتقد انه مخلد علي الكرسي في هذه الدنيا ونسي انه سيعرض يوما علي الله جل وعلا ليقف إلي جوار هذا المظلوم ليقتص له ملك الملوك جل وعلا فأبشر أيها المظلوم! إذا ما علمت ان الذي سيقتص لك من الظالم هو ملك الملوك وجبار السماوات والأرض "ان الذين يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون" "يونس 7" يذكر بآيات الله فلا يتذكر فهو في غفلة عن القرآن وغافل عن السنة. ما مصير هؤلاء؟ مصيرهم بنص القرآن: "أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون" "يونس 8" مأواهم النار لا جزاء لهم إلا النار. وللحديث بقية العدد القادم بمشيئة الله.