منذ احتلت إسبانيا الفلبين في القرن السادس عشر الميلادي وحتي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. بدأ الحكم الإسلامي في الانحسار. وازداد الأمر تعقيداً بمجيء الاستعمار الأمريكي الذي ضم الجنوب المسلم إلي الشمال قبل أن يمنح الفلبين استقلالها عام 1946م. وقد تسبب ذلك في حالة من الشعور بالغبن سادت بين المسلمين في مملكة سولو ومملكة مينداناو. اللتين عملتا علي استعادة استقلالهما الذي نعمتا به لقرون. تبدأ المحنة الحقيقية لمسلمي الفلبين بعد الاستقلال ذلك لأن الأمريكان والأسبان عملوا علي تنصيب حكام صليبيين علي البلاد وعمد القساوسة علي إثاراتهم ضد المسلمين وتنصيرهم بصورة قوية. مما حدا بالمسلمين للدفاع عن عقيدتهم ضد الصليبية السافرة والاهتمام بالتعليم فأنشأوا المدارس الدينية والهيئات التعليمية ونشر الوعي بين المسلمين لمواجهة حملات التنصير المستمرة بمناطقهم. وقد شهدت البلاد بعد الاستقلال نهضة إسلامية. يرعاها اتِّحاد مسلمي الفلبين. وقد نظَّم ثلاثة مؤتمرات لبحث شئون المسلمين في الفلبين. وحضرها ممثلون عن أكثر الدول الإسلامية. وبدأت هذه النهضة تثمر. فحرَّكت الحقد الصليبي. فبدأ العمل ضدَّ المسلمين. واتَّخذ وسيلة شقِّ الصفوف. والاستيلاء علي الأراضي. وكان من المفترض أن يكون للمسلمين نصيب كامل في حكم بلادهم بعد الاستقلال في عام 1365ه/ 4 يوليو سنة 1946م . والذي شاركوا بقوة وإخلاص في تحقيقه. لكن التبشير قديمه وحديثه- مع دعم القوي المعادية للمسلمين. كان قد أينع وأثمر. فظهرت فئات المثقفين المسيحيين المتعصبين الذين أعدتهم الكنائس. واستولوا علي مقاليد الحكم. وشكلوا حكومات نصرانية متعاقبة. تجاهلت تاريخ وحقوق المسلمين المشروعة والعريقة. فتم إبعادهم عن مناصب الدولة. إلا من تعلم في مدارس الإرساليات وأظهر تنكرا لدينه ومطالب قومه. بل غزوا مناطقهم المسلمة. حربا وتبشيرا. بالكنائس ومدارس التبشير. ومحاربة التعليم العربي والإسلامي. والضغط الاقتصادي. والتلويح لهم بالخبز والتعليم والعمل لمن يترك دينه وينضم لعقيدتهم ومسيرتهم. ونظراً لانحسار الزراعة والارتباط بالأرض ضمن قائمة الأوليّات الاقتصادية والمجتمعية "تحتّمه طبيعة جزر الفلبين وتعرّضها الدائم للفيضانات". وتركيز المشاريع التنموية في المناطق النصرانية. وتهميش المناطق المسلمة. بل وزحف الجماعات النصرانية علي مناطق المسلمين. والضغط علي المسلمين للهجرة منها. والاستيلاء علي المناطق الحيوية والأراضي الجيدة تحت دعاوي إقامة المرافق والمشاريع الحكومية. كما اكتشفت في جزيرة مينداناو وفي المناطق الإسلامية جنوب البلاد ثروات طبيعية. مما دعا الحكومة المركزية إلي إشعال الحروب تحت اسم ¢محاربة الإرهاب¢. ويوجد هناك اليوم أكثر من "12" مليون نسمة من المسلمين. ينتشرون في 13 ولاية. ويتركز أغلبهم في المناطق الجنوبية التي نشرت هدايات الإسلام وتعاليمه في كافة المناطق الفلبينية. كما قامت هناك العديد من الممالك الإسلامية التي دافعت عن جميع الجزر ضد غزوات وأطماع المستعمرين. وقد ساهمت هذه الممالك في تأصيل الوجود الإسلامي والحفاظ علي العقيدة والهوية الإسلامية. والمسلمون في الفلبين هم أول مجتمع إنساني منظم في هذه الدولة.. فحينما توجه أسطول الكشوف الجغرافية إلي هذه الجزر بقيادة ¢ماجلان¢ في عام 1521 ميلادية. وجد مقاومة شرسة من المسلمين. حيث لقي ¢ ماجلان¢ مصرعه في إحدي المعارك بجزيرة ¢ماكستان¢.. وقد استطاع الأسبان فرض سيطرتهم علي هذه الجزر مدة "377" عاماً.. وأطلقوا عليها اسم ¢ الفلبين¢ نسبة إلي الملك الأسباني ¢فيليب الثاني¢. بينما ظلّت مناطق المسلمين في الجنوب متمتعة بالاستقلال الذاتي. وقد أكّدت الدراسات التاريخية أن الإمارات الإسلامية هناك قامت بدور مهم في إبلاغ دعوة الإسلام وتجلية تعاليمه السمحة. وبيان مزاياه التشريعية وسهولة تعاليمه الربانية. ومن أشهر هذه الممالك الإسلامية: إمارة الشريف أبو بكر في جزيرة ¢صُولُو¢. وإمارة الشريف محمد بن علي في جزيرة ¢ ميندناو¢. وجزيرة ¢ميندناو¢ غنيّة بالثروات» فتنتج وحدها 56% من إجمالي الذرة الفلبيني و55% من البن و55% من جوز الهند و50% من الأسماك و39% من اللحوم و29% من الأرز و50% من الفاكهة وكل الموز والمطاط الفلبيني. وقد حصلت المناطق الإسلامية في جنوبالفلبين علي الحكم الذاتي بموجب الاتفاقية التي أشرفت عليها منظمة المؤتمر الإسلامي في عام 1976 ميلادية. حيث يعيش في هذه المنطقة شعب مسلم ترجع أصوله التاريخية إلي العرب الذين استقروا هناك منذ ثمانية قرون. وقامت بينهم وبين سكان البلاد علاقات تزاوج ومصاهرة. ولكن السلطات الفلبينية تؤرخ للإسلام هناك منذ أكثر من ستة قرون. حيث أُقيم احتفال بالعاصمة مانيلا بمناسبة مرور "600" عام علي دخول الإسلام هناك في عام 1380 ميلادية .. ويُعرف الشعب المسلم بالفلبين بأنه شعب المورو.