تواكب حركة اليقظة الإسلامية الآخذة في الاتساع. وتقابلها حركة مضادة بدوافع تغريبية وعلمانية وماركسية وإزاء الكم الهائل من البحوث والمقالات والكتب التي حاولت- وما زالت تحاول حصار اليقظة "أو الصحوة" الإسلامية لإجهاضها ثقافيا وإعلاميا وسياسيا. سالكة سبلاً عدة. ربما من أهمها :خلط المفاهيم وإثارة الرأي العام وتنفيره من الاتجاه الإسلامي باختراع ألفاظ ذات مدلولات منفرة كالجمود والرجعية والتعصب والتزمت وهي معركة المصطلحات التي نحذر من الانزلاق إليها بغير تمهيد للاتفاق علي مفاهيمها ومدلولاتها والمقصود منها لا سيما أننا نعالج العقيدة السلفية وندعو إلي اعتناقها والاقتداء بطريقة السلف في تلقي الإسلام وتطبيقه بشرائعه ونظمه وقيمه. محاولة تطويع حركة اليقظة للمفاهيم الدينية الغربية التي تفصل بين الدين وبين النظم والتشريعات حيث تصاغ الأخيرة بواسطة الفلاسفة والمشرعين يعدلونها ويغيرونها كما يشاءون لملء فراغ العقيدة الدينية الدعوة إلي الاقتداء بالحضارة المعاصرة والذوبان في بوتقتها بزعم العصرية. وإزاء هذه المحاولات الهادفة إلي حصار عقيدة الإسلام وزعزعتها في النفوس. نري توضيح الرد عليها اختصاراً بالمقدمة. وفي فحوي الكتاب متسع للشرح والإفاضة :المقصود بالسلف كمصطلح - كما أوضحنا بصفحات الكتاب - أهل القرون الأولي المفضلة منذ عصر النبي - صلي الله عليه وسلم - ثم الصحابة والتابعين ومن سار علي دربهم وفق مناهج ثابتة نلتمسها في مصادرها بكتب العقائد والفقه وأصوله والتفسير والسنة والسيرة النبوية وتراجم الرجال والتاريخ الخ... وحتي لا يتبادر إلي الذهن الاقتصار علي المدلول التاريخي وحده. نبادر فنقرب المعني للقارئ فنقول: إن قمم الجبال الشوامخ لا يؤثر فيها انقضاء السنين والقرون. بل تظل قممًا شامخة ترنو إليها الأبصار. وبالمثل فإن أهل العصور الأولي يعبرون عن ذروة حضارتنا كذلك أن الإسلام قدم للبشرية النموذج الأكمل للمجتمع الرباني الذي حقق الرسول - صلي الله عليه وسلم - به نموذجًا علميًا لم يستطع الخلل أن يتطرق إليه إلا حينما اختلت قاعدة البناء في القلوب. فهل نحن في حاجة إلي التأكيد مرة أخري بان تطلعنا إلي الاقتداء بالسلف - عقيدة وقيما وسلوكا - لا يعني الرجوع إلي الماضي ونبذ منتجات العصر بل إننا نستخدمها ونتطلع إلي المستقبل والاستعداد له كانت الأمة في ظل حضارتها مستمسكة بعقيدتها. مستظلة بشريعة الإسلام طوال نحو أربعة عشر قرنا من الزمان. ثم طرأ عليها الاستعمار الخارجي وعوامل الانحراف الداخلي. وهي الآن في حاجة إلي إحياء العقيدة والعودة إلي الشريعة تصحيحا لأوضاع منحرفة وإعادة الأمة إلي مسارها من جديد بغير حاجة إلي استحداث نظريات ووضع مشاريع وإلا عرضناها إلي المزيد من التقلبات الهادمة وهي في غني عنها بعد معاناتها في ظل أنظمة فرضت عليها ولا نريد ترديد الكلام المعاد عن إمكانيات الأمة البشرية وقدرات علمائها وثرواتها وموقعها والدور السياسي الذي يمكن أن تؤديه إذا عُبِّئَت وفق خطة علمية مدروسة موحدة تجمع بين التخطيط العام ورسم الأهداف والخطط التنفيذية ومع أهمية كل ذلك. فإن البدء بالإنسان وتصحيح عقيدته هي الخطوة الأولي ومع أهمية كل ذلك. فإن البدء بالإنسان وتصحيح عقيدته هي الخطوة الأولي لتحويله إلي مساره الصحيح لكي تفجر العقيدة في النفوس والقلوب ما سبق أن فعلته في مراحل عصورنا واستمرت تفعله في المواقف الحاسمة في تاريخ الأمة وأشهرها معارك الجهاد في العصور الأولي وطوال تاريخ مواجهتها لأعدائها. ضم حروب التتار والحروب الصليبية إلي الجهاد الأفغاني وحرب العاشر من رمضان في تاريخنا المعاصر