مصدر مصري رفيع المستوى: جهود مكثفة لاحتواء الوضع في قطاع غزة    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    بسبب الامتحانات، قرار مفاجئ من الكهرباء بشأن خطة تخفيف الأحمال    أبو العينين: الإيرادات لا تعكس القوة الكاملة للاقتصاد المصري.. القادم أخطر.. وعلينا مخاطبة العالم بمشروعات عملاقة مثل رأس الحكمة    بيان عاجل.. الكهرباء: تعديل جدول تخفيف الأحمال من الغد.. اعرف المواعيد الجديدة    تكريم محمد جلال الريسي مدير عام وكالة أنباء الإمارات بالملتقى الإعلامي العربي بالكويت    إيقاف صالح جمعة 6 أشهر في الدوري العراقي وتغريمه 25 مليون دينار    إيقاف 6 أشهر وغرامة 25 مليون دينار.. الاتحاد العراقي يعاقب صالح جمعة    الإعدام شنقا ل4 متهمين بتهمة قتل شخص في القليوبية    الخميس.. ندوة حول المواطنة ونبذ ثقافة الكراهية بالأعلى للثقافة    وزير الصحة يؤكد أهمية نشر فكر الجودة وصقل مهارات العاملين بالمجال    ضمن مشروعات حياة كريمة..افتتاح 3 وحدات طب أسرة فى قرى أبوتشت بقنا    محافظ بني سويف يشهد افتتاح مؤتمر مستقبل التعليم الفني للتمريض    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    تنطلق 15 مايو.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بالمنيا    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    وزير الدفاع يلتقي قائد القيادة المركزية الأمريكية    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    ليبيا توقع على اتفاقية تنظيم النقل بالعبور الترانزيت بين دول الجامعة العربية    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    نجمة البوب العالمية دوا ليبا تصدر ألبومها المنتظر "التفاؤل الجذري"    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    رئيس "دينية الشيوخ": تعليم وتعلم اللغات يمهد لمقاصد شرعية كريمة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    مسؤول إسرائيلي: اجتياح رفح يهدف للضغط على حماس    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    في يومه العالمي.. تعرف على أكثر الأعراض شيوعا للربو    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الدعوة السلفية" بالإسكندرية.. النشأة التاريخية وأهم الملامح (4)
نشر في المصريون يوم 04 - 05 - 2011


موقفهم من العنف وحركاته
يرى السلفيون في التفجيرات وعمليات القتل التي تستهدف الأجانب داخل الدول والبلدان الإسلامية، كما كانت تفعل حركتي الجهاد والجماعة الإسلامية في تسعينيات القرن الماضي في مصر مستهدفة السياح الأجانب: "غدر ونقض لعهد الأمان" الذي دخلوا به الأراضي الإسلامية، "ولو كانوا فجاراً أو كفاراً"، كما يقول ياسر برهامي، لأنهم لم يدخلوا البلاد بقوة السلاح، "بل بأمان من المسلمين آحاداً ودولاً، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (الْمُسْلِمُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ)" (13). فأدنى المسلمين - ولو كان عبداً، أو امرأة، أو فاسقاً- إذا أجار كافراً حربياً، ودخل بلاد المسلمين بهذا الأمان؛ "لم يجز لأحد إخفار ذمته"، فضلاً عما تتضمنه هذه التفجيرات العشوائية من إصابة "المعصومين من المسلمين الذين تعج بهم طرقات المسلمين وشوارعهم وأسواقهم، من المصريين وغيرهم، فهي إذن تقتل مسلمين معصومين بالإسلام، وكافرين معصومين بالعهد والأمان".
ومن جهة أخرى تقدم هذه العمليات، التي لا يُقدم عليها سوى "جهال أغرار من الشباب الذين لم يجدوا غير "النت" لتلقي علومه وثقافته"، تقدم الحجة المساعدة لليهود وأعوانهم الذين "يستفيدون" بإحداث الوقيعة والعداوة بين الإسلاميين والأنظمة الحاكمة، كما أنها تشوه "صورة المسلمين الملتزمين" بإظهارهم في صورة سفاكي دماء الأبرياء والعُزَّل، والنساء والأطفال؛ وتعمل على صب البنزين على النار، وإظهار المجتمع المصري منقسماً متقاتلاً يعاني من أزمات لا حل لها إلا باجتثاث الإسلاميين، وسَنِّ التشريعات الحاسمة التي تقتلع "الإرهاب" و"التطرف" من جذوره. لذلك أيد السلفيون بشدة مراجعات الحركات الجهادية، لأنها كانت "سبباً عظيماً لمنع كثير من المنكرات"، وفتحت باباً لعلاقة جديدة بين الاتجاهات الإسلامية وأجهزة الدولة، قلًّت فيها أعداد المعتقلين، وتحسنت فيها أوضاع السجون، خاصة بعدما كان يجري من "التضييق على الدعوة والدُّعاة".
لكن الموقف ليس ذاته بالنسبة للبلاد الإسلامية التي دخلها المحتل، فإنه "إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم"، كما يقول ياسر برهامي: "وهذا فرض عين على أهل البلد المقصود"، (18). فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم، "كان علي من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا علي حسب ما لزم أهل تلك البلدة"، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم، وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضاً الخروج إليهم"، فالمسلمون كلهم يَدٌ علي مَنْ سواهم، كما نقل سعيد عبدالعظيم في كتابه "تحصيل الزاد لتحقيق الجهاد" عن الإمام القرطبي، و"إن أخوة الإسلام لها حقوق وواجبات، ونصرة المسلمين بعضهم بعضاً من الفرائض"، وهو ما يعني أنهم لا يرون شيئا في أي مسلم عربي أو غير عربي أن يذهب لنصرة اخوانه من المقاومين في العراق أو في أفغانستان أو في غيرهم، لكنهم يرون أنه "على من أراد الجهاد في سبيل الله، أن يتعلم فقه الجهاد، كما لابد من "اتباع السياسة الشرعية في حال الضعف والقوة"، وإلا فكم من حامل للسلاح وفي صدره فكر يتسع لكل المتناقضات.
ويرفض السلفيون ما تقوم به بعض الحركات الجهادية في ساحات الجهاد "المتفق على شرعيتها" من نقل للمعركة من ساحة القتال إلى داخل بلاد المسلمين، حيث تزداد الفجوة بعد كل حادثة "حينما يشعر المنتسبون إلى الجهاد بالفخر، بينما يشعر دعاة الداخل بالألم من جراء التضييق على الدعوة والاستغلال الإعلامي للأحداث"، التي لا تخلو غالباً من دماء أبرياء. ولما كانت أكثر ساحات الجهاد اشتعالاً الآن هي الساحة العراقية، فإن أكبر أخطاء المنتسبين للجهاد، كما يرى السلفيون هو "تصدير المعركة إلى بلاد المسلمين بدعوى الضغط على الأمريكان دون النظر إلى باقي العواقب"، فتتحول المعركة بين علماء هذه البلاد وبين المجهادين، التي يتبنى معظم علماؤها خطاً حاداً في مواجهة هذه التصرفات كما حدث في الأردن والسعودية "مما كان له أثر بالغ في ازدياد الفجوة" بين الطرفين.
وهنا يؤكد السلفيون على أن الجهاد في العراق "ليس فرض عين" على المسلمين من غير العراقيين، خاصة وقد نقل عن بعض مفتي الجهاد في العراق "أنهم لا يحتاجون إلى رجال لأنهم يعتمدون الحرب الخاطفة"، (22) ويقرر السلفيون ذلك "حتى لا ينخدع الشباب بالفتاوى الصادرة من قادة بعض التنظيمات المعروفة، والتي يقولون فيها بأن الجهاد في العراق أو غيرها فرض عين، وأنهم في حاجة إلى الرجال بهدف ضم أنصار جدد لها دون اعتبار لمصالح الدعوة القائمة، ولا ما يلاقيه هؤلاء الشباب المستجيبون لهم من أنواع الحرج والعنت وشراك الأعداء بمجرد محاولة الاتصال فضلاً عن الوصول إلى أرض الجهاد، والذي غالباَ ما لا يحصل، بل ينتهي إلى أيدي أجهزة المخابرات العالمية، ثم إلى سجون طويلة الأمد في بلاد الأرض المختلفة.
ولا يشترط السلفيون وجود "الخليفة" أي الحاكم المسلم كشرط للجهاد "لأنه خطاب متوجه للمسلمين أصلاً، والواجب على المسلمين أن يرجعوا إلى علمائهم في تقديم رجل منهم يقودهم في الجهاد"، يقول ياسر برهامي: "ولاشك أن من يشترط وجود الخلافة أولاً قبل الجهاد يلزمه أن ما جرى في أفغانستان وما يجري في البوسنة وأريتيريا والفلبين وكشمير، وسائر البلاد التي يقاتل فيها المسلمون أعداءهم يلزمه أن كل هذا محرم غير مشروع، وما أبطل من أن ينسب لأحد من علماء الإسلام مثل ذلك القول". لكنهم يرفضون أن يحتكر القائد العسكري في الميدان "الفتوى" لنفسه ولمن معه، وينكرها على علماء الأمة، فليس له أن يتحول إلى مفتيا لمجرد كونه قائداً عسكرياً، حتى لا "تحدث الأخطاء والتجاوزات"(20)، التي تنكرها أحكام الشريعة الإسلامية.
لكن لماذا المنهج السلفي بالذات؟
يدعو السلفيون إلى العودة لأخذ الإسلام من أصليه "الكتاب والسنة" بفهم "السلف الصالح" من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان والأئمة أصحاب المذاهب، وتهتم دعوتهم كثيرًا بمسائل "التوحيد" وتصحيح العقيدة، "فالتوحيد هو الذي بعث الله به الرسل والأنبياء"، ولا ينبغي أن يقدم على التوحيد من واجبات الدين شيئاً. يقول محمود عبدالحميد: "تميزت الشخصية السلفية عن غيرها باهتمامها بأمر التوحيد علماً وعملاً، قولاً واعتقاداً، بل يجعل السلفي قضية التوحيد هي القضية الأولي في حياته وهي التي يعيش لتحقيقها (...) فإذا كان الله - تعالى- خلق الإنسان لهذه القضية فجدير به أن يعيش بها"(4).
وتولي السلفية اهتماما كبيرا بالنهي عن البدع والخرافات كزيارة الأضرحة والتوسل بالأولياء والتبرك بهم والغلو في الصالحين وصرف العبادات إليهم، إلى جانب الاجتهادات والتصورات الغيبية التي يأتي بها المشعوذون والدجالون، ف "السلفية هي الامتداد الطبيعي للإسلام الخالي من البدع، والشبهات والشهوات"، حسبما يقول أحمد فريد، وهي "منهج حياة متكامل، وصياغة للحياة كما لو كان السلف الصالح - وهم الصحابة والتابعون وتابعوهم من أهل القرون الخيرية - يعيشون في زماننا"(5).
ويدعو السلفيون كل من التزم بهذا المنهج إلى الاجتهاد في طلب العلم الشرعي، حتى يتسنى للمسلم معرفة الأوامر الشرعية والنواهي في الفروض والسنن والواجبات، "فالعلم يحفظ الشريعة من تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين"، كما يقول محمود عبدالحميد (15)، فهو منهج أصولي بالأساس، يهتم السلفيون من خلاله بكتب التراث، ونقولات الأئمة من أصحاب المذاهب والفقهاء. يقول ياسر برهامي: "نشأنا في ظروف يُحارب فيها الدين جملة، وتنتشر الاشتراكية والقومية العربية، مع الهزائم المتلاحقة والنكسات والنكبات على الأمة التي من أعظمها سقوط القدس في يد اليهود، ودخولهم المسجد الأقصى، فكان رد الفعل الدفاعي لكل من يحب الإسلام العودة إلى هذا الدين بمصادره الصافية".
وإذا كان السلفيون ينادون بالعودة لفهم الإسلام كما فهمه السلف من الصحابة والتابعين والأئمة الذين مر على رحيلهم عصور بعيدة فإنهم ينفون عن أنفسهم تهمة "الرجعية" أو الرغبة في وضع الأمة الإسلامية في متحف التاريخ، بمعنى إرجاعها للأخذ بوسائل العصور السابقة في الحياة العمرانية بأساليبها في الإنتاج والنقل والتعليم، إذ لا تتعارض السلفية مع التقدم، لأن التقدم في الإسلام "تقدم أخلاقي يمضي قدمًا في تحقيق الرسالة التي نيطت بهذه الأمة مع الأخذ بأسباب العمران المادي في نواحي الحياة كلها"، كما يقول أحمد السيد في مقال له بعنوان "السلفية والتقدم"، مشيرا إلى أن المفهوم الإسلامي للحضارة "أرقى بكثير من التصور الغربي، فلا نحن نرضى بتخلف المسلمين الحالي عن تحقيق النموذج الإسلامي، ولا نرضى في الوقت نفسه بتقليد الغرب في فلسفته ومضامينه الفكرية الشاملة"(6).
ومن خلال الدعوة لهذا المنهج الذي يعظم "الدليل الشرعي"، وتربية الناس عليه بالوسائل العامة كالخطبة والدرس والكتاب والنشرات العامة وقوافل الدعوة، وغير ذلك من وسائل التربية، يسعى السلفيون إلى إيجاد الطائفة المؤمنة الملتزمة بالإسلام - علما وعملا الساعية لتحصيل أسباب القدرة، من أجل إقامة الدين وإعلاء كلمة الله في الأرض. يقول سعيد عبدالعظيم "من سمات المنهج السلفي التقدم لا التأخر، فنريد حضارة على منهاج النبوة، وتعمير الدنيا بدين الله.. علينا أن نتقدم دينيًا بالتمسك بالمعاني الإيمانية، ونتقدم دنيويًا بالأخذ بأسباب القوة وفروض الكفايات من علوم الدنيا".
سلفية القوصي
يقع الكثير من الكتاب والصحفيين في خطأ الخلط بين "الدعوة السلفية" والسلفية "المدخلية" التي ترفض أي معارضة للحاكم وإن كان ظالما، كجماعة "أسامة القوصي" في مصر، الذي كان يرى في رأس السلطة العلمانية في مصر، حسني مبارك "ولي الأمر" الذي تجب طاعته، ويحارب أي عمل جماعي خارج نظام الدولة، ويناهض الجماعات الإسلامية ويتهمها بالحزبية؛ وعداؤه لها يهدف في رأيه إلى إنهاء التفرق في الأمة والتفافها حول سلطانها.
وينعكس هذا المنهج للقوصي حتى على نظرته للمؤسسة الدينية الرسمية، التي لا يرى الخروج عن رؤيتها للدين أو ما يصدره علماؤها من فتاوى؛ لأن هذا نظام جمهورية مصر العربية، ومن هذا المنطلق فإن فوائد البنوك حلال عند القوصي ليس لأنه يرى أنها حلال، (12) بل لأن مفتي البلاد قال ذلك، وعندما يحلل المفتي البنوك فلا يحق لأحد أن يفتي بتحريمها "ومن يقدح في الشيخ علي جمعة - حفظه الله وأطال عمره وحسن من عمله- فهو على طريق يشبه طريق الخوارج"، على حد قول القوصي، وهي قضايا ربما يخالفه فيها الإسلاميون بجميع طوائفهم وليس السلفيون وحدهم الذين يرون أن كل إنسان "يؤخذ منه ويرد" مهما على قدره، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يرفضون الخوض في أي مسائل تتعلق بالمشاركة السياسية للنظام السابق لكونه نظام علماني لا يحكم الشريعة الإسلامية، ويعطل الحدود، ويفضل القانون الوضعي.
وعلاقة القوصي برموز السلفية بشكل عام ليست جيدة وخاصة سلفية الإسكندرية الذين يصفهم بالخوارج الجدد؛ ويكاد يكون قد هاجم كل الرموز السلفية المعروفة في مصر الوعظية منها والحركية، وهو يؤكد دوما أنه لا يهاجم أشخاصا بل يهاجم بدعا وضلالات، حتى إنه هاجم الفضائيات السلفية التي انتشرت مؤخرًا، رافضا إطلاق مسمى "الفضائيات الإسلامية"؛ لأنه ليس هناك إسلام 24 ساعة، على حد قوله.
ولم يسلم شيوخ السلفية الذين يظهرون في الفضائيات من سخرية القوصي الذي يراهم "مشايخ صدفة لا يملكون مؤهلا غير الغطرة واللحية"، ولو أراد أحدهم أن يعمل عنده "سمكريا" لرفض القوصي، ساخرا من الهدف الربحي لتلك الفضائيات التي لا هم لها في رأيه إلا تحصيل الأموال والإعلانات، "فإذا الشيخ فلان مرض يقومون بالإعلان عن مرضه لتتوالى بعدها الرسائل غير المجانية تقول: "شفاك الله يا شيخ"، ثم يتبعه إعلان: "تتشرف قناة كذا الذي يديرها الشيخ فلان بالإعلان عن "الغسالة الإسلامية".. غسالة زمزم المباركة.. توفير الطاقة؛ لأن الله سيسألنا عن المال.. والبطانية الإسلامية التي تشع الدفء والحرارة والمودة والرحمة"، وفي مقابل ذلك يدعو القوصي إلى مشاهدة باقي الفضائيات؛ لأنها مفيدة حتى لو كانت تحتوي على الموسيقى.
ولا يرى القوصي الحرج في إنصاف الغرب وإمكانية التحاور مع قادته، إذ يرى في الرئيس الأمريكي براك أوباما رجلا عاقلا "فرح العقلاء في كل الدنيا بعقله "أما الحمقى فهم الذين يرفضون ما قاله جملة وتفصيلا، حيث يؤيد القوصي كلام أوباما عن الهولوكوست؛ لأننا كمسلمين مشفقون على كل من قتل من اليهود.
الهوامش
1 في مذكراته عن نشأة مدرسة الدعوة السلفية في الإسكندرية، الحلقة الثانية، نشرها موقع "الإسلاميون.نت"
2 الحلقة الثالثة من شهادته عن نشأة الدعوة السلفية في الإسكندرية، نشرها "الإسلاميون.نت"
3 أحمد فريد (المصدر المذكور في (1))
4 في مقاله "السلفيون..والعقيدة الصافية" المنشور على موقع "صوت السلف"
6 في مقاله "السلفية والتقدم" على "صوت السلف"
7 ياسر برهامي "المشاركة السياسية - وموازين القوى"
8 في مقاله "هل هذا حقاً هو عصر السلفية؟"
9 في مقاله "وقفة أخرى.. السلفية والتقدم"
10 في خطبته المعنونة "المبادرة السلفية للإصلاح" التي بثها موقع "أنا السلفي"
11 علاء بكر في مقاله "الدعوة إلى القومية أو العروبة أو الوطنية تخالف دين الإسلام"
12 صلاح الدين حسن في تحقيق له بعنوان " "
13 في مقاله "تفجيرات الحسين... من المستفيد؟"
14 عبدالمنعم الشحات "السياسة... ما نأتي منها وما نذر"
15 محمود عبدالحميد "السلفيون وتحقيق التوازن"
16 عبدالمنعم الشحات "السلفيون ودخول الحجاب إلى القصر التركي"
17 عبدالمنعم الشحات "السلفيون ودخول الحجاب إلى القصر التركي"
18 كتاب "فقه الجهاد" ياسر برهامي
19 كتاب "تحصيل الزاد لتحقيق الجهاد" لسعيد عبدالعظيم
20 مقال "الشيخ ناصر العمر ورؤية متزنة للجهاد في العراق" على موقع "صوت السلف" بدون توقيع
21 "مصادمة حركة المجتمع" سعيد عبدالعظيم
22 مقال "الشيخ ناصر العمر ورؤية متزنة للجهاد في العراق" على موقع "صوت السلف" بدون توقيع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.