بعد الانخفاض الجديد.. سعر اليورو اليوم الأربعاء 13-8-2025 مقابل الجنيه المصري في البنوك    «حماس» تشيد بالجهود التي تبذلها مصر بقيادة الرئيس السيسي    نتنياهو: أشعر أنني في مهمة تاريخية ترتبط بشدة برؤية "إسرائيل الكبرى" تشمل فلسطين وجزءًا من مصر والأردن    11 لقبًا يُزينون مسيرة حسام البدري التدريبية بعد التتويج مع أهلي طرابلس    صور| الحماية المدنية تنجح في إنقاذ شاب انهار عليه بئر عمقها 10 أمتار بقنا    «كاميرا في أوضة نومها».. تفاصيل التحقيق مع سارة خليفة (نص الاعترافات)    عيار 21 الآن ينخفض بالمصنعية.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025 بالصاغة    أسعار التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    انطلاق معرض أخبار اليوم للتعليم العالي برعاية رئيس الوزراء.. اليوم    محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تغييرات لرؤساء المراكز والمدن    3 شهداء جراء استهداف إسرائيلي لمجموعة من الأهالي شمال قطاع غزة    البيت الأبيض: ترامب يسعى لعقد اجتماع ثلاثي يضم بوتين وزيلينسكي    نتنياهو: بموافقة واشنطن أو بدونها كنا سننفذ ضرب إيران.. ولحسن الحظ ترامب متعاطف للغاية    نشرة التوك شو| زيارة تاريخية للرئيس الأوغندي لمصر.. و"موسى" يهاجم مظاهرة أمام السفارة المصرية بدمشق    الموضوع زاد عن حده، أول صدام مباشر بين إدارة الأهلي وريبيرو بسبب أحمد عبد القادر    أحمد شوبير يكشف مفاجأة بِأن تجديد عقد إمام عاشور مع الأهلي    نيوكاسل الإنجليزي يعلن التعاقد مع لاعب ميلان الإيطالي    منتخب 20 سنة يختتم تدريباته لمواجهة المغرب وديًا    مرشحو التحالف الوطني يحسمون مقاعد الفردي للشيوخ بالمنيا    محافظ المنيا يخفض درجات القبول بالثانوي العام والفني للعام الجديد    كسر خط صرف صحي في الإسكندرية.. والشركة تدفع بفرق طوارئ- صور    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    كنت فاكر إن ده العادي بتاعه، هشام ماجد يروي قصة مباراة حولته من أهلاوي إلى زملكاوي    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    للحماية من هبوط الدورة الدموية.. أبرز أسباب انخفاض ضغط الدم    ممنوعة في الموجة الحارة.. مشروبات شهيرة تسبب الجفاف (احذر منها)    وزارة الشباب والرياضة: عقوبات رابطة الأندية ضد جماهير الزمالك "قوية"    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    وزيرا خارجيتي السعودية والأردن يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    الدكتور حسين عبد الباسط قائماً بعمل عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجنوب الوادي    «حماس» تشيد بدور مصر الثابت في دعم القضية الفلسطينية    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    أحمد مجدي: لدي مستحقات متأخرة في غزل المحلة وقد ألجأ للشكوى    ثلاث تغييرات في تشكيل الأهلي ضد فاركو بالجولة الثانية من الدوري    محافظ الجيزة يعلن اليوم المرحلة الثانية لتنسيق القبول بالثانوية العامة 2025    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    6 بنوك تتصدر ترتيب المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    طريقة عمل شاورما اللحم فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهزة    الصحة تشيد بالأطقم الطبية بمستشفيات الشرقية لنجاحها فى إجراء عمليات معقدة    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    البنك العربي الأفريقي الدولي يرفع حدود استخدام البطاقات الائتمانية والعملات الأجنبية للسفر والشراء    "الإسكان": منصة إلكترونية/لطلبات مواطني الإيجار القديم    بداية أسبوع من التخبط المادي.. برج الجدي اليوم 13 أغسطس    نقاش محتدم لكن يمكنك إنقاذ الموقف.. حظ برج القوس اليوم 13 أغسطس    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    الزراعة: حملات مكثفة على أسواق اللحوم والدواجن والأسماك بالمحافظات    ترامب يهاجم رئيس "جولدمان ساكس": "توقعاتهم كانت خاطئة"    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    متلبسًا بأسلحة نارية وحشيش.. ضبط تاجر مخدرات في طوخ    إخماد حريق نشب في محول كهرباء تابع لترام الإسكندرية    «الوكالة الذرية»: حريق محدود في محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية    وكيل صحة شمال سيناء يعقد اجتماعا لمتابعة خطة تطوير الخدمات الطبية    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الدعوة السلفية" بالإسكندرية.. النشأة التاريخية وأهم الملامح (4)
نشر في المصريون يوم 04 - 05 - 2011


موقفهم من العنف وحركاته
يرى السلفيون في التفجيرات وعمليات القتل التي تستهدف الأجانب داخل الدول والبلدان الإسلامية، كما كانت تفعل حركتي الجهاد والجماعة الإسلامية في تسعينيات القرن الماضي في مصر مستهدفة السياح الأجانب: "غدر ونقض لعهد الأمان" الذي دخلوا به الأراضي الإسلامية، "ولو كانوا فجاراً أو كفاراً"، كما يقول ياسر برهامي، لأنهم لم يدخلوا البلاد بقوة السلاح، "بل بأمان من المسلمين آحاداً ودولاً، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (الْمُسْلِمُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ)" (13). فأدنى المسلمين - ولو كان عبداً، أو امرأة، أو فاسقاً- إذا أجار كافراً حربياً، ودخل بلاد المسلمين بهذا الأمان؛ "لم يجز لأحد إخفار ذمته"، فضلاً عما تتضمنه هذه التفجيرات العشوائية من إصابة "المعصومين من المسلمين الذين تعج بهم طرقات المسلمين وشوارعهم وأسواقهم، من المصريين وغيرهم، فهي إذن تقتل مسلمين معصومين بالإسلام، وكافرين معصومين بالعهد والأمان".
ومن جهة أخرى تقدم هذه العمليات، التي لا يُقدم عليها سوى "جهال أغرار من الشباب الذين لم يجدوا غير "النت" لتلقي علومه وثقافته"، تقدم الحجة المساعدة لليهود وأعوانهم الذين "يستفيدون" بإحداث الوقيعة والعداوة بين الإسلاميين والأنظمة الحاكمة، كما أنها تشوه "صورة المسلمين الملتزمين" بإظهارهم في صورة سفاكي دماء الأبرياء والعُزَّل، والنساء والأطفال؛ وتعمل على صب البنزين على النار، وإظهار المجتمع المصري منقسماً متقاتلاً يعاني من أزمات لا حل لها إلا باجتثاث الإسلاميين، وسَنِّ التشريعات الحاسمة التي تقتلع "الإرهاب" و"التطرف" من جذوره. لذلك أيد السلفيون بشدة مراجعات الحركات الجهادية، لأنها كانت "سبباً عظيماً لمنع كثير من المنكرات"، وفتحت باباً لعلاقة جديدة بين الاتجاهات الإسلامية وأجهزة الدولة، قلًّت فيها أعداد المعتقلين، وتحسنت فيها أوضاع السجون، خاصة بعدما كان يجري من "التضييق على الدعوة والدُّعاة".
لكن الموقف ليس ذاته بالنسبة للبلاد الإسلامية التي دخلها المحتل، فإنه "إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم"، كما يقول ياسر برهامي: "وهذا فرض عين على أهل البلد المقصود"، (18). فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم، "كان علي من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا علي حسب ما لزم أهل تلك البلدة"، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم، وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضاً الخروج إليهم"، فالمسلمون كلهم يَدٌ علي مَنْ سواهم، كما نقل سعيد عبدالعظيم في كتابه "تحصيل الزاد لتحقيق الجهاد" عن الإمام القرطبي، و"إن أخوة الإسلام لها حقوق وواجبات، ونصرة المسلمين بعضهم بعضاً من الفرائض"، وهو ما يعني أنهم لا يرون شيئا في أي مسلم عربي أو غير عربي أن يذهب لنصرة اخوانه من المقاومين في العراق أو في أفغانستان أو في غيرهم، لكنهم يرون أنه "على من أراد الجهاد في سبيل الله، أن يتعلم فقه الجهاد، كما لابد من "اتباع السياسة الشرعية في حال الضعف والقوة"، وإلا فكم من حامل للسلاح وفي صدره فكر يتسع لكل المتناقضات.
ويرفض السلفيون ما تقوم به بعض الحركات الجهادية في ساحات الجهاد "المتفق على شرعيتها" من نقل للمعركة من ساحة القتال إلى داخل بلاد المسلمين، حيث تزداد الفجوة بعد كل حادثة "حينما يشعر المنتسبون إلى الجهاد بالفخر، بينما يشعر دعاة الداخل بالألم من جراء التضييق على الدعوة والاستغلال الإعلامي للأحداث"، التي لا تخلو غالباً من دماء أبرياء. ولما كانت أكثر ساحات الجهاد اشتعالاً الآن هي الساحة العراقية، فإن أكبر أخطاء المنتسبين للجهاد، كما يرى السلفيون هو "تصدير المعركة إلى بلاد المسلمين بدعوى الضغط على الأمريكان دون النظر إلى باقي العواقب"، فتتحول المعركة بين علماء هذه البلاد وبين المجهادين، التي يتبنى معظم علماؤها خطاً حاداً في مواجهة هذه التصرفات كما حدث في الأردن والسعودية "مما كان له أثر بالغ في ازدياد الفجوة" بين الطرفين.
وهنا يؤكد السلفيون على أن الجهاد في العراق "ليس فرض عين" على المسلمين من غير العراقيين، خاصة وقد نقل عن بعض مفتي الجهاد في العراق "أنهم لا يحتاجون إلى رجال لأنهم يعتمدون الحرب الخاطفة"، (22) ويقرر السلفيون ذلك "حتى لا ينخدع الشباب بالفتاوى الصادرة من قادة بعض التنظيمات المعروفة، والتي يقولون فيها بأن الجهاد في العراق أو غيرها فرض عين، وأنهم في حاجة إلى الرجال بهدف ضم أنصار جدد لها دون اعتبار لمصالح الدعوة القائمة، ولا ما يلاقيه هؤلاء الشباب المستجيبون لهم من أنواع الحرج والعنت وشراك الأعداء بمجرد محاولة الاتصال فضلاً عن الوصول إلى أرض الجهاد، والذي غالباَ ما لا يحصل، بل ينتهي إلى أيدي أجهزة المخابرات العالمية، ثم إلى سجون طويلة الأمد في بلاد الأرض المختلفة.
ولا يشترط السلفيون وجود "الخليفة" أي الحاكم المسلم كشرط للجهاد "لأنه خطاب متوجه للمسلمين أصلاً، والواجب على المسلمين أن يرجعوا إلى علمائهم في تقديم رجل منهم يقودهم في الجهاد"، يقول ياسر برهامي: "ولاشك أن من يشترط وجود الخلافة أولاً قبل الجهاد يلزمه أن ما جرى في أفغانستان وما يجري في البوسنة وأريتيريا والفلبين وكشمير، وسائر البلاد التي يقاتل فيها المسلمون أعداءهم يلزمه أن كل هذا محرم غير مشروع، وما أبطل من أن ينسب لأحد من علماء الإسلام مثل ذلك القول". لكنهم يرفضون أن يحتكر القائد العسكري في الميدان "الفتوى" لنفسه ولمن معه، وينكرها على علماء الأمة، فليس له أن يتحول إلى مفتيا لمجرد كونه قائداً عسكرياً، حتى لا "تحدث الأخطاء والتجاوزات"(20)، التي تنكرها أحكام الشريعة الإسلامية.
لكن لماذا المنهج السلفي بالذات؟
يدعو السلفيون إلى العودة لأخذ الإسلام من أصليه "الكتاب والسنة" بفهم "السلف الصالح" من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان والأئمة أصحاب المذاهب، وتهتم دعوتهم كثيرًا بمسائل "التوحيد" وتصحيح العقيدة، "فالتوحيد هو الذي بعث الله به الرسل والأنبياء"، ولا ينبغي أن يقدم على التوحيد من واجبات الدين شيئاً. يقول محمود عبدالحميد: "تميزت الشخصية السلفية عن غيرها باهتمامها بأمر التوحيد علماً وعملاً، قولاً واعتقاداً، بل يجعل السلفي قضية التوحيد هي القضية الأولي في حياته وهي التي يعيش لتحقيقها (...) فإذا كان الله - تعالى- خلق الإنسان لهذه القضية فجدير به أن يعيش بها"(4).
وتولي السلفية اهتماما كبيرا بالنهي عن البدع والخرافات كزيارة الأضرحة والتوسل بالأولياء والتبرك بهم والغلو في الصالحين وصرف العبادات إليهم، إلى جانب الاجتهادات والتصورات الغيبية التي يأتي بها المشعوذون والدجالون، ف "السلفية هي الامتداد الطبيعي للإسلام الخالي من البدع، والشبهات والشهوات"، حسبما يقول أحمد فريد، وهي "منهج حياة متكامل، وصياغة للحياة كما لو كان السلف الصالح - وهم الصحابة والتابعون وتابعوهم من أهل القرون الخيرية - يعيشون في زماننا"(5).
ويدعو السلفيون كل من التزم بهذا المنهج إلى الاجتهاد في طلب العلم الشرعي، حتى يتسنى للمسلم معرفة الأوامر الشرعية والنواهي في الفروض والسنن والواجبات، "فالعلم يحفظ الشريعة من تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين"، كما يقول محمود عبدالحميد (15)، فهو منهج أصولي بالأساس، يهتم السلفيون من خلاله بكتب التراث، ونقولات الأئمة من أصحاب المذاهب والفقهاء. يقول ياسر برهامي: "نشأنا في ظروف يُحارب فيها الدين جملة، وتنتشر الاشتراكية والقومية العربية، مع الهزائم المتلاحقة والنكسات والنكبات على الأمة التي من أعظمها سقوط القدس في يد اليهود، ودخولهم المسجد الأقصى، فكان رد الفعل الدفاعي لكل من يحب الإسلام العودة إلى هذا الدين بمصادره الصافية".
وإذا كان السلفيون ينادون بالعودة لفهم الإسلام كما فهمه السلف من الصحابة والتابعين والأئمة الذين مر على رحيلهم عصور بعيدة فإنهم ينفون عن أنفسهم تهمة "الرجعية" أو الرغبة في وضع الأمة الإسلامية في متحف التاريخ، بمعنى إرجاعها للأخذ بوسائل العصور السابقة في الحياة العمرانية بأساليبها في الإنتاج والنقل والتعليم، إذ لا تتعارض السلفية مع التقدم، لأن التقدم في الإسلام "تقدم أخلاقي يمضي قدمًا في تحقيق الرسالة التي نيطت بهذه الأمة مع الأخذ بأسباب العمران المادي في نواحي الحياة كلها"، كما يقول أحمد السيد في مقال له بعنوان "السلفية والتقدم"، مشيرا إلى أن المفهوم الإسلامي للحضارة "أرقى بكثير من التصور الغربي، فلا نحن نرضى بتخلف المسلمين الحالي عن تحقيق النموذج الإسلامي، ولا نرضى في الوقت نفسه بتقليد الغرب في فلسفته ومضامينه الفكرية الشاملة"(6).
ومن خلال الدعوة لهذا المنهج الذي يعظم "الدليل الشرعي"، وتربية الناس عليه بالوسائل العامة كالخطبة والدرس والكتاب والنشرات العامة وقوافل الدعوة، وغير ذلك من وسائل التربية، يسعى السلفيون إلى إيجاد الطائفة المؤمنة الملتزمة بالإسلام - علما وعملا الساعية لتحصيل أسباب القدرة، من أجل إقامة الدين وإعلاء كلمة الله في الأرض. يقول سعيد عبدالعظيم "من سمات المنهج السلفي التقدم لا التأخر، فنريد حضارة على منهاج النبوة، وتعمير الدنيا بدين الله.. علينا أن نتقدم دينيًا بالتمسك بالمعاني الإيمانية، ونتقدم دنيويًا بالأخذ بأسباب القوة وفروض الكفايات من علوم الدنيا".
سلفية القوصي
يقع الكثير من الكتاب والصحفيين في خطأ الخلط بين "الدعوة السلفية" والسلفية "المدخلية" التي ترفض أي معارضة للحاكم وإن كان ظالما، كجماعة "أسامة القوصي" في مصر، الذي كان يرى في رأس السلطة العلمانية في مصر، حسني مبارك "ولي الأمر" الذي تجب طاعته، ويحارب أي عمل جماعي خارج نظام الدولة، ويناهض الجماعات الإسلامية ويتهمها بالحزبية؛ وعداؤه لها يهدف في رأيه إلى إنهاء التفرق في الأمة والتفافها حول سلطانها.
وينعكس هذا المنهج للقوصي حتى على نظرته للمؤسسة الدينية الرسمية، التي لا يرى الخروج عن رؤيتها للدين أو ما يصدره علماؤها من فتاوى؛ لأن هذا نظام جمهورية مصر العربية، ومن هذا المنطلق فإن فوائد البنوك حلال عند القوصي ليس لأنه يرى أنها حلال، (12) بل لأن مفتي البلاد قال ذلك، وعندما يحلل المفتي البنوك فلا يحق لأحد أن يفتي بتحريمها "ومن يقدح في الشيخ علي جمعة - حفظه الله وأطال عمره وحسن من عمله- فهو على طريق يشبه طريق الخوارج"، على حد قول القوصي، وهي قضايا ربما يخالفه فيها الإسلاميون بجميع طوائفهم وليس السلفيون وحدهم الذين يرون أن كل إنسان "يؤخذ منه ويرد" مهما على قدره، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يرفضون الخوض في أي مسائل تتعلق بالمشاركة السياسية للنظام السابق لكونه نظام علماني لا يحكم الشريعة الإسلامية، ويعطل الحدود، ويفضل القانون الوضعي.
وعلاقة القوصي برموز السلفية بشكل عام ليست جيدة وخاصة سلفية الإسكندرية الذين يصفهم بالخوارج الجدد؛ ويكاد يكون قد هاجم كل الرموز السلفية المعروفة في مصر الوعظية منها والحركية، وهو يؤكد دوما أنه لا يهاجم أشخاصا بل يهاجم بدعا وضلالات، حتى إنه هاجم الفضائيات السلفية التي انتشرت مؤخرًا، رافضا إطلاق مسمى "الفضائيات الإسلامية"؛ لأنه ليس هناك إسلام 24 ساعة، على حد قوله.
ولم يسلم شيوخ السلفية الذين يظهرون في الفضائيات من سخرية القوصي الذي يراهم "مشايخ صدفة لا يملكون مؤهلا غير الغطرة واللحية"، ولو أراد أحدهم أن يعمل عنده "سمكريا" لرفض القوصي، ساخرا من الهدف الربحي لتلك الفضائيات التي لا هم لها في رأيه إلا تحصيل الأموال والإعلانات، "فإذا الشيخ فلان مرض يقومون بالإعلان عن مرضه لتتوالى بعدها الرسائل غير المجانية تقول: "شفاك الله يا شيخ"، ثم يتبعه إعلان: "تتشرف قناة كذا الذي يديرها الشيخ فلان بالإعلان عن "الغسالة الإسلامية".. غسالة زمزم المباركة.. توفير الطاقة؛ لأن الله سيسألنا عن المال.. والبطانية الإسلامية التي تشع الدفء والحرارة والمودة والرحمة"، وفي مقابل ذلك يدعو القوصي إلى مشاهدة باقي الفضائيات؛ لأنها مفيدة حتى لو كانت تحتوي على الموسيقى.
ولا يرى القوصي الحرج في إنصاف الغرب وإمكانية التحاور مع قادته، إذ يرى في الرئيس الأمريكي براك أوباما رجلا عاقلا "فرح العقلاء في كل الدنيا بعقله "أما الحمقى فهم الذين يرفضون ما قاله جملة وتفصيلا، حيث يؤيد القوصي كلام أوباما عن الهولوكوست؛ لأننا كمسلمين مشفقون على كل من قتل من اليهود.
الهوامش
1 في مذكراته عن نشأة مدرسة الدعوة السلفية في الإسكندرية، الحلقة الثانية، نشرها موقع "الإسلاميون.نت"
2 الحلقة الثالثة من شهادته عن نشأة الدعوة السلفية في الإسكندرية، نشرها "الإسلاميون.نت"
3 أحمد فريد (المصدر المذكور في (1))
4 في مقاله "السلفيون..والعقيدة الصافية" المنشور على موقع "صوت السلف"
6 في مقاله "السلفية والتقدم" على "صوت السلف"
7 ياسر برهامي "المشاركة السياسية - وموازين القوى"
8 في مقاله "هل هذا حقاً هو عصر السلفية؟"
9 في مقاله "وقفة أخرى.. السلفية والتقدم"
10 في خطبته المعنونة "المبادرة السلفية للإصلاح" التي بثها موقع "أنا السلفي"
11 علاء بكر في مقاله "الدعوة إلى القومية أو العروبة أو الوطنية تخالف دين الإسلام"
12 صلاح الدين حسن في تحقيق له بعنوان " "
13 في مقاله "تفجيرات الحسين... من المستفيد؟"
14 عبدالمنعم الشحات "السياسة... ما نأتي منها وما نذر"
15 محمود عبدالحميد "السلفيون وتحقيق التوازن"
16 عبدالمنعم الشحات "السلفيون ودخول الحجاب إلى القصر التركي"
17 عبدالمنعم الشحات "السلفيون ودخول الحجاب إلى القصر التركي"
18 كتاب "فقه الجهاد" ياسر برهامي
19 كتاب "تحصيل الزاد لتحقيق الجهاد" لسعيد عبدالعظيم
20 مقال "الشيخ ناصر العمر ورؤية متزنة للجهاد في العراق" على موقع "صوت السلف" بدون توقيع
21 "مصادمة حركة المجتمع" سعيد عبدالعظيم
22 مقال "الشيخ ناصر العمر ورؤية متزنة للجهاد في العراق" على موقع "صوت السلف" بدون توقيع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.