غسل الأرجل .. خميس العهد والأسرار وطقوس إحياء ذكرى العشاء الأخير للمسيح    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    «هونداي روتم» الكورية تخطط لإنشاء مصنع جديد لعربات المترو في مصر    البنك المركزي يوافق على إطلاق أول بنك رقمي في مصر onebank    وزيرا الزراعة في مصر ولبنان يبحثان تعزيز التعاون المشترك    «العامة للاستثمار» توقع مذكرة تفاهم مع «الصادرات البريطانية» لتعزيز التعاون الاقتصادي    الرئيس السيسي يصل مقر الاحتفال بعيد العمال    أمين رابطة مصنعي السيارات: مبادرة سيارات المصريين بالخارج لم تحقق نتائجها المرجوة    جامعة السويس وجهاز السويس الجديدة يوقعان بروتوكول تعاون لتبادل المعلومات    طولكرم.. استشهاد فلسطيني في تبادل لإطلاق النار مع أمن السلطة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 34 ألفا و596 شهيدا    البيت الأبيض: موسكو استخدمت أسلحة كيماوية ضد القوات الأوكرانية    موعد مباريات الجولة الأخيرة بدوري المحترفين.. غزل المحلة ضد بروكسي الأبرز    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام توتنهام في البريميرليج    تحرير 30 محضرًا تموينيًا في كفر الشيخ    تعرف على الحالة المرورية في شوارع وميادين القاهرة والجيزة    الطقس اليوم الخميس 2 مايو 2024: حالة الأجواء ونصائح الأرصاد الجوية    انخفضت ل2.4 %.. نتائج تحليل مشاهد التدخين والمخدرات في دراما رمضان 2024    العثور على جثتى أب ونجله فى صحراء قرية حمرادوم بقنا    الداخلية تشن حملة على تجار الكيف بالعصفرة.. وتضبط 34 من مروجي المخدرات    بأحدث معالج سناب دراجون وأقوى بطارية.. Vivo تطلق أحدث موبايل للشباب    إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في أسبوعه الرابع بدور العرض    آخرها "كامل العدد" و"المداح".. مسلسلات مستمرة في رمضان 2025    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال أبريل    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    غضب الله.. البحر الميت يبتلع عشرات المستوطنين أثناء احتفالهم على الشاطئ (فيديو)    الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني وتدمير 12 طائرة مسيرة كانت تستهدف مناطق في العمق الروسي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    الفنان ياسر ماهر ينعى المخرج عصام الشماع: كان أستاذي وابني الموهوب    هل توجد لعنة الفراعنة داخل مقابر المصريين القدماء؟.. عالم أثري يفجر مفاجأة    تامر حسني يدعم بسمة بوسيل قبل طرح أغنيتها الأولى: كل النجاح ليكِ يا رب    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع خادم دياو بديل معلول    بعد أزمة أسترازينيكا.. مجدي بدران ل«أهل مصر»: اللقاحات أنقذت العالم.. وكل دواء له مضاعفات    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعبة الثلاث ورقات في أيدي المشككين الآن
الرئيس.. الخليفة.. أمير المؤمنين!!
نشر في عقيدتي يوم 24 - 01 - 2012

فاز التيار الإسلامي بمختلف فصائله بأغلبية محترمة تمكنه من الهيمنة علي البرلمان القادم. واشتعل الجدل من جديد بسبب تصريحات صدرت من بعض رموز وقادة الاحزاب الإسلامية. حول اقتراب تحقيق حلم الخلافة الإسلامية. وعاد الي المشهد اللغط حول هوية الدولة والحاكمية والاممية الاسلامية. ويكاد يجمع الخبراء والسياسيون علي أنها معركة مفتعلة وصخب للتشويش علي قضايا مصر الكبري. ومحاولة يائسة لاعادتنا الي فزاعة الإسلاميين واظهارهم كما لو كانوا خطرا علي المجتمع في الداخل وخطرا علي العالم في الخارج.
لا شك أن الخلافة الاسلامية كانت من الموضوعات التي اهتم بها الفقهاء والساسة والقانونيون منذ بدايات القرن الماضي. حيث نجد العلامة الفقيه الدستوري الكبير عبد الرازق السنهوري- رحمه الله- يصر علي أن يكون موضوع رسالته للدكتوراه بجامعة ليون الفرنسية عن الخلافة. ونشرت في كتاب بفرنسا سنة 1926م تحت عنوان ¢ فقه الخلافة وتطورها لتصبح عصبة أمم شرقية ¢. وأكد فيه أن العالم الإسلامي عاش ثلاثة عشر قرنا في ظل دولة إسلامية موحدة تحمل اسم ¢الخلافة¢ منذ وفاة الرسول -صلي الله عليه وسلم- في العام الحادي عشر للهجرة إلي ما بعد الحرب العالمية الأولي عندما أعلنت الجمهورية التركية إلغاء الخلافة العثمانية في 1918.
كشف أن الدولة الاسلامية الموحدة تطور فيها نظام الحكم. حيث بدأ نظاما شوريا في عهد الخلفاء الراشدين. فقد كان يتولي الحكم فيه خلفاء تم اختيارهم بالبيعة الحرة ثم تحولت الدولة إلي نظام وراثي استبدادي في عهد الأمويين والعباسيين ثم العثمانيين. مبينا أن جميع هذه الدول حافظت علي مبدأ وحدة الأمة الإسلامية علي أساس أن تمثلها دولة واحدة عظمي تميزت باتساع رقعتها. وعلو شأنها في ميدان الحضارة وفي مجالات العلم والثقافة. حتي أصبحت أعظم دولة في العالم خلال عصور الإسلام الزاهرة.
وأثبت ¢السنهوري¢ أن الفقهاء اعتبروا مبدأ وحدة الأمة يعني وحدة الدولة الإسلامية. وأنهم لم يفرقوا بين المبدأين. لأن الواقع نفسه كان يفرض عليهم هذه الفكرة. وزاد اقتناعهم بذلك أن عهد الراشدين الذي يعتبر المصدر التاريخي لأحكام الخلافة. قام علي أساس وحدة الدولة الإسلامية. ولم تفعل دول الخلافة الناقصة بعد ذلك إلا التمسك بهذا المبدأ. وإن كانت بعض الدول قد فشلت في تطبيقه.
وحاول تقديم بديل عصري لدولة الخلافة التي انهارت في عهد الدولة العثمانية. واقتراح لذلك إنشاء منظمات إسلامية دولية أو شعبية. وشدد علي وجوب إقامة الحكم الإسلامي علي أساس مبادئ ¢الخلافة¢ الصحيحة بالصورة العصرية التي اقترحها.
وتوصل إلي أن المبادئ والقواعد والأصول التي بني عليها فقه الخلافة قام علي المبادئ التي توصلت إليها أحدث النظم العصرية ¢الديمقراطية¢ مثل مبدأ السيادة الشعبية والفصل بين السلطات والأساس التعاقدي لولاية الحكم الذي يضمن حريات الشعوب وحقوق الأفراد. كما خلص الي أن الخلافة أنشأت في منطقتنا أعظم أمة. وأكبر دولة شهدها تاريخ الشرق. وأقامت أعظم حضارة شهدها العالم كله في العصور الوسطي عندما كان الأوروبيون أنفسهم مغمورين في ظلام التخلف والجهل والحروب الدينية. والنظم الإقطاعية والاستبدادية.
وانتهي الي أن وحدة الأمة الإسلامية يجب التمسك بها وتدعيمها دون انتظار وجود الدولة العظمي الموحدة. وأنه يجب أن نبدأ بإنشاء ¢عصبة أمم شرقية¢ كمنظمة إقليمية تتمشي مع الاتجاه العالمي نحو التكتل والتجمع الذي نتج عنه وجود ¢عصبة أمم عالمية¢ . و¢منظمة أمم متحدة¢ بعد ذلك. فضلا عن اتحادات كبري مثل منظمة الدول الأمريكية ومنظمة الوحدة الأوروبية والإفريقية.
أكد الدكتور جمال المراكبي. الرئيس العام السابق لجماعة أنصار السنة المحمدية. أن نظام الحكم في الاسلام هو خلافة النبوة في إمامة الأمة. وقال ان القرآن الكريم وصف الأنبياء والهداة المتقين بأنهم أئمة يهدون بأمر الله. وإطلاق اسم الإمامة علي نظام الحكم الإسلامي يتضمن الإشارة إلي أن هذا النظام نظام هداية ورشاد.
وأوضح ان لفظ الإمامة يعني الاقتداء والاتباع الواجب علي الأمة للإمام القائد الذي يمسك بزمام الأمور. فهو إمام الصلاة وإمام الحجيج وإمام الدعوة وإمام الجهاد. مشيرا الي أن لفظ الخلافة يعني حلول الإمام -الخليفة - محمد رسول الله - صلي الله عليه وسلم- في قيادة الأمة. إذ إنه يقوم مقام النبي- صلي الله عليه وسلم- في كل مهامه ما عدا تلقي الوحي الذي هو من خصائص النبوة.
لافتا الي أن بين اللفظين- الإمامة والخلافة- صلة وثيقة. حيث إنهما يرميان في الاصطلاح الشرعي إلي معني واحد هو قيادة الأمة الإسلامية بشرع الله تعالي تأسيا واقتداء برسول الله- صلي الله عليه وسلم- وخلافة عنه. أو بمعني آخر. خلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا.
ويؤكد أن النظام الاسلامي يتميز عن غيره من الأنظمة بعدة امور منها عموم الولاية. وفي هذا العموم إشارة إلي وحدة الخلافة فهي ولاية عامة علي المسلمين وغيرهم في ديار الإسلام. كما يتميز بعموم الغاية. فغاية الخلافة حفظ الدين- حراسة الدين- وسياسة الدنيا به.
ذكر أن القيام في مقام صاحب الشرع- النبي صلي الله عليه وسلم- في قيادة الأمة بهذا الشرع. لأنه خلافة نبوة من أهم ما يتميز به النظام الاسلامي. فضلا عن تنفيذ وتطبيق أحكام الشرع الإسلامي الصالح لكل زمان ومكان والذي يصلح فساد كل زمان ومكان. فهو نظام يحكم بشرع الله ويُحكم به. ولا يجوز الخروج عنه بحال.
وشدد علي أن الخلافة هي الحكومة الإسلامية الشرعية التي تكون الشريعة الإسلامية دستورها وقوانينها. والتي يخضع لسلطانها كل المسلمين علي الإقليم الإسلامي الكبير. وقال ان الخلافة التي نعنيها هي الخلافة الراشدة. خلافة النبوة التي عرفها المسلمون لفترة قصيرة. ثم انقلبوا عليها فصارت ملكا عضوضا. ثم ملكا جبريا.
ولفت الي أن الرسول- صلي الله عليه وسلم- ترك أمر الاختيار وما يتعلق به للأمة. مضيفا انه لم يبين من يخلفه في قيادة الأمة. يدل علي ذلك قول عمر-رضي الله عنه:¢ إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني- يعني أبا بكر- وإن أترك فقد ترك من هو خير مني- يعني رسول الله صلي الله عليه وسلم ¢.
الطريقة الأنسب
ويقول المراكبي ان الشرع الحنيف ترك أسلوب الاختيار إلي الأمة لتمارس الطريقة التي تراها محققة لمصالحها علي ضوء ما يقدمه عصرها وواقعها من تجارب نافعة ورأي مفيد. وقد كان اختيار الراشدين تجسيدا لهذه الحقيقة فلم يتقيدوا في الاختيار بطريقة واحدة. موضحا أن طرق الاختيار التي سلكتها الأمة في عهد الراشدين تعد من قبيل السوابق التاريخية التي يستأنس بها المسلمون في اختيارهم وشوراهم. فالواجب هو الاختيار الحر المبني علي الشوري. أما الوسيلة المتبعة فهي خاضعة لسنن التطور. وما لدي الجماعة المسلمة من إمكانات لتحقيق هذا الاختيار الحر. وهذه إحدي نقاط الالتقاء بين النظام السياسي الإسلامي وبين الديمقراطية. وهي التي جعلت المفكرين يعدونه نوعا من الديمقراطية.
يضيف ان الفكر السياسي الإسلامي عرف طرقا عديدة لتعيين الخليفة استلهمها من واقع المسلمين. منها ما هو مشروع يتماشي مع روح الإسلام وتعاليمه كالاختيار عن طريق أهل الحل والعقد ومبايعة جماهير المسلمين. والاستخلاف والبيعة. ومنها ما هو غير مشروع في ذاته وإنما فرض علي المسلمين وتعايشوا معه درءا للفتنة ودفعا لأكبر الضررين وهو ما يعرف بالتغلب والقهر.
تنظيم الرئاسة
وعن المدلول الدستوري للخلافة وبداية ظهور هذا المصطلح يقول الدكتور محمد سليم العوا. الفقيه المعروف. في دراسته القيمة ¢ الوسطية السياسية ¢ إن الصحابة ابتكروا لفظ الخلافة في بداية نشوء الدولة الإسلامية التي تولي رسول الله -صلي الله عليه وسلم- رئاستها. مبينا أن نظام الخلافة لا يعني في مدلوله السياسي أو الدستوري أكثر من تنظيم رئاسة الدولة الإسلامية تنظيما يشمل اختيار رئيسها وتحديد حقوقه وواجباته.
مؤكدا أنه لم تستقر تسمية الدولة الإسلامية بالخلافة في كل عصورها. فأبو بكر سمي ¢خليفة رسول الله¢. ولقب عمر ¢بأمير المؤمنين¢. ثم استعمل الفقهاء تعبير ¢الإمام ¢ في بحوثهم الفقهية عن الحاكم وما يتعلق به.
وأضاف أن الدولة الإسلامية ليس لها صورة واحدة جامدة. وإنما هي عدة صور تدور مع قيم عليا أينما تحققت فثم دولة الإسلام. موضحا أن الخلافة في المدلول الدستوري كما اتفق الصحابة عليه ما هي إلا تنظيم لرئاسة الدولة.
وقال ان المدلول الدستوري لها يتضمن أمرين اثنين بهذا الاعتبار. الأول. أن ما تنتهي إليه شوري المسلمين هو الفيصل في ترشيح من يصلح للولاية. والثاني. أن تولية المرشح للرئاسة تتم بناء علي بيعة المسلمين له وعلي هذا النحو تم تولية الخلفاء الراشدين الأربعة.
حذر الدكتور سعد الحلواني. أستاذ الحضارة الاسلامية بجامعة الازهر. من المحاولات التي يقوم بها بعض الخائفين من الفكرة الاسلامية لتنفير الناس من النموذج الاسلامي بتقديم معلومات مغلوطة حول تاريخ الدولة الاسلامية واختزاله في مراحل تاريخية مظلمة واتهامه بأقاويل فاسدة ظالمة. نافيا ما يشيعه البعض من اعتراف الاسلام بالدولة الدينية التي عرفتها أوروبا عندما حكمتها الكنيسة في العصور الوسطي.
وقال ان الدولة والخلافة في تاريخنا كانت مدنية واسلامية في ذات الوقت. مشيرا الي أن الدولة الاسلامية كانت ولا تزال نمطا متميزا عن دولة الكهانة الكنسية وأيضا العلمانية كليهما.
ويضيف أن الخلافة الاسلامية كانت نظاما جديداً في جوهره وغاياته ويختلف عن أنظمة الحكم التي كانت معروفة وسائدة في العالم في ذلك الوقت. وهما الكسروية والقيصرية. موضحا ان الاسلام لا يعرف الفصل الجامد بين ما هو ديني وسياسي. حيث إن الدين في نظر الاسلام هو الحياة كلها كما جاء في قوله تعالي:¢ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ¢.
واستبعد فكرة قيام دولة اسلامية علي نمط الخلافة. وتأخذ بمفهوم الحاكم الخليفة الذي يحكم الشعوب الاسلامية من خلال دولة مركزية واحدة. ويري ان العقبات التي تحول دون تحقيق هذه الفكرة كثيرة علي المستويين الداخلي والخارجي. خاصة انه بين الدول الاسلامية نفسها اختلافات وتعقيدات تجعلها شبه مستحيلة.
واعتبر أن الحديث عن الدولة الاسلامية من المنظور الاممي يقصد بها أن تكون المرجعية الاسلامية حاكمة لكل الشرائع للأنظمة العربية والاسلامية مع الأخذ في الاعتبار خصوصية كل قطر. مؤكدا أن النجاح الذي حققته الاحزاب الاسلامية في الانتخابات مهول والبعض يتخوف منه ويسعي لافشالهم واثارت الشبهات حولهم واتهامهم بالحق وبالباطل.
دولة الشريعة
شدد الدكتور محمد عمارة- استاذ الفقه بجامعة الازهر. وعضو مجلس الشعب عن حزب النور. علي أن الواجب علي المسلمين هو أن يقيموا دولة تطبق الشريعة الاسلامية. ويقام بها العدل والقسط بين الناس. ويمكن في ظلها للعلماء والدعاة إلي الله تعالي أن يدعوا الناس إلي الحق سبحانه. ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. وقال ان احكام الشريعة تبين أن الوسائل لاقامة هذه الدولة متعددة الجوانب. وتختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص. فقد تصلح وسيلة ما في زمان أو مكان معينين وتكون غير صالحة في أزمنة أو أمكنة أخري.
وأشار الي أن المسميات فيما يخص الدولة الاسلامية ليست هي الاساس ولا يمكن التعويل عليها. مؤكدا ان اقامة الشرع والعدل والمساواة والحرية والشوري هي القيم التي يجب أن ينشغل بها الجميع ويسعوا لتحقيقها علي ارض الواقع وفي حياة الناس.
وأضاف أن اللبس الذي يثار حول المفاهيم الاسلامية خاصة فيما يتعلق بالسياسة الشرعية وما يرتبط بها من ولاية واحكام يرجع الي أن البعض لا يفهم معني تطبيق الشريعة الا اذا استخدم مصطلحات تراثية قديمة جاءت في كتب الفقهاء. مبينا أن هذه المسميات لا تلزمنا وهناك اتفاق بين العلماء علي أن المهم في الحاكم مثلا ليس تخصصه بأمور الفقه وانما هو تطبيق الشرع واقامة العدل والنهوض بأعباء الدولة ومصالح الرعية.
وأوضح أن أحكام الاسلام عدل وحكمة وخير كلها. لأنها من عند الله الحكيم العليم. الذي يقول:¢ مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه¢. وبين أنه من أقام أحكام الاسلام فقد أقام العدل وحصل له الخير والبركة. لان عدم اقامة الدين ورفض العمل به. يفسد علينا الدنيا. ويعم فينا الشر. ويقول الرسول-صلي الله عليه وسلم:¢ ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم ¢. فالعدل نظام كل شيء. فاذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت. وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق. ومتي لم تقم بعدل لم تقم. وإن كان لصاحبها من الايمان ما يجزي به في الآخرة.
ويقول إن الاحزاب ذات المرجعية الاسلامية متفقة علي ضرورة اخراج الوطن من ازماته وسرعة التعامل مع مشكلاته وحلها بطريقة علمية حديثة. مضيفا ان تطبيق الشريعة لن يكون بصورة عاجلة لانها تحتاج الي تدرج في التطبيق ومراعاة الظروف التي تحيط بالمجتمع.
الغايات الإسلامية
ويؤكد المستشار توفيق وهبة. رئيس المركز العربي لدراسات وبحوث التراث. أن الاسلام دين شامل يتضمن السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق وكل أمور الحياة. مضيفا أن شكل الدولة ليس غاية ولكن المهم أن يتحقق حفظ الدين. كل الدين من عقائد. وشرائع. ومعاملات. وأخلاق وسياسة الدنيا به. فلو سيست الدنيا بغير الدين يضيع العدل.
ولفت الي أن الاسلام يرفض الحكم الاستبدادي المطلق الذي يمكن فيه لفرد أن يتحكم في مصائر أمة ويحكمها وفق هواه دون أن يكون خاضعا لقانون يعلو ارادته. وقال ان المسلمين فكروا في اتخاذ نظام للحكم بعد وفاة الرسول- صلي الله عليه وسلم- فوجدوا أن سنة الرسول- عليه الصلاة والسلام- الفعلية والعملية هي النموذج الذي عليهم أن يحتذوه كما جاء في الحديث الشريف:¢ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ¢.
ويقول انه لما ارتعد رجل في حضرة الرسول- صلي الله عليه وسلم- فقال له:¢ ما أنا بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ¢. وذكر أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- خشي أن يكون ملكا فسأل ذات مرة:¢ أملك أنا أم خليفة؟¢. فأجاب سلمان الفارسي- رضي الله عنه:¢ إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك ¢.
ويوضح ان الامة بحاجة للحاق بركب التقدم والاخذ بالعلم والمدنية الحديثة. وأشار الي أن مدنية الدولة لا تنفي مرجعيتها الاسلامية. ويجب ان نسعي جميعا لتكريس قيم الديمقراطية والنظم الحديثة التي تحترم الحريات والحقوق الانسانية وتحقق الحكم الراشد الملتزم بالشرع والحريص علي تطبيق تفصيلات احكامه. وان نعمل علي مد جسور التعاون والتضامن والوحدة مع الاقطار العربية والإسلامية بحيث تتكامل الأدوار وتتوحد الجهود والطاقات في كافة الميادين بما يعود بالنفع علي مجتمعات الأمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.