من سعادة الأمة الإسلامية أن الأحداث المباركة فيها تتوالي ليتخذ المسلمون منها الدروس والعبر التي تنفعهم في الدنيا والآخره. وبيقي حادث الهجرة النيوية الشريفة من مكةالمكرمة إلي المدينةالمنورة أعظم حدث حول مجري التاريخ بعد الميلاد النبوي الشريف . والحدث الأخطر في مسيرة الإسلام والجماعة المسلمة الأولي. فبسبب الهجرة انتقلت الدعوة من طور الاستضعاف والمحنة إلي طور النصر والتمكين. وإقامة الدولة المدنية المحكومة في صورة قوانين علي أساس من الوحدة والمحبة والتكافل والتآخي والحرية والمساواة وضمان الحقوق. وكان الرسول صلي اللة علية وسلم هو رئيس هذه الدولة وقائد جيوشها وكبير قضاتها ومعلمها الأول. وقد راعي صلي الله علية وسلم البعد الإنساني في تأسيسه المجتمع الجديد مع المحافظة علي الثوابت الشرعية. إن الهجرة من سنن الأنبياء عليهم السلام فلم يكن النبي صلي الله علية وسلم أول نبي يهاجر في سبيل الله بل مرَبهذا الامتحان كثير من الأنبياء. وقد أخبرنا الله تعالي بأن إبراهيم علية السلام هاجر من موطنة إلي التوحيد قال تعالي:"فآمن فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلي ربي" العنكبوت:26. وفي آية أخري:"وقال إني ذاهب إلي ربي سيهدين" الصافات: 99. فخرج من بلد إلي بلد إلي أن استقربة المقام في فلسطين. وفي المدينة التي دفن فيها وسميت باسمه- علية الصلاة والسلام - مدينة الخليل إبراهيم. . فالكثير من الأنبياء قد اضطروا للهجرة وهذا ما نفهمة من قولة تعالي لرسولة سيدنا محمد صلي الله علية وسلم أثناءهجرتة من مكة"وكاين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي اخرجتك اهلكناهم فلا ناصر لهم محمد:.13 إذان فقد عرفت الهجرة في تاريخ الأنبياء السابقين قبل لهجرة المحمدية والتي كانت خاتمة الهجرات النبيين. وكانت . بحق نتائجها عميقة شكلت منعطفاً تاريخياً حاسماً. ولم تكن هجرة سيدنا محمد صلي الله علية وسلم كهجرة غيره من الأنبياء لمجرد الفرار من الفتنة أو الهرب من الإيذاء والتضييق . لا. بل كانت الهجرة سعياً حثيثاً لإقامة مجتمع جديد. مجتمع إسلامي بمعني الكلمة يقوم علي الربانية والإنسانية والأخلاقية والعالمية. واستطاع بالفعل صلي الله علية وسلم أن يقيم هذه الدولة. أن يؤسس هذا المجتمع. وينشئ هذه الأمة الجديدة خير أمة أخرجت للناس. جاءت الهجرة الشريفة بعد فترة عصيبة عاشها النبي صلي الله علية وسلم في مكة ومعه المستضعفون من الصحابة. تحملوا جميعا فيها الأذي بكل أنواعه النفسي والبدني. ولم يزدهم ذلك إلاصبرا علي صبر وحلما علي حلم يبلغ الكتاب أجله وتصل الدعوة إلي العالمين. وشاءت إرادة الله أن يأتي النصر. هكذا سمي ربنا الهجرة في القرآن"نصرا" قال تعالي"الا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجة الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغارإذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكنته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمه الذين كفروا السفلي وكلمه الله هي العليا والله عزيز حكيم" "سورة التوبة. الأية : "40". وأحداث الهجرة مليئة بالعبر والدروس التي يعجز القلم أن يسطرها واللسان أن ينطق بها. ففيها الحب الصادق لرسول الله صلي الله عليه وسلم من الصديق الأعظم سيدنا أبي بكر رضي الله عنه . هذا الحب الرباني كان نابعا من القلب وبإخلاص. لم يكن حب نفاق . أورغبة في منفعة دنيوية أو رهبة لمكروه قد يقع. ومدي حب الانصار اصحاب المدينة بالوافد الجديد صلي الله عليه وسلم وصحبه الكرام رضوان الله عليهم فاحتفل الانصار بقدومه احتفالا تاريخيا لم يرد له نظير في تاريخ الإنسانية.