* تسأل سماح عبدالظاهر من القاهرة: ما حكم الشرع فيمن يسيء لمقام الأنبياء؟ ** يقول د. أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: مما تقرر شرعاً وجوب توقير سادتنا الأنبياء والمرسلين - عليهم السلام - فهم صفوة الخلق لدلالة الخلق علي الحق. ويعني بتوقيرهم تعظيمهم وإكرام ذكرهم. وتجنب أي قول أو عمل يغض من أقدارهم. قال الإمام ابن تيمية - رحمة الله تعالي: "حقوق الانبياء في توقيرهم ومحبتهم محبة مقدمة علي محبة النفوس والأهل وإيثار طاعتهم ومتابعة سننهم وغير ذلك. وأن من أذي نبياً أو سبه. أو استخف به. أو كذبه أو جوز عليه الكذب. فقد كفر. لأن الله - عز وجل - فضلهم علي الخلق أجمعين. قال - سبحانه وتعالي - "وكلا فضلنا علي العالمين" الآية 86 من سورة الأنعام. ويجب تعظيم حرمة النبي الرسول سيدنا محمد بن عبدالله. صلي الله عليه وسلم. لعلو مقام النبوة والرسالة. قال الله - تقدست صفاته- "إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا" سورة الفتح. ويحرم تحريماً قطعياً تنقص النبي محمد - صلي الله عليه وسلم - أو الاستخفاف به. وقد لعن الله - تبارك وتعالي - فاعل التنقص والاستخفاف به. "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً" - سورة الأحزاب. "ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون" سورة التوبة. وأن المسلم إذا فعل أو قال أو أتي بأي تصرف يدل صراحة علي الاستهزاء به - صلي الله عليه وسلم - مع العلم والعمد مرتد عن دين الإسلام مستحق للعقوبات الدنيوية المقررة من استتابته وقتله إن أصر علي جريمته النكراء. وفعلته الشنعاء. ويفرق بينه وبين زوجه. ومصادرة أمواله. ومستحق للعقوبات الآخروية من غضب الله - عز وجل - ومقته وإدخاله العذاب الأليم. وأن غير المسلم إذا فعل إساءة أو استهزاء مع العلم والعمد لمقام النبوة والرسالة الخاتمة فمستحق للعقوبات الدنيوية من نقض عهده فلا حرمة لدمه وفق الرأي الشرعي المعتبر. والحكم القضائي المعتمد. إن المتطاولين علي مقام سيدنا الرسول - صلي الله عليه وسلم - سفهاء العقول. أقزام فكر. يبعثون فتناً "والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها" لأن "الفتنة أكبر من القتل" و"أشد من القتل"! هؤلاء الشتامون لا يقيمون للأعراف الإنسانية وزناً. ولا يدركون قبائح تعديهم علي مقدسات الناس وآثارها السلبية وعواقبها الوخيمة. من إحداث القلاقل وتهديد السلام العالمي. وإشعال خصومات وبعث شحناء وبغضاء وكلها أسباب يستغلها البعض لمزيد من عنف فكري وعنف مسلح! إن علي المجتمع الدولي الإسراع في تجريم إزدراء الثوابت والأصول الدينية وتقديم فاعلها إلي القضاء الدولي العادل وإنزال أشد العقوبات الرادعة الزاجرة فالمصلحة العامة مقدمة علي المصلحة - وفق نظر صاحبها - الخاصة. وعلي المؤسسات العلمية والدعوية والرعوية والروحية لاتباع الشرائع سواء المنسوبة إلي السماء أو غيرها الإعلام بحقائق مهمة: * زمالة الشرائع وإمكانية التعايش السلمي. * التفرقة بين ذاتية المعتقد وبين فهم خاطئ من بعض أتباع المعتقد فلا يتحمل المعتقد وأتباعه الكثرة الكاثرة أوزار مفاهيم مغلوطة ولا أفكار خاطئة من قلة تتأول تأويلات خاطئة وتصدر عنها تصرفات محرمة مجرمة من الإفساد في الأرض. * تفعيل حوار الحضارات وإعلاء القدر المشترك والذي علي أسسه يكون احترام معتقدات الآخر. * تقنين "حرية الرأي" بضوابط سليمة من مؤسسات علمية عالمية بما لا يؤدي إلي جعلها "فوضي رأي" لا حرية رأي. * عدم الخلط بين ما يمكن نقده وبين ما لا يمكن نقده. بين المقبول والممنوع. المعقول ونقيضه بدعاوي ترفضها العقول الراشدة. * مناهضة التمايز الطائفي. والتعصب الديني. * جعل مقارنة الأديان عملا أكاديميا بحثيا وليس عملاً إعلامياً ولا أداء دعوياً لمسلمين ولا رعوياً لغير المسلمين. إن الأمن والأمان. والسلم والسلام. حق أصيل للبشرية. وإن احترام العقائد الدينية من أعلي الواجبات. وكل هذا يوجب بذل الجهود ومنع من يسعي بغباوة وتطرف وعنف فكري لتقويضه. ويعني بها الجهود العلمية والقضائية والإعلام الحر المحايد. ستذهب تصرفات حمقي أدراج الرياح. وتبقي الثوابت والأصول باقية رغم محاولات عبثيين وسفهاء والله غالب علي أمره.