الجهاد.. الشهادة.. من أكثر المفاهيم التي تعرضت للمغالطة عبر العصور.. فالجهاد لم يعد قاصراً علي محاربة الاعداء وإنما سمعنا من يبيحه الآن ضد أخيه المسلم رغم وجود نصوص شرعية تحرم ذلك.. أما مفهوم الشهادة فلم تعد قاصرة علي القتال للاعداء لإعلاء كلمة الله أو نشر الاسلام أو تحرير الاوطان وانما أطلقها البعض علي التقاتل بين المسلمين وبعضهم وكل منهم يتشدق بأن قتلاهم شهداء حتي وصل الامر إلي تأكيد أحد القادة الدينيين في الاعتصامات إلي القول "قتلانا في الجنة.. وقتلاهم في النار". في البداية أكد الدكتور صبري عبدالرؤوف استاذ الفقه بجامعة الازهر اجماع الفقهاء علي أن الجهاد في سبيل الله هو ما كان بين المسلمين والمشركين دفاعاً عن دين الله عز وجل وتحقيقا للامن والامان ورفع الظلم عن المظلومين وهذا هو ما قرره الفقهاء الاجلاء عندما أرادوا وأن يتبنوا مفهوم الجهاد في الاسلام ولهذا فإن الجهاد لا يكون بين المسلمين والمسلمين لان الرسول يقول: "اذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قالوا يارسول الله هذا في القاتل فما بالنا بالمقتول فقال رسول الله: لانه كان حريصا علي قتل صاحبه. أضاف إن كان هناك فرقاً بين التصدي بالسلاح للمسلم والمشرك ولا يجوز لنا أن نخلط بين الامرين ومن فهم غير ما قرره الفقهاء فهو مخطئ في فهمه لافقه له ولا علم. أما بالنسبة للتظاهر فمن خرج لابداء رأي صحيح أو كان مطالبا بحق من الحقوق المشروعة وقتل فإنه يكون شهيدا ولكن منزلته لا تساوي منزلة الشهيد الذي قتل في الميدان علي ايدي المشركين. وأضاف إذا كان التظاهر السلمي مشروعاً فإن المتظاهر الحق لايعتمد علي سلاح ولايعتمد علي قطع طريق ولا الاساءة إلي الناس أو الحاق الضرر بهم بأي نوع من أنواع الفساد والاضرار لان المتظاهر الذي يقطع الطريق لايكون متظاهراً وإنما يكون مفسداً والمفسد حدد الله جزاءه في القرآن فقال: "انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً أن يقتلوا أو يصيبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض". هذا بخلاف من لا يقطع طريقاً ولا يضر أحداً ولا يروع الآمنين ولا نراه سبابا ولا شتاماً لأن المتظاهر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الامجاد ومعني هذا انه يتظاهر من أجل البناء والتعمير ولا يتظاهر من أجل الهدم والتدمير. وينناشد الدكتور صبري أبناء مصر الشرفاء ويقول: وطنكم يناديكم فحققوا له الامن والامان واغرسوا الاشجار وازرعوا الارض واصنعوا لبلادكم وحولوا أرضكم إلي أرض العمل لتحقيق التنمية والرخاء لنرفع راية مصر بعملها وعلمها وأمنها وخيرها فالشريعة الاسلامية قائمة علي قاعدة عامة هي قاعدة "لاضرر ولا ضرار" والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهي الله عنه" أبناء مصر حققوا ما وصفكم الله به فأنتم بلد الامن والامان فكونوا كما أراد الرحمن سبحانه وتعالي ولا تكونوا كما يريد الشيطان. فتنة وعبث أشار الدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة إلي أن هناك مفاهيم حددها الاسلام ولايمكن تجاهلها من هذه المفاهيم الشرعية الصلاة الحج الزكاة الصوم وكذلك الشهادة والجهاد.. فالجهاد له مفهوم محدد في الاسلام وهو الدفاع عن الارض والعرض والدين والعقيدة بضوابط شرعية محددة منها أن يأذن الامام وأن يدخل العدو محل الارض المسلمة أما ما نراه من اختلاف داخلي وأن يرفع بعضنا السلاح في وجه بعض فلا يستطيع انسان ان يكيف هذا التصرف علي انه نوع من الجهاد لان هذا نوع من العبث وفتنة ينبغي علي العقلاء ان يقوموا باصلاحها كما قال تعالي: "وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما علي الاخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفئ إلي أمر الله . "فإن فأت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين. ويري د.أحمد حسين ان تكييف مثل هذا الاقتتال والتنازع وحملنا السلاح بعضا علي بعض علي انه نوع من الجهاد والقتال هذا نوع من الخلط يأباه الشرع الحنيف.. وتكون الشهادة في حالة الدفاع عن العرض أو المال لقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم- : "من مات دون دمه فهو شهيد. من مات دون ماله فهو شهيد. ومن مات دون عرضه فهو شهيد" هذا في حالة التعدي أما في حالة الاختلاف في الرأي فهذا يحتاج الي ضوابط تضعها مجامع علمية ولا يستطيعها عالما فرد. أضاف ان القوانين والدساتير الدولية اجازت التعبير السلمي عن الرأي وفي حال تعرضه للاعتداء فهو شهيد وهو ماحدث عندما خرج الشباب للتظاهر السلمي في25 يناير. أما الخروج للتخريب والاعتداء والقتل وقطع الطرق وترويع الآمنين فهذا عبث ولا يمكن أن تسمي شهادة لأنه معتدي ولا يستطيع أحد أن يدعي انه شهيد. ويطالب د.أحمد حسين بضرورة إجراء مصالحة مجتمعية كبري والعودة إلي أصول ديننا الحنيف وذلك من خلال كبار العلماء الذين تذخر بهم مصر وتصدرهم إلي كافة دول العالم حتي في مهبط الوحي فخرج لنعلم أبناءهم لذلك ينبغي أن نسمع وأن ينصتوا للعلماء لأن استمرار هذا الاحتقان يودي بالأخضر واليابس. ضوابط شرعية يؤكد الدكتور أحمد كريمة الاستاذ بجامعة الازهر انه من المقرر شرعاً أن الجهاد المشروع قتال مسلم لكافر لاعلاء كلمة الله عز وجل وإذا وجدت المقتضيات والمصوغات الشرعية. والجهاد في الاسلام ضرورة ملجئة أوجدها الاعداء وهو ضرورة تقدر بقدرها وقد ذكرت الحرب في القرآن مرات بوصف منفر "حتي تضع الحرب أوزارها" وذكر السلام 133 مرة لانه الاصل الاصيل في الاسلام. أما قتال المسلم للمسلم أو لبني وطنه المستأمنين كالمسيحيين هاتان جريمتان هما: - أولاً جريمة الحرابة قال عز وجل "انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض" الاية 33 المائدة. - ثانياً- جريمة البغي قال الله تعالي: "وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت احداهما علي الاخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفئ إلي أمر الله". أشار إلي المقتول في جريمتي الحرابة والبغي قتيل جاهلية ومتعرض للعذاب الاخروي بالنصوص الشرعية والتي منها قول رسول الله صلي الله عليه وسلم "من خرج تحت راية عمية يدعو إلي عصبة وينشر عصبة فقتل فقتلته جاهلية". وقال أيضاً "ليس منا من دعا إلي عصبية" وقال: "دعوا العصبية فإنها منتنة" وقال: العراك السياسي والتخريب والتمذهب والتعصب بدعاوي دينية وسياسية وغيرها كلها محرمة مجرمة قال الله تعالي: "ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعة لست منهم في شئ". وقال تعالي: "اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه" القاتل مرفوض حذر الدكتور الاحمدي أبوالنور وزير الاوقاف الاسبق المصريين من التقاتل قائلا: إننا جميعاً مسلمون مصريون متساكنون في وطن واحد فلا يصح أبداً ان يطعن أو يشكك احدنا في دين الآخر. والشهادة انما تكون فيما إذا كان المسلم يواجه كافرا "أو يجاهده لاعلاء كلمة الله إذا كان هناك مقتضي للجهاد كأن اعتدي أحد الكافرين علي ديار المسلم. وقد حدد النبي الشهادة فمن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا بشرط أن يكون قاتله كافرا بالله ليصد بذلك عن سبيل الله ولايجوز ابداً عندما تحدث مواجهات بين المسلمين ان تذكر الشهادة أو أن يطعن أحدهم في إيمان الآخر ولا أن يشكك في عقيدته. وقال: لا يوصف المقتول من أحدهما انه شهيد والآخر كافر فالاثنان مؤمنان ولايجوز أن تتصور أحدي الطائفتين انها هي المؤمنة والأخري كافرة ومن يفعل ذلك ايمانه ناقص لانه اجترأ علي مواجهة أخيه وهذا حرام لقول الرسول: "إذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" وهذا زجر عن ان يتواجه المسلم مع أخيه المسلم فلا يجوز له أن يقاتل مسلما ولا أن يروعه. وقد يكون الرجل من المقاتلين ومن المناضلين ونيته ليست قتالا في سبيل الله قد يكون القتال ليظفر بمنصب وليس في سبيل الله.