عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    فكري صالح: الزمالك قادر على تخطي دريمز والتأهل لنهائي الكونفدرالية    حسام البدري: وصفي ب "الهارب" صدمني ولم أظلم عماد متعب    أمطار رعدية على هذه المناطق.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (لا تنخدعوا)    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    اضطراب الكبد المرتبط بنمط الحياة.. ونصائحسريعة لتحسين صحة الكبد    موعد مباراة ليفربول المقبلة بعد التعادل مع وست هام في الدوري الإنجليزي    لأول مرة بالمهرجانات المصرية.. "الإسكندرية للفيلم القصير" يعرض أفلام سينما المكفوفين    أهالي الأسرى يُطالبون "نتنياهو" بوقف الحرب على غزة    مصدر أمني إسرائيلي: تأجيل عملية رفح حال إبرام صفقة تبادل    قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعشرات الانفجارات في المنطقة (فيديو)    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة قرى غرب جنين    المجموعة العربية: نعارض اجتياح رفح الفلسطينية ونطالب بوقف فوري لإطلاق النار    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اجتماع مع تذكرتي والسعة الكاملة.. الأهلي يكشف استعدادات مواجهة الترجي بنهائي أفريقيا    وزير الرياضة يهنئ الخماسي الحديث بالنتائج المتميزة بكأس العالم    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    أول تعليق من الأزهر على جريمة طفل شبرا    مصدر أمني يكشف تفاصيل مداخلة هاتفية لأحد الأشخاص ادعى العثور على آثار بأحد المنازل    ضبط 7 متهمين بالاتجار فى المخدرات    قطار يدهس شاب أثناء عبوره مزلقان قليوب    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السفير الروسي بالقاهرة يشيد بمستوى العلاقة بين مصر وروسيا في عهد الرئيس السيسي    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    "مدبولي" يصل الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي    شرايين الحياة إلى سيناء    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهداء الإسلام
نشر في أكتوبر يوم 21 - 07 - 2013

إذا مات لأحد ميت هناك من يصبر وهناك من يضجر، ولكن إذا استشهد فى سبيل الله شهيد يفرح أهله إذا كانوا مؤمنين حقا فهو شفيع لهم يوم القيامة.. فما بالك لو كان هناك سبعة شهداء فى سبيل الله من الأنصار بل من الأوس بل من قبيلة واحدة قبيلة بنى عبد الأشهل بل من أب واحد هو أوس بن عبيد بن عبد الأعلم بن عامر وهم إياس وأنس ومالك وعمير والحرث وعمرو وعامر.
كما أن هناك من الشهداء شهيد خيره رسول الله، بين الشهادة أو يحيا ويشهد له بالشهادة فاختار الثانية ليفوز بالشهادة وخدمة الدين وهو رافع بين خديج، وآخر كان مجاهدا فى سبيل الله ومصارعا لكثير من المشكلات والخلافات، وهو البراء بن عازب.. وإليك قصصهم.
إياس وأنسوغزوتا أحدوالخندق
استشهد يوم أحد، عندما دارت المعارك عنيفة شرسة، وكان أقسى مشاهدها المشهد الذى قتل فيه حمزة بن عبد المطلب، ويصاب المسلمون بهزيمة قاسية كانت اختبارا للمسلمين.«كيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم، والله خبير بما تعملون»
وتبين شماتة المشركين وفيهم سفيان بن حرب الذى أسلم يوم الفتح بعد ذلك. عندما أخذ يسأل أفى القوم محمد؟ يقول النبى لا تجيبوه أفى القوم أبو بكر يقول النبى لاتجيبوه؟ أفى القوم ابن الخطاب يقول النبى لاتجيبوه. فيظن أبو سفيان أنهم قتلوا ويقول ذلك لأصحابه، فإذابعمر بن الخطاب يقول كذبت ياعدو الله فقد أبقى الله لك مايخزيك.
فيقول أبو سفيان اعل هبل اعل هبل فيقول النبى قولوا له: الله أعلى وأجل ويقول أبو سفيان «ألا لنا العزى ولاعزى لكم» ويقول النبى قولوا له: الله مولانا ولامولى لكم ويقول أبو سفيان يوم بيوم بدر والحرب سجال، هذا مشهد سبقه مشهد آخر كان بطله شهيدنا إياس بن أوس لما رجع الرسول بعد نصر بدر تمنى الأنصار أن لو قاتلوا فى سبيل الله.. فلما سمع النبى بخبر خروج قريش بجيشها وعرف أنهم نزلوا حيث نزلوا.. ورأى النبى فى منامه بقرا تذبح ورأى فى سن سيفه كلما أى التواء خفيف ورأى أنه أدخل يده فى درع حصينة وأولها المدينة.. ولكن أشار شباب الأنصار أن أخرج بنا إلى أعدائنا إلا أن المنافق عبد الله بن أبى سلول، أخذ يثبط عزيمة المسلمين.
إلا أن بعض المسلمين وكان منهم إياس بن أوس يلح على رسول الله حتى خرج لهم النبى بعد أن دخل بيته ولبس لأمته فلما رآه إياس بن أوس ومعه المسلمون اعتذروا لرسول الله وقالوا استكرهنا رسول الله، فرد عليهم النبى « ما ينبغى لنبى إذا لبس لأمته أن يوضعها حتى يقاتل».
وخرج أصحاب الرسول ومعهم إياس بن أوس فى رجال بنى الأشهلى أهله وعشيرته وأنصار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرجوا لنصرة الله ورسوله وإعلاء كلمة الحق ولما وصلوا قرب أحد رأوا بن أبى سلول وهو ينخذل عن النبى ورجع ثلث الناس. وصعد الرماة على أحد ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير.. وكان لبنى الأشهل ومنهم إياس بن أوس دور عظيم وأولهم عمرو بن أوس الذى كان له إله فى الجاهلية اسمه أقيش. فلما رجع إلى المدينة لم يجد أحدًا أمن قبيلة فى المدينة فلما سأل عنهم عرف أنهم خرجوا جهادًا فى سبيل الله فقال أنا معهم فلما سألوه قال: آمنت بالله.. ودارت معركة أبلى فيها عمرو بن وقيش بلاء حسنا. فلما سألته أخته عن قتاله أحميه لقومه أم إيمانا بالله ورسوله، قال بلى لله ورسوله. وفى نفس المعركة شارك رافع بن عبد الله بن سهل الأشهلى وجاهدا فى الله حق جهاده حتى أصيب وحرجا وأخذ الناس يداوونهما إلا أنهما لم يصبرا حتى يبرءا حتى خرجا جهادا وفى نفس المعركة عجوزان مجاهدان خرجا مع النساء فى المؤخرة إلا أنها لم يرضيا بذلك فتسللا من المؤخرة إلى الجهاد فأخذ أحدهما وهو ثابت بن وقش يقاتل المشركين حتى تكاثروا عليه واستشهد وأما الثانى فلم يعرفه المسلمون فظنوه أنه من المشركين وقتله المسلمون فلما رآه ولده المسلم قال أبى أبى فاعتذروا أنهم لم يعرفون لأنهم تركوه فى المؤخرة فجعل النبى له الديه فتبرع بها ولده للفقراء أتدرون من ولده سيدنا حذيفة بن اليمان فأبوه حسيل بن اليمان.
انهزم المشركون أولا.. ففرح الرماة على أحد فنزلوا لجمع الغنائم فالتف المشركون عليهم بعد أن خلى المسلمون ظهورهم للمشركين، وصاح أحد المشركين أن محمدا قتل فأنكفأ المسلمون وأنكفأ عليهم الكفار حتى وصلوا لرسول الله فشجوا رأسه ودخلت حلقتان من حلق الدروع فى وجنته ووقع فى حفره فنادى النبى من رجل بشرى لنا نفسه فكان سبعة من الأنصار بينهم إياس بن أوس وقالوا نحن فداك يا رسول الله. وتحامل الكفار عليهم وكان السبعة زياد بن السكن خلفه إياس بن أوس وبجواره عتيك بن التيهان ابن عمه وخلفهم رسول الله يدافعون عنه ويوشك الكفار أن يصلوا إليه ليصيبوه وصرخ إياس الله أكبر مندفعا يدافع عن رسول الله وجعل المشركون يتراجعون عن النبى يقوم إياس بصعوبة وتساقط خلفه من يدافعون عن النبى خمسة من الأنصار على رأسهم زياد بن السكن الذى كان أمامهم فتكاثرت السيوف على إياس بن أوس حتى سقط عن جواده ووقف جواده ينتظر فارسا آخر يمتطيه ليدافع عن الإسلام واستشهد فى ذلك اليوم عمرو بن معاذ والحارث بن أنس وزياد بن السكن ورافع بن ثابت وعمرو بن ثابت وعتيك بن التيهان.
مضى عامان على استشهاد إياس شقيق أنس أول الأخوة الشهداء وفى يوم نادى المنادى للخروج للدفاع عن المدينة التى حاصرها المشركون بقيادة أبى سفيان بن حرب أن اخرجوا لحفر خندق فى شمال المدينة لمواجهة الكافرين.
فينادى أنس فزت ورب الكعبة فزت ورب الكعبة. فلم تضعف عزيمته خاصة أن أخاه إياس حتى وإن لم يمر عليه سوى عامين فقط على استشهاده هذا وقد ظهر اليهود على حقيقتهم وأنهم قصدوا مكة ليحرضوا قريشا على النبى خاصة أنهم قالوا لهم إن دينكم خير من دين محمد عندما سألتهم قريش عن ذلك وزارت عزيمة قريش عندما تعهد اليهود أنهم سيكونون معهم على المسلمين. وسمع الرسول بكيد اليهود وعندما أجمعوا عليه من الأمر فكر وشاور أصحابه، وانتهى الأمر إلى حفر الخندق وجعلوا ظهورهم إلى جبل سلع وعسكروا هناك وحصن الأطفال والنساء والشيوخ فى الحصون. قريش عشرة آلاف مشرك وحاصروا المدينة وبهتوا بالخندق الذى لم يعهدوه من قبل.. وكان خالد قائدا لكتيبة المشركين فلم يكن قد أسلم بعد.. وقد حاول اقتحام الخندق لم يستطع فظل يصول ويجول ويناوش فى جبهة المسلمين وظل أنس بن أوس مع الرماة يرمون المشركين برماحهم ونبالهم ولم يخطئ لهم من سهام أنس بن أوس مشركا إما فى قدمه وإما فى رجله ويتعجب خالد بن الوليد من شأن هذا الرامى الذى أجاد الرمى، راقبه خالد جيدا فهو أحد الذين أفسدوا هجوم المشركين الأول.. وفى يوم هذيل لم يستطع خالد بفضل أنس بن اوس وأصحابة أن يقتحم الخندق.. مما ألهى النبى وأصحابه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء. ولكن لم ينجح هجوم خالد بن الوليد، ولكنه أخذ يرصد أنس بن أوس.. ثم رماه بهم فهرع أخوانه الخمسة مسرعين إلا أن أنس لم يكلمهم ونطق بالشهادة فرحا بالفوز قائلا فزت ورب الكعبة لاحقا بأخيه إياس فهو ثانى شهيد لأوس وأما خالد فلن يهدأ ولكن هجومه باء بالفشل بعد أن استكمل أصحاب أنس من الرماة المهمة وقتلوا من المشركين الكثير.
شهيدا اليمامة
عمير ومالك ابنا أوس
عندما أرسل النبى (صلى الله عليه وسلم) الوفود إلى القبائل لدعوتهم للإسلام.. قدم وفد بنى حنيفة إلى رسول الله مسلمين وتركوا مسيلمة بن حبيب فى رحالهم وذكر الرسول لله مكانه، وأنهم تركوه ليحفظ لهم ركابهم. فأمر له رسول الله بمثل ما أمر به لهم من عطايا، وقال: إنما إنه بشركم مكانا، ثم اتصرفوا إلى اليمامة وهناك ارتد مسيلمة وتنبأ، وقال إنى أشركت فى الأمر مع محمد، وكتب رسالة إلى رسول الله «من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، سلام الله عليك،أما بعد فإنى قد أشركت من الأمر معك وأن لى نصف الأرض ولقريش نصفها ولكن قريش قوم يعتدون».
هذا الأمر انتشر من أهل المدينة ومنهم عمير مالك بن أوس وغلى الدم فى عروقهما من تبجح مسيلمة الكذاب وتمنوا أن يقتلا الكذاب شر قتله، وأصبحت أمنية المسلمين جميعا أن يحققوها فى حياة الرسول. فلما مات النبى (صلى الله عليه وسلم)، بعث الصديق السرايا والجنود إلى المرتدين فى كل مكان يعرضون عليهم إما الإسلام وإما الجزية وهو صاغرون.
ومن هذه السرايا سرية عكرمة بن أبى جهل إلى مسيلمة الكذاب، على أن يلحق بطل آخر هو شرحيبل بن حسنة ومضى الجيشان، وكان أمر مسيلمة،قد اشتد والتف حوله أربعون ألفا من بنى حنيفة باليمامة، فسار عكرمة مسرعا إلى أن مسيلمة انتظره على جانبى الطريق بأربعين ألفا بينما رجال عكرمة أقل من ذلك بكثير. فلم يثبتوا أمام جحافل المرتدين، ولما علم شرحبيل بن حسنة بهزيمتهم أقام بالطريق يعيد حساباته ويعيد خططه لملاقاة الكذاب. وفى نفس الوقت أرسل أبو بكر لعكرمة ألا يرجع حتى لايضعف عزيمة الناس ووجهه إلى حضرموت واليمن. وأمر أبوبكر شرحبيل بالانتظار. ثم أرسل خالد بن الوليد بجيش إلى مسيلمة له جناحان أحدهما بقيادة ثابت بن قيس والبراء بن عازب على الأنصار وفيهم عمير ومالك ابنا أوس والثانى بقيادة أبى حذيفة وزيد بن الخطاب وأمر شرحبيل بن حسنة أن يلحق بعمرو بن العاص إلى قضاعة على من عصى وخالف. خرج الجيش من المدينة والجنود بين مسبح لله ومرتل لكتاب الله وعمير بن أوس يتلوا القرآن وعمير ينصت، الحزن يخيم على المدينة لفراق المصطفى (صلى الله عليه وسلم).
ومالك تعجب وسخر من طليحة النمرى الذى ذهب إلى اليمامة يسأل عن مسيلمة فقال المرتدون له رسول الله قال إلا حتى أراه فلما جاء سأله من يأتيك قال مسيلمة رحمان، قال طليحة أفى النور أم الظلمة قال مسيلمة بن الظلمة تقال طليحة أشهد أنك كذاب وأن محمد صادق، ولكن كذاب ربيعة أحب إلى من صادق مضر. وبلغ مسيلمة الكذاب وصول جيش خالد عند عقرباء فاكمل الكذاب استعداداته.. ونفس الوقت خرج مجاعة بن مرارة فى جماعة من بنى حنيفة يطلبون ثأر هم عند بنى عامر وبنى تميم لأنه أراد أن يتزوج أمرأة منهم فرفضوا.. لهذا السبب ترك مجاعة وجماعته نبيهم الكذاب مسيلمة، فمن كثرة التعب نام مجماعة وجماعته وأدراكهم جنود خالد وهم نيام وسألوهم، فقالوا مجاعة وهذه حنيفة، وسألهم خالد عن الكذاب قالوا منكم نبى ومنا نبى، فتعرضهم على السيف،إما الإسلام وإما القتل فقتلهم الا مجاعة فأوثقه فى الحديد وتركه خالد عند أم تميم امرأته تم مضى حتى نزل اليمامة.
مضى عمير بن أوس وسبقه مالك تحت راية الأنصار التى قادها ثابت بن قيس بينما راية المهاجرين مع سالم مولى أبى حذيفة. ودارت المعركة عنيفة بصورة لم يعهدها المسلمون من قبل ومن شدة القتال وصل بنو حنيفة أتباع سليمة إلى خيمة خالد بن الوليد وبها زوجة أم تميم وأرادوا قتلها وقال لهم مجاعة أنا لها جار عليكم بالرجال فنعم الحرة هى فمزقوا الخيمة بالسيوف. حلت الهزيمة بالمسلمين وتراجعوا هنا وهناك ولكن كتائب الأنصار لها عزم شديد وأخذ عمير بن أوس ومالك بن أرس يضربون بسيفهما وسهامهما لما رأى تراجع المسلمين وكفر المرتدين قال عمير ومالك. اللهم نبرأ من هؤلاء يقصدان المرتدين، ومما يصنع هؤلاء فرار المسلمين، وأخذ ثابت بن قيس بنادى يأهل القرآن ويرد عليه عمير ياصحاب سورة البقرة بطل السحر العدم.
وبدأ ثابت بن قيس الهجوم على المرتدين ليسقط شهيدا بعد أن حفر لنفسه فى الأرض وثبت قدميه وهو حامل اللواء وظل ثابت يضرب هنا ويصيح هنا يطعن برمحه ويصيب بسهمه وصوته الجمهورى يكبر ولواؤه يعلو حتى سقط شهيدا.
هجم القوم يريدون إسقاط اللواء من أيديهم إلا أن أبو حذيفة اندفع بين الصفوف ومعه عمير ومالك ابنا أوس ينادون يا أهل القرآن زينوا القرآن بالأفعال وفى كتيبة المهاجرين زيد بن الخطاب أبلى بلاء حسنا، فلما رأى المسلمين انهزموا أخذ ينادى عضوا على أضراسكم اضربوا عدوكم، ونعود إلى الأنصار انتفض البرائين البراء بن عازب مناديا أين أنتم يامعشر المسلمين ما إن سمعه عمير ومالك ابنا أوس حتى هرعوا إليه مع أصحابهما يقاتلون أتباع مسيلمة حتى قتلهم الله بأيديهم وإذا بهم يرون موجة وراء موجة من المرتدين وإذا بعمير ومالك يبليان بلاء حسنا مع إخوانهم المسلمين وخالد من وراء الأنصار والمهاجرين لشد أزرهم ويقوى عزيمتهم ولم اشتد القتال لم يجزع المسلمون ومعهم عمير ومالك ابنا أوس.. وثبت مسيلمة الكذاب وجنوده، وتأكد خالد أنه لن يهزم بنو حنيفة إلا بقتل الكذاب فأخذ خالد ينادى من يبارزه فكلما برز له فارس قتله وصدق رسولنا الكريم الذى أخبر عن مسيلمة:«أن معه شيطانا لايعصيه فإذا اعتراه أزبد كأن شدقين ربيبتان ولايهم بخير إلا صرفه عنه،فإذا رأيتم منه عورة فلا يقيلون العثرة» فأخذ يناوره خالد فكلما هم بجواب صرفه الشيطان عنه. حتى أنهم ضده وطارده خالد حتى أرهقه فأدبر وسيطر المسلمون على المعركة، فقال اتباع مسيلمة له أين ماكنت تعودنا فقال قاتلوا عن أجسامكم وناد مناد قائلا يابنى حنيفة الحديقة وفى هذه اللحظة رأى عمير بن أوس مسيلمة الكذاب وهو فى هياج وغيظ محمل عليه بالسيف وإذا أبو خشبى أحد أبطال المسلمين الذى قتل حمزة قبل أن يسكن يرمى بحربته مسيلمة فاستقرت فى جسده وأكمل عمير المهمة بسيفه فقتل مسيلمة بعد حربة وحشى ولم يتوقف عمير أخذ يبحث فى المقاتلين عن مالك أخيه فوجده صريعا شهيدا ولكنه تماسك فقد لحق مالك بأخويه إياس وأنس ووقف عمير فإذا ببنى حنيفة يدخلون الحديقة ويغلقون أبوابها.. والمسلمون يريدون اقتحام الحديقة على اتباع مسيلمة من أبوابها وحيطانها وإذا بالبراء من مالك يقول للمسلمين أحملونى على الجدار حتى تطرحونى عليه، فلما وضعوه اقتحم الجدار على المرتدين فقاتلهم على الباب حتى فتحه للمسلمين فدخلوا وأغلقوا الباب على المسلمين والمرتدين فاقتتلوا قتالا شديدا ولم ير مثله من قبل، وصرخ صارخ لقد قتل العبد الأسود مسيلمة بحربته ولم ير منهم أحد عميرا وهو يجهز عليه استشهد فى ذلك اليوم ألف ومائتا شهيد وكان عمير من ضمن الشهداء.
ولما رجع المسلمون إلى المدينة يسأل عمر بن الخطاب خالد عن أخيه زيد فقيل له قد استشهد وبكى عمر بن الخطاب بكاء شديدا كما بكى بنو عبد الأشهل الشقيقين عمرو ومالك ابنى أوس شهيدى اليمامى فليلتق الجميع فى الجنة.
البراء بن عازب
هو البراء بن عازب بن عدى بن مجدعة ابن حارثة أنصارى من بنى الأوس. حين استقر الرسول ضيفا فى دار أبى أيوب أنصارى أصطحب عازب بن الحارث زوجته وابنه البراء وأتجهوا إلى لرسول الله وأعلنوا إسلامهم سعداء بفضل الله عليهم. منذ ذلك اليوم أصبح البراء واحداً من شباب الرسول يسعد بلقائه وصحبته يعى دروسه ومواعظه يجد فى كلماته وسلوكه نورا يضىء قلبه ويثلج صدره. ولاشك أن البراء بن عازب كان أحد الصبيان الذين شاركوا فى بناء مسجد رسول الله ليكون صرحاً يشع منه نور الإسلام. عاش البراء بن عازب الأحداث التى كان يعيشها المسلمون فى المدينة المنورة، وأخبار تلك السرايا التى كان يبعث بها الرسول لاعتراض قوافل التجارة من هؤلاء الذين استولوا على أموال المسلمين ومتاعهم أولتأديب من كانوا يستعدون لمهاجمة المسلمين فى المدينة آملين أن يطفئوا نور الله. والله متم نوره ولو كره الكافرون.
فى يوم من أيام رمضان الأولى فى مثل هذه الأيام منذ 1432 سنة رأى البراء بن عازب تتابع الوفود من المسلمين إلى المسجد النبوى استعداداً للقتال بأسلحتهم وعلم أن رجال قريش قد نزلوا عند بئر بدر لقتال المسلمين، وذهب البراء بن عازب إلى الرسول ليكون واحدا من المجاهدين إلا أن الرسول رده مع من ردهم من الفتيان والشباب لصغر سنهم، وكان وقع ذلك على البراء قاسيا ،ولكن ذلك حفزه أن يسعى لكى يكون واحداً من المجاهدين فى سبيل الله. وكان له ما أراد عندما أصبح جنديا من جنود الحق والدفاع عنه فىقتال رجال قريش يوم أحد ويومها أبلى بلاء حسناً، وقاتل بشجاعة وبطولة. واشترك فى غزوة الأحزاب، كان واحدا ممن حفروا الخندق حول المدينة وعاهد نفسه على الصبر ومواجهة الأعداء إن حاولوا اجتياز الخندق وسعد بفشل الأحزاب وعودتهم إلى ديارهم خائبين مدحورين، وقد غزا مع الرسول 14غزوة.
ومن المواقف التى حضرها البراء الموقف الذى كتبت فيه وثيقة المعاهدة بين النبى ومشركى مكة وهناك موقف عاشه البراء أيام الرسول: عندما بعث لرسول الله إلى أبى رافع اليهود لجالا من الأنصار أمّر عليهم عبد الله بن عتيك وكان أبو رافع يؤذى رسول الله، ويعين عليه وكان فى حصن له فى الحجاز، فلما دنوا منه وقد غربت الشمس فقال عبد الله لأصحابه: اجلسوا مكانكم فإنى منطلق ومتلطف بثوبه كأنه يريد أن يقضى حاجته فهتف به البواب يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل، فدخل عبد الله إن وكمن ثم أغلق الباب، وكان أبو رافع يسمر، فلما ذهب عنه سمره صعدت: فقلت: يارافع فقال :من هذا فأهويت عليه بالسيف.
كان البراء أحد رواة أحاديث رسول الله، ومن ذلك مارواه عن الرسول مايفعل يوم النحر فقال: سمعت رسول الله يخطب يوم النحر فقال:«من صلى صلاتنا ونسك نسكنا، ومن نسك قبل الصلاة فلانسك له» وروى البراء بن عازب أدعية: عند النوم وعند السفر.. وعرف عنه أن كان مفسراً ومن ذلك أن رجلا سأله عن چ? ? ہ ہ ہہ چ أهو الرجل يلقى العدو فيقاتل حتى يقتل قال البراء بن عازب:لا.. ولكن هو الرجل يذنب الذنب لايغفر الله له.وروى البرا أن النبى كان يمسح منا كبنا فى الصلاة، ويقول:استو ولاتختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلينى منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذى يلونهم ثم الذين يلونهم. وروى البراء بن عازب عن الرسول أنه قال عن قول الله تعالى:چ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?چ نزلت فى عذاب القبر، يقال، له من ربك؟ فيقول «ربى الله ونبى محمد».
عندما انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى حزن البراء لوفاة الرسول حزناً شديداً على فراق الرسول، وهناك موقف شاهده البراء بين أبيه وأبى بكر، فقد اشترى أبو بكر من عازب بى البراء رحلاً بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب: مر ابنك البراء فليحمله إلى منزلى، فقال عازب لاحتى تحدثنا كيف هاجرت أنت ورسول الله، فقال أبوبكر قصة الهجرة كلها، واستمرت المودة بين البراء بن عازب وأبى بكر الصديق واستمر على عهده للجهاد فى سبيل الله بعد الرسول خاصته فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.عندما كان أحد رجال الجيش الإسلامى الذى فتح الرى وهى مدينة قديمة تقع جنوبى طهران فتحها المسلمون فى عهد عمر بن الخطاب سنة 639م حيث التقى جيش الاسلام مع جيش المشركين، وتقاتل الفريقان قتالا شديداً على سطح جبل الرى، وانتصر المسلمون، وغنموا من العدو غنائم كثيرة ثم تصالحوا مع أهل الرى على الإسلام وكتبوا لهم عهد الأمان. وكان أحد رجال جيش المغيرة بن شعبة الذى كان يسكن المنطقة شمال قزوين أسلموا وخدموا فى جيش الخلفاء الراشدين واشترك البراء فى فتح بلاد قزوين وساهم فى اتساع رقعة الاسلام فى مناطق كثيرة من آسيا، كان البراء بن عازب يرى أن عليا بن أبى طالب أحق بالخلافة، لذلك انضم رجال جيشه فى الصراع فى معاركه فى الجمل وصفين وفى صراعه مع الخوارج.
ومضت الحياة بالبراء بن عازب يصارع كثيرا من المشكلات والخلافات التى عاشها المسلمون فى عهد معاوية بن أبى سفيان وابنه يزيد حتى وافه الأجل بالكوفة فى ولاية مصعب بن الزبير،رحم الله البراء بن عازب، عرف الجهاد فى سبيل الله والحق طول عمره بطلا ساهم فى توسيع رقعة الإسلام وارتفاع رايته وكفاه فخرا أنه أحد المجاهدين الأفذاذ فى سبيل الله.
شهيد الجسر
عمرو بن أوس بن عبد الأشهل من ضمن عائلة الشهداء سبقه كل من إياس وأنس وعُمير ومالك ولحقهم هو من بعد أن شهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أُحد والخندق وكل المشاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ثم شهد اليمامة وكانت شهادته فى «يوم الجسر» معركة شرسة بين جند الله بقيادة عبيد الله الثقفى قائد المسلمين وبهمن بن جاذويه أشد قادة الفرس كراهية للمسلمين.
وبهمن هذا استدعاه القائد العام للفرس بعد هزيمة الجالينوس على يد المسلمين فى موقعة السقاطية على شاطئ الكوفة الغربى جلس عمرو بن أوس ينظر إلى الشاطئ الآخر وتذكر كل المشاهد التى شهدها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تذكر استشهاد أخيه إياس، وتذكر الخندق واستشهاد أخيه عمرو بسهم خالد بن الوليد قبل أن يسلم وتذكر يوم اليمامة واستشهاد عُمير ومالك تحت قيادة خالد بن الوليد القائد المسلم، توقف عمرو عن التفكير إلى التفكر فى الصلاة وأوعزا إلى أخ له ليحمى ظهره، ووقف يتهجد نافلة من الليل، وراح الفارس يسبّح ربه فى ركتين طويلتين وما إن فرغ من صلاته حتى سمع بالقرب المثنى بن حارثة قائد جيوش المسلمين فى العراق وقائد معركة الجسر أبو عبيد بن مسعود الثقفى يتحدثان عن أن رستم اختار بهمن جاذويه ليثأر لهزيمة الفرس من المسلمين وخيره بين النصر أو قطع رقبته إن لم يعد منتصرًا.
علم كل الجند فى المعسكر الإسلامى بأن قتالا عنيفا ينتظرهم فى الصباح فأعد عمرو بن أوس سيفه وتأكد من حده إنه قاطع وأمسك رمحه وتأكد من حدته وتمنى قتل بهمن كما قتل وحشى مسيلمة وأكمل أخاه عُمير المهمة، فخلد عمرو لبعض الراحة.
وأفاق عمرو على أذان الفجر وتوضأ من نهر الفرات وصلى الجند وصدر الأمر بالتحرك إلى منطقة تسمى «المروحة» حمل الجند أسلحتهم ومتاعهم ومشوا فى طريق الجهاد إلى أن وصلوا إلى «المروحة» فعسكروا بها واستعدوا لمواجهة عدوهم بهمن وجنده الذى عسكر على الجانب الآخر وحشد حشدًا هائلًا وعزز قواته بالفيلة.
وبينما تدارس قيادة المسلمين التعامل مع قوات بهمن إذ به يرسل لأبى عُبيد رسالة مفادها إما أن تعبر إلينا، وإما أن يعبر لك.. أشار عليه الناس بألا يعبر وان يتركهم يعبرون إلينا، وقال سليط أحد مستشاريه لا تعبر إليهم فقال له لقد أخطأت يا سليط.. لا أفعل، بل نعبر إليهم.. لا يكونون أجرأ على الموت منا.. واندفع المسلمون خلف قائدهم وهم على غير رأى قائدهم.. عبر سليط بن قيس فى مقدمة العابرين ومعه عمرو بن أوس فى الماء وتدفق جند الإسلام إلى الجانب الآخر من الفرات ولم يترك لهم الفرس إلا مكانا ضيقا بجوار الجسر ولم يكمل المسلمون العبور حتى هجم عليهم الفرس قتلا بالسيوف ورشقًا بالنبل وطعنًا بالرماح تساندهم الفيلة التى أتوا عليها من المدائن.
فلما رأى أبو عبيد الثقفى خطر الفيلة أمر جنده بضربها وقطع أحزمة الصناديق التى فوقها حتى ينقلب الجند التى فى الصناديق وهجم عمرو بن أوس وأصحابه على أحد الفيلة وقتلوا رجاله وهجم أبو عبيد على الفيل الأبيض سير الصناديق فوقع الفرسان الذين ترجلوا عنه وضرب خرطومه إلا أن الفيل الأبيض هجم على أبى عبيد الثقفى وضربه برجله فألقاه أرضًا ووقف عليه فانشقت المعركة عن أحد المسلمين الذى أخد اللواء قبل أن يسقط وقوتل الفيل حتى تنحى عن أبى عبيد وتتابع سبعة كل منهم يأخذ اللواء ويقاتل حتى يستشهد وفى هذه المعركة سقط عمرو بن أنس شهيدًا.
فلما رأى عبد الله بن مرثد ما لقى أبو عبيد وخلفاؤه وما أصاب الناس من هرج ومرج بادر بقطع الجسر حتى لا يفر المقاتلون فتراجع المسلمون إلى الجسر وقفز بعضهم إلى النهر.. وخشى المثنى بن حارثة أن تعم الفوضى فأمسك اللواء ونادى على الناس أن أعبروا الجسر بعد أن أصلحه وعبر الناس ثم كان آخرهم عبورا المثنى بن حارثة الذى جرح جرحا شديدا.. تفرق الناس فى البوادى وأرسل المثنى إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب برسالة يوضح له ما حدث لتكون أخرى مع الفرس فبكت المدينة شهداءها وكان منهم عمرو بن أوس بن عبد الأشهل لاحقا بأخوته الأربعة إياس وأنس وعُمير ومالك.
رافع بن خديج يعيش شهيدًا
أبوه خديج بن رافع بن عدى بن زيد بن جشم أنصارى من بنى الأوس كان يكنى أبا خديج وأمه حليمة بنت عروة بن مسعود بن سنان بن عامر أسلما وبايعا النبى ومعهم ابنهما رافع وأولادهما، فعندما هاجر النبى خرج أهل المدينة ليستقبلوه وكان رافع عمره 12 عاما وبايعوه على ما بعث به من عبادة الله وحده ونبذ ما يعبدون من أصنام، ليملأ قلوبهم نور الإيمان وتشرق به نفوسهم.
تسلق رافع جذع نخلة فى مدخل المدينة من جهة الجنوب مشاركا الشباب والفتيان فى مشاهدة الرسول من فوق رءوس النخيل، والكل سعيد بمقدم الرسول إلى يثرب منذ ذلك اليوم.. أصبح رافع بن خديج أحد تلاميذ مدرسة رسول الله، يشاركه الصحبة ويواظب على حضور دروسه ومواعظة ومواقفه.
وكان مقدم الرسول خيرا وبركة على أهل المدينة إذ ألف الرسول بين قلوب الأوس والخزرج فعم السلام والأمن ربوع يثرب، فتعلموا حقيقة الإسلام هى السلام والمحبة.
أول جهاد له
شاهد رافع المسلمين وهم يفدون إلى مسجد رسول الله استجابة لنداء الجهاد وكان يوم بدر فانخرط رافع بن خديج فى صفوف الراغبين فى قتال الأعداء لكنه حينما عرض نفسه على الرسول ووجد عمره لايسمح له بالجهاد،حزن رافع مثل غيره من الشباب لأن النبى لم يسمح لهم بالقتال.. مما حمسهم إلى الغد.. وقد كان عندما استعد المسلمون لمواجهة قريش فى أحد، يومها عرض رافع نفسه على الرسول فأجازة، ليكون جنديا من جنود المسلمين، فكانت سعادة رافع بن خديج كبيرة عندما تحقق أمله وكانت معركة أحد أول طريقه فى الجهاد فى سبيل الله. فى هذه المعركة أبلى رافع بلاء حسنا وثبت مع الذين ثبتوا مع الرسول حين تخلى الرماه عن مواقعهم، فقاتل رافع بشجاعة واستبسال، يحاول قدرما يستطيع أن ينتزع النصر للإسلام والمسلمين. فى هذا اليوم رماه أحد الأعداء بسهم فى ثديه.
نزع السهم وهو شهيد
مع ذلك استمر فى جهاده يحاول أن يثأر لدينه لا لنفسه، حتى إذا ما انتهت معركة أحد بخيرها وشرها.. أحس رافع بالألم فى صدره فالسهم الذى رمى به رافع كان مايزال مرشوقا فى صدره، فذهب إلى رسول الله وهو ممسك بسهمه فى صدره وقال له يا رسول الله انزع هذا السهم عنى. فقال له الرسول: «يارافع إن شئت نزعت السهم والقطبة جميعا، وإن شئت نزعت السهم وتركت القطبة، وشهدت لك يوم القيامة أنه شهيد» والقطبة رأس السهم المدبب، فقال رافع انزع السهم عن صدرى وأترك القطبة، ففعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذلك وشهد له يوم القيامة بأنه شهيد.
شهد رافع غزوة الأحزاب وما تلاها من غزوات مثل الحديبية وخيبر، وفتح مكة ومعركة حنين وحصار الطائف، وغيرها من المواقف والغزوات التى شهدها مع رسول الله، بطلا شجاعا مجاهدا، رغم ما كان يشعر به من آلام فى صدره بسبب القطبة. تحملها بصبر ليكون واحدا ممن يشهد لهم الرسول يوم القيامة بالشهادة بقى رافع بن خديج أحد شباب مدرسة الرسول يعى ما يراه وما يسمعه من دروس ومواقف ومواعظ. وإذا كان رافع بن خديج قد عرف ببطولاته وشجاعته فى كثير من المعارك وصبره وتحمله والقطبة المغروسة فى صدره دليل على ذلك.
المحارب المفتى
مثلما كان رافع مجاهدا فى المعارك مع رسول الله حمل لواء العلم عالما وفقهيا، فهو أحد رواة الأحاديث النبوية، ومن خلال الأحاديث التى رواها رافع حدد كثيرا من الأحكام الشرعية والفقهية منها تحريم بعض الأشياء فعن رافع بن خديج أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ثمن الكلب خبيث ومهر البغى خبيث وكسب الحجامة خبيث» وروى الأحاديث الكثيرة فى الزراعة وأن النبى كان يقول إذا استهل هلال شهر: «هلال خير وشر»، وروى أن النبى حرم المدينة كما حرم إبراهيم مكة. وكان رافع ممن أخذ عنه الحديث كثيرا.
ماذا بعد وفاة النبى
لما توفى رسول الله بقى رافع بن خديج على عهده له، يسير على دربه ويقيم حياته على العلم والمعرفة، وحب الخير ورفعة الإسلام.
ونذكر صفحات التاريخ أنه كان مع أبى بكر، وأما فى عهد عمر بن الخطاب وعثمان فكان من كبار علماء الفتوى، وعندما مات عبد الله ابن عباس قال رافع عنه، ومات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب من العليم.
وفاته
تتابعت السنوات على رافع بن خديج وتعايش مع المسلمين الأحداث التى وقعت يسعد بانتصارات المسلمين فى العراق والشام وإفريقيا واتساع رقعة الإسلام.
وشهد غزوة صفين مع على بن أبى طالب وشهد الصراع الذى كان بين يزيد والحسين بن على، وبين يزيد وعبد الله بن الزبير ومازالت قطبة السهم فى جسده. وفى سنة 74ه انتفض الجرح الذى أصابه يوم أحد فمات، فلما سمع عبد الله بن عمر صراخ النساء نهرهن قائلا: «اسكتن فإنه شيخ كبير، لا طاقة له بعذاب الله» وصلى عليه عبد الله بن عمر صلاة الجنازة ورحم الله رافع بن خديج البطل الصابر الفقيه العارف بحقائق الإسلام الذى شهد الرسول له بأنه شهيد.
شهيد أجنادين .. الحرث بن أوس
هو الحرث بن أوس بن عتيك الأشهلى الأنصارى شهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غزوة أُحد والخندق والمشاهد كلها واستشهد يوم أجنادين ذلك اليوم الذى جمع هرقل فيه مائة ألف مقاتل تحت قيادة أرطيون ذلك القائد الشجاع الداهية.. أرسل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عمرو بن العاص داهية العرب قائدًا على جيش المسلمين ومعه شرحبيل بن حسنة وكان خالد فى اليرموك عزله عمر وجعله جنديا تحت إمرة أبو عبيدة بن الجراح وكان خالدا أميرًا على الجيوش فى عهد أبى بكر فما كان من خالد إلا السمع والطاعة، أما الحرث بن أوس فكان جنديا من جنود جيش الحق فى بلاد الروم فى موقعة أجنادين، حيث خرج الحرث بن أوس من خندقه، وجيش الحق يملأ قلب الروم رعبا فما رأوا من صفوف القتال ما لم يرده من قبل خرج الحرث مندفعا بسيفه ورمحه ويتدفق دماء الروم حوله حتى أصابته ضربة شديدة من رجل رومى فتعثر وسقط عن فرسه فعاجله الروم حتى سقط شهيدا ويكرر نفس كلمات أخوته إياس وأنس وعمير ومالك وعمرو وكان سادسهم شهيد أجنادين الحرث ين أوس وكانت آخر كلماتهم جميعا وأخره (فزت ورب الكعبة).
شهيد الحرة.. عامر بن أوس
أما عامر الذى شارك فى الغزوات مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منذ غزوة الخندق.. فقد جلس حزينًا على ما يحدث بين المسلمين مثلما يحدث أيامنا هذه بسبب الرياسة التى بدأت فى عهد عثمان بن عفان ولم تنته حتى اليوم، فحب الرياسة طغى على رؤساء المسلمين ومعارضيهم على الحق أو الباطل الله هو وحده الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ويوم الحرة كان يزيد بن معاوية على أهل المدينة وعاد معاوية ووصى لابنه يزيد خليفة بعده سنة 60 ه.
وفى عهد يزيد قتل الحسين بن على وحارب عبد الله بن الزبير حتى صلبه على أبواب الكعبة وغزا الكعبة.. وقام وفد من أهل المدينة بمشاهدة يزيد وهو يشرب الخمر ويعزف بالطنابير «العود» وتضرب عنده القيان واللعب بالكلاب ويسامر اللصوص، فخلعوه وتابعهم الناس، وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل - الذى غسلت الملائكة أياه - فكان ممن بايع عبد الله بن حنظلة عامر بن أوس، فارس يزيد النعمان بن بشير الأنصارى ليصرف الناس عن عبد الله بن حنظلة، وحاول تفريقهم بالكلام فوقف رجل اسمه عبد الله بن مطيع العدوى يستفسر من النعمان بن بشير عن سبب تفريق جماعة المسلمين وفساد ما اصلح الله من أمرهم، ولكن النعمان أراد أن يجنب الأنصار الفتن وأن يبقوا على عهدهم منذ أيام الرسول (صلى الله عليه وسلم) فلا يدخلون فى فتنة إلا أن الأنصار حاصروا الأمويين فى دار محمد بن مروان وكانوا ألفا من الأمويين ومواليهم فاستعان محمد بن مروان بيزيد، فأرسل يزيد ليزيد بن عمرو ليذهب إلى المدينة فأبى وأرسل يزيد إلى مسلم بن عقبة.. فخرج مسلم مع 12 ألف رجل ونزل بالحرة فى شرقى المدينة ودعا أهلها أن يبايعوا يزيد بن معاوية ويصونوا دماءهم وأجلهم ثلاثة أيام ولما مضت الأيام.. خيرهم بين القتال أو البيعة ليزيد فاختاروا القتال.. وحفر أهل المدينة خندقا ونزل جمع عظيم من بينهم عامر بن أوس الأشهلى وغيره تحت إمرة عبد الله بن حنظلة واشتبك الرجال والخيل فى قتال شديد وكان الفضل بن عباس ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع أهل المدينة وذهب وقاتل حامل الراية ظنًا أنه مسلم بن عقبة ولكنه كان غلاما مسلم، دار قتال شديد قتل الفضل بن عباس وقتل معه رجال كثيرون من أهل المدينة.
وكان أبو سعيد الخدرى صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) محايدًا فلم يسلم من جيش مسلم الذى خرج من المدينة حتى دخل كهف فى الجبل فرآه رجل من أهل الشام فتبعه شاهرا سيفه فرفع أبو سعيد الخدرى سيفه ليرعب الشامى لا ليقتله فلما أبى الشامى إلا قتل أبو سعيد الخدرى فقال: لئن بسطت يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إنى أخاف الله رب العالمين، فقال: من أنت؟ قال أنا صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال نعم فانصرف عنه.. وفى هذا اليوم قتل عامر بن أوس الأشهلى الأنصارى دفاعا عن قولة حق آمن بها دفاعا عنها ضد يزيد بن معاوية شارب الخمر مُلاعب الكلاب مسامر اللصوص فرحم الله شهداء بنى الأشهل أبناء أوس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.