قال الشيخ محمد مأمون الخطيب بوزارة الأوقاف وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إن قتلة أحداث قصر الاتحادية لا يمكن الجزم بأنهم شهداء على الإطلاق، حيث إن معظم الطرفين المقتتلين مسلمين، كما أن المعركة لم تكن بين مسلم، وكافر بل كانت مجرد خلاف في الرأي حيث يرى فريق منهم، أن قرارات الرئيس محمد مرسي على حق، بينما يرى فريق آخر أن قرارات الرئيس محمد مرسي على باطل، ولم يحتكم كل منهما إلى شريعة الله سبحانه وتعالى، حيث قال تعالى: "وإن اختلفتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله"، وقال تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". وأضاف أن المتوفين والمصابين لم يكن واحد منهم يحارب من أجل الدين أو من أجل تحرير القدس مثلا أو من أجل تحرير مصر من الاحتلال، ولكنه كان خلافا لا يرقى لحد الاقتتال وإراقة الدماء وهو ما نهى الله ورسوله عنه. وأضاف مأمون أن عصمة دماء المسلمين واجبة على كل مسلم في هذا الوطن حيث قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [سورة الحجرات: 9]. وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم، «لو أتيت عبد الله بن أبيّ، فانطلق إليه وركب حمارًا وانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة، فما انطلق إليه قال: إليك عني، فوالله لقد آذاني ريح حمارك، فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحًا منك، فغضب لعبد الله رجال من قومه، فغضب لكل منهما أصحابه، فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال، فنزلت الآية»، وهذا ما قاله الطبرسي والقرطبي والشوكاني وابن كثير في تفاسيرهم. وقال ابن كثير في معرض تفسير هذه الآيات: «يقول تعالى آمر بالإصلاح بين الفئتين الباغيتين بعضهم على بعض، {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} فسماهم مؤمنين مع الاقتتال وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم، وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوماً ومعه على المنبر الحسن بن علي رضي الله عنهما، فجعل ينظر إليه مرة وإلى الناس مرة أخرى ويقول: «إن ابني هذا سيد ولعل الله تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»، فكان كما قال صلى الله عليه وسلم: أصلح الله تعالى به بين أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة والوقعات المهولة. وقال عليه الصلاة والسلام: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضكم رقاب بعض»، كما قال أيضا: «سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفر» وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار». لقد وردت نصوص شرعية تفيد أن المسلم يجوز له أن يستعمل السلاح دفاعًا عن دمه وماله وعرضه، ووردت نصوص تحرّم عليه أن يستعمل السلاح ضد المسلم حتى لو كان معتديًا، ومن ثمّ فإن الشرع ميز بين حالتين، حالة يكون الدفاع فيها مشروعاً، وهي الحالة التي يصول فيها صائل لغصب المال أو الاعتداء على العرض أو النفس، في هذه الحالة يجوز للمعتدي عليه أن يقاتل الصائل، وأن يقتله إذا لم يمكن ردعه بأقل من القتل.