الصحابي سارية الجبل.. لم يُذكر ويثبت دخلوه ولا شهد فتحها.. وحتي وإن لم يدخل هذا الصحابي مصر فإنه يقال إن جثمانه نُقل فدفن بمصر حيث مشهده وضريحه بقلعة الجبل بالمقطم حاليا.. والله أعلم بحقيقة ذلك هل كان صدقاً أم لا؟ جاء بكتاب مشاهد الصفا في المدفونين بمصر من آل المصطفي لمصطفي بن محمد يوسف الصفوي القلعاوي طبعة مكتبة الثقافة الدينية: "وأما سيدي سارية الجبل بن زنيم المدفون في القلعة الكبيرة فقد قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: إنه نقل بعض بدنه ودفن بقلعة الجبل بمصر أي حين استولي الفرنج علي ساحل الشام. فقيل المنقول رأسه. وقيل باقي جثته. قال ولم يذكره السيوطي في "حسن المحاضرة" فيمن دخل مصر من الصحابة لأنه لم يكن دخلها وهو حي وكذلك غيره باعتبار أن المنقول بعض بدنه. وقد ذكر خلافاً في صحبته ورجح أنه صحابي. وقال في الإصابة: في الصحابة ساريتان فقط: سارية بن اوفي وسارية بن زنيم بن عبدالله بن جابر. وكان لصاً كثير الغزاة. وكان يسبق الفرس عدواً علي رجليه ثم أسلم وأمَّره سيدنا عمر بن الخطاب علي جيش. وسيره إلي فارس سنة 23ه ولاقي الجيش العدو وهم في بطن الوادي وهمّوا بالهزيمة وبقربهم جبل. فكشف لسيدنا عمر بن الخطاب. وهو يخطب بالمدينة. فقال أثناء خطبته: يا سارية الجبل. فحملت الريح صوته مسافة شهر وسمعه سيدنا سارية أسند ظهره إلي الجبل وقاتلوا العدو فهزموهم. قال بن حجر: وكيف صح هذا؟ مع أن عمر بن الخطاب أمَّره علي جيشه وأرسله إلي فارس. وكان الخلفاء الأربعة لا يؤمَّرون إلا صحابياً. وقال سيدي عبدالوهاب الشعراني في الطبقات ج2 ص185 في ترجمة سيدي محمد الكعكي: هو المدفون بالقلعة بجوار سيدي سارية الصحابي. وقد بني علي قبره قبة عظيمة ومسجداً متسعاً الوزير المغفور له سليمان باشا سنة 935ه. وعلي ضريحه من الجلالة والمهابة ما يدهش الناظرين وعلي مسجده من الأنوار والجمالة ما يبهر الناظرين. وقد جرب لقضاء الحوائج وإجابة الدعاء والله تعالي أعلم. وجاء بكتاب مساجد مصر وأوليائها الصالحون لسعاد ماهر محمد طبعة المجلس الأعلي للشئون الإسلامية جامع سارية الجبل داخل قلعة صلاح الدين ينسب هذا الجامع إلي سارية الصحابي وهو سارية بن زنيم بن عمرو بن عبدالله بن جابر بن محمية بن عبد بن عدي ابن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. كان من أشد الناس حضراً. وهو الذي ناداه عمر بن الخطاب رضي الله عنه : سارية الجبل.. أخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي الزرزار عن ابن عمر عن أبيه قال: إنه كان يخطب علي منبر رسول الله صلي اله عليه وسلم يوم الجمعة فعرض له في خطبته أن قال: يا سارية الجبل الجبل من استرعي الذئب ظلم. فالتفت الناس بعضهم إلي بعض. فقال علي: ليخرجن مما قال: فلما فرغ من صلاته قال له علي: ما شيء سنح لك في خطبتك؟ قال: وما هو؟ قال: قولك يا سارية الجبل الجبل من استرعي الذئب ظلم؟ قال: وهل كان ذلك مني؟ قال: نعم. قال: وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا فركبوا أكتافهم. وأنهم يمرون بجبل. فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا وقد ظفروا. وأن جاوزوا هلكوا فخرج مني ما تزعم إنك سمعته. قال ابن عمر: فجاء البشير بالفتح بعد شهر. فذكر سارية انه سمع في ذلك اليوم في تلك الساعة حين جاوزوا الجبل صوتاً يشبه صوت عمر: يا سارية الجبل الجبل. قال: فعدلنا إليه ففتح الله علينا. بالرجوع إلي كتب التاريخ والتراجم لم نجد ذكراً لأحد منهم أن سارية الجبل الصحابي المشهور قد وفد علي مصر واستقر ومات ودفن بها.. إلا أننا نجد ابن جبير يذكر في رحلته عند حديث عن مشاهير الصحابة بمصر. سيدنا سارية الجبل ويحدد قبره فيقول: إنه يوجد بسفح جبل المقطم. يقول المقريزي في خططه ج3 ص330329. عند قلعة الجبل: أنه كان يوجد علي الجبل قبل بناء القلعة عدة مساجد. منها مسجد قسطة أنشأه أبو منصور قسطة وكان غلاماً أرمينياً من غلمان المظفر بن أمير الجيوش.. ويضيف الحافظ بو الظاهر لسلفي فيقول: سمعت أبا منصور قسطة الأرميني والي الإسكندرية يقول: كان عبد الرحمن خطيب ثغر عسقلان يخطب بظاهر البلد "لعله يعني مسجده الذي يقع بظاهر القاهرة" في عيد من الأعياد فقيل له قد قرب منا العدو.. فنزل عن المنبر وقطع الخطبة.. إلخ. ويقول أحمد رمزي في تعليقه علي مسجد الدريني: هذا المسجد لا يزال قائماً إلي اليوم داخل قلعة الجبل في الجهة الشمالية الشرقية منها ويعرف باسم جامع سيدي سارية بالقرب من قصر الحرم الذي جدده محمد علي "سنة 1243ه 1827م".