الحالة التي نحن عليها الان وغموض وضبابية المستقبل.. نتيجة طبيعية لغياب العقل وتغييب العقلاء وتواري الحكمة خلف تلال من العناد والمكابرة والرغبة المسعورة والمتبادلة بين مختلف الاطراف في الانتصار للذات واعلاء الانانية.. حتي فوجئ الجميع بأنهم امام زلزال حقيقي يهدد وجودهم الحقيقي ويمحو دورهم وهم يرون بأم اعينهم كيف يستخلف الله قوما غيرهم ولن يكونوا امثالهم.. وللحقيقة يصدق هذا علي الجميع.. كل الاحزاب وكل القوي اسلامية وغير اسلامية.. وان كان الامر بالنسبة للاسلامية اشد وذلك لان الناس كانت تأمل فيهم ومنهم خيرا كثيرا كانت تعول عليهم مع بدء مرحلة جديدة وحقبة تاريخية مهمة يقدمون خلالها النموذج والقدوة والمثل والمخرج الآمن لما يعترض الوطن والأمة من ازمات حقيقية.. لكن الناس صدمت.. حتي وان كانت الفرصة لم تتح حتي يتم اصدار حكم صحيح.. وظلم الناس والتيار الاسلامي مرتين.. واحدة عندما تم تحميلهم المسئولية كاملة عن الفشل في المواجهة للمشكلات العويصة في فترة وجيزة او في لا زمن.. ومرة حين تم الدفع الي اسوار الكراهية للاسلاميين بالحق وبالباطل.. وهنا لابد من الاعتراف بأن كثيرا من الاسلاميين فرادي وجماعات كانوا سببا مباشرا سواء في الاخفاق او في تسريع عجلة الاستثارة ليس ضدهم فقط ولا ابالغ اذا قلت ضد الاسلام ايضا.. ايا ما تكون النتيجة وطبيعة وشكل الترتيبات بعد زلزال 30 يونية.. اتصور ان تكون هناك مراجعات حقيقية داخل كل الاحزاب والقوي الاسلامية وغير الاسلامية علي السواء بعد ان فاجأها المشهد الكبير والحشد الرهيب من جانب الشباب بعيدا عن اي تنظيم حزبي او سياسي حتي وان حاولت بعض القوي ان تمتطي صهوة كل وأي موجة عابرة كعادتها لتواري بذلك سوءاتها السياسية والجماهيرية. لابد ان تبحث القوي الاسلامية عامة بحثا جادا في حقيقة المشكلات التي تعترضها والمشكلات التي صنعتها والمشكلات التي تم استدراجها اليها والفخاخ التي نصبت لها ولم تعها.. ان تبحث في حقيقة خطابها السياسي ومدي ملاءمته مع العصر.. ومواجهة الخصوم والمنافسين علي الساحة السياسية والفكرية.. الشيءالاهم والاخطر من ذلك.. ان تسارع كل القوي الاسلامية والتي انشأت لها احزابا سياسية وارتضت العمل بالسياسة ان تعيد النظر في قضية الاذرع السياسية هذه.. "الحزب ذو الذراع السياسي للجماعة او التنظيم وغير ذلك ". و هذا التقسيم والفصل الصوري او القسري بين الكيان الرئيسي وأداته السياسية ثبت بالدليل القاطع فشله الذريع بل وضرره المنقطع النظير علي مدي الاشهر الماضية.. وبعد ان تم استغلال الامر بصورة سيئة وبشعة من جانب القوي المناوئة والمعادية للحركة الاسلامية علي الساحة.. فلم يعد مقبولا ان تعمل القوي الاسلامية بذراع في ناحية وبأشياء اخري في مناح اخري.. ليس عيبا ان تراجع اي جماعة مواقفها وتعيد ترتيب اوراقها وتنظيم صفوفها من جديد.. وليس عيبا ايضا ان تعلن ان الامر سيستغرق منها شهورا او سنوات علي صعيد كذا وكذا.. وانها غير قادرة في هذا الوقت مثلا علي المنافسة في هذا المجال او ذاك.. وانها تستعد لتدريب كوادرها البشرية فنيا وفكريا سياسيا ودعويا ولأهداف كذا وكذا.. ساعتها ستجد كل الاحترام والتقدير من الجميع وسيحسب لها الف حساب علي الساحتين الداخلية والخارجية.. الخطيئة الكبري هي الاستجابة لفخ التقسيم والتصنيف والاستجابة لداعي احتكار التمثيل والتحدث باسم الاسلام فلماذا نستجيب لذلك.. او لسنا جميعا مسلمين. وكلنا يتحمل المسئولية في الدفاع عن الدين عندما يمس او عندما تتعرض المقدسات للخطر. لماذا نجعل او نعزل اناساً في جبهة واناساً اخرين في جبهة او جبهات اخري.. وكان هناك متحدثون رسميون او حصريون باسم الاسلام.. هذه القسمة يجب ان تنتهي وتزول..حتي لايقع الضررعلي الاسلام ذاته.. وحتي لا يتوهم البعض ان هناك اسلامات عدة.. وان كل فريق له اسلامه الخاص به.. ساعتها سينكشف بصورة سهلة وطبيعية امر المخلص من غير المخلص والمتحمس لدينه والمصهين والمتصهين.. لماذا نعطي الفرصة للتقسيم والتفتيت علي الاقل فيما يتعلق بأمور الدين.. وقضاياه ؟ّ!! لماذا ننسي ان الناس بطبيعتهم متدينون وان مصر والمصريين في هذا الشأن لهم مكانة رفيعة ومتميزة في هذا العالم ومنذ بدء الخليقة ؟!!! المشكلة الرئيسية كما قلنا في بداية المقال تكمن في غياب العقل ومحاولة تعطيله عن العمل .. وابعاد او تغييب العقلاء حتي ضج الناس وجأروا اين هم العقلاء ؟!! مع ان العقل في الاسلام له مكانة كبيرة وحظي باهتمام اكبر للعناية به والارتقاء بشأنه نظرا لعظم وجلال المهمة المنوطة به والتي يقوم بها من اجل سعادة الانسان والبشرية جمعاء.. و لهذه الأهمية الخاصة حافظ الإسلام علي العقل وسن من التشريعات ما يضمن سلامته وحيويته حتي أنه حرم كل ما من شأنه أن يؤثر علي العقل ويضر به أو يعطل طاقته كالخمر والحشيش وغيرها قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" وكما شرع العقوبة الرادعة علي تناول المسكرات وذلك لخطورتها وأثرها البالغ الضرر علي الفرد والمجتمع. كما ربي الاسلام العقل علي روح الاستقلال في الفهم والنظر واتباع البرهان ونبذ التقليد غير القائم علي الحجة يقول تعالي : "أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" .. وقوله : "ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه" . اهمال العقل وتجاهل اصحاب العقول يعني ان تظل الشعوب في معاناة دائمة.. ان تظل المشكلات عرضاً مستمراً.. ان يظل الجميع يدور في حلقات مفرغة لا نهاية لها.. إن معاناة المجتمعات عموما من بعض المشكلات لمدد طويلة كانت بسبب إلاهمال المتعمد للفكر والنقد والمتابعة والمراجعة باعتبارها مبادئ أساسية في التغيير والإصلاح والارتقاء.. ولعل ابرز مظاهر غياب العقل والوعي "ان المرء لايستطيع ان يفرق بين العدو والصديق,بل في كثير من الاحيان يساهم العقل المغيب ,في تمرير مؤامرات الاعداء التي تحاك ضد المجتمع. وتبدو ازمة غياب العقل اليوم واضحة فيمن يسمون او يعرفون بالنخب السياسية والفكرية..حيث تتجلي انقساماتهم في وعلي كل القضايا الرئيسية وحتي الفرعية ايضا.. وفي النظرة لمشكلات الواقع وكيفية الخروج منها وعلي القيم الحاكمة للحياة وعلي رؤيتهم لتاريخهم وعلي علاقتهم بالخارج وفي فهم كليات الدين ومقاصد الشريعة.. ** لابد من توجيه التحية والشكر والتقدير لرجال الجيش والشرطة علي ما بذلوه من جهد فوق العادة حتي تمر المظاهرات بسلام وامان قدر المستطاع . وفي ظل هذه الحشود الهادرة من كل حدب وصوب.. ** نحن الان في اشد الحاجة الي اعمال العقل والتعقل والي افساح المجال للعقلاء واصحاب الحكمة لعل وعسي.. ** قال سبحانه وتعالي: "أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقى مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" "البقرة: 75" **الدنيا ثلاثة أيام.. أما أمس فقد ذهب بما فيه. وأما غداً فلعلك لا تدركه. وأما اليوم فلك فاعمل فيه ذو العقل يشقي في النعيم بعقله وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم لا يخدعنك من عدو دمعه وارحم شبابك من عدو ترحم لا يسلم الشرف الرفيع من الاذي حتي يراق علي جوانبه الدم والظلم من شيم النفوس فأن تجد ذا عفة فلعلة لايظلم ومن البلية عذل من لا يرعوي عن غيه وخطاب من لا يفهم ومن العداوة ما ينالك نفعه ومن الصداقة ما يضر ويؤلم ** اللهم أمنا في أوطاننا. وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.