مازالت الأحداث الراهنة التي تمر بها البلاد تلقي بظلالها علي الساحة, ومازال المشهد غير واضح الرؤية والابعاد.,وبات الانقسام هو سيد الموقف, والتشرذم هو صاحب اليد العليا في هذه اللحظة الراهنة التي كانت تستوجب توافق جميع القوي علي الثوابت الواضحة والمقاصد المشتركة وبالوسائل المشروعة من أجل العبور الآمن لهذه المرحلة الحرجة من تاريخنا. في البداية يقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر سابقا وعضو هيئة كبار العلماء,إن المصلحة العليا للوطن تتطلب وحدة الصف وجمع الكلمة وأن يكون الجميع علي قلب رجل واحد فمصر تمر بمرحلة مهمة في تاريخها ولدينا أولويات كثيرة لابد أن تتحقق حتي لايضيع الوطن نتيجة الصراع بين القوي والتيارات السياسية ولابد من العمل سويا لتحقيق طموحات المواطنين في الرخاء والأمن والاستقرار,ويناشد د, عمر هاشم جميع القوي والتيارات والأحزاب السياسية بضرورة الحوار العاقل الجاد من أجل مصلحة الوطن بدلا من الصراع والاعتصامات التي تضر بالوطن وتعطل الإنتاج ويطالب العلماء والدعاة والمفكرين بأن يعملوا جاهدين من أجل نشر الوعي والقيم الوطنية التي تساعد الناس علي فهم الحقائق,لأن هناك الكثير من التحديات التي تواجه مصر في الفترة الحالية وتتطلب أن يقوم كل إنسان بدوره. **بينما يقول الدكتور فكري حسن الأستاذ بجامعة الازهر: في محكمات الكتاب الكريم, وسنة النبي صلي الله عليه وسلم الآيات الكثيرة والأحاديث الصحيحة البليغة الآمرة بالاجتماع والناهية عن التفرق, حتي أصبح هذا الأمر من البدهيات المستقرة عند كل مسلم,يقول الله تعالي:( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ولتكن منكم أمة يدعون الي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون, ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)( آل عمران:103 105 ويقول الله تعالي:( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) الأنفال: من الآية46, ويقول الله تعالي:( والعصر أن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)( العصر:1:3) إلي غير ذلك من النصوص,ولهذا أصبحت الجماعة والاجتماع علي الخير والطاعة من ضروريات الدين ومحكماته, والعبادات العامة كالصلاة, والصوم والحج, والأعياد وغيرها دليل عملي علي ذلك. (ووصايا النبي صلي الله عليه وسلم والأحاديث في هذا كثيرة جدا,لعل من أشهرها حديث مسلم(1715)( إن الله يرضي لكم ثلاثا( وذكرمنها) أن تعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا) فهذه الحقيقة واضحة وبديهية ومستقرة في حس كل مسلم, لكن الشأن في تفعيلها, لأن كثيرا من الإخوة تكون عندهم غيرة شديدة علي الدين, وحرص عظيم علي الوحدة,لكن يفتقدون آلية تطبيق هذه الوحدة, وبذلك يصبح الإنسان وهو يتباكي علي وحدة المسلمين, وعلي اجتماع كلمتهم,واجتماع صفهم كأنه يريد من الناس أن يجتمعوا علي قناعاته, وآرائه, واختياراته, واجتهاداته, وهذا أمر متعذر,لأن الناس لم يجتمعوا علي من هو خير منه,فأولي أن لايجتمعوا عليه. إنما الشأن في القدرة علي وجود منهجية نتقبل فيها الخلاف, بحيث تكون فيها الوحدة علي أصول شرعية صحيحة, وليست علي آراء أو اجتهادات خاصة لفرد أو فئة أو طائفة من الناس. أما وحدة الصف فتعني في الأصل أمة واحدة تحت قائد واحد يحكمها بشريعة الله سبحانه وتعالي, وهذا كان منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم, ثم عهود الخلفاء الراشدين, ثم عهود الأمم والدول الإسلامية المستقرة التي كانت تحكم المسلمين في مشرق الأرض وفي مغربها,ويدين لها بالطاعة أهل الإسلام كافة. **ويقول الدكتور محمد المختار المهدي الاستاذ بجامعة الازهر وعضو مجلس البحوث الإسلامية لقد من الله علي مصر بثورة ربانية عظيمة أيدها الله تعالي بمدد ونصر من عنده,وما كاد المصريون يهدأون من أجل بناء دولتهم والنهوض بها, حتي ظهرت بوادر الانشقاق والنزاع بين التيارات والفصائل هذا الاختلاف جعل النخبة والمثقفين وحتي رجل الشارع العادي يستشعرون القلق والترقب الحذر والخوف من ضياع الثورة. ومنذ بداية الثورة حتي الآن.. لايزال التنازع أو الاختلاف قائما,ونخشي أن يأتي اليوم الذي نبكي فيه علي اللبن المسكوب ويضيف د. المهدي ان اللحظة الراهنة تتطلب توافق جميع القوي من أجل العبور الآمن لهذه الرحلة التي يتكالب فيها أعداء الداخل من أنصار الثورة المضادة وفلول النظام البائد,وأعداء الخارج من أجل أجهاض الثورة مؤكدا أن الحوار ولم الشمل وتوحيد الفكر بين التيارات المختلفة أصبح ضرورة ملحة في ظل الأحداث الجارية. وأوضح أن الوحدة هي عصب أي أمة وقوام أي دولة, معتبرا التفرق والاختلاف بمنزلة المرض والداء الذي يجعل أي دولة مطمعا لأعدائها. **ويطالب الشيخ سيد عبد البر من علماء الازهر بضرورة التوافق علي الأهداف الواضحة والمقاصد المشتركة وبالوسائل المشروعة ويحذر من التنازع الذي يدمر الدول ومن الفرقة التي تتسبب في فقدان الأمة لأبنائها كل يوم ومن الاختراق الذي ينهش في دول إسلامية. أن وحدة الأمة مستمدة من توحيد الله. وأن الله تعالي قد أكد وحدة الصف,بقوله تعالي:( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)(الأنبياء:92) فالله تعالي واحد والأمة أمة واحدة, مشيرا الي أن الصراع بين الحق والباطل ممتد من الأزل وإلي الأبد,لذلك حث الله تعالي: أهل الحق أن يكونوا صفا واحدا كي يستطيعوا هزيمة أهل الباطل, فقال سبحانه:( أن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص)( الصف:4) ونهي عن الفرقة فقال تعالي:( ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)( الأنفال:46) ويشير عبد البر الي أن الله تعالي ميز المؤمنين بتأليف القلوب وجعل ذلك ميزة لهم دون غيرهم فقال تعالي:( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)( آل عمران:103) وقال أيضا:( وألف بين قلوبهم لو انفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)( الانفال:64,63) ولأن تأليف القلوب ميزة خصها الله تعالي بالمؤمنين,وصف الله تعالي اليهود بأن قلوبهم متفرقة فقال:( لايقاتلونكم جميعا إلا في قري محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي ذلك بأنهم قوم لايعقلون)( الحشر:14) وشدد قائلا:إن الشقاق والتنازع عذاب من الله جراء ما ارتكبه الناس من المعاص والذنوب وابتعادهم عن دين الله وعدم اتباعهم لسنة نبيه صلي الله عليه وسلم يقول الله تعالي:( قل هو القادر علي أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون)( الأنعام:65)ويقول الله تعالي محذرا من مخالفة النبي صلي الله عليه وسلم:(فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم)( النور:65) ولهذا جاءت الفتنة والاضطرابات والقلاقل كعذاب من الله جراء المعاصي والذنوب.