دعا العلماء والدعاة إلي أهمية تفعيل مبادرة شيخ الأزهر لجمع التيارات المختلفة علي كلمة سواء لا تعني ان يتفقا علي رأي وإنما تعني أن يتفقا علي منهج وان يتحروا الاختلاف في الرأي والتواجه بشرط أن تكون كلمة مصر هي العليا. ** في البداية يقول فضيلة الشيخ علي أبوالحسن رئيس لجنة الفتوي بالأزهر الشريف سابقاً: ان الدين الإسلامي يقرر أنه عند اختلاف المسلمين فيما بينهم في أمر يؤدي إلي القطيعة أو الاقتتال أو الخوف من وقوع ذلك فلابد أن تكون هناك فئة ثالثة ذات كفاءة وتأثير وعدالة وحكمة.. يفرض عليها فريضة في الإسلام تسبق كل الفرائض يقول فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم "ألا أدلكم علي شيء أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة.. إصلاح ذات البين" أي بين المسلمين المتنازعين وكل المواطنين المختصين أو المتخاصمين.. ثم يقول صلوات الله وسلامه عليه "ألا ان فساد ذات البين هي الحالقة.. لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين". وقال أبوالحسن: وفضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر بواقع أبوته الروحية للمسلمين ومرجعيته كأب للمواطنين ولما حباه الله كما نعلم من خصائص أخلاقية وعلمية وأدبية منوط به قبل كل الناس ان يقوم هو بدعوة العلماء والحكماء وأصحاب الرأي من المواطنين المحايدين للتدخل في جمع الكلمة والترابط وجمع الصف خلف الشرعية التي ارتضاها الشعب أو ما يرتضيها.. ذلك لأننا الآن نعيش في مواجهة أخطار ظالمة تهدد البلاد من شرق ومن غرب.. وفي مثل هذا يحكم العقل والوطنية الصادقة والضمير الحي ان نستبعد كل مصالحنا الخاصة واغراضنا ومقاصدنا المختلفة وان نجتمع علي كلمة سواء تنتهي بنا إلي مصلحة الوطن في عزته واستقلاله وكرامة أرضه وسمائه. وأشار الشيخ علي أبوالحسن إلي اننا كلنا في سفينة واحدة مسلمون ومسيحيون إسلاميون وعلمانيون أقلية وأكثرية رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً علي متن سفينة واحدة تتهددها رياح عاتية تكاد تكسر الشراع وتحطم القلاع حتي تهوي إلي القاع فافيقوا أيها المصريون ولا تتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وأصبروا إن الله مع الصابرين. أكبر مرجعية إسلامية يؤكد الدكتور أحمد كريمة استاذ الشريعة بجامعة الأزهر ان هذه المبادرة تنبع من فيض القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ومن الآثار الطيبة لأئمة العلم.. والله سبحانه وتعالي أمرنا "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" وقال صلي الله عليه وسلم "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً.. المسلم أخو المسلم.. لا يظلمه ولا يسلمه.. بحسب أمريء من الشر ان يحقر أخاه المسلم.. كل المسلم علي المسلم حرام.. ماله.. ودمه.. وعرضه.. والأمثلة فيما سوي ذلك كثيرة والشواهد غزيرة والوقائع مستفيضة. وهذه المبادرة الحكيمة تأتي من أقدم وأكبر مرجعية إسلامية في العالم.. ألا وهي الأزهر الشريف بهدف الاصلاح بين الناس وليست لممارسة أدوار سياسية. فالاصلاح قال عنه الله عز وجل "فأصلحوا ذات بينكم" سورة الأنفال.. وقال عز وجل "إنما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون" وقال جل شأنه "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس.. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً". وقال د.أحمد كريمة استاذ الشريعة بجامعة الأزهر ولنا في سير الصحابة رضي الله عنهم الصبر والعظات فلما فضل سيدنا الحسن ابن علي رضي الله عنهما التنازل لمعاوية رضي الله عنه حقناً للدماء وانقاذاً لوحدة الصف وتحققت فيه نبوءة النبي صلي الله عليه وسلم "ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين طائفتين من المسلمين". مبادرة مهمة وجيدة أما الدكتور محمد عبدالستار الجبالي الاستاذ بجامعة الأزهر يقول: لا شك أن هذه المبادرة وغيرها من المبادرات التي تدعو إلي وحدة الصف هي هامة وأكيدة وتتأكد أهميتها في تلك الأيام التي اصبحت فيها مصر علي شفا حفرة حيث كادت تقع بالفعل.. وهذا يدعو جميع من عنده ذرة أو مسحة من الايمان أن يتخلي عن كل مطلب شخصي مهما كانت قيمة هذا المطلب وأهميته بالنسبة له نظراً لأن البديل إنما يكمن في احتواء مصر أو عدم احتوائها. هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها البلاد تلزم كل مواطن يسكن في مصر مسلماً كان أو مسيحياً أن ينسي خلافاته مع الآخرين ويضع أمام عينيه قول الله تعالي: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته إخوانا".