السلفية الجهادية.. الجهاديون. جماعات الجهاد الإسلامي كلها مصطلحات لفكر واحد وهو الفكر التكفيري المسلح. الذي يحكم بكفر الحكام. وكفر مرتكبي الكبيرة. وإقامة شرع الله. والحكم بما أنزل الله بالقتال. هذا الفكر مازالت له جماعات محدودة في مصر. تنتشر بين المحافظات خاصة الصعيد ويتخذ أصحاب هذا الفكر من جبال سيناء محطة الانطلاق المسلح. فكر الجماعات الجهادية فكر قديم وجديد. قديم.. يعود إلي العهد الأول للإسلام حيث بدأت فرقة الخوارج. وجديد عندما نشأ الفكر التكفيري داخل السجون في مصر في ستينيات القرن الماضي بعد ان قضي عليه في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات رجع مرة أخري علي يد "عبدالسلام محمد" في كتابه "الفريضة الغائبة" والذي بمقتضاه تم اغتيال الرئيس محمد أنور السادات. واستمر هذا الفكر عند بعض الشباب وظهر بوضوح بعد ثورة 25 يناير. يعود الفكر التكفيري الجهادي في أصوله إلي فكر الخوارج الذين رفضوا التحكيم بين الإمام علي - كرم الله وجه - ومعاوية بن أبي سفيان. ورأوا ان التحكيم باطل وان الحكم لله وان أحكم بينهم بما أنزل الله. وهذه المقولة التي رد عليها سيدنا علي بقوله: "كلمة حق يراد بها باطل" وخرجوا علي أمير المؤمنين خليفة المسلمين وكفروه. وانتهي بهم الأمر إلي اغتيال سيدنا علي بن أبي طالب. أهم أفكارهم: تكفير من لم يحكم بما أنزل الله. وبالتالي تكفير كل من يسير وراء من لم يحكم بما أنزل الله. والخروج من هذه البلدة الظالم أهلها التي لا تحتكم لشرع الله إلي الكهوف والوديان ومقاتلة أهل البلاد حتي إقامة شرع الله. بالاضافة إلي تكفير المسلم مرتكب الكبيرة. عرفت الخوارج منذ بدايتهم بالزهد والعبادة حتي تقرحت جباههم من أثر السجود فضلاً عن ان غلظتهم مع المسلمين أشد وأقسي من غير المسلمين فكانوا ينظرون لغير المسلمين من الديانات الأخري نظرة أكثر انسانية. فكانوا في الوقت الذين قتلوا فيه سيدنا علي يعملون علي الحفاظ علي غير المسلمين قائلين "حافظوا علي ذمة نبيكم". بداية التكفير ظهرت هذه الفكرة مرة أخري في ستينيات القرن الماضي حينما طرح شاب صعيدي داخل سجن طرة سؤالاً: الذين يقومون بتعذيبنا علي التزامنا بالإسلام هل هم مسلمون أم كفرة؟ ودارت المناقشات للرد علي السؤال الأمر الذي انتهي إلي كفر هؤلاء وتكوين جماعة داخل السجن لتكفير المسلمين. وضرورة إقامة دولة الإسلام التي تحكم بما أنزل الله. ولابد من اعتزال هذا المجتمع ثم الرجوع إليه بالقوة والجهاد للحكم بما أنزل الله. بعد خروج هذه الجماعة من السجون في عهد الرئيس الشهيد محمد أنور السادات قامت مجموعة منتمية لهذا الفكر بعملية الفنية العسكرية للسطو علي أسلحة من الكلية والذهاب بها للانقضاض علي الحكم وإعلان مصر الإسلامية وأجهضها الرئيس الراحل محمد أنور السادات وتم القضاء علي هذه الحركة في مهدها. واستمر فكر التكفير والهجرة في الانتشار حتي اغتيال الشهيد الدكتور الذهبي وزير الأوقاف الأسبق وهنا تم القبض علي جميع أصحاب هذا الفكر واعدم بعضهم وسجن البعض الآخر والقضاء علي فكر التكفير في مصر. ما كادت الأمور تهدأ لسنوات حتي عاد هذا الفكر مرة أخري علي يد "عبدالسلام محمد" الذي صنع من نفسه منظراً لفكر الجهاد وصنف كتيباً اطلق عليه "الفريضة الغائبة" وبدأ هذا الكتيب ينتشر بين الشباب وقام البعض بالترويج له داخل المحافظات خاصة محافظات الصعيد والفيوم وتكونت علي أثره مجموعات مسلحة للجهاد ضد الدولة. وتشعب هذا الفكر داخل نفوس بعض ضباط الجيش. وتكونت خلية جهادية داخل القوات المسلحة بقيادة المقدم عبود الزمر. وملازم أول خالد الاسلامبولي وبعض الرتب الأقل. وهي المجموعة التي قامت باغتيال الزعيم محمد أنور السادات وأفتت بكفره وللأسف الشديد لم يعلن أي من هؤلاء حتي الآن اعتذارهم أو توبتهم عن هذا العمل الإجرامي. قامت مجموعة أخري منتمية لهذا الفكر بمهاجمة مديرية أمن أسيوط صباح عيد الأضحي 1981 وقتلوا ما يقرب من 80 عنصر من عناصر الأمن بمن فيهم نائب مدير الأمن. يقظة التكفير مع الملاحقات الأمنية المستمرة لأصحاب هذا الفكر في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك اختفي هذا الفكر وانحسر انتشاره حتي جاءت ثورة 25 يناير وخروج معظم اعضاء هذه الفكر والفصائل المنتمية إليه من السجون فبدأنا نسمع عنه مرة أخري ويتحدث به من أصبحوا نجوم فضائيات ورجال انخرطوا في العملية السياسية.