عودة الجهاد المسلح هو أمر مقرون تماما باعلان عودة الفكر التكفيري للجماعات الاسلامية في مصر وظهور مثل تلك الدعايات يعني ردة للوراء لعصور الارهاب ولعل الغريب ان نعود الي هذا في عهد اول رئيس مدني في تاريخ مصر وهو الخارج من قلب اقوي جماعات الاسلام السياسي في مصر وهي الاخوان المسلمين والذي سجن كما سجنوا وعاني مثلما عانوا ورغم كل هذا اعلنت جماعة ال14 جهاديا الذين صدر بحقهم حكما بالاعدام منذ قرابة الشهرين فتوي بانه كافر وهو ما يعني بلا جدال اباحة دمه ثم ما هي الا ايام تمر ويعلن عن تنظيم ارهابي دولي يستهدف اغتيال الرئيس ثم قبلها واثناء زيارة الرئيس للاسكندرية الحديث عن محاولة اغتيالات اخري لكنها علي يد قبطي وكأن هذا البلد قدر له ان يبقي رهنا لتلك المفاهيم الملتبسة والاجتهادات الخاطئة طيلة عمرها.. فمبارك حاجج العالم وتباهي امامه بقمع الارهاب الذي طرح من الجانب الاخر علي كونه جهادا ضد حاكم ظالم أما الآن فتلك الجماعات ذاتها التي جاهدت طويلا هي التي جاءت بالرئيس مرسي بعد ما خلعت رداء الجهاد وارتدت رداء العمل السياسي السلمي... فهل يسلم الرئيس مرسي اتفقنا او اختلفنا معه من شظايا هؤلاء وهل تسلم مصر معه من تلك الدوامات ؟!! كان إعلان السلطات المصرية خلال يونيو الماضي عن ضبط تنظيم تكفيري يضم 25 شخصا أثار مخاوف من عودة شبح ¢التكفير والهجرة¢ الذي نشط في مصر خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي وكان مسؤولا عن اغتيال وزير الأوقاف الأسبق الشيخ الذهبي. وكانت أجهزة الأمن المصرية نسبت للجماعة الجديدة أنهم أفتوا بتكفير الحاكم بادعاء أنه لا يحكم بالشريعة الإسلامية مما يستوجب الخروج عليه. وأفتوا كذلك بتكفير العاملين بالشرطة والجيش والهيئات القضائية والوظائف الحكومية. وحرموا الصلاة في المساجد. لكونها ضررا ولا يقام فيها شرع الله. وحرموا الالتحاق بالمدارس والجامعات وعدم جواز العذر بالجهل. لم يقف الامر عند هذا بل ان الحكم التاريخي الذي قضي بإعدام 14 عضوا من جماعة التوحيد والجهاد يوم الاثنين الماضي. ولكنها تخطت ذلك إلي ما ردده أعضاء الجماعة خلف القضبان من عبارات وهتافات وآيات قرآنية تتهم القاضي والدولة بأجهزتها المختلفة بالكفر والخروج من الملة والحكم بغير ما أنزل الله. هناك من يتساءل: لماذا أطل الفكر التكفيري والجهادي برأسه من جديد؟ وما حقيقة فهم اعضاء الجماعة للآيات الحاكمية في القرآن الكريم؟ وكيف يمكن تصحيح تلك المفاهيم الخاطئة والمغلوطة عن الإسلام والتفاسير القرآنية لدي التكفيريين؟ وإذا كانت وقائع جلسة المحاكمة كشفت عن أزمة فكرية وعقلية أفرزت تلك العناصر الجهادية التي تتبني فكر التكفير. وأن عوامل عدة ساهمت في ذلك الفكر. فان التساؤل الأكثر أهمية هو كيف يمكن مواجهة هذا الفكر؟ وعلي مدي العقود الأربعة الماضية. وفي مقابل عشرات الآلاف من المعتقلين والناشطين في التنظيمات المتشددة الكبري كالجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد لم تشهد مصر إلا بضعة مئات من الناشطين في الجماعات التكفيرية مثل التكفير والهجرة والشوقيين والتوقف والتبين. ولكن الخبراء في الجماعات المتطرفة يؤكدون أن عدد الأتباع لا يمثل المعيار الوحيد لقياس خطورة هذه التنظيمات الأصولية. ويري الخبراء أن التنظيمات التكفيرية تعتبر الأقل عددا من ناحية الأتباع بين جماعات العنف المتشدد. إلا أنها تعتبر الأخطر في عالم الجماعات السرية الدموية.. وذلك بسبب منهجها الخاص الذي يقوم علي السرية التامة والمرحلية في النشاط والتدرج في الانتشار وفقاً لمفاهيمهم المتعلقة بالتحرك علي مراحل ثلاث المرحلة الأولي "الدعوة" وتتمثل في نشر دعوتهم بشكل سلمي وبطريقة هادئة داخل قطاعات محددة بغرض توسيع قاعدة الجماعة والإنتشار الأفقي لضم من يرونه صالحا للإنضواء تحت رايتهم بعد أن يجتاز عدداً من الاختبارات الدقيقة الصعبة التي تحتم علي العنصر أن يثبت ولاءه الأعمي لأمير الجماعة ولايناقشه فيما يكلفه من أعمال. المرحلة الثانية "الاستضعاف" وفي هذه المرحلة يعتزلون المجتمع ¢الكافر¢ وينسحبون منه تماماً سواء بالإقامة في الصحراء أو داخل المدينة في الشقق المفروشة مع اعتزال كل الناس من الأهل والأقارب والأصدقاء والانعزال عن المجتمع وعدم الاهتمام بقضاياه. ويرفضون التعامل مع مؤسساته ويعيشون حياة بدائية وخطورة هذه المرحلة أنها بمثابة عملية ¢غسيل مخ¢ جماعي لأعضاء التنظيم. المرحلة الثالثة "التمكن" وفيها يبشر أمراء ومنظرو جماعات التكفير أتباعهم بأنهم سيعودون فيها من هجرتهم للمجتمع ¢الكافر¢ فاتحين بعد أن أصبحوا أقوي وأكثر عدداً وعدة وعتاداً. ويحدث خلال هذه المرحلة تحول كبير في سلوك أعضاء الجماعة حيث يبيحون أرواح وأموال وأعراض كل من يخالفهم. غير وارد يري الدكتور طارق الزمر. القيادي البارز بالجماعة الاسلامية. أن عودة حمل السلاح والجهاد المسلح والفكر التكفيري غير وارد علي الاطلاق في مصر وان الحوار السياسي والمجتمعي هو الحاكم وان طرح فكرة الجهاد المسلح من أي من التيارات الدينية غير وارد فالاسلاميون ذاقوا ويلات المواجهات المسلحة وخاضوا الي جانب ذلك العمل السياسي السلمي وبالتجربة الاستفادة للاسلام وللمسلمين وللمجتمع الاسلامي من العمل السلمي افضل كثيرا ولا سيما ونحن في مصر اصبحنا نعيش مناخا اسلاميا وتجربة ديمقراطية. ومن يروجون لعودة الجهاد المسلح والافكار التكفيرية اظنهم من هؤلاء المعادين للتجربة الاسلامية بكاملها. والذين يخشون من النجاح المذهل الذي حققه الاسلاميون في الفترة الوجيزة التي مارسوا فيها العمل السياسي. أضاف : أطمئن المجتمع المصري كله بأن مصر الآن ليست محلا لجهاد مسلح علي الاطلاق وان ما يحدث في مصر الآن هو ذلك الحلم الذي راحت لأجله ارواح كثيرة حتي تتحقق الديمقراطية العادلة التي يمثل فيها المسلمون بطبيعتهم المكونة للمجتمع الاغلبية العددية وبالتالي الاغلبية السياسية وان التغيير سيأتي بالطرق السلمية وما يطرح من ترويج للافكار المتشددة هو تمنيات لقلب النموذج الحالي علي عقبه وحلم بردة للماضي الذي انطوت صفحته. المواجهة هي السبب يوافقه الرأي الدكتور نصر عبدالسلام. رئيس حزب البناء والتنمية. مؤكدا ان اشتداد المواجهة السياسة بين الاسلاميين وغيرهم من الليبراليين والعلمانيين هو السبب في ظهور مثل هذه الادعاءات هذه الايام وكلما اقتربنا من الانتخابات البرلمانية القادمة سوف يشتد الترويج لهذ الافكار التي لم يعد لها مكان علي ارض الواقع.. وأوضح ان الجماعة الاسلامية التي حملت لواء المواجهة المسلحة في واحدة من ابرز مراحل تواجدها اعلنت عودتها لأصل فكرها المعتمد علي العمل السلمي والتغيير السلمي للمجتمع والدعوة الي الله بالحسني والموعظة الحسنة والعدول عن العنف الذي كان خيارا اضطراريا لا اصليا في فكر الجماعة. أضاف أن التيارات السياسية المنافسة تعتبر من وجهة نظرها ان استخدام الجهاد المسلح في التغيير نقيصة تعيب الجماعات الاسلامية علي خلاف الحقيقة فالجماعة الاسلامية حين لجأت للعنف كانت قياداتها قد اضطرت لذلك وربما ما تعيشه مصر الآن من ديمقراطية هو الهدف الكبير الذي ضحت لأجله الجماعة الاسلامية اقامة للعدل وتوظيفا عمليا لشرع الله في مواجهة ذلك الضلال الذي عاشه المجتمع لسنوات.. وأكد ان المرحلة القادمة ستشهد رواجا أكثر لمثل هذه الافكار لأسباب من بينها أن تستعاد السيطرة الامنية والدولة البوليسية علي عقل وتفكير الرئاسة التي واجهت ميدان التحرير دونما قميص واق وهو ربما يجده القادة الامنيون تخليا عن دورهم. والاعتبار الثاني هو المنافسة السياسية للنجاح الساحق الذي حققه الاسلاميون في البرلمان الماضي ثم الرئاسة والبرلمان القادم يبدو هو الفيصل اما لتأكيد الاغلبية الاسلامية أو لاحداث دربكة في المعادلة السياسية يستفيد منها الليبراليون وغيرهم مما ينزعجون من صبغة مصر بصبغتها الحقيقية وهي الاسلام. ويطرح الشيخ أسامة القاسم. أحد قيادات تنظيم الجهاد وأحد من شاركوا في اغتيال السادات. أن الجهاديين سيعودون لحمل واستخدام السلاح إذا تم استهدافهم وأن الحوار مع الليبراليين وغيرهم أمر لا جدال فيه من أجل صالح هذا البلد. ومصر مقدمة علي مرحلة مهمة تحتاج إلي الجميع. وأشار الشيخ القاسم إلي أن طرح خطر الجهاديين وغيرهم فزاعة يستخدمها الأمن ربما للسيطرة علي عقل وفكر الرئيس محمد مرسي. وأن الإسلاميين ليسوا خطراً علي مصر بل هم من سينقذونها وطرح خطر التكفيريين هو مسألة يتلاعب بها الأمنيون وفقط. المجتمع يرفضه يشير الشيخ اسلام الغمري. أحد قادة العمل المسلح في افغانستان. الي ان عودة ظهور التكفير والجهاد المسلح والعمليات الجهادية الي الشارع المصري ضرب من المستحيل لا يستوعبه المجتمع ولا تليق به المرحلة وما تحققت فيها من انجازات لم تكن تخطر ببال أي منا في احلك الفترات التي عاشتها الجماعات الاسلامية والجهادية في شتي ارجاء الارض. وأضاف ان نجاح الاسلاميين سياسيا سبب الترويج لعودة التكفيريين والجهاد المسلح ومواجهة ذلك لن تكون بنفي الامر دينيا وانما التأكيد سياسيا ان مصر لن تعود للعنف وان العمل السياسي الاسلامي اصبح ميدان الجهاد الحقيقي وان التغيير لن يكون الا بالعمل السياسي وان العنف ما هو الا الفزاعة التي يستخدمها اعداء الاسلاميين سياسيا ودينيا للتخويف من الاسلاميين. ويشير الي ان الجماعات الاسلامية والجهاد مطالبة أكثر من ذي قبل بتوضيح كل هذه الحقائق للمجتمع حتي لا ينجرف خلف مثل هذه الدعوات التي تستهوي الاعلام المغرض وتنال من سلمية العمل السياسي الاسلامي في المجتمع.