* يسأل عادل محمد عبدالفتاح من المنصورة: ما هي مهمة الحاكم أو الخليفة في الإسلام؟ ** يجيب الإمام الأكبر الراحل الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر: الإمام أو الخليفة أو الأمير العام واحد من عامة الناس تولي منصبه وهو رعاية شئونهم. فهو وكيل عن الأمة ونائب عنها في تحقيق مصلحتها. وفي الوقت نفسه ليس معصوماً عن الخطأ ولا مفوضاً من الله أن يفعل ما يشاء. فمن حق الشعب أن يعزله إذ لم يقم بواجبه. ومن حقهم أن يرقبوا تصرفاته ويوجهوه إلي الخير. ونظام الحكم في الإسلام شوري لا دكتاتوري ولا ثيوقراطي. الديكتاتورية معناها الاستبداد والتحكم. والثيوقراطية معناها إدعاء الحق الإلهي واستمداد السلطة من الله. ويلزمه العصمة من الخطأ.. ويكون له حق التشريع بدون الرجوع إلي أحد.. وقد ذم القرآن الكريم سيطرة فرعون الذي قال: "أنا ربكم الأعلي" وقال الله للنبي صلي الله عليه وسلم : "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" وقال "وما أنت عليهم بجبار فذكِّر بالقرآن من يخاف وعيد" وقال "قل إنما أنا بشر مثكم يوحي إليّ". وقال النبي صلي الله عليه وسلم : "السلطان ظل الله في الأرض. يأوي إليه كل مظلوم من عباده. فإن كان له الأجر وكان علي الرعية الشكر. وان جار أو ظلم كان عليه الوزر وعلي الرعية الصبر" وليس المراد بكونه ظل الله في الأرض عصمته بل المراد بيان مهمته. ولذلك جاء في الحديث التنويه بالعدل والنهي عن الظلم. وأبو بكر رضي الله عنه لم يزعم انه خليفة الله.. بل قال: أنا خليفة رسول الله كما نقله ابن خلدون في مقدمته "ص134" ولم يشترط عصمة الإمام لا الشيعة. بناء علي قوله تعالي: "لا ينال عهدي الظالمين" وغير المعصوم ظالم. ورد عليهم الجمهور بأننا لا نسلم أن الظالم هو من ليس بمعصوم. بل هو من ارتكب معصية مسقطة للعدالة مع عدم التوبة والإصلاح. وقد تحدث العلماء عن واجبات الإمام بمقتضي هذه الصفة وهي وكالته عن الأمة لرعاية شئونها وجعلها الماوردي في الأحكام السلطانية عشرة أشياء تتلخص في حفظ الدين عن أصوله المستقرة وما أجمع عليه السلف. تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين لتحقيق العدل ومنع الظلم. حماية الوطن من الفتن وإقرار الأمن. إقامة الحدود لصيانة محارم الله. تحصين الثغور وحراستها من العدو. الجهاد لمن يعادي الإسلام ويقف في طريق الدعوة. جباية الفيء والصدقات في تدبير موارد الدولة. تقدير العطايا والاستحقاقات في بيت المال. اختيار الأكفاء من العاملين. مراقبة تنفيذ الأوامر ومتابعة سير العمل في الدولة. يقول الماوردي في حكمة هذا الواجب الأخير: ولا يعول علي التفويض أي إسناد العمل إلي من يقوم به تشاغلا بلذة أو عبادة. فقد يخون الأمين ويغش الناصح وقد قال الله تعالي: "ياداود إنَّا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله". فلم يقتصر الله سبحانه علي التفويض دون المباشرة ولا عذره في الاتباع حتي وصفه بالضلال. وقد جاءت النصوص الكثيرة تدعو الإمام أو الأمير أو الحكام إلي العناية بأداء واجباته وتحذر من التقصير فيها. منها ما يأتي: 1 قول الله تعالي لنبيه صلي الله عليه وسلم : "واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين". 2 قول الله تعالي: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي". 3 قول النبي صلي الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. الإمام راع ومسئول عن رعيته". 4 قوله أيضاً: "من ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة". 5 قوله أيضاً "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم. وتصلون عليهم ويصلون عليكم. وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم" قلنا.. يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ قال "لا. ما أقاموا فيكم الصلاة. لا ما أقاموا فيكم الصلاة" ومعني "تصلون عليهم" تدعون لهم. إن الإحساس بالمسئولية يساعد علي أداء الواجب بإخلاص واتقان. وفي حياة النبي صلي الله عليه وسلم والسلف الصالح أمثلة كثيرة تدل علي ذلك. انها المسئولية التي جعلت الرسول يهتم بشئون رعيته وينسي في سبيل ذلك نفسه. كما حدث في توزيع مال البحرين ولم يبق لنفسه شيئاً يفطر عليه مكتفياً بالخل أداما. وكما حرم زوجاته متعة الحياة من الخيرات التي يفيئها الله علي المسلمين فخيرهن بين المقام معه علي رقة حاله وبين تسريحهن. وكما حرم بنته فاطمة من خادم يريحها. مذكراً لها بواجب أهل الصفة عليه.