عرضنا في الحلقة الماضية لأساس نهضة الأمة الاسلامية وعرضنا للجانب الايماني.. وفي هذا العدد نعرض للجانب الأخلاقي فنقول: في جانب الاخلاقي. يدعو الرسول صلوات الله وسلامه عليه. أمته ان نكون يدا واحدة في المودة والرحمة والعطف. فيقول صلي الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي". ويعمق الاسلام مفهوم الوحدة بأقوي رباط ينبغي ألا ينساه أحد. ذلك هو رباط العقيدة التي يؤمنون فيها بالله ربا. فربهم واحد. وأبوهم- وهو آدم- واحد. إنه رباط وثيق ينتظمون تحت لوائه مهما تباعدت الديار وتناءت الاقطار واختلفت اللغات والالوان. قال صلي الله عليه وسلم: "يا أيها الناس. ألا إن ربكم واحد. وإن اباكم واحد. ألا لا فضل لعربي علي أعجمي. ولا لعجمي علي عربي. ولا لأحمر علي أسود. ولا لأسود علي أحمر- إلا بالتقوي". محاولات الخصوم وينبغي ان ننبه إلي ان اعداد الامة قد زرعوا في طريق وحدتها عقبات. منها العقبات الحسية والعوائق المادية. فقبل ان يخرجوا من بعض البلاد تركوا بعض المواقع لدي الحدود لتظل العلاقات متوترة. ولم يحسموها ابتغاء زرع الخلافات كما نري بعض العقبات المعنوية والفكرية. مثل تيارات الوجودية والشيوعية والماسونية والقاديانية والبهائية. إلي غير ذلك من التيارات المتصارعة التي تعمل علي تفتيت وحدة الامة. بل إن بعض المستشرقين درس علوم الاسلام وتصيد بعض الخلافات اليسيرة ليضخم بها الخلاف وليحدث بها شروخا بين فصائل الشباب المسلم. وكان علي المفكرين والاسلاميين والدعاة والمصلحين. أن يشخصوا الداء وأن يصفوا الدواء. وإذا كان تشخيص الداء يتلخص في هذه التيارات وتبعية البعض لها وانبهار الكثيرين من المسلمين بما كتبته أقلام هؤلاء الحاقدين علي الاسلام. فإننا نري ان الدواء يسير وواضح. انه كما اشار رسول الله صلي الله عليه وسلم "تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي" فكتاب الله تعالي هو سر سعادتنا ووحدتنا وقوتنا ان تمسكنا به واعتصمنا بحبله. فلقد أدرك أحد زعماء الاستعمار هذه الحقيقة فقال: "لا قرار لنا مادام المصحف بأيدي المسلمين. وما دام الازهر في مصر. والكعبة في مكةالمكرمة "وما ذلك إلا لان هذه الوحدة اساسها الذي نبه إليه رب العزة هو حبل الله المتين "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" "آل عمران: 103" ولأن الكعبة هي بيت الله الحرام. من دخله كان آمنا. يتجه إليها المسلمون في كل صلاة فالتمسك بكتاب الله تعالي هو النجاة وسر النجاح والوحدة والقوة. وهناك الدواء الوقائي الذي يجب علينا أن نتنبه إليه. وهو اتقاء الفتن وصيانة الفرد والجماعة والأمم والشعوب من الوقوع في الفتن والانحراف في تياراتها قال تعالي "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه إليه يتحشرون. واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب. واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وايدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون" "الأنفال 24-26". كما يجب ألا تكون اجتهادات العلماء واختلافاتهم اليسيرة مثار خلاف شديد أو سببا لفرقة الأمة. لأنها رحمة الله بهذه الأمة يأخذ أهل كل عصر ومصر ما يناسبهم مادامت آراء أئمتنا لم تصادم نصا من كتاب الله ولا حديثا من أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم. ولقد أمرنا الله تعالي أن نقيم الدين وألا نتفرق فيه فقال سبحانه "شرع لكم من الدين وما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسي وعيسي ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر علي المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب" الشوري: 13 وان من واجب امتنا الإسلامية في هذه المرحلة الحاسمة التي تمر بها والتي تعرضت فيها لتحديات من اعدائها باضطهاد الاقليات وبث التيارات المعادية ومحاولة نشر الفرقة في الصفوف. ان واجب أمتنا ان تسير في المسار الواضح الذي رسمه لها رسولها صلوات الله وسلامه عليه. حين قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان. يشد بعضه بعضا. ثم شبَّك بين أصابعه". واضح ان البنيان الذي يشد بعضه متماسك قوي يثبت أمام العواصف ولا تؤثر فيه الهزات ولا التيارات لأنه يقوي علي ردها ويصون جماعته منها وكذلك الحال بالنسبة للأمة الإسلامية فهي بوحدتها وتضامنها قوة كبري لا تقف في مواجهتها قوة أخري لأنها بتأييد الله تعالي لها وبفضل اعتصامها بحل ربها وتكاتفها في سبيل الحق. تحقق النصر علي اعدائها وتحقق خيريتها علي ظهر الأرض وتنشر الأمن والاستقرار والخير والرخاء وتقيم مباديء الحق والعدل وتصد تيارات الفساد والإلحاد وترد موجات التحلل السافرة. ويوم أن تتوحد بلاد العالم الاسلامي علي نصرة دينها وتحقيق خيراتها يوم أن ينصرها الله نصرا مؤزرا ويمكن لها في الأرض لتقيم شريعة الله تعالي مؤكدة صلتها بها مقوية روابطها بالمجتمع مدافعة عن دين ربها. آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر. قال سبحانه "ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز. الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" الحج 40-.41 ان علي أمتنا ان تتوحد وان تكون يدا واحدة في مواجهة التحديات التي تنازل منها والتي تحاول تصفية الاقليات الاسلامية وابادتها انه لا خلاص للأمة من هذه الفتن ومن هجوم اعدائها ونيلهم منها إلا بتوحيد صفوفها حتي تكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.