الإسلام منهج شامل لكل نواحي الحياة . فهو دين ودولة . عقيدة وشريعة . وهو قوة وسيف وهو عبادات ومعاملات ....... . وخطأ ما يشاع جهلا أو تجاهلا من أنه طقوس وتسبيح فقط ولا شأن له بالحياة الإقتصادية والتجارة مع العالم . وخطأ كذلك من يري بإن الإسلام لا يعرف الدولة المدنية الديموقراطية المعاصرة . فلقد أكد الفقهاء والدعاه والمؤخرون من السلف والخلف بأن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد أسس دولة مدنية في المدينة علي سند من الدين مارست كل نواحي الحياة من عبادات ومعاملات ومن سياسة واقتصاد ومن ثقافة واجتماع وكان المسجد هو المنطلق لذلك. ولقد كانت رحلة الموقر السيد رئيس الجمهورية إلي الدول الخارجية مثل السعودية وأثيوبيا وباكستان وإيران وهم من رموز التيار السياسي الإسلامي نموذجا عمليا علي شمولية وعالمية الإسلام كما أن زيارته إلي الهند وإيطاليا وألمانيا نموذجا لاتساع أفق التعامل مع البلاد غير الإسلامية حيث لا يوجد حرج شرعي في ذلك لأن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها غهو أحق الناس بها. ولقد حققت هذه الزيارات ثمرات دينية وسياسية واقتصادية وكذلك اجتماعية وثقافية ولا سيما مع باكستان والهند يضيق المقام لعرضها وتقييمها في هذه الدراسة حيث لا يتسع المقام والمكان . لذلك فسوف نركز علي الثمرات الاقتصادية وما هو الحصاد الاقتصادي المنشود في الأمد القصير والمتوسط. أولاً : ثمرة التعاون الاقتصادي الدولي علي أساس حفظ الارادة والسيادة والعدل . يحض الدين الإسلامي علي الضرب في الأرض وابتغاء الرزق . لأن ما علي أرض الله حق لعباد الله . فهو القائل في كتابه الكريم : " فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " " الملك : 15 " . وقوله عز وجل : "وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً " " النساء : 100 " . ولقد مارس رسول الله وكذلك الصحابة التجارة خارج مكة . كما كان لصحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم من التجار الفضل في نشر الإسلام في دول شرق آسيا وأوربا وأفريقيا . كما ساهم علماء الإسلام في نشر العلم في هذه البلاد وغيرها . ولذلك كان رحلات السيد رئيس الجمهورية إلي العديد من الدول نموذجا عمليا . باعتباره رئيسا لدولة إسلامية عريقة علي مشروعية التعاون بين الدول بعضها البعض في ضوء العدل والمساواة والإحترام الكامل لسيادة كل دولة والتعامل بالمثل وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالي : "وَ"تَعَاوَنُوا عَلَي البِرِّ وَالتَّقْوَي وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ "المائدة :2". وقول الله تبارك وتعالي : " لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ "8" إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَي إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" "الممتحنة 8 : 9" والأصل في المعاملات الحل إلا ما حرم بنص من الكتاب والسنة . وتأسيسا علي ذلك يجوز التعاون مع غير المسلمين في مجال الحلال الطيب الذي يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية وفيه خير للناس. ثانياً : ثمرة نقل خبرات التكنولوجيا المتقدمة إلي مصر يحض الإسلام علي طلب العلم واكتساب الخبرات . فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها " ولقد ورد في الأثر "اطلبوا العلم ولو في باكستان والهند". ولم يكن في صدر الإسلام علوم شرعية في باكستان والهند ولكن كانت علوما مدنية . ولذلك لا يوجد حرج شرعي في التعاون بين الدول في مجال الخبرات النافعة للشعوب ويحقق لها الخير. ومن ثمرات رحلة السيد رئيس الجمهورية إلي باكستان والهند علي سبيل المثال نقل خبرات التكنولوجيا الحديثة لمصر للمساهمة في تحقيق التنمية منها علي سبيل المثال وليس الحصر. - نقل خبرات تكنولوجيا المعلومات والحاسبات والالكترونيه. - إنشاء مركز للبحوث والتطوير التكنولوجي. - نقل خبرات الاتصالات والكابلات البحرية. - نقل خبرات التقنية الزراعية. - نقل خبرات المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر لعلاج مشكلة الفقر والبطالة . - نقل خبرات تنمية محيطات الموارد المالية مثل ممر قناة السويس. وسوف يترتب علي نقل هذه الخبرات المتقدمة مجموعة من الأثار الايجابية لمصر منها علي سبيل المثال : - زيادة حجم الاستثمارات في المشروعات الانتاجية التي تخلق فرص عمل جديدة . - زيادة حجم التبادل التجاري . وهذا سوف يساهم في اصلاح نظام المدفوعات . - زيادة حجم السياحة وهكذا بدورة يساهم في النشاط الاقتصادي. - ايجاد فرص عمل للعاطلين من خلال المشروعات الصغيرة والوسيطة . - تبادل الخبرات والمهارات وتزاوج المعارف في مشروعات التقنية الحديثة. ثالثاً : ثمرة تحرير الاقتصاد المصري من هيمنة بعض الدول الكبري يدعو الإسلام علي احترام ارادة الشعوب وعدم استغلال الحاجات الاقتصادية للدول بل يحض علي التعاون بدون استغلال أو هيمنة . ولقد انتهزت بعض الدول الكبري مثل أمريكا حاجة مصر إلي الدعم والمساعدات في التدخل الساخر في شئونها الداخلية والخارجية . كما استخدمت سلاح العقوبات الاقتصادية لتهديد متخذي القرارات السيادية والتهديد بقطع المعونات العسكرية والاقتصادية عن مصر عندما لا تسير الادارة السياسية علي هواها . فعندما تتجه مصر علي سبيل إلي باكستان والهند صاحبة ثان أكبر اقتصادي عالمي وتقوي علاقاتها الاقتصادية معها وتحقق نوعا من التوازن النسبي في المعاملات بين أمريكا ومصر من جهة وبين باكستان والهند ومصر من جهة أخري سوف يساهم ذلك في تحسين شروط المعاملات ويكون أساسها المنفعة المتبادلة واحترام سيادة الدول . ومن الثمرات الاقتصادية المنشودة في هذا المقام ما يلي : تقليل تكلفة المنتجات والخدمات المستوردة من باكستان والهند بالمقارنة مع ما يناظرها من أمريكا ومن بعض الدول المهيمنة. خلق المنافسة الحرة في المعاملات الاقتصادية بدلا من الاحتكار المذموم من أمريكا ومن بعض الدول المهيمنة المستغلة للدول الفقيرة. تحرير مصر من بعض القيود الظالمة التي كانت تفرض عليها ومثال اتفاقية الكويز . فتح مجالات جديدة أمام رجال الأعمال في مصر للتعامل مع دول شرق آسيا . فتح باب التصدير إلي باكستان والهند ودول شرق آسيا وهذا بدوره يساهم في اصلاح ميزان المدفوعات. رابعاً : ثمرة التركيز علي المشروعات الانتاجية وتقليل الاهتمام بالمشروعات الريعية والورقية يحث الإسلام علي العمل الخلاق الذي يساهم في إضافة قيمة جديدة من المنتجات والخدمات . ويتحقق ذلك بصفة أساسية علي المشروعات التي تنتج الضروريات والحاجيات الأصلية للانسان . أي علي المشروعات الانتاجية في الزراعة والصناعة والتعمير ونحوها وليس علي المشروعات الريعية التي تبحث عن أكبر ريع "عائد" ممكن بصرف النظر عن معيار الضروريات والحاجيات ومن أمثلة تلك المشروعات المعاملات الوهمية الورقية في الأسواق المالية والنقدية والتجارة في العقارات للحصول علي الربح من التضخم وارتفاع الأسعار . والتجارة في الكماليات والترفيات التي تخدم الطبقة الغنية دونما أي اعتبار للطبقة الفقيرة. خامساً : ثمرات استغلال المشروعات القومية المتعثرة: تمتلك مصر موارد وامكانيات اقتصادية قومية معطلة تحتاج إلي تمويل عيني ومالي والاستفادة من العنصر البشري المصري ويمكن الانتفاع من تشغيلها لتساهم في علاج مشكلة البطالة وخفض الاستيراد وزيادة الصادات. ومن أمثلة ذلك : مشروعات تنمية سيناء. ومشروعات أسوان والنوبة ومشروعات شرق العوينات ومشروعات ملحقة بقناة السويس ومشروعات التنقيب عن المعادن ونحو ذلك. ويمكن للجانب باكستان والهندي المشاركة في هذه المشروعات برأس المال العيني والنقدي وحق الابتكار وتكون مساهمة الجانب المصري برأس المال العيني والبشري وبذلك تتفاعل عوامل الانتاج مع بعضها البعض وتحقق العوائد التي توزع بين الطرفين بالعدل ووفقاً للقوانين المصرية وبنظام المشاركات المنتهية بالتمليك. وهذا الأمر يحتاج وضع استراتيجيات مدروسة توضح الجدوي الاقتصادية والمنفعة المتبادلة بين الطرفين ووضع نماذج للعقود بما يخالف أحكام ومباديء الشريعة الإسلامية.