* مصر تموج بالحرائق السياسية التي ترتدي أحيانا ً ثوب الايدولوجيا بين الفرقاء المختلفين.. ولا سيارة إطفاء مخلصة تطفئ هذه الحرائق.. في الوقت الذي نجد فيه الغالبية تصب النار علي البنزين فأزمة الفصائل السياسية المتناحرة اليوم أن كلا ً منها يعشق أن يكون صاحب اللكمة الأخيرة أو يقول إذا هزمت فليهزم الوطن معي.. وإذا غرقت فليغرق الوطن معي.. فالجميع يدخلون السباق السياسي الآن بمنطق المعارك "يا قاتل يا مقتول". * لا يدري الفرقاء المتصارعون أنهم في معركة صفرية لن يكسب فيها أحد والخاسر الوحيد هو الوطن الذي دمر اقتصاده.. وسفكت دماء أبنائه.. وحطمت رموزه السيادية.. وانقسم قضاؤه.. وتفكك بنيانه.. وبدلا ً من توظيف اختلاف الرؤي والمشاريع لمصلحة الوطن أصبح كل فريق يظن أن الثورة لن تنتصر إلا بانتصار فريقه.. ولا يدري أن النصر الحقيقي للثورة هو انتصار العدل والحق والخير وجمع قلوب المصريين علي كلمة سواء. * الآن يدوس كل طرف من أطراف الأزمة علي أصبع الآخر بأسنانه حتي يضطروا إلي الخروج نهائيا ً من حلبة الصراع. * الآن يقع طرفا الصراع في مصر في أزمة فكرية وأخلاقية عنيفة.. فبعضهم ينظر إلي الرئيس د/ مرسي بعين التقديس وإن لم يصرح بذلك.. وهذا فيه غلو يضر د/ مرسي وحكمه ولا ينفعه. * أما الطرف الآخر فينظر إليه بعين التبخيس.. فلا يري له حسنة ويغمطه حقه.. وقد يحول حسناته إلي سلبيات.. وهذا فيه تفريط مخل سيخلق حاكما ً معاديا ً لخصومه السياسيين ومبادلا ً حقدهم بحقد أكبر.. فالمعارضة الجيدة الموضوعية عفة اللسان تخلق حكما ً رشيدا ً. * أما المعارضة الحمقاء الظالمة فتخلق حاكما ً مستبدا ً لا يري لنفسه وجودا ً إلا بسحقها وإقصائها. * إن كثيرا ً من مفردات المعارضة المصرية لا تخدم مصلحة الأمة بقدر ما تخدم مصالح أصحابها.. كما أن نبرة التقديس من البعض دون قصد ستربي أجيال الحركة الإسلامية علي الخلط بين الإسلامي المعصوم والحكم الإسلامي غير المعصوم.. والذي يستحقه منا جميعا ً التوجيه والنصح والنقد الهادف ويستوجب من الحاكم دوام المراجعة والتصويب مع ثقافة الاعتذار عن الخطأ. * وإذا كان د/ مرسي قد أراد الخير لمصر بالإعلان الدستوري.. فإن الحقيقة التي لا تخفي علي أحد أن هذا الإعلان ترك أثارا ً مدمرة علي الاقتصاد المصري وعلي تماسك مؤسسة الرئاسة وعلي العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضائية وعلي الاستثمار وخلف وراءه أكثر من 8 قتلي و500 مصاب.. فضلا ً عن عنف مجتمعي غير مسبوق. * أفلا يستوجب ذلك من د/ مرسي العدول عن هذا الإعلان ؟. * فالعالم المتحضر كله يوقف تداول أي دواء تزيد أعراضه الجانبية عن فوائده العلاجية.. وله في الرئيس السادات قدوة وأسوة الذي تراجع فورا ً عن قراره برفع سعر رغيف العيش بعد أن اندلعت مظاهرات عارمة يوم 17 و18 يناير 1977 م وكادت تحرق القاهرة. * ولما سأله البعض ألا يؤثر ذلك علي هيبة الرئاسة لزعيم منتصر في حرب أكتوبر ؟ * أجاب بأن حق دماء شعبه أولي لديه من كل اعتبار. * يا سيدي الرئيس ثق في مؤسسات الدولة المصرية واستعن بها في كل أمورك ولا تستعن بغيرها.. فأنت رئيس لمؤسسات الدولة ولست رئيسا ً لفصيل من الفصائل.. وثق أن الدولة أكبر من أي جماعة مهما كانت قدراتك. * كما أن الأمة أكبر من أي دولة مهما كانت مكانتها.. فلا تحصر نفسك يا سيدي في إطار ضيق.. تاركا ً ما وسعه الله عليك.. ولا تضيع حب 80 مليون مصري من أجل مليون منهم.. واجمع شعبك في قلبك وليسعه صدرك.. وارحمه يرحمك.. وأعطه الحلو من العدالة والتنمية يقبل منك بعدها المر من القرارات.