آثار قرار رئيس مجلس الوزراء بغلق المحال التجارية في العاشرة مساءً. العديد من الآراء داخل المجتمع ما بين معارض. ومؤيد للقرار. الحكومة استشعرت الكارثة.. وحذرت من عدم تطبيق القرار. فالطاقة لا تكفي والاستهلاك في ازدياد السياسيون معارضون كرها في الحكومة. أو مؤيدون حباً في النظام.. أما أصحاب المحال فيرون فتح المحال 24 ساعة طمعاً في الكسب. أما علماء الإسلام فلهم رأي آخر بعيد عن المكسب والخسارة. والأوراق السياسية. الشيخ عبدالعزيز النجار مدير الدعوة بالأزهر وعضو لجنة الفتوي يوضح رؤيا الإسلام "لليل" فيقول: جعل الله سبحانه وتعالي الليل لباساً والنهار معاشاً وقدم القرآن الكريم الليل قبل النهار لأن في الليل الستر. والسكنة. والهدوء. والراحة. والسكون. والعبادة الخاصة وجعل النهار للمعاش والسعي فقط. وجعل الإسلام خير الأمم وليست الأمة الإسلامية فقط في بكورها. حيث أخبر الرسول - صلي الله عليه وسلم - أن الأرزاق توزع في صلاة الفجر. حتي قال أحد الصحابة عجبت لمن ينام حتي تطلع الشمس. كيف يرزق؟! ونظرة الإسلام الليل بأنه فترة للنوم. والراحة والعبادة فأمر الله سبحانه وتعالي فيه "ياأيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا" فالليل للراحة والعبادة. والتقرب إلي الله سبحانه وتعالي قال سعيد بن عامر والي حمص في عهد عمر بن الخطاب "جعلت لهم النهار. وجعلت الليل لربي" وكان سيدنا أبوهريرة يقسم الليل ثلاثاً ينام ثلثه. ويقوم ثلثين" وثبتت من الناحية العلمية أن قليل النوم في الليل خير وأفضل من نوم النهار بأكمله. ويضيف الشيخ عبدالعزيز النجار: لو نظرنا من الناحية المادية نجد ان كثيراً من الأعمال بالليل مكلفة حيث تستهلك جزءاً كبيراً من الطاقة بخلاف النهار. وعمالة غير منتجة في هذه الاوقات. وبالتالي فإن العمل بصفة عامة في ساعات متأخرة من الليل ليس مكسبا للتجار. ولو تعودت الأمة الإسلامية علي النظام ورتبت أوقاتها لاستطعنا أن نوفر أكثر من 75% من الطاقة ونقضي علي أزمة السولار والكهرباء ونزيد من الانتاج والجهد والوقت. يجب علينا أن نتبع سنة الله سبحانه وتعالي في الأرض نتخلق بأخلاق الإسلام. ونعيش بالتصور الإسلامي للحياة. وإذا لم نعش هكذا فسنظل في حياة منهكة. في مشاكل ليل نهار. وإذا لم نتبع المنهج الإيماني في الحياة فسوف نعيش في ضنك "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا". التصور الإسلامي ويتفق د. عبدالله الصبان أستاذ الحديث بجامعة الأزهر مع هذا الطرح موضحاً أن الإسلام جاء بتصور كامل للحياة ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وضع لها تصوراً وآداباً وأخلاقاً. وأحياناً تشريعات "ما فرطنا في الكتاب من شيء" ومن هذه التصورات التي تتناسب مع الفطرة. وتتناغم مع الكون والطبيعة الليل والنهار. فالفطرة البشرية والكونية والتاريخية تؤكد أن النهار هو فترة زمنية للعمل والجهد والتعب والسعي علي لقمة العيش. والبناء. فهي إذن فترة عناء ومشقة تتناسب مع الطبيعة الكونية.. حين الضياء والشمس والدفء والبرد وغيرها. فلا يعقل مثلا أن تزرع ملايين الأفدنة بأعمدة الإنارة حتي يقوم الفلاح بأعمال الزراعة ليلا أو تنير مزارع الدواجن في كل القري كي تأكل الحيوانات ليلا وتنام نهاراً وحتي الحيوان المنسجم مع الفطرة التي خلقه الله عليها يمكث طوال النهار يأكل ويلهو ويجري ويلعب. أما الليل فيخلد للراحة والنوم والبعد عن الطعام والشراب. لأنه لو أكل بالنهار. والليل لأصيب بالأمراض التي تؤدي به فوراً للهلاك والموت. وجعل الإسلام تصوره حول الليل بأنه راحة البدن حتي يستطيع القيام لليوم الثاني بنشاط وهمه وجعله فترة للهدوء الذهني بعيداً عن الشحن الذهني طوال النهار. وبالتالي يأخذ العقل وتأخذ النفس فترة راحة. وسكينة. تستطيع بعدها القيام لليوم الثاني والذاكرة متيقظة قوية. حاضرة لا تحتاج لمنبهات ولا مقويات. ويتساءل د. عبدالله الصبان.. إذا تركنا الأمر لأنفسنا ومكثنا نعمل ليل نهار. فمتي نخلد بأنفسنا ونناجي ربنا سبحانه وتعالي. ومتي نصلي ركعات في الليل ومتي نقف مع الله؟ فإذا كانت حياتنا عملا ليل نهار. ونوم فترات قليلة من الليل فإننا نضيع علي أنفسنا أجلَّ الأعمال وأفضلها وهي قيام الليل. وصلاة الفجر. ويضيف د. عبدالله الصبان: ليس كل ما تأتي به الحكومة شر أو عمل غير صائب. وليس كل من يعارض قرارات الحكومة فهو صائب وقد يكون المعارض علي خطأ كبير فنحن ألفنا - عبر السنين الماضية - الهمجية وعدم النظام. وأي عملية تنظيمية تكون دائما قاسية علينا. ولكننا لو جاهدنا أنفسنا وعودنا أنفسنا علي النظام لاصبح النظام والدقة في الحياة هي السمة السائدة في دمائنا فهي في النهاية عادات ألفناها ومن الصعب الاقلاع عنها. ولذلك علينا أن نربي أنفسنا علي الأخذ بالنظام والدقة في حياتنا والبعد عن الهمجية التي تضرب بجذورها في نفوسنا جميعاً. وإذا لم نتحرك من تلقاء أنفسنا.. ستغرق في المشاكل والهموم حتي لو حكمنا ملائكة. أبعاد اجتماعية ويؤيد د. محمود فرج الاستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر قرار الحكومة بغلق المحلات والمقاهي ليلاً معتبراً أن القرار له أبعاده الأخلاقية والتربوية في المجتمع كله. ويقول: المتعارف عليه الآن. وتوصيف الحالة المصرية هو الجميع يعمل طوال النهار ويضيف لوقت العمل وقتاً مماثلا في المواصلات. وفي الليل الكل يفتح أبوابه محلات بقالة. طعام. أدوات. مقاهي وغيرها والذي عمل بالنهار حتي آخره. يقضي جزءاً من الليل علي المقاهي. وآخر يقضي وقتاً اضافيا في العمل وعلي الجانب الآخر.. هناك زوجات في أمس الحاجة لوجود الزوج بجوارها يؤانسها وتؤانسه. وهناك أولاد وأطفال وشباب في حاجة لوجود الأب داخل المسكن ليراقبهم. فهل هذا التوصيف يعد توصيفا لدولة تريد ان تنهض؟! طبعاً الاجابة بالنفي.. فإغلاق المحال في الجزء الأول من الليل له أبعاد تربوية كبري أهمها.. تواجد الأب داخل أسرته.. فالزوجة تأنس به. تشعر بوجودها وهي تلاطفه وتسامره بالليل. وكذلك الأولاد حينما يشعرون بالدفء الأسري من الأب والأم تمتليء نفوسهم وتستكين ولا يشعرون بأي أبعاد قد تؤدي لاضطراب في السلوك فضلا عن حاجة الأبناء لوجود الأب الذي يتابعهم في تحصيل دورهم. والتزامهم الاخلاقي في النزول والخروج من المنزل. فوجود الأب بين الأبناء يمنع تشاحن وتطاحن الأولاد مع بعضهم. والتزامهم بالتواجد في المنزل. وعدم الالتحاق برفاق السوء. واتجاه الشباب للمخدرات وغيرها. ولكن للأسف تزرعنا بالجري وراء لقمة العيش وتركنا الزوجات في أسي. والأبناء كل في حاله. ويتذكر د. محمود فرج ما جنته مصر من جيل من الشباب قتله الادمان. ورفاق السوء من جراء الآباء الذين ذهبوا للعمل في الخارج وتركوا أولادهم شباباً دون وجود اب والحجة "نحن نجري علي زيادة معاشهم وتأمين مستقبلهم.. وكانت النتيجة ما عاناه المجتمع المصري من مآس أخلاقية ونفسية لشبابه. ضبط وربط ويؤكد د. علي سند استاذ الدراسات الإسلامية كلية التربية بجامعة الأزهر علي تأييده لقرار الحكومة بعملية تنظيم الاعمال موضحاً أن المجتمع المصري في أمس الحاجة - في الوقت الراهن - لأخذ منهج وأسلوب القوات المسلحة في العمل. فكما أن القوات المسلحة في جهاد لحماية الوطن. فإننا لابد ان نكون في جهاد مثله لانقاذ الوطن. فالقوات المسلحة المنوط بها الجهاد والحروب والتدريبات العنيفة تعمل بالنهار والليل وقت محدد يخلد فيه جميع الجنود والقادة للراحة والنوم. تأهيلا للاستيقاظ مبكراً للقيام بالاعمال الشاقة. وبالتالي نضرب نحن المثل بالجيش في الانضباط الزمني والاخلاقي. والعملي ونحن في الحياة المدنية في أمس الحاجة لهذا النمط من الحياة في حاجة "للضبط والربط" في جميع مناحي الحياة ولابد أن نعترف أننا نعيش حالة غير مستقرة علي جميع الاصعدة. ولابد من معالجة هذه الحالة. والمعالجة تأتي بالقضاء علي همجية السلوك والمنهج الذي سيطر ويسيطر علينا. ويعترض د. علي سند علي التجار والغرف التجارية التي تعارض قرار غلق المحال ليلا موضحاً أن علي هؤلاء أن يعلموا أن الأرزاق بيد الله. وهو سبحانه الذي يوزعها علي عباده. وضيق الرزق ليس بيد العبد إنما بيد الله سبحانه وتعالي. فمن الممكن ان أعمل ليل نهار.. ولا أحصل علي ما أبغي من الرزق. أو أحصل علي ما أبغيه فتأتي المصائب لتحصد ما حصلت عليه. ومن الممكن أن أعمل قدر الطاقة والتصور الصحيح فأحصل علي الرزق الأكبر أو الأقل بلا مصائب. إذن يجب علي الجميع أن يدركوا قضية الزرق يقيناً.. ويتوكلوا علي الله. وينظموا حياتهم بانسجامها مع الكون كله. رجل دين لا تموين ورغم طرح هذه الأفكار والرؤي الإسلامية والحياتية من هؤلاء العلماء.. إلا أن هناك مراجع علمية أكدت أن الإسلام ليس له شأن في مثل هذه القضايا فالشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر رفض الحديث في هذا الموضوع موضحا ان الاسلام لا يحشر في ذلك ابدا. ولابد ان نترك الإسلام دون التدخل في كل شيء فالإسلام لا يتدخل في مثل هذه المواضيع وكان الأولي بنا - علي حد قوله - ان نتصل بوزارة التموين وقال: أنا رجل دين ولست بتاع تموين. وكان رد الدكتور عبدالفتاح الشيخ عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر حيث طالب بالا ندخل الإسلام في مثل هذه الأمور. ودعانا لسؤال بقال أو قهوجي أو اصحاب العمل فهذا أمر لا يخص الدين!!