تعاني الدول في فترات مختلفة من أزمات تحيط بها وتمتد إلي داخلها. وهذه طبيعة الحركة في الحياة. فهي كما تعطيك تأخذ منك. وتوزع ما تأخذه علي الذين لا يجدون لحياتهم زاداً ولا مدداً. والمخرج من ذلك لا يكون إلا بالعمل المنتج الخلاق. وقد قال الله سبحانه وتعالي: "وفي السماء رزقكم وما توعدون" وهذا معناه ان رزق الأرض يأتي من السماء حيث يهبط المطر علي الأرض فتتحول صفرتها إلي خضرة يانعة وثمرات شهية يأكل منها الإنسان والحيوان وجميع ما يدب علي الأرض من حشرات دقيقة لا يراها الإنسان بالعين المجردة. فهي تحتاج إلي مكبرات نظرية توضحها وتبديها للعيون. معني ان الرزق في السماء يهبط إلي الأرض ليستثمره الإنسان ان الله تعالي لم يجعل رزق الإنسان موفوراً بلا تعب ولا نصب وإنما جعله نتيجة للعمل والدأب والبحث عن النتائج. وقد امتدح الله سبحانه وتعالي المؤمنين للذين يعملون الصالحات في أماكن كثيرة من القرآن الكريم وآياته المحكمات. والشعوب تبحث الآن عن حاجتها للحياة. ولكن ذلك لا يكون إلا بالعمل. وهذا العمل هو الذي يوفر للإنسان ضرورات حياته وقد ضرب الإسلام مثلاً من سلوك رسول الله صلي الله عليه وسلم مع أصحابه حين احتاجوا إلي الغذاء وكانت معهم شاة قرروا أن يذبحوها لطعامهم. وجاء توزيع العمل عليهم فقال أحدهم: عليَّ ذبحها. وقال الثاني: وعليَّ سلخها. وقال الثالث: وعليَّ طبخها فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "وعليَّ جمع الحطب. فقال له أصحابه: يا رسول الله استرح. وسنكفيك هذا العمل. فقال صلي الله عليه وسلم: لا أحب أن أستريح بينما يعمل الآخرون" وهذا مثال بسيط يضربه رسول الله صلي الله عليه وسلم لأمته في أن تعمل وتكد وتجهد نفسها حتي تنال ما يغنيها ويحفظ عليها حياتها. وهذا من الأمثلة البسيطة التي تؤهل لإدراك العمل الكبير الذي لا مفر منه ليعيش الناس حياتهم في استكمال ضروراتها. وجدير بكل القياديين والكبار في القوم أن يأخذوا من هذا المثال مصباحاً ينير لهم طريق الحياة. ولقد تكرر في القرآن الكريم أمر الله للمؤمنين بأن يعملوا الصالحات حتي ينالوا الثواب الجزيل من ربهم واهب الخير والنعم. فلا مجال لحياة الأمم والشعوب والأفراد إلا بالعمل. فعلي الأمة مؤمنة أن تعمل وأن تسعي في الأرض لتنال خير الله الذي أودعه فيها فهذا هو الطريق الوحيد لكفاية الأمم واستغنائها عن غيرها حتي لا تطلب من الآخرين معونة فيعطيها هذا ويمنع عنها هذا والله المستعان.