التشريع السماوي مليء بالكنوز التي يتم اكتشافها واحداً بعد الآخر ومن حين إلي حين إلي يوم الدين في الوقت المناسب والمكان المناسب لهداية البشر إلي الطريق المستقيم ليس في جانب العبادات وأساس العقيدة وأركان الدين مما جعل الله له بعض عباده المتخصصين في كل هذه النواحي الإيمانية أو بعضها تخصصاً عاماً أو دقيقا من الأئمة والعلماء والفقهاء الصالحين وإنما في جانب المعاملات أيضاً.. ومن فضل الله علينا في جانب المعاملات التي شرعت العبادة من أجل تقوي الله في هذا الجانب الأخير وليس في أوقات وأماكن العبادة فقط وانما في كل وقت وحين لأنه ان كان الغرض الأساسي من خلق الله للبشر هو عبادة الله فإن الغرض الاساسي ايضا من العبادة هو تقوي الله في المعاملات اليومية اقداما علي الخير ابتغاء وجه الله واقلاعا عن الخطأ فور إدراك انه خطأ خشية لله قولا وفعلا في جميع الأحوال وذلك تطبيقا لقول الحق سبحانه وتعالي في الآية القرآنية الكريمة رقم "21" من سورة البقرة "ياأيها الناس.. اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم.. لعلكم تتقون"!! وإذا كان هذا الأمر الإلهي لكل الناس وليس للمؤمنين برسالات السماء من أهل الكتاب جميعاً بصفة عامة والمسلمين منهم بصفة خاصة.. فمعني ذلك أن المؤمنين بالله إذا كانوا يقدمون علي الخير حباً في الخير دون ايمان بالله ويقلعون عن الخطأ كرها وبغضاً للخطأ دون إيمان بالله فإن المؤمنين بالله - كل حسب اعتقاده - عليهم ان يقلعوا عن الخطأ فور إدراك انه خطأ خشية لله ويقدموا علي الخير طالما انه خير للنفس والأهل والوطن والدين ابتغاء وجه الله..!! ولأن واقع الأحوال علي ظهر الكرة الأرضية يقول لنا أن جانب الخير عند من لا يؤمنون بالله خير منه عند كثير من المؤمنين بالله لما نشهده جميعاً من اخطاء وخطايا وسلبيات نعلم جميعا أنها كلها أخطاء بعقول أنعم الله بها علينا مع نعمة الإيمان بالله ومع ذلك فإننا نصنعها بأنفسنا قولا وفعلا ونتمادي في زيادة مساحتها وسيطرتها علي حياتنا ونحن في نفس الوقت نطلب من الله النجاة من اخطارها ونتعشم في رحمته لنا ويعفوا عنا باعتبار اننا ما نرتكب الاخطاء إلا لأنها مقدرة علينا وأنها ابتلاء لنا من الله علينا أن نقبله ونعيش في اطاره ونطلب من الله اللطف فيه ولكننا نجد ان لطف الله لايشملنا في كثير من الأحيان ودليل ذلك أننا في واقع الحال اصبحنا لا نجد ارضا نعيش عليها ونتحرك بسهولة ويسر بين ربوعها ولا نجد ما نأكله من خيراتها وان وجدناه فإننا لا نستطيع الحصول عليه سواء كان سلعة أو خدمة للمبالغة والتزايد المستمر في أسعار السلع والخدمات..!! إذا كان ذلك كذلك.. فإن الأمثلة عليه أكثر من أن تحصي ومنها علي سبيل المثال لا الحصر المبالغة في الأجر أو المكسب مع عدم الدقة والإخلاص في العمل أو الصنعة مع كثرة المشاحنات والمخالفات والجنح والجرائم وانتشار ظاهرة التدخين واللجوء إلي المخدرات بين الكبار والصغار واغتصاب الحقوق بغير وجه حق وادعاء حقوق لا حق فيها لمن يدعيها واستخدام البلطجة واللجوء إلي العنف واستخدام كل أنواع الأسلحة علي معظم النواحي وفي كثير من الطرق جهاراً نهاراً بما غابت معه هيبة الدولة وسلطان القانون مع ادعاء ضعف الدولة ونسبة الانفلات الأمني إلي الدولة.. وان استخدمت الدولة حقها في الدفاع عن هيبتها وتحقيق الأمن ثم الادعاء بأنها تقتل الأبرياء وتهدر دم "شهداء" في المظاهرات والاعتصامات المشروعة التي أصبحت بالطبع للمبالغة فيها غير مشروعة ولا يمكن وصف قتلاها بأنهم شهداء لأن معظمهم قبل ان يقتل كان قاتلا أو محاولا قتل غيره بدون وجه حق!. وبرغم ذلك نجد اصحاب الأصوات العالية - بغير وجه حق - تسيطر علي كل أو معظم وسائل الإعلام بكلام يبدو أنه كلام حق يراد به باطل والحق فيه أنه كلام قد يكون معسولا وبلسان فصيح والباطل فيه أنه كلام مسموم ويصدقه العامة فتستمر الفوضي ويرتبك معه كل مسئول في موقعه الرسمي والشخصي الفردي أو الجماعي لكي يستمر الانهيار في كل شيء علي النحو الذي تعيشه مصر منذ القضاء علي رءوس النظام السابق لثورة 25 يناير 2011 في 11 فبراير سنة 2011 علي وجه التحديد..!! والسبب في ذلك كله هو أننا علي أرض مصر مؤمنون بالله ونقيم فعلا أركان الدين - سواء منها المسلمون والمسيحيون كل حسب اعتقاده!! ولكننا نتعشم رغم سوء أحوالنا في جانب المعاملات أننا نتمتع برحمة الله لنا في الدنيا والآخرة لأن رحمته سبحانه وتعالي قد وسعت كل شيء وأنه كتب علي نفسه الرحمة ووعد عباده بأنه يغفر ما دون الشرك به جل شأنه لمن يشاء.. وقد وضع كل منا نفسه في دائرة "من يشاء" هذه وهو لا يدري ما يخصه من مشيئة الله في كل حياته فكان عشمنا في الرحمة والمغفرة.