ممنوع حضور القداس لتهنئة الأخوة الأقباط بعيد الميلاد .. كانت هذه آخر الصيحات والفتاوي المثيرة للجدل والتي ظهرت علي الساحة بقوة في الفترة الاخيرة دون معرفة الاسباب والمقصود بالتهنئة. الفتوي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاجتماعية أما في الأوساط الفقهية فكانت لهم رؤية أخري. علماء الأزهر لهم رؤيتهم الأكثر موضوعية وأكثر فهماً للنصوص الإسلامية. وأكثر استيعاباً لسنة الرسول صلي الله عليه وسلم والسلف الصالح. فيقول د. عبدالله الصبان أستاذ الحديث والسنة بجامعة الأزهر هذه الفتوي التي تحرم تهنئة الأخوة الأقباط ليس لها أي أصل من أصول الإسلام. لأن الرسول صلي الله عليه وسلم الذي أنزل عليه القرآن الكريم أكد علي أن البر لكل من يخالفنا طالما أنهم لم يحاربونا وبالتالي أمرنا بالتودد والاحسان لهم يقول تعالي في سورة الممتحنة "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم. إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين. وأخرجوكم من دياركم وظاهروا علي إخراجكم أن تولوهم. ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون" والبر هنا معني واسع لكل معاني الخير.فهو يعني الإحسان إليهم وإكرامهم ومن "البر" أيضاً أن نأكل معهم وعندهم. ويأكلوا معنا وعندنا وكذلك التهنئة لهم بأعيادهم وكل ما يسرهم. وكل هذه المعاني التي جاءت بها الآية الأولي تندرج علي الاخوة الأقباط في مصر. فهم إخوة لنا لم يقاتلونا. ولم يعملوا علي إخراجنا عن ديننا بل ولم يظاهروا علي عداوتنا. أما الذين نهانا الله سبحانه وتعالي عن مودتهم وتهنئتهم هم الذين يقاتلوننا ويحاولون إخراجنا عن ديننا. واحتلوا أوطاننا. فهؤلاء الذين ينهانا الله سبحانه وتعالي عن مودتهم وينطبق هذا الحكم علي إسرائيل التي احتلت أرض المسلمين وهدمت مساجدهم. وتحاول قتلهم وإبادتهم فهؤلاء محرم علي المسلم مودتهم وما يندرج تحت هذه المودة. ولا نذهب لسفارات هذا الكيان الغاصب بالتهنئة بأي عيد من أعيادهم. فهذا أمر محرم وخيانة لله ولرسوله. ابن تيمية ويضيف د. عبدالله الصبان : أما ما يتشدق به البعض وفتوي الإمام ابن تيمية .. فهو لا معني له لأن فتاوي الإمام ابن تيمية الاجتهادية كانت في زمن معين كان التتار يدكون حصون الإسلام في البلاد الإسلامية. وهذه الفتوي لا تصلح الآن في ظروفنا وعلي وجه الخصوص إخواننا النصاري في مصر. الآن لهم أي نصاري مصر خصوصة ولنا خصوصية معهم. كما أن فتاوي الإمام ابن تيمية لأبد أن تعرض علي العلماء والفقهاء الذين يدركون المعاني الفقهية من الحل والحرمة. والكراهة. والإباحة ومقتضي الحال وغيرها من القواعد الفقهية التي لا يفهمها إلا العلماء أما غيرهم فمن الخطأ الأخذ بها علي علتها. ويرجع د. عبدالله الصبان إلي الذين استندوا في دعوتهم للخروج علي الحاكم وقتاله في الدول الإسلامية بفتاوي للإمام ابن تيمية حينما تبنت الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد فكر "الفريضة الغائبة" لعبدالسلام محمد واستند في معظم مواد كتيبه بفتاوي الإمام ابن تيمية ونسي عن عدم فهم أن فتاوي الجهاد والخروج علي الحاكم ومقاتلة العسكر إنما كانت كلها في وقت غزو التتار. لبلاد المسلمين. كما أن هؤلاء لم يفرقوا بين كل من خرج عن الحاكم مما أنزل الله أياً كان وبين التتار. وفي الحقيقة أن كون التتار يحكمون "بالياسق" الذي اقتبس من شرائع شتي من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية. ورغم ذلك فبعد أكثر من عشرين عاماً تراجع أصحاب هذا الفكر وصنفوا المراجعات التي تراجعت عن هذا الفكر وهذا الفهم الخاطئ وغير المنصف للإمام ابن تيمية. نصاري نجران ويضيف د. عبدالله الصبان : ان هذه التهنئة ليس لها علاقة بالعقيدة الإسلامية. بدليل أن الرسول صلي الله عليه وسلم ترك نصاري نجران يقومون بقداسهم وصلواتهم في المسجد النبوي. وتركهم في المسجد أياماً وهذا نوع من المودة التي أمرنا بها الرسول صلي الله عليه وسلم. ومن الأثر ما ورد عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه كان جالساً فمرت جنازة فقام واقفاً .. فيقل له : إنهاجنازة يهودي يا رسول الله. فقال صلي الله عليه وسلم "أوليست نفساً؟! وهذا دليل علي مدي المودة والتقدير للإنسان.لو كان علي غير دين الإسلام. أليس الرسول صلي الله عليه وسلم هو الذي ذهب لليهودي عند مرضه وهو من كان؟ هو الذي كان يلقي القاذورات علي بابه صلي الله عليه وسلم. أليس الإسلام هو الذي أباح لنا الزواج من الكتابية فهل يعقل شرعاً وإنسانياً. أن أتزوج بنت شنودة أو مرقص ولا أهنيه في أعياده؟! إدخال الفرحة ويري د. صبري عبدالرءوف استاذ الفقه بجامعة الأزهرأنه لامانع شرعاً من ادخال الفرحة والسعادة علي غير المسلمين ما داموا يحسنون التعامل معنا وإذا كانت التهنئة بعيدهم تجعلهم يتعاملون من المسلمين ومن باب اذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها فتكون التهنئة جائزة ما داموا يحترمون دين الإسلام. ويحافظون علي مشاعر المسلمين .. فنحن اذن نحترم لهم مشاعرهم. ويضيف د. صبري عبدالرءوف : بالنسبة للقداس فهذه شعائر خاصة بهم. كما أن للمسلمين شعائر خاصة. بهم. وكل منهما يحترم شعائر الآخر. ولا يشاركهم في شعائرهم. ولايشاركوننا في شعائرنا. لأنه ليس من المنطقي أن نجد غير المسلم يشاركنا في صلاة الجمعة أو حضور صلاة العيد. لأنهم أي اخواننا الأقباط يكتفون بتقديم التهاني لنا وزيارتهم لنا. ولهذا نحن نتعامل معهم بمثل هذه التهنئة فإن ذهبنا لهم بقصد "البر" الذي دعا إليه القرآن الكريم جاء ذلك فهذا مرجعه إلي نية المسلم. ويرد د. صبري عبدالرءوف علي أصحاب القول بعدم التهنئة بعيد الميلاد علي اعتبار أننا نهنئ بتأليه سيدنا عيسي عليه السلام. كما هو موجود في العقيدة المسيحية ويقول : إذا كان الاخوة الأقباط يحتفلون بعيد المسيح عليه السلام فنحن أولي بالمسيح منهم. وان كانوا يخطئون لي فهمهم. فنحن نحتفل بالفهم الصحيح. لأن إيمان المسلم لا يكتمل إلا إذا أمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله وبشرط ألا نفرق بين رسله. وما دمنا أمنا برسالة سيدنا عيسي عليه السلام. فنحن نحتفل به علي حسب شرعنا. وهم يحتفلون به علي حسب عقيدتهم وفي النهاية علي الجميع أن يظهروا الاحترام والتقدير وإعلاء شأن سيدنا عيسي عليه السلام والتهنئة هنا جائزة ولاشيء فيها.