في برنامج تحت عنوان النبي محمد.. وقفت اليهودية- ليسلي هازيلتون.. تدافع عن القرآن الكريم أمام جموع المحتشدين.. ورغم أنها ملحدة إلا أن الانصاف والموضوعية أوجبا عليها ان تكون منصفة في الحديث عن القرآن الكريم وعن رسول الإسلام سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.. وعن المسلمين.. وحاولت تصحيح ما فهم خطأ من الغرب أو ما حاولوا أن يقوموا به من تشويه للاسلام.. وأكدت أن جمال القرآن في قراءته وفهمه باللغة العربية. تقول: ربما سمعتم عن مفهوم القرآن عن الجنة.. والظفر ب 72 حورية عذراء.. وأعدكم أنني سأعود إلي موضوع العذاري ذاك.. ولكن في الحقيقة هنا في الشمال الغربي.. أنا أعيش في صورة.. قريبة جداً من فكرة الجنة.. التي وصفت 36 مرة ك "جنات تجري من تحتها الأنهار".. علي اعتباري أعيش في قارب علي مسارب بحرية يونيون.. فإن هذا يبدو منطقيا لي.. ولكن الفكرة هي.. كيف وصلت هذه الأفكار إلي عقول الناس.. وأنا أعرف الكثير من طيبي النية من غير المسلمين.. والذين بدأوا في قراءة القرآن.. ولكنهم استسلموا بسبب غرابته.. لقد وصف المؤرخ توماس كاريل الرسول محمد كأعظم شخصية علي مر التاريخ "صلي الله عليه وسلم"- رغم أنه يصف القرآن بقوله: انه ككتاب للقراءة متعب جدا لكثرة الخلط فيه والتكرار وعدم التنسيق. أضافت: ان جزءاً من هذه المشكلة أننا نتصور أنه يمكننا قراءة القرآن كقراءة أي كتاب آخر يقع في أيدينا آخر النهار.. مع القليل من الفوشار بالقرب منه.. ان حديث الله.. أو القرآن.. هو وحي الله إلي الرسول محمد "صلي الله عليه وسلم" بالنسبة لنا.. هو مجرد كتاب مبيعاته مرتفعة جدا.. ورغم هذا.. فقليل من الناس.. يقرأون القرآن فعلا.. وهذا هو السبب الرئيسي لسوء الاقتباس منه وتحوير حقائقه.. ونقل الأجزاء منه دون سياقها العام.. فيما أدعوه نسخة الاقتباسات الخاطئة.. والتي يفضلها المتشددون الاسلاميون.. والعنصريون ضد المسلمين علي حد السواء.. لذا في الربيع الماضي.. عندما بدأت أهنيء نفسي لكتابة سيرة حياة الرسول محمد "صلي الله عليه وسلم" أدركت أنه يجب أن أقرأ القرآن بتمعن.. علي النحو الذي استطيع القيام به.. ان لغتي العربية لا تعدو تلك التي انقلها من القاموس.. لذا قمت بشراء 4 ترجمات شهيرة.. وقررت أن أقرأهم علي التوازي.. آيه.. آيه.. بالتوازي مع شرحها.. والنسخة العربية للقرآن من القرن السابع. تقول: في الحقيقة كان لدي سابقة مع اللغة العربية.. علي اعتبار كتابي السابق.. كان عن قصة انفصال الشيعة عن السنة.. وبما أني عملت بالقرب من فجر التاريخ الاسلامي.. كنت أعي الأحداث التي كان القرآن يتحدث عنها.. مما جعلني أعود إلي مرجع تلك الأحداث وأعيها.. وأنا أعي تماما أنني أتجول كسائحة في القرآن.. رغم أني مبلغة بحسب وصف القرآن.. وذات خبرة في هذا المجال.. ولكني لازلت متطفلة.. لأنني ملحدة من أصل يهودي.. وأتطفل علي الكتاب المقدس للآخرين.. لقد قرأت ببطء.. وخصصت 3 أسابيع لهذا المشروع.. وأعتقد أن هذا ما يدعي بالغطرسة.. لأن الثلاثة أسابيع تلك صارت أكثر من ثلاثة أشهر.. لقد منعت نفسي من الانتقال مباشرة إلي آخر القرآن.. حيث توجد الآيات القصيرة وتلك الغنية بالألغاز.. وكنت في كل مرة أظن أنني بدأت باستيعاب القرآن.. وبدأت أقول في نفسي.. نعم لقد فهمت الأمر الآن.. وما أن أنام وفي نفس الليلة.. حتي استيقظ في الصباح التالي لاتساءل.. هل فعلا فهمت الأمر.. أم أني ضعت في بلاد العجائب؟ رغم أن تلك البلاد كانت معروفة بالنسبة لي.. ان القرآن يقول انه جاء لكي يجدد التوراة والانجيل.. وثلثه يعيد تمجيد الشخصيات التي ذكرت في الانجيل مثل النبي إبراهيم.. والنبي موسي.. النبي يوسف.. السيدة العذراء.. المسيح عيسي بن مريم.. ووجود الله بكل تلك الأزمنة منذ بداية تعريفه "يهوا"- اسم الله لدي اليهود- وحتي انتهائه بالتوحيد التام بعبارة "قل هو الله أحد". تضيف: ان حضور الجمال.. والجبال.. والآبار.. والربيع.. أعادتني إلي السنة الي قضيتها متجولة في صحراء سيناء.. ومن ثم هناك سحر آخر.. هو سحر اللغة العربية والنسق والسجع والتناغم التام في القرآن.. مما أعادني بالذاكرة إلي ساعات قضيتها في الاستماع إلي شيوخ البدو.. وإلي قصائدهم الطويلة جدا.. والتي كانت تسرد بالكامل من الذاكرة.. ومن ثم بدأت بادراك.. لماذا قيل إن القرآن هو القرآن نفسه لا ترجماته.. أي القرآن العربي.. ولنأخذ سورة الفاتحة علي سبيل المثال.. انها سورة من سبع آيات.. انها عبارة عن دعاء إلي الله بخليط من تعابير اسلامية معبراً عنها ب 29 كلمة عربية.. ولكن ترجمتها تستغرق ذلك من 65 إلي 72 كلمة.. وكلما كثرت الكلمات كلما بدي المعني أكثر بعدا عن المطلوب.. ان اللغة العربية سحر.. ونغم وموسيقي وجودة.. تسمع.. لا تقرأ.. ويشعر بها المرء بقلبه لا بعقله.. فالقرآن يجب ان يتلي بصوت مرتفع.. لكي تتناغم الأذن مع اللسان.. فيفهم المقصود من البيان.. لذا فالقرآن باللغة الانجليزية ليس سوي انعكاس للغة الانجليزية.. وليس القرآن ذاته.. أو يمكننا القول كما قال الكاتب عرابي عن نسخته.. انها تأويل للقرآن.. ولكن لا يفقد القرآن المترجم كل شيء.. في القرآن يذكر أن الصابرين يكافئون.. وهناك الكثير من المفاجآت في القرآن- كغيري مسلمة.. وهناك وجود حقيقي للبيئة المحيطة.. ووجود أشخاص في القرآن.. علي اعتبارهم خلق الله.. وهذا غير موجود في الانجيل الذي كان يخاطب الرجال فحسب حتي للدرجة الثانية والثالثة من المخاطبة فقد كانت كلها للذكور.. بينما في القرآن فالمرأة مذكورة. تقول: ويمكنني أن أذكر مثالا قول "المؤمنون والمؤمنات" "الطيبون والطيبات".. والآن لنمر علي الآية الشهيرة عن قتل الكفار.. نعم انها موجودة في القرآن.. ولكن ضمن نسق محدد جدا.. ان النسق المذكورة فيه هو انه ضمن حرم مكة.. عندما كان يقاتل الكفار بعد نقضهم صلح الحديبية.. لم يكن النص يلزم قتل الكفار.. رغم أنه صرح ذلك.. وأعطي الضوء الأخضر لذلك.. ولكن كان ذلك ضمن شروط فحسب.. عندما تنتهي الهدنة.. وعندما لا يوجد خيار آخر.. وعندما يمنع المسلمين من دخول مكة.. وعندما يحارب المسلم فيستلزم ذلك رد العدوان.. ورغم كل هذا ذكر في نفس السياق أن الله رحيم وغفار.. اذن بصورة ما كان يقال يفصل ألا تقتلوهم.. كانت هذه المفاجأة الكبري بالنسبة لي.. كيف أن القرآن مرن جداً.. علي الأقل في عقول غير المتشددين الاسلاميين.. وبعض هذه الآيات تفهم بصورة حرفية.. ربما لأنها مبهمة خارج السياق.. ولكن يقال من يقرأ القرآن بقلبه سيكشف عنه ابهامه.. بينما الغير سوف يفهونه علي النحو الذي يريدونه.. والله وحده يعرف المعني الحقيقي للقرآن.. وهو يهبه من يشاء من عباده. أضافت: ان الآية "والله خير الماكرين" تتكرر أكثر من مرة.. والقرآن هو أكثر وأكثر غموضا بما يمكن ان نتصور فعلي سبيل المثال الأمر المتعلق بالعذاري والجنات فان التراث العربي القديم يلعب دورا هنا.. والعبارة التي تصف العذراي ذكرت أربع مرات هي الحور العين.. والتي تشير في التراث العربي إلي نساء أعينهم سوداء ومكتنزات الصدر.. ويمكن ان تشير أيضا إلي العذراء المحتشمة.. وهذا كله من سحر اللغة العربية الأصلية حيث إن كلمة حور العين يمكن ألا تعني أيضا لا الصدر المكتنز ولا الحشمة التامة.. فيمكن أن تكون تعبيرا عن المخلوقات النورانية.. الملائكة مثلا.. أو ربما يمكن أن يقصد منها كوروس اليونانية التي تعبر عن الشباب الدائم.. لذا لا أحد يعلم المقصود فعلا.. وهذه هي النقطة التي أريد.. لأن القرآن يكون واضحا في نقاط كثيرة مثل قوله أننا سنصبح خلقا جديدا في الجنة.. وأنه سيعاد بعثنا بصورة مغايرة لتلك التي نحن عليها اليوم.. وهو أمر مغر بالنسبة لي أكثر بكثير من العذاري.. والرقم 72 عذراء غير موجود علي الاطلاق في القرآن.. ان تلك الفكرة ظهرت بعد 300 عام من ظهور القرآن.. ومعظم علماء المسلمين يرون ذلك الرقم كما لو أنه رقم مناظر- مكافيء للاشخاص الذين يعيشون بين السحب يعزفون القيثارة.. ان الجنة عكس ذلك تماما.. انها ليست الفتيات العذاري.. انها الخصوبة.. انها الوفرة.. انها الجنات التي تجري من تحتها الأنهار.