إذا كانت النظرة للمرأة قبل الإسلام نظرة احتقار ومهانة - واكتئاب عندما يرزق الرجل بالأنثي. فجاء الإسلام وحرم وأدها - وحث علي المثابرة في تربيتها ووعد بالثواب العظيم لمن رعاها وعلمها فجعلها ستراً وحجاباً لمن يفعل ذلك. وبالنسبة للميراث جاء الإسلام ليجد المرأة محرومة من الميراث ولا شيء لها في التركة فأعطاها المزايا التالية: أولاً: اختص النساء بأن جعل منهم ثمانية من "أصحاب الفروض" وهي الطائفة التي تتميز بأن الله جعل لها نصيباً محدداً مقدراً من التركة تتقدم في أخذه عند توافر شروط الارث علي العصبة من الرجال.. لأن نصيبهم معين. والعصبة لا يرث إلا ما تبقي بعدهم فيختص الله من بين هذه الميزة التي يبلغ عددهم اثنا عشر وارثا.. ثمانية من النساء وأربعة فقط من الذكور وهود النساء هم: الأم - الجدة - البنت - بنت الأبن .. الأخت الشقيقة - الأخت لأب - الأخت لأم - الزوجة. ثانياً: امتازت المرأة بأنها ترث فروضا من أكبر الفروض المقدرة في الميراث والتي حددها الله سبحانه وتعالي وكأنه قدر ذلك حماية وتكريماً لها. ففروض الميراث السنة وهي: 1/2. 1/4. 1/8. 2/3. 1/3. 1/..6 نجد ان أضخم هذه الفروض وهي ثلثي 2/3 التركة لا يحصل عليه بطريق الفرض لا النساء كالبنتين أو ابنتي الأبن وأو اجتماعهما معا بنت « بنت ابن. كذا الأختان الشقيقتان والاختان لأب أو واحدة من كليهما مع الأخري أخت ش « أخت لأب. كذلك فرض النصف. والثلث معظم من يحصل عليهما من النساء. كالبنت. بنت الأبن. الأخت شقيقه. والأخت لأب بالنسبة للنصف. والثلث تأخذه الأم. ثالثاً: كرم الإسلام بعض الورثة وجعل لهم فرضاً مقدراً ولولا هذا الفرض ما كان لهم إرث لأنهم من ذوي الأرحام الذين لا ميراث لهم في وجود أصحاب الفروض أو العصبات. هذا التكريم لهؤلاء الورثة إنما كان بسبب امرأة وهي الأم - فكان لاخوه الميت من أمه فقط الذين يشتركون معه في الأم كل منهم من زوج آخر - فإنهم يرثون منه - بالرغم من أنهم من ذوي الأرحام - وبالرغم من وجود الواسطة بينهم وبين الميت وهي الأم - وكان من المفروض ان يحجبوا بها لكن تكريماً لهم الأم التي أنجبتهم كان لهم فرض مقدر تحميهم من الحجب. رابعاً: في معظم حالات وصور الميراث لا يخلو حال المرأة من واحد من الأحوال: أ- إما ان ترث متساوية مع الذكر فتأخذ مثل نصيبه كالأخت لأم ترث بالتساوي مع الأخ لأم الذكر - والأم ترث نصيباً يساوي نصيب الأب عندما يرث بالفرض فقط والجدة تأخذ نصيباً مساوياً لنفس نصيب الجد عند ارثه بالفرض. ب- هناك حالات ترث فيها المرأة أكثر من نصيب الذكر بل أضعاف نصيبه: فلو مات رجل وترك بنتا وعشرة أخوة أشقاء فإن للبنت وهي أنثي نصف التركة والنصف الثاني يقسم عشرة أجزاء لكل أخ 1/10 هذا النصف فنصيب البنت عشر أضعاف نصيب الرجل في هذه المسألة ومثلها في التطبيقات مئات القضايا التي لا تعد ولا تحصي. ج- هناك حالة ثالثة تحجب فيها المرأة عدداً كبيراً من الذكور وترث هي باقي التركة وهي حالة العصبة مع الغير عندما تجتمع الأخت الشقيقة أو الأخت لأب مع الفرع الوارث المؤنث فترث الأخت الباقي عصبة وتأخذ صفة الأخ المذكر وتحجب كل ما يحجبه الأخ الذكر - فتحجب الأخت الشقيقة الأخ لأب وابن الأخ الشقيق - وابن الأخ لأب والعم الشقيق والعم لأب وابن العم الشقيق وابن العم لأب فهؤلاء سبعة من الرجال حجبتهم ا مرأة - ومثلها الأخت لأب إذا أخذت محلها تحجب ستا من الرجال.. فمن يصرخ من الظلم المرأة أم الرجل!! د- تبقي حالة واحدة ترث فيها الأنثي نصيب الذكر المساوي لها في الدرجة ولا تتحقق إلا في أربع صور - البنت مع الابن. بنت الابن مع ابن الابن - الأخ الشقيق مع الأخت الشقيقة - الأخت لأب مع الأخ لأب - هذه فقط وليس غيرها من بين آلاف صور الميراث التي يتحقق فيها هذا النظام ولحكمة قدرها الله سبحانه وتعالي. وقبل ان ابين هذه الحكمة يجب ان نتوقف لابراز الملاحظات التالية: 1- هل انصف المهاجمون لنظام الميراث الإسلامي - ويطالبون بإنصاف المرأة التي ظلمت فيه - فقالوا إلي إنصاف المرأة في الحالات التي ترث فيها نصف نصيب الذكر. أم ان دعواهم هي تغيير نظام الميراث الذي يعطي للمرأة نصف نصيب الذكر دائماً كما يزعمون؟؟ - أليس ذلك تدليس وتغرير وعرض لقضية غير صحيحة واستخفاف بعقول الناس وماذا سيكون حالهم لو وضح لهم نظام الميراث كما عرضناه. ما موقفهم كمستشرقين أو علمانيين مسلمين عندما يجهرون بهذه القصة فيكتشفون حقائق غير ما يرددون فتكون النتيجة هي الجهل أو الكذب لانهما لا يعلمون بضوابط الميراث الإسلامي الذي قرر كل ما سبق للمرأة. - أما الحكمة التي من ورائها جعل الشرع للمرأة في الصور الأربعة نصف نصيب الذكر من نفس درجتها. 1- ان التبرع حمل هذا الذكر أعباء مادية تنوء بحملها الجبال فالأبن مع البنت. والأخ مع الأخت إذا مات المورث فإن هذا الذكر يتحمل الانفاق علي أخوته فيزوج البنت. ويجهز بيتها. وينفق علي أمه وباقي اخوته ويزوج نفسه وينفق علي بيته وإذا انفصلت البنت عن زوجها عادت إلي ولاية أخيها مرة ثانية ليتولي رعايتها بالكامل. وقد جعل له الشرع في مقابل كل هذه الأعباء عوناً بسطا يتمثل في حصوله علي ضعف نصيب أنثاه من تركة الميت الأب أو الأم أو الأخ. - وهذا الذي فضله الشرع يتفق مع المنطق وطبيعة البشر وشقة الحياة. وأتصور انه لو عرض علي الانثي ان تقوم بهذه المهام الملقاة علي عاتق شقيقها الذكر في مقابل حصولها علي ضعف نصيبه لرفضت قطعاً تنصلا من المسئولية وطلباً للراحة فما أسهل ان يتحمل الغير أعبائي!! وهذا الذي قدر الله انما يتناسب مع طبيعة كل من الذكر والأنثي اللذين خلقهما الله وهو الأعلم بهما - وبقدراتهما فهما صنيعته. ومن ثم فقد أوجب الله النفقة علي الرجل مهما كانت قدرات المرأة المالية ويسارها تكريماً لها.. ولا يقال ان هناك من الاناث من لديه قوة تحمل - ولها قدرة علي العمل وتحمل المشاق ان هذا استثناء والشاذ لا يقاس عليه فالأحكام تبني علي الغالب لا علي النادر والقليل. إذا فالمطالبون بمساواة المرأة بالرجل في الميراث لم ينصفوا عند عسوا واطلقوا ولم يذكروا الحالات القليلة التي لم تتم فيها المساواة. كما انهم اذا انصفوا وعلموا قواعد الميراث الصحيحة المنصفة للمرأة في معظم الأحوال كما بينا وطالبوا بالتسوية فقط في الحالات القليلة فهم يريدون المساواة الظالمة وليس المساواة العادلة ومعاذ الله ان يهدف شرع الله للعدالة الظالمة ويترك العدالة العادلة.