لقد كرم الإسلام المرأة أحسن تكريم. ورفع مكانتها ووضعها في المكان اللائق بها. ولم يفرق بينها وبين الرجل في أصل الخلقة وفي التكليف وفي الثواب والعقاب.. الخ. ومشكلة المرأة ليست مع تشريعات الإسلام. لكنها مع التقاليد والعادات المتأصلة في العديد من المجتمعات الإسلامية والتي لا يريد البعض أن يتزحزح عنها. وهناك كثير من الأمم والحضارات كانت ولا تزال تنظر إلي المرأة نظرة دونية ويحرمونها من حقوقها الإنسانية وكانت تعامل بمنزلة الخادمة سواء في بيت أبيها أو بيت زوجها. حتي في أوروبا لم تحصل علي الذمة المالية المستقلة إلا منذ عهد قريب. وتتميز بعض الحضارات بإحراقها للزوجة إذا مات زوجها حيث لم يعد لها حق الحياة. أما شريعة الإسلام فقد أعطت للمرأة حقوقا كثيرة انطلاقا من قول الله تعالي: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" البقرة "228". ومن قول النبي صلي الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال". ولا فرق في شريعة الإسلام بين ذكر وأنثي. فالكل أمام الله تعالي سواء لا يتميز أحد عن أحد إلا بمدي تقواه لله تعالي. قال تعالي "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" سورة الحجرات "13". ولقد عنيت الشريعة الإسلامية بالمرأة حتي عرض القرآن شئونها في أكثر من عشر سور. ومن بين سوره المائة وأربع عشرة. سورتان عرفت إحداهما بسورة النساء الكبري. والأخري بسورة النساء الصغري "سورتا: النساء والطلاق". من الحقوق التي كفلتها شريعة الإسلام الغراء للمرأة: 1 حق الحياة: جاءت شريعة الإسلام والعرب يئدون بناتهم فحرم عليهم القرآن ذلك. وحذرهم من الخسران في الدنيا والآخرة. قال تعالي: "وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت" سورة التكوير "8 9". فضمن الإسلام للمرأة حق الحياة. 2 حق التعلم والتعليم: لقد رغب الإسلام في طلب العلم وحث عليه بل جعله فريضة علي أحد من المسلمين ولم يفرق في هذا الأمر بين ذكر وأنثي. فقال صلي الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة". وكان النبي صلي الله عليه وسلم يخص النساء بالتعليم والوعظ. فعن أبي سعيد الخدري قال: "قالت النساء للنبي صلي الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال. فاجعل لنا يوما من نفسك. فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن". 3 حق اختيار الزوج: لقد أعطي الإسلام للمرأة حق اختيار الزوج سواء كانت بكرا أو كانت ثيبا. ورد النبي صلي الله عليه وسلم نكاح امرأة اسمها الخنساء بنت حرام الأنصارية زوجها أبوها من غير إذنها. وجاءته فتاة فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته وأنا كارهة فاستدعاه النبي صلي الله عليه وسلم وجعل الأمر إليها. فقالت الفتاة قد أجزت ما صنع أبي غير أني أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء. 4 حق التملك والتصرف في الملك: لقد أعطي الإسلام المرأة حق التملك ولها أن تتصرف في ملكها في حدود الشرع بحرية ودون أخذ الإذن من أحد. والصداق "المهر" خير مثال علي هذا. فقد قال عز وجل: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" سورة النساء: .4 ومعني نحلة: أي عطية وهبة للمرأة وليس لأبيها ولا لولي أمرها. ولا يصح أن يأخذ منه الرجل زوجا كان أو أبا أو أخا أو ابنا إلا عن طيب نفس منها قال تعالي: "فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا" سورة النساء: .4 وأيضاً أعطيت حق الإرث. فهي ترث وتورث. يقول تعالي: "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا" سورة النساء: .7 الشبه التي تثار حول موقف الشريعة الإسلامية من ميراث المرأة وشهادتها: أولاً: قضية الشهادة: يقول الله تعالي في سورة البقرة: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخري" سورة البقرة: 282. ومصدر هذه الشبهة هو الخلط بين "الشهادة" وبين "الإشهاد" الذي تتحدث عنه هذه الآية الكريمة.. فالشهادة التي يعتمد عليها القضاء. لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثة معيارا لصدقها أو كذبها. ومن ثم قبولها أو رفضها.. وإنما معيارها تحقق اطمئنان القاضي لصدق الشهادة بصرف النظر عن جنس الشاهد. ذكرا كان أو أنثي. أما الآية الكريمة فإنها تتحدث عن أمر آخر وهو: الإشهاد الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ علي دينه. والإشهاد لابد أن يكون من رجلين من المؤمنين.. أو رجل وامرأتين من المؤمنين.. ثانياً: شبهة ميراث الأنثي علي النصف من ميراث الذكر: لقد تكفل الله جل جلاله ببيان أنصبة الوارثين ولم يدع هذا الأمر لهوي البشر. وجاء تقسيم الميراث في ايات محكمات من سورة النساء "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين..." سورة النساء: 11 : .13 وكثير من الذين يثيرون الشبهات حول أهلية المرأة في الإسلام يتخذون من التمايز في الميراث سبيلا إلي ذلك غير أنهم لا يفقهون أن توريث المرأة علي النصف من الرجل ليس قاعدة ثابتة في توريث الإسلام لكل الذكور وكل الإناث. فالقرآن الكريم لم يقل: يوصيكم الله في المواريث والوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين.. إنما قال: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين".. أي أن هذا التمييز ليس في كل حالات الميراث. وإنما هو في حالات خاصة. ومحدودة من بين حالات الميراث.