فمهمتك الدعوة وليس الحكم علي الناس فليس من مهمتك ولامن سلطتك أن تقول هذا كافر وهذا فاسق وهذا فاجر وهذا عدو لله ورسوله وماشابه ذلك من أحكام إن مهمتنا ليست في إخراج الناس من الدين بتكفير هم أو تفسيقهم أو تبديعهم ولكن مهمتنا هي إدخال الناس في حظيرة الدين وهدايتهم إلي الحق وليست مهمة الدعاة الحكم علي الناس ولم ولن تكون هذه يوما مهمتهم نحن في مقام الدعوة ولسنا في مقام الحكم علي الناس وكلا المقامين يختلف عن الآخر في كل شئ والدعاة لايملكون مقاومات القضاة وأظنهم لن يملكوها وإذا ملكوها تحولوا إلي قضاة وليسوا دعاة ويلحق بذلك أن نعلم أنه ليس من مهمتنا أو بمقدورنا أن نشق عن صدر الناس أو ننقب عن سرائرهم فقد أوكل رسول الله "صلي الله عليه وسلم " سرائر الناس إلي رب الناس وعاملهم بظاهرهم ورفض أن يقتل عبدالله بن أبي سلول رغم يقينه بنفاقه وكفره الباطني وقال في ذلك قولته العظيمة ¢حتي لايتحدث الناس أن محمدآ يقتل أصحابه¢. دعاة لاولاة الدعاة مهمتهم الدعوة والولاة والحكام مهمتهم إنفاذ الأحكام السيادية مثل تطبيق الأحكام مثل الحدود أو إعلان الحرب والصلح والأمن الداخلي والخارجي ولايجوز للدعاة أو آحاد الناس أو الجماعات مهما عظمت قوتها واتسعت رقعة سطوتها أوعددها أن تقوم بذلك وإلاتحولت الدنيا إلي فوضي والشريعة الإسلامية رفضت أن يقوم بالأحكام السيادية مثل الحدود أحد غير الحكام فإن قاموا بها فبها ونعمت وإن لم يقوموا بها فلا يجوز للآحاد ولا الجماعات أن يقوم بها فالداعية مهمته الدعوة والحاكم مهمته الحكم وإذا استلب الدعاة هذا الحق لأنفسهم أو جماعتهم فسد كل شئ وتحولت الدولة إلي فوضي ولم تحقق الأحكام الشرعية المصالح التي توختها الشريعة منها وقد أناطت الشريعة بالحكام تنفيذ الأحكام السيادية مثل الحدود لأنهم يملكون مايسمي بالقدرة الخاصة وهذه القدرة الخاصة يعرفها البعض بأنها القدرة التي لاينازعه فيه أحد من الرعية وهذا المقال يضيق عن بسط هذا الموضوع ومن أراد المزيد فعليه مطالعة كتابي ¢ تطبيق الأحكام من اختصاص الحكام¢ ويقصد بها الأحكام السيادية . نحن دعاة لاقساة فالدعوة إن لم تمتزج بالرحمة والرفق والعفو والصفح والتسامي علي ألم النفس لم تأت ثمرتها ¢ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فالداعية لايقابل السيئة بمثلها ولكن يقابلها بالحسني ولا يواجه الشر بمثله وقد جربت الحركة الإسلامية مرارا مواجهة الشر بالشر والسيئة بالسيئة والعدوان بالعدوان فمازادها ذلك إلا رهقا وعنتا وأدخلها إلي غياهب السجون وصادر دعوتها ونفر الغالبية العظمي من الشعب منها ومقام الدعوة غير مقام الجهاد فمقام الدعوة يحتاج إلي الإحسان الدائم ومقام الجهاد يحتاج للغلظة والقوة الدائمة والبعض يخلط بينما فعلينا أن نواجه الشوكة بالوردة والعدوان بالإحسان والمنكر بالمعروف وأن نجرب منذ اليوم تلك الآلية العظيمة في كسب الأصدقاء وتحييد الأعداء وتحويلهم إلي أولياء كما ذكرها القرآن العظيم في قوله تعالي ¢ ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عدواة كأنه ولي حميم وهي أفضل من الآليات التي ذكرها كارنيجي في كتابه¢ كيف تكسب الأصدقاء ¢ وتعاني الحركة الإسلامية من أن بعض أفرادها يتفنن في تطفيش الأصدقاء وصنع الأعداء فالداعية كالشجرة المثمرة يرميها الناس بالحجر فترميهم بالثمر .