ليس معني انتهاء أيام عيد الأضحي المبارك أن ننسي الظروف المهمة التي مر بها أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل عليه السلام. وإنما يجب أن يظل هذا في قلوبنا وعقولنا وذاكرتنا. ذلك لأن الحدث عظيم وجليل. فإن يأمر الله سبحانه وتعالي نبيه إبراهيم بذبح ولده إسماعيل فهو أمر جليل ليس سهلاً علي النفس أن تنفذه. وإنما يأتي تنفيذه مع شعور غامر بالحيطة والحذر. لكن التنفيذ يأتي طاعة لأمر الله. هذه الطاعة وإن كانت مؤثرة علي النفس فإنها واجبة التنفيذ. ولذلك فإن سيدنا إبراهيم عليه السلام أراد أن يؤنس ولده إسماعيل بالأمر وذلك بعد الرؤيا بأنه يذبح ولده. فقال لابنه: "يابني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري". وإبراهيم هنا لا يسأل ولده ليتلقي منه الإجابة بالإيجاب أو النفي فهو سيذبحه بالتأكيد. لأن الأمر بالذبح صادر من الله تعالي ولكنه أراد أن يؤنس ولده بالواقع الذي سينزل به. ولكن إسماعيل وهو نواة نبي يعرف بالإلهام أن أمر الله واجب التنفيذ فقال لأبيه: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" واستسلم الأب وابنه لأمر الله فلما كان السكين في يده ماضياً حاداً والابن في مرقد الذبح وجهه إلي الأرض وقفاه إلي الأعلي والسكين يوشك أن يجتز رقبته جاء الأمر الإلهي بالعفو عن الأب من هذا الموقف الصعب وعلي الابن من هذا الامتحان العسير وعفا الله عنهما ونجاهما من هذا الابتلاء الخطير. وهكذا فإن طاعة الله لا تأتي إلا بخير وإن ظنها المطيع أنها ضد الخير بمراحل بعيدة لقد سمي الله سبحانه وتعالي طاعة إبراهيم وإسماعيل بهذا الذبح إحساناً حتي أنه قال في معرض العفو عنهما: "إنا كذلك نجزي المحسنين". إن عيد الأضحي يفهمه كثير من الناس علي أنه ذبح للأضحية بينما هو امتثال لأمر الله سبحانه وتعالي بعد الابتلاء العظيم الذي ابتلي به نبيه إبراهيم وابنه إسماعيل ولذلك فمن واجب المسلمين أن يذكروا دائماً هذا الموقف الجليل لإبراهيم وإسماعيل وهما من أنبياء الله الأقربين. ان المسلمين حين يذكرون ذلك يجب أن يعلموا أن الأضاحي ترمز للتضحية بكل غال وثمين حتي ولو كان ذلك بتقديم الأبناء قرباناً وامتثالاً لأمر الله تعالي.